كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ولا تقبل شهادة السائل بكفه لما يتصف به من مهانة النفس ، فلا يؤمن خدعه.

وفي قبول شهادة المملوك روايتان ، أشهرهما : القبول.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي قبول شهادة المملوك روايتان ، أشهرهما القبول.

رواية المنع رواها صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام (في حديث) قال : والعبد المملوك لا يجوز شهادته (١).

ورواها أيضا الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : لا تجوز شهادة العبد المسلم على الحر المسلم (٢).

ورواية القبول رواها الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبد الحميد الطائي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في شهادة المملوك ، قال : إذا كان عدلا ، فهو جائز الشهادة ، إن أول من رد شهادة المملوك عمر بن الخطاب (٣).

ورواها ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا (٤).

وعليها عمل الأصحاب ، إلا ابن الجنيد وابن أبي عقيل.

وجمع الشيخ بين الروايتين ، بحمل الأوليين على التقية ، أو على أن المراد منها

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ ذيل حديث ١٠ من كتاب الشهادات.

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ١٢ من كتاب الشهادات.

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من كتاب الشهادات ، وتمامه ، وذلك أنه تقدم إليه مملوك في شهادة ، فقال : إن أقمت الشهادة تخوفت على نفسي ، وإن كتمتها أثمت بربي ، فقال : هات شهادتك ، أما إنا لا نجيز شهادة مملوك بعدك.

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ١ من كتاب الشهادات.

٥٢١

وفي شهادته على المولى قولان ، أظهرهما : المنع ، ولو أعتق قبلت للمولى وعليه.

ولو أشهد عبديه بحمل أنه ولده فورثهما غير الحمل فأعتقهما الوارث

______________________________________________________

شهادة المملوك لمولاه لا غير.

وإذا تقرر هذا ، فهل تقبل شهادته على مولاه؟ قال المفيد والشيخ في النهاية : لا ، وتقبل له ، وهو اختيار سلار وأبي الصلاح ، وادعى المتأخر عليه الإجماع.

واختيار الشيخ في الاستبصار أنه لا تقبل لمواليهم ، وتقبل لمن عداهم ، تأويلا للروايات الواردة بالمنع مطلقا ، فيلزم من هذا أنه تقبل عليهم ، لأنه داخل في الاستثناء ، وهو الظاهر من كلام ابني بابويه.

وحكى المتأخر ، عن الاستبصار أن الشيخ قال فيه : لا تقبل شهادة العبد لسيده ولا عليه ، وهو غلط ، إما منه أو في النسخة ، ودعوى الإجماع هنا طرفة (غلط خ).

واستناد الشيخين وأتباعهما يمكن أن يكون برواية ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل المملوك المسلم تجوز شهادته لغير مولاه (مواليه خ)؟ فقال : يجوز في الدين والشئ اليسير (١).

ووجه الاستدلال ، أنها إذا كانت على مواليه ، فقد يصدق أنها لغير مواليه.

ومضمون الخبر دال على أن في غير الدين والشئ اليسير لا تسمع ، لكن من جوز في صورة جوز في الجمع ، وكذا من منع.

ووجه ما اختاره في الاستبصار ، هو التوفيق بين الروايتين.

ووجه دعوى الإجماع ، هو المكابرة.

« قال دام ظله » : ولو أشهد عبدين (عبديه خ) بحمل أنه ولده ، فورثهما (فورث خ)

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٨ من كتاب الشهادات.

٥٢٢

فشهدا للحمل قبلت شهادتهما ، ورجع الإرث إلى الولد.

ويكره له استرقاقهما.

ولو تحمل الشهادة الصبي أو الكافر أو العبد أو الخصم أو الفاسق ثم زال المانع وشهدوا قبلت شهادتهم.

(السادس) طهارة المولد : فلا تقبل شهادة ولد الزنا.

______________________________________________________

غير الحمل ، إلى آخره.

أصل هذه المسألة ربما يكون رواية ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل مات وترك جارية ومملوكين ، فورثهما أخ له ، فاعتق العبدين ، وولدت الجارية غلاما ، فشهدا بعد العتق أن مولاهما كان أشهدهما أنه كان يقع على الجارية ، وأن الحبل (الحمل خ) منه ، قال : تجوز شهادتهما ، ويردان عبدين كما كانا (١).

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، ذاهبا إلى أنه لا يجوز للولد أن يأخذهما عبيدا (عبدا خ) إن ادعيا أن والده أعتقهما.

وحمله شيخنا على الكراهية ، لأن شهادتهما لا تسمع لهما ، وقال : وتشكل الرواية على قول من يقول : إن شهادة المملوك لا تقبل لمولاه.

ويمكن أن يجاب عنه بأنهما شهدا في حالة حكم الشرع بقبول شهادتهما ـ أعني حالة العتق ـ والعبودية عرضت لهما بعد أداء الشهادة ، فلا يقدح فيها.

« قال دام ظله » : السادس ، طهارة المولد ، فلا تقبل شهادة ولد الزنا ، وقيل : تقبل في الشئ الدون ، وبه رواية نادرة.

هذا القول للشيخ في النهاية ، والرواية رواها فضالة ، عن أبان ، عن عيسى بن عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن شهادة ولد الزنا؟ فقال : لا تجوز

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٧ من كتاب الشهادات.

٥٢٣

وقيل : تقبل في الشئ الدون ، وبه رواية نادرة.

ويلحق بهذا الباب مسائل

(الأولى) التبرع بالأداء قبل الاستنطاق يمنع القبول لتطرق التهمة ، وهل (١) يمنع في حقوق الله تعالى؟ على (فيه خ) تردد.

______________________________________________________

إلا في الشئ اليسير ، إذا رأيت منه صلاحا. (٢)

والوجه أن تبنى المسألة على قولين ، فمن قال : إن ولد الزنا كافر ـ وهو الأكثر ـ فالقول الأول ، ومن قال : ليس بكافر ، تقبل في الدون وغيره.

وندرة الرواية (٣) قلة ورودها.

وهي مخالفة للأصل ، فلا عمل عليها ، ومعارضة بما رواه عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : لا تجوز شهادة ولد الزنا ، ولا يؤم الناس (٤).

ولهذا قال في الخلاف : لا تقبل شهادة ولد الزنا ، وإن كان عدلا ، واختاره المتأخر ، بناء على كفره ، وعليه العمل.

« قال دام ظله » : التبرع بالأداء قبل الاستنطاق ، يمنع القبول ، لتطرق التهمة ، وهل يمنع في حقوق الله تعالى؟ فيه تردد.

لا شك أن التبرع بأداء الشهادة يوهم التهمة ، فلا تقبل في حقوق الناس بلا خلاف.

وفي حقوق الله قولان ، أطلق في النهاية المنع فيهما ، للتهمة ، وفصل (فصله خ) في

__________________

(١) وهل يمنع في حقوق الله أم لا؟ قولان ، على تردد (الرياض).

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ٥ من كتاب الشهادات.

(٣) يعني ما ذكره المصنف من قوله قدس‌سره : (نادرة) المراد القلة.

(٤) الوسائل باب ٣١ حديث ٦ من كتاب الشهادات ، ولفظه هكذا : قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ، يقول : لو أن أربعة شهدوا عندي بالزنا على رجل ، وفيهم ولد ، وفيهم ولد الزنا لحددتهم جميعا ، لأنه لا تجوز شهادته ولا يؤم الناس.

٥٢٤

(الثانية) الأصم ، تقبل شهادته فيما لا يفتقر إلى السماع.

وفي رواية : يؤخذ بأول قوله.

وكذا تقبل شهادة الأعمى فيما لا يفتقر إلى الرؤية.

(الثالثة) لا تقبل شهادة النساء في الهلال والطلاق. وفي قبولها في الرضاع تردد ، أشبهه : القبول.

______________________________________________________

المبسوط أي تقبل في حقوق الله ، ولا تقبل في حقوق الناس.

وهو حسن ، حذرا من تعطيل (سقوط خ) حدود الله ، إلا نادرا ، ومنشأ التردد ، احتمال الوجهين.

« قال دام ظله » : الأصم تقبل شهادته ، فيما لا يفتقر إلى السماع ، وفي رواية يؤخذ بأول قوله.

لما كانت الشهادة هي العلم بالمشهود به ، فلا يشترط فيه السماع ، إلا فيما لا يعلم إلا بالسماع ، مثل الإقرار وغيره ، وعليه فالأصم تقبل شهادته ، إلا فيه.

وأما ما يشتمل عليه رواية درست ، عن جميل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن شهادة الأصم في القتل؟ قال : يؤخذ بأول قوله ، ولا يؤخذ بالثاني. (١)

ففيه إشكال ظاهر ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، والعمل على الأول.

« قال دام ظله » : لا تقبل شهادة النساء في الهلال والطلاق ، وفي قبولها في الرضاع تردد أشبهه القبول.

منشأ التردد ، النظر إلى قول الأصحاب ، فإن الشيخ ذهب في الخلاف إلى المنع مستدلا بالإجماع ، وعليه أكثر أتباعه والمتأخر ، وذكر في المبسوط القولين.

وذهب المفيد وسلار إلى القبول ، واختاره شيخنا دام ظله ، وهو أشبه ، لأنه مما يخفى على الرجال غالبا.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٢ حديث ٣ من كتاب الشهادات.

٥٢٥

ولا تقبل في الحدود ، وتقبل مع الرجال في الرجم على تفصيل يأتي.

وفي الجراح والقتل بأن يشهد رجل وامرأتان ، وتجب بشهادتهن الدية لا القود.

وفي الديون مع الرجال.

ولو انفردن كالمرأتين مع اليمين فالأشبه : عدم القبول.

وتقبلن منفردات في العذرة وعيوب النساء الباطنة.

وتقبل شهادة القابلة في ربع ميراث المستهل ، وامرأة واحدة في ربع الوصية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو انفردن (أي في الديون) كامرأتين (كالمرأتين خ) مع اليمين ، فالأشبه عدم القبول.

القبول مذهب الشيخ وأبي الصلاح وشيخنا دام ظله في الشرائع ، وهو فيما رواه ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في حديث) أن أباه أخبره أن رسول الله عليه وآله أجاز شهادة النساء في الدين (الديون خ) مع يمين المطالب ، يحلف بالله أن حقه لحق. (١)

وهي محمولة على أن المراد شهادة امرأتين ، يبينه ما رواه سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، قال : حدثني الثقة ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : إذا شهد لطالب (لصاحب ئل) الحق امرأتان ويمينه ، فهو جائز. (٢)

واختار شيخنا هنا عدم القبول ، لقوله تعالى : (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (٣) ، والمتأخر تردد فيه ، والأول أظهر.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ ذيل حديث ٢ من كتاب الشهادات.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٣١ من كتاب الشهادات.

(٣) الطلاق ـ ٢.

٥٢٦

وكذا كل امرأة تثبت شهادتها في الربع حتى يكملن أربعا فتقبل شهادتهن في الوصية أجمع.

ولا ترد شهادة أرباب الصنائع المكروهة كالصياغة ، والصنائع الدنية كالحياكة والحجامة ، ولو بلغت الدناءة كالزبال والوقاد ، ولا ذوي العاهات كالأجذم والأبرص.

الثاني فيما يصير به شاهدا :

وضابطه : العلم ، ومستنده : المشاهدة أو السماع.

فالمشاهدة للأفعال كالغصب والقتل والسرقة والرضاع والولادة والزنا واللواط.

أما السماع ، فيثبت به النسب والملك والوقف والزوجية.

ويصير الشاهد متحملا بالمشاهدة لما يكفي فيه المشاهدة ، والسماع لما يكفي فيه السماع وإن لم يستدعه المشهود عليه.

وكذا لو قيل له : لا تشهد فسمع من القائل ما يوجب حكما.

وكذا لو خبئ (١) فنطق المشهود عليه.

وإذا دعي الشاهد للإقامة وجب ، إلا مع ضرر غير مستحق ، ولا يحل الامتناع مع التمكن.

ولو دعي للتحمل فقولان ، المروي : الوجوب.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو دعي للتحمل ، فقولان ، المروي الوجوب.

ذهب الشيخ في النهاية وأتباعه وأبو الصلاح في الكافي ، إلى وجوب التحمل ،

__________________

(١) من الخباء ـ الخاء المعجمة بمعنى الستر.

٥٢٧

ووجوبه على الكفاية ، ويتعين مع عدم من يقوم بالتحمل.

ولا يشهد إلا مع المعرفة أو شهادة عدلين بالمعرفة.

ويجوز أن تسفر المرأة ليعرفها الشاهد.

ويشهد على الأخرس بالإشارة ، ولا يقيمها بالإقرار.

مسائل

(الأولى) قيل : يكفي في الشهادة بالملك مشاهدته بتصرف

______________________________________________________

وبه رواية رواها في التهذيب مرفوعا (١) إلى ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا (٢) فقال : لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها ، أن يقول : لا أشهد لكم عليها. (٣)

ومثله رواه عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا؟ قال : قبل الشهادة (٤) بناء على جواز تسمية الشئ بما يؤول إليه ، وفيه احتمال.

وذهب في المبسوط إلى عدم الوجوب ، واختاره المتأخر ، وهو أشبه ، والأول أحوط.

« قال دام ظله » : قيل : يكفي في الشهادة بالملك ، مشاهدة (مشاهدته خ) بتصرف فيه ، وبه رواية.

القائل هو الشيخ في النهاية والخلاف ، مستدلا بالإجماع ، وتردد في المبسوط ،

__________________

(١) يعني متصلا سنده إلى ابن أبي عمير.

(٢) البقرة ـ ٢٨٢.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٤ من كتاب الشهادات ، وزاد : فقال فذلك قبل الكتاب (نقلا عن الكافي).

(٤) الوسائل باب ١ حديث ١ من كتاب الشهادات.

٥٢٨

(يتصرف خ) فيه ، وبه رواية (١) ، والأولى الشهادة بالتصرف لأنه دلالة الملك وليس بملك.

(الثانية) تجوز الشهادة على ملك لا يعرفه الشاهد إذا عرفه المتبايعان.

(الثالثة) لا يجوز إقامة الشهادة إلا مع الذكر ، ولو رأى خطه.

______________________________________________________

وجعل الجواز رواية الأصحاب ، واختاره المتأخر ، مستدلا بأنه كما يجوز أن يشتريه فيجوز أن يشهد له بالملك.

وهو ضعيف لأن الشهادة تستدعي حصول العلم التام ، لقوله صلى الله عليه وآله : ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد ، أو دع (٢) بخلاف البيع ، فإنه يكفي فيه الأمارة.

والوجه أن يقتصر بالشهادة على التصرف.

ويظهر لي أن مع طول المدة وعدم المنازع ، تجوز بالملك أيضا لا مع قصرها أو وجود المنازع ، وإلا (٣) يلزم الحاكم أن يحكم بتعارض البينتين ، مع علمه بتصرف المالك ، إذا أقام المدعي البينة ، منفردا بها ، وليس كذلك.

« قال دام ظله » : لا يجوز إقامة الشهادة إلا مع الذكر ، ولو رأى خطه ، وفي رواية : إن شهد معه آخر جاز إقامتها ، وفي الرواية تردد.

هذه رواها حماد بن عثمان ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يشهدني على الشهادة (شهادة خ) فأعرف خطي وخاتمي ، ولا أذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا؟ قال : فقال لي : إذا كان صاحبك ثقة ، ومعه رجل ثقة ،

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٤ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٣٥.

(٢) عوالي اللئالي ج ٣ ص ٥٢٨ تحت رقم ١ من باب الشهادات.

(٣) وفي عدة من النسخ : (ولا يلزم) بدل (وإلا يلزم) والصواب ما أثبتناه.

٥٢٩

وفي رواية (١) : إن شهد معه آخر جاز إقامتها.

وفي الرواية تردد.

(الرابعة) من حضر حسابا أو سمع شهادة ولم يستشهد كان بالخيار في الإقامة ما لم يخش بطلان الحق إن امتنع ، وفيه تردد.

______________________________________________________

فاشهد له (٢).

وقد ضعفها الشيخ في الاستبصار ، وذكر أنها مخالفة للأصل (للأصول خ) وذهب إليها في النهاية.

والأولى إطراحها ، لما ذكره ، ولكونها معارضة بروايات.

(منها) ما رواه إدريس (بن) الحسين ، عن علي بن غياث ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا تشهدن بشهادة حتى تعرفها ، كما تعرف كفك (نفسك خ) (٣).

وما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تشهد بشهادة لا تذكرها ، فإنه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما (٤).

والترجيح لها ، لكونها موافقة للأصل.

ويؤيدها قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : على مثل الشمس فاشهد ، أو دع (٥) وعليها عمل شيخنا والمتأخر ، وبعض أتباع الشيخ ، تبعوا فتوى النهاية

« قال دام ظله » : من حضر حسابا ، أو سمع شهادة ، ولم يستشهد ، كان بالخيار في الإقامة ، ما لم يخش بطلان الحق ، إن امتنع ، وفيه تردد.

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من كتاب الشهادات.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١ من كتاب الشهادات.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من كتاب الشهادات.

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ٤ من كتاب الشهادات.

(٥) عوالي اللئالي ج ٣ ص ٥٢٨ تحت رقم ١ من باب الشهادات.

٥٣٠

ويكره أن يشهد لمخالف إذا خشي استدعاؤه إلى حاكم يرد شهادته.

(الخامسة) الشهادة على الشهادة ، وهي مقبولة في الديون والأموال والحقوق ، ولا تقبل في الحدود.

ولا يجزي إلا اثنان على شاهد الأصل.

وتقبل الشهادة على شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن (منفردات خ) على تردد.

______________________________________________________

التردد فيه بقوله : (كان بالخيار) ومنشأه قوله تعالى : (ولا تكتموا الشهادة ، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) (١).

وذهب الشيخ في النهاية إلى الخيار ، والأولى سقوطه هنا ، وهو اختيار شيخنا دام ظله والمتأخر.

في الشهادة على الشهادة

« قال دام ظله » : وتقبل على الشهادة شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن (منفردات خ) على تردد.

ومنشأ التردد النظر إلى قول الشيخ ، فإنه ذهب في المبسوط ، إلى أنه لا مدخل للنساء في الشهادة على الشهادة وهو اختيار المتأخر.

وقال في الخلاف : تقبل في الديون والأملاك والعقود ، وقال الشافعي : لا تقبل بحال ، وقال أبو حنيفة : تقبل في ما لشهادتهن مدخل فيه ، واختار شيخنا ، الأول ، وفيه نظر ، ووقع في بعض النسخ : (وتقبل الشهادة على شهادة النساء) وهو انحراف

__________________

(١) البقرة ـ ٢٨٢.

٥٣١

وأجلى الألفاظ أن يقول : أشهد على شهادتي أنني أشهد على كذا.

ولا تقبل شهادة الفرع إلا مع تعذر حضور شاهد الأصل بمرض (لمرض خ) أو غيبة أو موت.

ولو شهد الفرع فأنكر شاهد الأصل فالمروي (١) : العمل بأعدلهما ، فإن تساويا اطرح الفرع.

وفيه إشكال ، لأن قبول شهادة الفرع مشروط بعدم شاهد الأصل.

ولا تقبل شهادة على شهادة على شهادة في شئ.

______________________________________________________

القلم ، كان وقع وقت التصنيف ، وقد أصلحه دام ظله بقراءتي عليه ، لأن هذه المسألة وإن كانت صحيحة ، إلا أنه لا خلاف فيها ، ولا تردد ، وقد قيدها به.

« قال دام ظله » : ولو شهد الفرع ، فأنكر شاهد الأصل ، فالمروي العمل بأعدلهما ، فإن تساويا ، اطرح الفرع ، وفيه إشكال ، لأن قبول شهادة الفرع مشروط بعدم شهادة الأصل.

أقول : الإشكال على ما يتضمنه الرواية من العمل بالأعدل ، ومنشأه أن تعذر شهادة الأصل هل هو شرط في قبول الفرع أم لا؟ الأول أظهر وأشبه ، وعمل الشيخ في النهاية على الرواية والمتأخر متردد هنا.

وبتقدير تسليم الرواية مع التساوي ، يطرح الفرع ، وهو مذهب الشيخ وأتباعه ، وهو حسن.

وقال علي بن بابويه في رسالته : يقبل الفرع ويطرح الأصل.

وهو بعيد ، ضرورة عدم كون الفرع أقوى من الأصل ، وفي بعض النسخ ، اطرح الأصل ، وهو يكون على مذهب ابن بابويه وليس بمراد هنا ، وعلى هذا التقدير ، يكون الإشكال على قبول الفرع ، لا على الرواية.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من كتاب الشهادات.

٥٣٢

الأمر الثالث في اللواحق :

وفيه مسائل :

(الأولى) إذا رجع الشاهدان قبل القضاء لم يحكم ، ولو رجعا بعد القضاء لم ينقض الحكم وضمن الشهود.

وفي النهاية : إن كانت العين قائمة ارتجعت ولم يغرما ، وإن كانت تالفة ضمن الشهود.

(الثانية) إذا ثبت أنهما شاهدا زور نقض الحكم واستعيدت العين مع بقائها ، ومع تلفها أو تعذرها يضمن الشهود.

(الثالثة) لو كان المشهود به قتلا أو رجما أو قطعا فاستوفي ثم رجع الشهود ، فإن قالوا : تعمدنا ، اقتص منهم أو من بعضهم ، فيرد البعض ما وجب عليهم ، ويتم الولي إن بقي عليه شئ ، ولو قالوا : أخطأنا ،

______________________________________________________

مسائل

« قال دام ظله » : الأولى ، إذا رجع الشاهدان قبل القضاء ، لم يحكم ، ولو رجعا بعد القضاء ، لم ينقض الحكم ، وضمن الشهود ، إلى آخرها.

أقول : رجوع الشاهدين عن الشهادة لا يخلو إما أن يكون قبل حكم الحاكم أو بعده (فعلى الأول) لا ينفذ الحاكم الحكم (وعلى الثاني) لم ينقض الحكم ، بل يضمن الشهود ، ما أتلفوا بشهادتهم ، على اختيار الشيخ في الخلاف والمبسوط ، واختيار المتأخر.

وهو أشبه ، لأن حكمه كان شرعيا ثابتا ، ورجوع الشهود يحتمل الكذب ، فلا يقدح فيما جزم به.

وقال في النهاية : لا يضمن الشهود ، إلا مع تلف العين ، ومع بقائها ينقض الحكم ، ومنشأ التفصيل غير معلوم ، فالعمل على الأول.

٥٣٣

لزمتهم الدية ، ولو قال بعضهم : أخطأنا ، لزمه نصيبه من الدية ولم يمض إقراره على غيره. ولو قال : تعمدت ، رد عليه الولي ما يفضل ويقتص منه إن شاء.

وفي النهاية : يرد الباقون من شهود الزنا ثلاثة أرباع الدية ويقتل ، والرواية (١) صحيحة السند ، غير أن فيها تسلطا على الأموال المعصومة بقول واحد.

(الرابعة) لو شهدا بطلاق امرأة فتزوجت ثم رجعا ضمنا المهر وردت إلى الأول بعد الاعتداد من الثاني.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو شهدا بطلاق امرأة فتزوجت ، ثم رجعا ، ضمنا المهر ، إلى آخره.

أصل هذه المسألة ، رواية رواها علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في شاهدين شهدا على امرأة بأن زوجها طلقها ، فتزوجت ، ثم جاء زوجها ، فأنكر الطلاق ، قال : يضربان الحد ، ويضمنان الصداق للزوج ، ثم تعتد ، ثم ترجع إلى زوجها الأول. (٢)

ولا يصح حمل هذه الرواية على ظاهرها ، لما يتضمن من الاضطراب (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ و ٣ من كتاب الشهادات ، وباب ١٠ حديث ١ منه.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من كتاب الشهادات.

(٣) اضطرابها من وجهين أو ثلاثة (الأول) حكمه عليه‌السلام بضرب الحد ، مع أن شهادتهما صار سببا للوطء بالشبهة ، ولو يثبت كذب الشاهدين ، ولم يفرض في الرواية رجوعهما عن الشهادة (الثاني) ضمان الشاهدين للصداق مع لزومه على الزوج الثاني لكونه دخل بها ، ولم يكن عن زنا ، إلا أن يقال : إن شهادتها كانت جزء السبب للازدواج فتأمل.

ثم على تقدير كونه بحكم الزنا لم أمر عليه‌السلام باعتدادها ، مع أنه لا عدة في ماء الزاني فتأمل ، فإنه يمكن أن يقال بعدم التلازم بين الأمر بالحد وبين عدم كذب الشاهدين والله العالم.

٥٣٤

وتحمل هذه الرواية (١) على أنها نكحت بسماع الشهادة لامع حكم الحاكم ، ولو حكم لم يقبل الرجوع.

(الخامسة) لو شهد اثنان على رجل بسرقة فقطع ثم قالا : أوهمنا ، والسارق غيره ، أغرما دية يد الأول ، ولم يقبلا على (في خ) الأخير لما يتضمن من عدم الضبط.

(السادسة) تجب أن يشهر (شهرة خ) شاهد الزور وتعزيره بما يراه الإمام عليه‌السلام حسما للجرأة.

______________________________________________________

فحمل الشيخ في النهاية ، ضمان الشهود على ما إذا رجعوا ، وحمل المتأخر الحد على التعزير ، لأنهما شاهدا زور ، والرجوع إلى الأول ، على أنها تزوجت بسماع الشهادة ، لا بحكم الحاكم.

وزاد الشيخ في النهاية على ما في الرواية (ودخل بها) وهو مدلول الاعتداد التزاما.

(وما ذكره) شيخنا دام ظله في الشرائع من التفصيل ، بأنه إن كان الطلاق بعد الدخول لم يضمنا ، وإن كان قبل الدخول ضمنا نصف المهر (مغاير) لما نحن بصدده ، لأن في مسألتنا ، إنها تزوجت بعد الطلاق ، وضمان المهر للزوج الثاني ، وفي مسألة الشرائع أنها ما تزوجت والمهر للزوج الأول (الثاني خ) ، وهي مسألة من مسائل الخلاف ، قد ضمنها الشيخ في مسألتين فيه.

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من كتاب الشهادات.

٥٣٥

٥٣٦

كتاب الحدود والتعزيرات

٥٣٧

كتاب الحدود والتعزيرات

وفيه فصول :

الفصل الأول

في حد الزنا

والنظر في : الموجب والحد واللواحق.

أما الموجب :

فهو إيلاج الإنسان فرجه في فرج امرأة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة.

ويتحقق بغيبوبة الحشفة قبلا أو دبرا.

ويشترط في ثبوت الحد : البلوغ (والعقل خ) والعلم بالتحريم والاختيار.

فلو تزوج بمحرمة كالأم أو المحصنة سقط الحد مع الجهالة بالتحريم.

ويثبت مع العلم ، ولا يكون العقد بمجردة شبهة في السقوط.

ولو تشبهت الأجنبية بالزوجة فعليها الحد دون واطئها.

______________________________________________________

في حد الزنا

« قال دام ظله » : ولو تشبهت الأجنبية بالزوجة ، فعليها الحد دون واطئها ، وفي

٥٣٨

وفي رواية (١) : يقام عليها الحد جهرا ، وعليه سرا وهي متروكة.

ولو وطأ المجنون عاقلة ففي وجوب الحد تردد.

______________________________________________________

رواية : يقام عليها الحد جهرا ، وعليه سرا ، وهي متروكة.

هذه رواها هشام بن بشير ، عن أبي بشير (بشر خ) عن أبي روح ، أن امرأة تشبهت بأمة لرجل ، وذلك ليلا ، فواقعها ، وهو يرى أنها جاريته ، فرفع إلى عمر ، فأرسل إلى علي عليه‌السلام ، فقال : اضرب الرجل حدا في السر ، واضرب المرأة علانية. (٢)

وهي نادرة وجلد (حد خ) الرجل مخالف للأصل ، أي سقوط الحد بالشبهة ، وقد ذكرها الشيخ في النهاية.

وقد حكى شيخنا دام ظله عن بعض معاصريه ، أنه عليه‌السلام أراد إيهام الحاضرين بإقامة الحد عليه لئلا يتخذ الجاهل الشبهة عذرا من غير أن حد ، وفي هذا عدول فاسد.

فالأشبه أن يقام عليها الحد ، ويسقط عن الرجل للشبهة ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف وشيخنا والمتأخر.

ويسقط عنها أيضا لو ادعت الشبهة ، وكذا لو اضطجعت هي على فراشه ، وأتت بعذر يقرب من الصدق ، على الأشبه.

« قال دام ظله » : ولو وطأ المجنون عاقلة ، ففي وجوب الحد تردد ، وأوجبه الشيخان.

منشأ التردد كون المجنون مرفوع القلم ، واستناد الشيخين إلى ما رواه أبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحد ، وإن كان محصنا رجم ، قال : قلت : وما الفرق بين المجنون والمجنونة ، والمعتوه والمعتوهة؟

__________________

(١) الوسائل باب ٣٨ حديث ١ من أبواب حد الزاني ، ج ١٨ ص ٤٠٩.

(٢) الوسائل باب ٣٨ حديث ١ من أبواب حد الزنا.

٥٣٩

وأوجبه الشيخان.

ولا حد على المجنونة.

ويسقط الحد بادعاء الزوجية ، وبدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدعي.

______________________________________________________

فقال : المرأة إنما تؤتى ، والرجل يأتي ، وإنما يأتي إذا عقل كيف يأتي اللذة. (١)

ونعم ما فرق به عليه‌السلام ، فإن الواطئ لا يحصل من الوطء ، إلا مع القصد ، لا الموطوءة.

(فإن قيل) : هو وإن قصد إلى ذلك لكن الحد عنه ساقط ، لقوله عليه‌السلام : رفع القلم عن المجنون حتى يفيق. (٢)

(قلنا) : هو معارض بعموم الآيات والأخبار المتناولة وجوب الحد عليه فالترجيح (والترجيح خ) لها ، فإن ادعوا التخصيص فيها ، فكذا نحن في الخبر.

وذهب المتأخر إلى سقوط الحد عنه تمسكا بما قلناه ، ويؤيد قوله ما رواه الأصبغ بن نباتة ، قال : أتي عمر بخمسة نفر ، أخذوا في الزنا ، فأمر أن يقام عليهم الحد ، فقال علي عليه‌السلام : ليس هذا حكمهم ، قال عمر : فأقم أنت الحد عليهم ، فضرب واحدا عنقه ، ورجم آخر ، وحد الثالث ، ونصفه في الرابع ، وعزر الخامس ، فتعجب القوم ، فقال عليه‌السلام : الأول كان ذميا ، والثاني محصنا ، والثالث غير محصن ، والرابع عبدا ، والخامس مجنونا مغلوبا على عقله. (٣)

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ٢ من أبواب حد الزنا ، وتمامه : وإن المرأة إنما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يعقل بها ، وفي الوسائل كما في الكافي : (وإنما يزني) بدل قول عليه‌السلام : (وإنما يأتي).

(٢) الوسائل باب ٤ قطعة من حديث ٤ من أبواب مقدمة العبادات ، وباب ٨ قطعة من حديث ٢ من أبواب مقدمات الحدود.

(٣) فروع الكافي كتاب الحدود باب النوادر حديث ٢٦ ، وفي الوسائل في باب ١ حديث ١٦ من أبواب حد الزنا.

٥٤٠