كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

كتاب الأيمان

٣٢١

كتاب الأيمان

والنظر في أمور ثلاثة :

الأول ما به تنعقد :

ولا تنعقد إلا بالله وبأسمائه الخاصة وما ينصرف إطلاقه إليه كالخالق والبارئ دون ما لا ينصرف إطلاقه إليه كالموجود ، ولا تنعقد. لو قال : أقسم أو أحلف حتى يقول : بالله.

ولو قال : لعمر الله كان يمينا ، ولا كذا لو قال : وحق الله.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قال : لعمر الله كان يمينا.

يسأل إذا كانت اليمين لا تنعقد إلا بأسمائه و (أو خ) ما ينصرف إليه على الإطلاق ، فلا ينعقد بقوله : لعمر الله.

والجواب أن مقتضى النظر ما ذكرتم ، لكن ترك للنص والأثر ، أما الأول فلقوله (قوله خ) تعالى : (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) (١).

وأما الثاني روى ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث) أما قوله : لعمر الله ، وقوله : لاهاه ، فإنما ذلك بالله عزوجل (٢).

__________________

(١) الحجر ـ ٧٢.

(٢) الوسائل باب ٣٠ ذيل حديث ٤ كتاب الأيمان.

٣٢٢

ولا تنعقد الحلف بالطلاق والعتاق والظهار ولا بالحرم ولا بالكعبة ولا بالمصحف.

وتنعقد لو قال : حلفت برب المصحف.

ولو قال : هو يهودي أو نصراني أو حلف بالبراءة من الله أو رسوله أو الأئمة عليهم‌السلام لم يكن يمينا.

والاستثناء بمشية الله (بالمشية خ) في اليمين يمنعها الانعقاد إذا اتصلت بما جرت به العادة.

ولو تراخى عن ذلك من غير عذر لزمت اليمين وسقط الاستثناء وفيه رواية (١) بجواز الاستثناء إلى أربعين يوما وهي متروكة.

______________________________________________________

(فإن قيل) : يلزم على الأول ، انعقاد اليمين بكل ما أقسم الله تعالى به (قلنا) : ذلك ممنوع بالإجماع ، وإلا التزمناه.

« قال دام ظله » : وفيه رواية بجواز الاستثناء إلى أربعين يوما ، وهي متروكة.

هذه رواها الحسين القلانسي ، أو بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : للعبد أن يستثنى في اليمين ، فيما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي (٢).

وفي رواية الحلبي وزرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ، في قول الله عزوجل : واذكر ربك إذا نسيت؟ قال : إذا حلف الرجل ، فنسي أن يستثني ، فليستثن إذا ذكر (٣).

لكن في طريقها هذه ، منهم أبو جميلة المفضل بن صالح ، وهو مطعون.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ و ٦ من كتاب الأيمان ج ١٦ ص ١٥٨.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من كتاب الأيمان.

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من كتاب الأيمان والآية في الكهف ـ ٢٤.

٣٢٣

الثاني الحالف :

ويعتبر فيه التكليف بالبلوغ والاختيار والقصد ، فلو حلف عن غير نية كانت لغوا ولو كان اللفظ صريحا.

ولا يمين للسكران ولا المكره ولا الغضبان إلا أن يكون لأحدهم قصد إلى اليمين.

وتصح اليمين من الكافر ، وفي الخلاف : لا تصح.

ولا تنعقد يمين الولد مع الوالد إلا بإذنه ، ولو بادر كان للوالد حلها إن لم تكن في واجب أو ترك محرم. وكذا الزوجة مع زوجها والمملوك مع مولاه.

الثالث في متعلق اليمين :

ولا يمين إلا مع العلم.

ولا تجب بالغموس كفارة.

وتنعقد لو حلف على فعل واجب أو مندوب أو على ترك محرم أو

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتصح اليمين من الكافر ، وفي الخلاف ، لا تصح.

وجه الصحة عموم الأحاديث ، وأنه لا تخصيص (مخصص خ) فأما الشيخ ، فقد استدل في الخلاف ، بأن اليمين لا تصح إلا ممن كان عارفا ، والكافر ليس كذلك.

وهو محل النزاع ، وبتقدير الصحة ، هل يصح منه التكفير لو حنث؟ فيه توقف ، منشأه التوقف في صحة القربة منه ، وقد ذكرنا ذلك.

« قال دام ظله » : ولا تجب بالغموس كفارة.

اليمين الغموس هو اليمين على الماضي ، قيل : سميت بذلك ، لأنها تغمس في الإثم صاحبها.

٣٢٤

مكروه.

ولا تنعقد لو حلف على ترك (فعل خ) واجب أو مندوب أو فعل محرم أو مكروه.

ولو حلف على مباح ـ وكان الأولى مخالفته في دينه أو دنياه ـ فليأت ما هو خير ، ولا إثم ولا كفارة.

وإذا تساوى فعل ما تعلقت به اليمين وتركه وجب العمل بمقتضى اليمين.

ولو حلف لزوجته أن لا يتزوج وأن لا يتسرى لم تنعقد يمينه.

وكذا لو حلفت هي أن لا تتزوج بعده.

وكذا لو حلفت أن لا تخرج معه.

ولا تنعقد لو قال لغيره : والله لتفعلن كذا. ولا يلزم أحدهما.

وكذا لو حلف لغريمه على الإقامة بالبلد وخشي مع الإقامة الضرر.

وكذا لو حلف ليضربن عبده فالعفو أفضل ، ولا إثم ولا كفارة.

ولو حلف على ممكن فتجدد العجز انحلت اليمين.

______________________________________________________

قلت : فكأنها من شدة عقوبتها ، لا ترتفع بالكفارة ، فما شرعت.

ويدل على ذلك ما روي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الأيمان ثلاثة ، يمين ليس فيها كفارة ، ويمين فيها كفارة ، ويمين غموس توجب تعقب النار (١).

وأما أنه لا كفارة فيها ، فلاتفاق الأصحاب على ما عرفت.

__________________

(١) الظاهر أن المراد منه هو ما في الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من كتاب الأيمان نقلا عن الصدوق مرسلا ، ولكنه منقول بالمعنى ، فلاحظ.

٣٢٥

ولو حلف على تخليص مؤمن أو دفع أذية لم يأثم ولو كان كاذبا ، وإن أحسن التورية ورى.

ومن هذا لو وهب له مالا وقد كتب له ابتياع وقبض الثمن فنازعه الوارث على تسليم الثمن حلف ولا إثم عليه ويوري ما يخرجه عن الكذب.

وكذا لو حلف أن مماليكه أحرار وقصد التخلص من الظالم لم يأثم أو لا يتحرروا.

ويكره الحلف على القليل وإن كان صادقا.

مسألتان

(الأولى) روى ابن عطية فيمن حلف أن لا يشرب من لبن عنزة له ولا يأكل لحمها أنه يحرم عليه لبن أولادها ولحومهم لأنهم منها (١). وفي الرواية ضعف.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : روى ابن عطية في من حلف أن لا يشرب من لبن عنزة ، إلى آخره.

روى هذه في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن سهل بن الحسن ، عن يعقوب بن إسحاق الضبي ، عن أبي محمد (جعفر خ) الأرمني ، عن عبد الله بن الحكم ، عن عيسى بن عطية ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، الخبر (٢).

وفي السند ضعف ، فإن (سهل بن الحسن) مجهول الحال ، وكذا (يعقوب بن إسحاق) و (عيسى بن عطية) وأما (الأرمني) فقد ضعفه النجاشي ، وقال ابن الغضائري : هو ضعيف مرتفع القول.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ من كتاب الأيمان ج ١٦ ص ١٧٠.

(٢) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ من كتاب الأيمان.

٣٢٦

وقال في النهاية : إن شرب لحاجة لم يكن عليه شئ والتقييد حسن.

(الثانية) روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أعجبته جارية عمته فخاف الإثم فحلف بالأيمان أن لا يمسها أبدا ، فورث الجارية ، أعليه جناح أن يطأها؟ فقال عليه‌السلام : إنما حلف على الحرام ولعل الله رحمه فورثه إياها لما علم من عفته (١).

______________________________________________________

وأفتى عليها الشيخ بتقييد ارتفاع الحاجة إليه ، وهو حسن ، لكن يبقى الإشكال في منع لبن الأولاد ، ولحمها.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٩ حديث ١ من كتاب الأيمان ج ١٦ ص ١٨٠.

٣٢٧

٣٢٨

كتاب النذور والعهود

٣٢٩

كتاب النذور والعهود

والنظر في أمور أربعة :

(الأول) الناذر :

ويعتبر فيه التكليف والإسلام والقصد.

ويشترط في نذر المرأة إذن الزوج. وكذا نذر المملوك ، فلو بادر أحدهما كان للزوج والمالك فسخه ما لم يكن (في خ) فعل واجب أو ترك محرم. ولا ينعقد (ولا يصح خ) في سكر يرفع القصد ولا غضب كذلك.

______________________________________________________

(الثاني) الصيغة :

وهي أن تكون شكرا كقوله : إن رزقت ولدا فلله علي كذا. أو استدفاعا كقوله : إن برئ المريض فلله علي كذا ، أو زجرا كقوله : إن فعلت كذا من المحرمات أو إن لم أفعل كذا من الطاعات فلله علي كذا : أو تبرعا كقوله : لله علي كذا. ولا ريب في انعقاده مع الشرط.

وفي انعقاد التبرع قولان ، أشبههما : الانعقاد.

« قال دام ظله » : وفي انعقاد التبرع قولان ، أشبههما الانعقاد.

الخلاف في المسألة دائر بين المرتضى والشيخ ، فمذهب علم الهدى إلى أنه لا ينعقد.

٣٣٠

______________________________________________________

وقال الشيخ في الخلاف بالانعقاد ، واستدل بعد الإجماع ، بطريقة الاحتياط ، وبقوله تعالى : (يوفون بالنذر) (١) (وأوفوا بعهد الله) (٢).

وبقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من نذر أن يطع (يطيع خ) الله فليطعه (٣).

وبقول جميل بن معمر :

فليت رجلاً فيك قد نذر وا دمي

وهموا بقتلي يابثين بقوتي

وبقول عشيرة (عنزة خ) العبسي :

الشاتمي عرضي ولم اشتمهما

والناذرين إذا لم ألقهما (ألفهما خ) دمي

وفي الكل ضعف (أما) الإجماع فلعدم تحققه مع الخلاف.

(وأما) طريقة الاحتياط ، فإنها (فلأنه خ) لا تفيد الوجوب.

و (أما) الاستدلال بالآيات ، والأبيات فمصادرة على المطلوب ، إذ ليس فيها بيان كيفية النذر.

وأما المرتضى استدل بالإجماع ، وبأن معنى النذر أن يكون متعلقا على الشرط ، فمع عدمه لا يكون نذرا ، فلا يلزم الوفاء.

ويؤيده ما حكي عن أبي عمرو (عمير خ) غلام تغلب : إن النذر عند العرب هو الوعد بالشرط (بشرط خ).

والجواب عن دعوى الإجماع ما قدمناه ، فأما أن معنى النذر أن يكون متعلقا على الشرط ، فمجرد دعوى ، وقول غلام تغلب (ثعلب خ) لا يكون حجة.

على أنه ليس فيه تصريح ، إن مع عدم الشرط ، لا يكون نذرا ، وما البحث إلا فيه.

__________________

(١) الإنسان ـ ٧.

(٢) النحل ـ ٩١.

(٣) سنن أبي داود (ج ٣ ص ٢٣٢ باب ما جاء في النذر في المعصية رقم ٣٢٨٩ من كتاب الأيمان.).

ولفظ الحديث هكذا : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.

٣٣١

ويشترط النطق بلفظ الجلالة ، فلو قال : علي كذا لم يلزم.

ولو اعتقد أنه إن كان كذا فلله علي كذا ولم يتلفظ بالجلالة فقولان ، أشبههما : أنه لا ينعقد وإن كان الإتيان به أفضل.

وصيغة العهد أن يقول : عاهدت الله متى كان كذا فعلي كذا.

وينعقد نطقا. وفي انعقاده اعتقادا قولان ، أشبههما : أنه لا ينعقد.

______________________________________________________

وإذا تقرر هذا ، فالوجه في بيان ذلك المصير إلى العرف ، ورأيناهم يطلقون على المطلق اسم النذر.

وأيضا ينهض به مضمون الروايات (روايات خ) وهو صريح في رواية منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا قال الرجل : علي المشي إلى بيت الله وهو محرم بحجة ، أو علي هدي كذا وكذا ، فليس بشئ ، حتى يقول : لله علي المشي إلى بيته ، أو يقول : لله علي أن أحرم بحجة ، أو يقول : لله علي هدي كذا وكذا إن لم أفعل كذا وكذا (١).

ويؤيده قوله تعالى : (إني نذرت لك ما في بطني محررا) (٢) إذ قولها (ما في بطني محررا) بيان للمنذور (للنذر خ) وعليه المتأخر ، وشيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : ولو اعتقد أنه إن كان كذا فلله على كذا ، ولم يلفظ (يتلفظ خ) بالجلالة فقولان ، أشبههما أنه لا ينعقد.

ذهب الشيخ في النهاية ، إلى أن بالاعتقاد مجردا عن التلفظ ، ينعقد النذر ، فكذا العهد.

وقال : في المبسوط في كتاب الأيمان : يعتبر التلفظ ، وهو أشبه ، لأنه لا يكون ناذرا ، إلا مع التلفظ ، وهو اختيار المتأخر ، وكذا البحث في العهد جوزه الشيخ ، ومنعه المتأخر.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من كتاب النذر والعهد.

(٢) آل عمران ـ ٣٥.

٣٣٢

ويشترط فيه القصد كالنذر.

(الثالث) في متعلق النذر :

وضابطه ما كان طاعة لله مقدورا للناذر ، ولا ينعقد مع العجز ، ويسقط لو تجدد العجز.

والسبب إذا كان طاعة الله وكان النذر شكرا لزم ، ولو كان زجرا لم يلزم. وبالعكس لو كان السبب معصية.

ولا ينعقد لو قال : لله علي نذر واقتصر به.

وينعقد لو قال : قربة ، ويبرأ بفعل قربة ولو صوم يوم أو صلاة ركعتين.

ولو نذر صوم حين كان ستة أشهر.

ولو قال : زمانا ، صام خمسة أشهر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والسبب إذا كان طاعة (لله خ) وكان النذر شكرا لزم ، ولو كان زجرا لم يلزم ، وبالعكس لو كان السبب معصية.

قلت : ينهض من هذا المجموع أربع مسائل ، وذلك يحصل من ضرب السبب والنذر في الطاعة والمعصية.

(فالأول) يلزم لو كان النذر شكرا مثاله ، أن أحج السنة ، فلله علي كذا مريدا للحج ، ولا يلزم لو كان النذر (الحج خ) زجرا ، ومثاله أن أحج السنة ، فلله علي صوم شهر زاجرا للنفس ، والفرق بين المسألتين يبين (يتبين خ) بالقصد.

(والثاني) كون السبب معصية لا يلزم لو كان النذر شكرا ، ومثاله ، إن زنيت بفلانة فلله علي صوم يوم ، شكرا للظفر. ويلزم لو كان زجرا ، ومثاله ، لو سرقت أو ربت بعد اليوم ، فلله علي أن أتصدق بدينار.

٣٣٣

ولو نذر الصدقة بمال كثير كان ثمانين درهما.

ولو نذر عتق كل عبد له قديم أعتق (من كان خ) له في ملكه ستة أشهر فصاعدا ، هذا إذا لم ينو شيئا غيره.

ومن نذر في سبيل الله صرفه في البر.

ولو نذر الصدقة بما يملكه لزم ، فإن شق قومه وأخرج شيئا فشيئا حتى يوفي.

(الرابع) في اللواحق.

وهي مسائل.

(الأولى) لو نذر أن يصوم يوما معينا فاتفق له السفر أفطر وقضاه.

وكذا لو مرض أو حاضت المرأة أو نفست.

ولو شرط صومه سفرا وحضرا صام وإن اتفق في السفر.

ولو اتفق يوم عيد أفطر ، وفي القضاء تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اتفق يوم عيد ، أفطر ، وفي القضاء تردد.

منشأ التردد ، النظر إلى ما رواه الشيخ في التهذيب ، عن علي بن مهزيار (في حديث) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن : يا سيدي ، رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي ، فوافق ذلك اليوم ، يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق ، أو سفر أو مرض ، هل عليه صيام (صوم خ) ذلك اليوم أو قضاؤه (وكيف يصنع يا سيدي خ)؟ فكتب إليه ، قد وضع الله عنه الصيام في هذه الأيام كلها ويصوم يوما بدل يوم إن شاء الله (الحديث) (١).

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ صدر حديث ١ من كتاب النذر والعهد ، وباب ١٠ حديث ١ من أبواب من يصح منه الصوم.

٣٣٤

______________________________________________________

وطريق هذه الرواية حسن.

ومثل هذا المعنى في أخرى غير مستندة ، وهي عن أبي القاسم الصيقل (١) وأفتى عليها في النهاية.

وقال المتأخر : لا يجب القضاء ، لأنه نذر غير واقع ، إذ صيام العيدين محرم ، وهو اختيار ابن البراج في مهذبه ، وهو أشبه ، والعمل بالرواية أحوط ، تفصيا من الخلاف.

أما لو عجز عن صومه أصلا قيل : يسقط القضاء.

وفي رواية يتصدق عنه بمد ، معناه لو عجز عن صوم النذر بمنع (لمانع خ) لا يرجى زواله ، يسقط قضاؤه ، وإلا فعليه القضاء مع زوال المنع (المانع خ).

والتقييد حسن ، وعليه المتأخر ، وأطلق الشيخ في النهاية.

وأما الرجوع إلى التصدق ، ففيه روايات (منها) ما رواه محمد بن منصور عن الرضا عليه‌السلام ، قال : كان أبي يقول : على من عجز عن صوم نذره مكان كل يوم مد (٢).

ومثلها روى الكليني في سنده ، مرفوعا إلى علي بن إدريس عن الرضا عليه السلام (في حديث) قال : تصدق عن كل يوم وفاتك بمد من الحنطة أو شعير (٣) وروى هذه ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب من يصح منه الصوم.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ عن محمد بن منصور أنه سأل موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن رجل نذر صياما فثقل الصيام عليه؟ قال : يتصدق لكل يوم بمد من حنطة.

(٣) الوسائل باب ١٥ ذيل حديث ١ من أبواب بقية الصوم وفيه : يكفر عن كل يوم بمد حنطة أو شعير.

(٤) الوسائل باب ١٥ حديث ٥ من أبواب بقية الصوم ، وفيهما إدريس بن زيد وعلي بن إدريس.

٣٣٥

ولو عجز عن صومه أصلا قيل : يسقط. وفي رواية (١) يتصدق عنه بمد.

(الثانية) ما لم يعين بوقت يلزم الذمة مطلقا. وما قيد بوقت يلزم فيه ولو أخل (به خ) (٢) لزمته الكفارة.

وما علقه بشرط ولم يقرنه بزمان فقولان ، أحدهما : يتضيق فعله عند الشرط ، والآخر : لا يتضيق ، وهو أشبه.

(الثالثة) من نذر الصدقة في مكان معين أو الصوم والصلاة في وقت معين لزم ، ولو (فإن خ) فعل ذلك في غيره أعاد.

(الرابعة) لو نذر إن برئ مريضه أو قدم مسافره فبان البرء والقدوم قبل النذر لم يلزم ، ولو كان بعده لزم.

(الخامسة) من نذر إن رزق ولدا حج به أو حج عنه ثم مات ، حج به أو حج عنه من أصل التركة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وما علقه بشرط ولم يقرنه بزمان ، فقولان ، أحدهما يتضيق فعله عند الشرط ، والآخر لا يتضيق ، وهو أشبه.

والقول الأول للشيخ وأتباعه ، والثاني لشيخنا دام ظله ، وفيه نظر.

« قال دام ظله » : من نذر صدقة في مكان معين ، إلى آخره.

إذا كان تعليق النذر صدقة أو صلاة أو صوما بمكان ، يتفاوت الغرض فيه ، لكونه موضع طاعة ، لا خلاف أنه يلزم الوفاء به ، لو لم ينصرف عنه إلى غيره ، وهل يعيد مع تساوي الأمكنة؟ قال الشيخ : نعم ، وعليه أتباعه ، والعمل ، ولشيخنا فيه تردد والإعادة أحوط.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من كتاب النذر ج ١٦ ص ١٩٥.

(٢) بما لزمه خ.

٣٣٦

(السادسة) من جعل دابته أو جاريته هديا لبيت الله بيع ذلك وصرف ثمنه في معونة الحاج والزائرين.

(السابعة) روى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه‌السلام في رجل كانت عليه حجة الإسلام فأراد أن يحج ، فقيل له : تزوج ثم حج ، وقال : إن تزوجت قبل أن أحج فغلامي حر فبدأ بالنكاح ، وقال : تحرر الغلام (١) وفيه إشكال إلا أن يكون ذلك نذرا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : روى إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام ، إلى آخره.

وجه الإشكال في هذه الرواية الالتفات إلى أن العتق بالشرط ، لا يلزم عندنا ، فأما مع النذر فلا بحث في لزومه ويتضمنه الرواية.

وصورتها ما روى الشيخ في التهذيب عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل عليه حجة الإسلام ، فأراد أن يحج ، فقيل له تزوج ثم حج ، فقال : إن تزوجت قبل أن أحج فغلامي حر ، فتزوج قبل أن يحج ، فقال : أعتق غلامه ، فقلت : لم يرد بعتقه وجه الله تعالى ، فقال : إنه نذر في طاعة الله ، والحج أحق بالتزويج ، وأوجب عليه من التزويج ، فقلت : فإن كان الحج تطوعا؟ فقال : وإن كان تطوعا ، فهي طاعة الله عزوجل (٢).

وأما وجه الإشكال في رواية رفاعة فظاهر (٣) لكن أفتى عليها الشيخ في النهاية.

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من كتاب النذر ، ج ١٦ ص ١٩١ وفيه « إسحاق عن أبي عبد الله » وفي الكافي « عن أبي إبراهيم » وذيل الحديث نقل بالمعنى.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ١ من كتاب النذر والعهد.

(٣) ذكرها المصنف في المتن أي النافع ـ هكذا في بعض النسخ.

٣٣٧

(الثامنة) روى رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل نذر الحج ولم يكن له مال فحج عن غيره ، أيجزي عن نذره؟ قال : نعم (١) وفيه إشكال إلا أن يقصد ذلك بالنذر.

(التاسعة) قيل : من نذر أن لا يبيع خادما أبدا لزمه الوفاء به وإن احتاج إلى ثمنها ، وهو استناد إلى رواية مرسلة (٢).

(العاشرة) العهد كاليمين يلزم حيث تلزم ، ولو تعلق بما الأعود مخالفته دينا أو دنيا خالف إن شاء ، ولا إثم ولا كفارة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : قيل : من نذر أن لا يبيع خادما أبدا ، لزمه الوفاء به ، وإن احتاج إلى ثمنها ، إلى آخره.

مستند هذه المسألة ، ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الحسن بن علي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : قلت له : إن لي جارية ، ليس لها مني مكان ولا ناحية ، وهي تحتمل الثمن ، إلا أني كنت حلفت منها (فيها خ) بيمين ، فقلت : لله علي أن لا أبيعها أبدا ، ولي إلى ثمنها حاجة مع تخفيف المؤونة؟ فقال : ف لله بقولك له (٣).

والرواية ليست بمرسلة ، كما قاله بعض الأصحاب (٤) لكن بعض رجالها غير

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب الحج ، ج ٨ ص ٤٩.

(٢) الوسائل ١٨ حديث ٥ من كتاب الأيمان ، والرواية ليست مرسلة اصطلاحا ، ولعل الشارح قدس سره أراد عدم اعتبارها بملاحظة عدم توثيق أو ضعف في بعض رواتها ، فراجع ج ١٦ ص ١٤٦ من الوسائل.

(٣) الوسائل باب ١٧ حديث ١١ من كتاب النذر والعهد.

(٤) فإن سندها (كما في التهذيب) هكذا : محمد بن أحمد الكوكبي ، عن أبي عبد الله الرازي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الحسن بن علي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، وفي الاستبصار والوسائل : محمد بن أحمد بن يحيى بدل (محمد بن أحمد الكوكبي) عن أبي عبد الله الرازي ... الخ.

٣٣٨

______________________________________________________

مشهورين ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية.

وقال المتأخر : هذا غير مستقيم ، بل الفتوى على أنه متى كان لصاحبها في المخالفة صلاح ديني أو دنياوي فله البيع ولا كفارة.

والجواب إن هذا مسلم ، وتحمل الحاجة في الرواية ، على حاجة لا يتضرر بفوات مصلحة ، ينسخ (تقبح خ) (١) مخالفة النذر ، فلا تنافي.

__________________

(١) وفي بعض النسخ : تبيح.

٣٣٩

٣٤٠