كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

والحر لا يضمن ولو كان صغيرا ، لكن لو أصابه تلف بسبب الغاصب ضمنه.

ولو كان لا بسببه كالموت ولدغ الحية فقولان.

ولو حبس صانعا لم يضمن أجرته ، ولو انتفع به ضمن أجرة الانتفاع.

ولا يضمن الخمر لو غصب من مسلم ، ويضمنها لو غصبها من ذمي.

وكذا الخنزير.

ولو فتح بابا على مال فسرق ضمن السارق دونه ولو أزال القيد عن فرس فشرد أو عن عبد مجنون فأبق ضمن ، ولا يضمن لو أزاله عن عاقل.

الثاني في الأحكام :

يجب رد المغصوب وإن تعسر كالخشبة في البناء واللوح في السفينة ، ولو عاب ضمن الأرش.

ولو تلف أو تعذر العود ضمن مثله إن كان متساوي الأجزاء ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو كان لا بسببه كالموت ولدغ الحية ، فقولان.

القولان للشيخ ، قال في المبسوط ، في كتاب الغصب : لم يضمنه ، وفي كتاب الجراح قال : يضمنه الغاصب ، وتردد في الخلاف ، نظرا إلى أن الأصل براءة الذمة. ونظرا إلى طريقة الاحتياط ، والأول اختيار شيخنا دام ظله.

في الأحكام

« قال دام ظله » : ولو تلف أو تعذر العود ، ضمن مثله إن كان متساوي الأجزاء ، وقيمته يوم الغصب إن كان مختلفا ، إلى آخره.

٣٨١

وقيمته يوم الغصب إن كان مختلفا.

وقيل : أعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف.

وفيه وجه آخر. ومع رده لا يرد زيادة القيمة السوقية. ويرد الزيادة لزيادة في العين أو الصفة.

ولو كان المغصوب دابة فعابت ردها مع الأرش.

وتتساوى بهيمة القاضي والشوكي.

ولو كان عبدا وكان الغاصب هو الجاني رده ودية الجناية إن كانت مقدرة.

وفيه قول آخر ، ولو مزج الزيت بمثله رد العين.

وكذا لو كان بأجود منه ، ولو كان بأدون ضمن المثل. ولو زادت

______________________________________________________

إذا تلف المغصوب أو تعذر إعادته بوجه ما ، فلا يخلو إما أن يكون متساوي الأجزاء أو مختلفها ، فإن كان الأول ، فيرد المثل ولا بحث ، وإن كان الثاني فالقيمة.

وفي كميتها خلاف ، قال في المبسوط : قيمة يوم الغصب ، وعليه المتأخر (وقال :) في الخلاف وموضع من المبسوط : بأعلى القيم من حين الغصب إلى التلف ، وأما الوجه الآخر فهو أن يقال : لا نسلم أن مع اختلاف الأجزاء يرجع إلى القيمة ، لم لا يجوز الرجوع إلى المثل مع وجوده؟ فأما (وأما خ) مع عدم المثل يرجع فيها وفي المتساوي الأجزاء إلى قيمته يوم التلف ، لأن قبل التلف ، كان المغصوب معينا للرد ، وبعد التلف تعين المثل ، فمع عدمه تتعين القيمة.

« قال دام ظله » : ولو كان عبدا ، وكان الغاصب هو الجاني رده ودية الجناية ، إن كانت مقدرة.

وفيه قول آخر ، والأول للشيخ ، والثاني لشيخنا دام ظله ، وهو إلزام الغاصب بأكثر الأمرين (بالأكثر خ) من المقدر والأرش ، وهو قريب.

٣٨٢

قيمة المغصوب فهو لمالكه.

أما لو كانت الزيادة لانضياف العين كالصبغ والآلة في الأبنية أخذ العين (الزائدة خ) ورد الأصل ، ويضمن الأرش إن نقص.

الثالث في اللواحق ، وهي ستة :

(الأولى) فوائد المغصوب للمالك منفصلة كانت كالولد ، أو متصلة كانت كالصوف والسمن ، أو منفعة كأجرة السكنى وركوب الدابة. ولا يضمن من الزيادة المتصلة ما لم تزد به القيمة كما لو سمن المغصوب وقيمته واحدة.

(الثانية) لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد ويضمنه وما يحدث من منافعه وما يزداد في قيمته لزيادة صفة.

(الثالثة) إذا اشتراه عالما بالغصب فهو كالغاصب ، ولا يرجع بما يضمن. ولو كان جاهلا دفع العين إلى مالكها ، ورجع بالثمن على البائع وبجميع ما غرمه مما لم يحصل له في مقابله عوض كقيمة الولد.

______________________________________________________

في اللواحق

« قال دام ظله » : إذا اشتراه عالما بالغصب ، فهو كالغاصب ، إلى آخره.

قلت : إذا اشترى المغصوب ، فلا يخلو (أما) أن يكون المشتري عالما بالغصبية (أم لا) فالأول لا يرجع بالثمن على البائع إن كان الثمن تالفا.

وهل يرجع لو كان باقيا؟ قال أكثر الأصحاب : لا لأنه مبيح للثمن (بغير عوض خ) فكأنه أسقط حقه منه.

وقال شيخنا في بعض المواضع : نعم تمسكا بأن العقد فاسد ، فلا يفيد الملك ، فالثمن باق على ملك مالكه ، فله الانتزاع ، لقوله عليه‌السلام : الناس مسلطون على

٣٨٣

وفي الرجوع بما يضمن من المنافع كعوض الثمرة وأجرة السكنى تردد.

(الرابعة) إذا غصب حبا فزرعه ، أو بيضة فأفرخت ، أو خمرا فخللها ،

______________________________________________________

أموالهم (١) وهو قوي.

لكن الأكثرون على الأول ، وما أعرف عليه دليلا نقليا أو عقليا قويا ، بل نتبعهم تقليدا لهم.

(وأما الثاني) وهو كون المشتري جاهلا بالغصبية ، فلا يخلو (إما) أن يكون المغصوب قائما أو تالفا (ففي الأول) يرجع المشتري بالثمن إلى البائع ، بعد دفع المبيع ، وبما غرمه ، لو لم يحصل في مقابلته نفع.

وهل يرجع بما حصل كالمنافع المضمونة لصاحبها ، نحو ثمرة النخلة وسكنى الدار؟ ففيه قولان واختيار (اختار خ) الشيخ أنه لا يرجع.

ووجهه أنه تلف في يده ، فهو مباشر للاتلاف ، مع حصول ما يقابل ما غرمه.

والقول الآخر : إن له الرجوع على الغاصب ، لأنه غار ، وإذا تعارض المباشر والسبب الغار فالمباشر لا حكم له.

والوجه هو الأول ، ومنشأ التردد النظر إلى القولين.

(وفي الثاني) قال في النهاية والمفيد في المقنعة : يرجع المغصوب منه إلى الغاصب بقيمته يوم الغصب.

وقال المتأخر : هو مخير إن شاء رجع على الغاصب بأكثر القيمة (القيم خ) من يوم الغصب إلى يوم التلف ، وإن شاء رجع على المشتري بأكثر قيمته من يوم شرائه إلى يوم التلف ، ويرجع المشتري على الغاصب بما غرمه ، لو لم يحصل له في مقابلته نفع ، كما قدمناه.

« قال دام ظله » : إذا غصب حبا فزرعه ، أو بيضة فأفرخت ، أو خمرا فخللها ،

__________________

(١) عوالي اللئالي ج ١ آخر هذا الجزء (طبع قم).

٣٨٤

فالكل للمغصوب منه.

(الخامسة) إذا (لوخ) غصب أرضا فزرعها فالزرع لصاحبه ، وعليه أجرة الأرض ، ولصاحبها إزالة الغرس ، وإلزامه بطم (طم خ) الحفرة وبالأرش (والأرش خ) إن نقصت ، ولو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس لم يجب إجابته.

(السادسة) لو تلف المغصوب واختلفا في القيمة فالقول قول الغاصب.

وقيل : القول قول المغصوب منه.

______________________________________________________

فالكل للمغصوب منه.

اختلف قول الشيخ في هذه المسألة ، فذهب في كتاب الغصب من الخلاف والمبسوط ، إلى أن الحب والزرع للغاصب ، مستدلا بأن عين المغصوب غير باقية ، فالثابت في الذمة هو القيمة.

وقال في كتاب الدعاوى من الخلاف : أنه للمغصوب منه ، وكذا أشار في كتاب العارية من المبسوط.

وهو الوجه ، لأنه نماء ملكه (ماله خ) ومنفعته ، وهو اختيار علم الهدى في الطبريات ، والمتأخر في كتابه ، متمسكا بإجماع أهل البيت عليهم‌السلام ، وعليه شيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : لو تلف المغصوب واختلفا في القيمة ، فالقول قول الغاصب ، وقيل : القول قول المغصوب منه.

القول الثاني للشيخين في باب بيع الغرر من النهاية ، وباب إجازة البيع من المقنعة ، والقول الأول للمتأخر ، تمسكا بأنه غارم ، والمغصوب منه يدعي زيادة ، وربما يقويه شيخنا.

٣٨٥

٣٨٦

كتاب الشفعة

٣٨٧

كتاب الشفعة

الشعفة (وهي خ) استحقاق حصة الشريك لانتقالها بالبيع.

والنظر فيه يستدعي أمورا :

الأول ما تثبت فيه :

وتثبت في الأرضين والمساكن إجماعا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الأول ما تثبت فيه ، إلى آخره.

أقول : المبيع على ضربين ، ما يتصور فيه الشفعة ، وما لا شفعة فيه ، فالثاني هو الممتاز المنفرد فيه بالملكية.

والأول على قسمين ، قسم متفق فيه على ثبوت الشفعة فيه ، وقسم مختلف فيه.

فالأول الأرضون (الأرضين خ) والمساكن كالعراص (العوار) والبساتين وما سواها هو الثاني.

قال علم الهدى وابن أبي عقيل : تثبت الشفعة في كل مبيع من ضيعة ومتاع وحيوان وغير ذلك.

واستدل المرتضى بإجماع الإمامية ، والاحتراز من المضرة اللازمة للمشترك (المشتركة خ) (للشركة خ) فيه ، وهو اختيار المفيد ، والشيخ في الاستبصار ، وأبي

٣٨٨

______________________________________________________

الصلاح ـ واستثنى السفينة والرقيق ـ والمتأخر.

وبه رواية عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الشفعة لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ ولمن تصلح؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ فقال : الشفعة جائزة في كل شئ من حيوان وأرض ومتاع ، إذا كان الشئ بين شريكين (الشريكين خ) لا غيرهما ، فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره ، وإن زاد على الاثنين فلا شفعة لأحد منهم (١).

وفي رواية هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الشفعة في الدور أشئ واجب للشريك ويعرض على الجار فهو أحق بها من غيره؟ فقال : الشفعة في البيوع إذا كان شريكا فهو أحق بها بالثمن (٢).

وقال الشيخ في أول باب الشفعة من النهاية بمقالة المرتضى ، وقال في أثناء الكلام : ولا شفعة فيما لا تصح قسمته مثل الحمام والأرحية.

أما استناد الأول (٣) فما قدمناه من الرواية.

واستناد الثاني (٤). يمكن أن يكون ما رواه النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق (٥).

وذهب في الخلاف ، إلى أنه لا شفعة في السفينة ، وكل ما يمكن قسمته من

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من كتاب الشفعة.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٣) يعني الاستناد في الدعوى الأولى ، وهي ثبوتها في كل مبيع ، كما هي مقالة المرتضى ، وهي رواية يونس المتقدمة.

(٤) يعني في الدعوى الثانية ، وهي عدم الشفعة فيما لا تصح قسمته.

(٥) الوسائل باب ٨ حديث ١ من كتاب الشفعة.

٣٨٩

______________________________________________________

الحبوب والثياب والحيوان وغير ذلك.

واستدل في السفينة ، برواية السكوني (١) ، وفي الحيوان ، بما رواه هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ليس في الحيوان شفعة (٢).

وبما رواه جابر بن عبد الله ، قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنما جعلت الشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، وصرفت الطرق فلا شفعة. (٣)

ووجه الاستدلال أن لفظة (إنما) لإثبات المذكور ونفي ما سواه.

وقال ابنا بابويه : لا شفعة في سفينة ولا طريق ولا حمام ولا رحى ولا نهر ولا ثوب ، ولا في شئ مقسوم ، وتثبت فيما عدا ذلك من حيوان وأرض ورقيق وعقار.

ويمكن أن يكون الاستناد إلى رواية السكوني (٤) ورواية يونس (٥) وقد ذكرناهما.

وفي رواية علي بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل اشترى دارا برقيق ومتاع وبز وجوهر ، قال : ليس لأحد فيها شفعة (٦).

وقال أبو يعلى سلار : لا شفعة فيما لا يصح قسمته ، وتثبت فيما تصح.

وهو في رواية طلحة بن يزيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام ،

__________________

(١) المتقدمة قبيل هذا.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٦ من كتاب الشفعة.

(٣) سنن أبي داود ج ٣ ص ٢٨٥ باب في الشفعة حديث ٢ من كتاب البيوع.

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٥) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من كتاب الشفعة.

(٦) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب الشفعة.

٣٩٠

______________________________________________________

قال : لا شفعة إلا لشريك غير مقاسم ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : لا يشفع في الحدود ، وقال : لا تورث الشفعة (١).

واختار شيخنا دام ظله وصاحب الواسطة (٢) مذهب الشيخ في الخلاف ، مستدلا بأن الشفعة منع المالك من التصرف في ماله ، وهو منفي بالأصل ، ترك العمل به في موضع الإجماع ، فالباقي باق على أصله ، فلا يخصصه أخبار الآحاد مع  ضعفها ، واختلاف الفتاوي.

فيجيب (٣) عما احتج به المرتضى عن الأول ، بأن الإجماع لا يتحقق مع الخلاف ، وعن الثاني إنا نمنع حصول المضرة ، سلمنا ذلك فما الدليل على إنه العلة هي دفع المضرة؟ والخبر الوارد بذلك ضعيف ، وهو ما رواه عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وآله ، بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن ، وقال : لا ضرر ولا ضرار (الحديث) (٤).

نعم يغلب في الظن عليته (عليتها خ) فلا يعارض المتيقن.

وعن رواية يونس بأنها مرسلة ، فلا عمل عليها ، نزلنا عن ذلك ، فالرواية تتضمن الجواز ، والبحث في اللزوم.

وإذا تقرر هذا ، فهل يثبت للوقف على الطلق شفعة؟ قال المرتضى : نعم ، وتابعه أبو الصلاح والمتأخر بناء على مذهبهم ، وقال الشيخ وأتباعه : لا تثبت اعتمادا على الرواية.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٢) هو الشيخ العميد عماد الدين الطوسي ره.

(٣) يعني يجيب الشيخ عن الاستدلالين المذكورين للسيد المرتضى من الإجماع والمضرة.

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ١ من كتاب الشفعة ، وتمامة : وقال : إذا أرفت الحدود وحدت الحدود فلا شفعة.

٣٩١

وهل تثبت فيما ينقل كالثياب والأمتعة؟ فيه قولان ، والأشبه : والاقتصار على موضع الإجماع. وتثبت في الشجر والنخل والأبنية تبعا للأرض.

وفي ثبوتها في الحيوان قولان ، المروي (١) : أنها لا تثبت.

ومن فقهائنا من أثبتها في العبد دون غيره.

ولا تثبت فيما لا ينقسم كالعضائد والحمامات والنهر والطريق الضيق على الأشبه.

ويشترط انتقاله بالبيع فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح أو صداق أو صدقة أو إقرار.

ولو كان الوقف مشاعا مع طلق فباع صاحب الطلق لم يثبت للموقوف عليه.

وقال المرتضى : تثبت ، وهو أشبه.

الثاني في الشفيع.

وهو كل شريك بحصة مشاعة قادر على الثمن ، فلا يثبت لذمي (للذمي على مسلم خ) ، ولا بالجواز ، ولا لعاجز عن الثمن ، ولا فيما قسم وميز إلا بالشركة في الطريق أو النهر إذا بيع أحدهما أو هما مع الشقص.

وتثبت بين شريكين ، ولا تثبت لما زاد ، على أشهر الروايتين.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتثبت بين شريكين ولا تثبت لما زاد على أشهر الروايتين.

روى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من كتاب الشفعة ج ١٧ ص ٣٢١.

٣٩٢

ولو ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام ، فإن لم يحضره بطلت.

ولو قال : إنه في بلد آخر ، أجل بقدر وصوله وثلاثة أيام ما لم يتضرر

______________________________________________________

السلام ، قال لا تكون الشفعة إلا لشريكين ما لم يتقاسما (يقاسما خ) فإذا صاروا ثلاثة ، فليس لواحد منهم شفعة (١).

وعليها فتوى الثلاثة وأتباعهم ، وفتوى علي بن بابويه في الرسالة ، وابنه في المقنع.

وذهب في من لا يحضره الفقيه إلى أنها على عدد الرؤوس ، إلا في الحيوان ، فإنها لا تكون إلا بين اثنين ، عملا بما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا شفعة في حيوان ، إلا أن يكون الشريك فيه واحدا (رقبة واحدة خ) (٢).

وأما أنه على عدد الرؤوس ، فهو في رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : الشفعة على عدد الرجال (٣).

وهو مذهب ابن الجنيد من أصحابنا في الحيوان وغيره ، وهو قول شاذ ، والرواية ضعيفة متروكة ، فلا تعارض الروايات الكثيرة ، فالعمل على الأول ، للروايات  ، ولفتوى الأكثرين ، ولأن الشفعة على خلاف الأصل ، فلا يحكم بها إلا في موضع دليل.

« قال دام ظله » : ولو قال إنه في بلد آخر أجل بقدر وصوله وثلاثة أيام.

تقدير الكلام ، بقدر وصول المال إليه ، ويؤجل بعد الوصول ثلاثة أيام ، وهو في رواية علي بن مهزيار ، عن أبي جعفر الثاني (في حديث) وإن طلب ـ الشفيع ـ الأجل

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٢) الوسائل باب ٧ ذيل حديث ٧ من كتاب الشفعة ، إلا أنه لم ينسبه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام. لا صدرا ولا ذيلا بل قال في صدره : إنه سأله وفي آخره : ثم قال عليه‌السلام ، فلاحظ.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ٥ من كتاب الشفعة.

٣٩٣

المشتري. وتثبت للغائب والسفيه والمجنون والصبي ويأخذ لهم الولي مع الغبطة ، ولو ترك الولي فبلغ الصبي أو أفاق المجنون فله الأخذ.

الثالث في كيفية الأخذ :

ويأخذ بمثل الثمن الذي وقع عليه العقد.

ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجوهر أخذه بقيمته.

______________________________________________________

إلى أن يحمل المال من بلد إلى آخر ، فينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلدة ، وينصرف ، وزياد ثلاثة أيام إذا قدم ، فإن وافاه ، وإلا فلا شفعة له (١).

والشيخ أعرض في النهاية عن ذكر ثلاثة أيام ، واقتصر على التأجيل بقدر وصول المال ، وقد صرح ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه وأبو الصلاح بمضمون (المضمون خ) الرواية ، وهو حسن ، فعليك به.

« قال دام ظله » : ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجوهر (الجواهر خ) أخذه بقيمته ، وقيل : تسقط الشفعة ، استنادا إلى رواية فيها احتمال.

القائل هو الشيخ في الخلاف (٢) قال : لا شفعة في ما لا مثل له ، كالحيوان والثياب ، واستدل ـ بعد الإجماع ـ بأنه لا دليل على ثبوت الشفعة في ذلك.

فأما الرواية ، فهي ما رواه الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣) وقد ذكرناها ، وقال (٤) : (فيها احتمال) لأنها مقصورة على من اشترى دارا (دراهم خ) برقيق ومتاع وبز وجوهر ، فالتعدي إلى غير ذلك من المحتمل ، وكذا يحتمل أن تكون الشركة في الدار.

وقال المفيد : ولو كان الثمن عبدا أو أمة ، فللشريك المطالبة بقيمته ، وكذا في جميع العروض.

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ ذيل حديث ١ من كتاب الشفعة ، إلا أن فيه : وإن طلب الأجل.

(٢) وفي نسخة : في الخلاف والاستبصار.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٤) يعني المصنف قده.

٣٩٤

وقيل : تسقط الشفعة استنادا إلى رواية فيها احتمال.

وللشفيع المطالبة في الحال. ولو أخر لا لعذر بطلت شفعته. وفيه قول آخر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وللشفيع المطالبة في الحال ، ولو أخر لا لعذر ، بطلت شفعته ، وفيه قول آخر.

اختلف الشيخ والمرتضى ، في أن الشفعة هل هي على الفور أم لا؟ قال الشيخ : نعم متى تركها مع القدرة تبطل ، تمسكا بأن الدليل قائم على الفور ، وهو الإجماع ، ولا دليل على التأخير ، فلا يرجع إليه ، وهو اختيار شيخنا دام ظله.

وذهب المرتضى إلى أن الشفعة باقية ولا تسقط إلا بأن يصرح الشفيع بإسقاط حقه ، واستدل بالإجماع ، وبأن الحقوق الثابتة لا تسقط بالإمساك عقلا ونقلا ، فكذا الشفعة لأنها لا تخرج منهما ، واختاره المتأخر وأبو الصلاح.

والأول هو الوجه ، لأنا لو جوزنا ذلك ، لأدى (يؤدي خ) إلى الإجحاف بالمشتري والأضرار ، وهو منفي بقوله عليه‌السلام : لا ضرر ولا ضرار (١).

(لا يقال) : يسقط الإضرار بعرض المبيع على الشفيع (لأنا نقول) : نفرض فيمن لم يعرض ، والعرض ليس بلازم له ، حتى يكون المشتري هو المدخل الضرر على نفسه.

والجواب عن دعوى الإجماع قد كرر (٢) وعن قوله : (إن الحقوق لا تسقط بالإمساك) إنا لا نسلم ذلك إلا لدليل (بدليل خ) على أن مثل ذلك ثابت في الشرع ، نحو سقوط حق الرد بالعيب في الزوجية بالتأخير مع العلم (٣).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٣ من كتاب إحياء الموات ، وباب ٥ حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٢) من أن ما هو محل الخلاف لا يستدل عليه بالإجماع.

(٣) يعني أن العيوب المجوزة للفسخ في الزوج والزوجة موجبة لسقوط حق الرد ، مع أن حق الرد فوري.

٣٩٥

ولو كان لعذر لم تبطل.

وكذا لو توهم زيادة ثمن أو جنسا من الثمن فبان غيره. ويأخذ الشفيع من المشتري ، ودركه عليه.

ولو انهدم المسكن أو عاب بغير فعل المشتري أخذ الشفيع بالثمن أو ترك ، وإن كان بفعل المشتري أخذ بحصته من الثمن.

ولو اشترى بثمن مؤجل قيل : هو بالخيار بين الأخذ عاجلا والتأخير ، وأخذه بالثمن في محله.

وفي النهاية يأخذ الشقص ويكون الثمن مؤجلا ويلزمه كفيلا إن لم يكن مليا (مليئا خ) وهو أشبه.

ولو دفع إليه الشفيع الثمن قبل حلوله لم يلزم (البائع خ) أخذه.

ولو ترك الشفيع قبل البيع لم تبطل.

أما لو شهد على البائع أو بارك للمشتري أو البائع أو أذن في البيع

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اشترى بثمن مؤجل ، قيل : هو بالخيار بين الأخذ عاجلا والتأخير ، إلى آخره.

هذا القول للشيخ في الخلاف والمبسوط (وما) ذكره في النهاية ، أن الثمن يكون مؤجلا (الثمن مؤجل خ) ويقيم كفيلا ، لو لم يكن مليا (أشبه) (١) لأنه استحق المبيع بالشراء ، فيأخذه ويقيم كفيلا مع عدم الملاءة ، تحصيلا لوثوق البايع ، (المشتري خ) وهو اختيار المفيد في المقنعة والمتأخر.

« قال دام ظله » : أما لو شهد على البائع ، أو بارك للمشتري ، أو البائع ، أو أذن في

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ التي عندنا ، ولا يخفى ما فيه من الحزازة ، ولكن عبارة النهاية هكذا : وإن بيع الشئ نسيئة كان عليه الثمن كذلك إذا كان مليا ، فإن لم يكن مليا وجب عليه إقامة كفيل بالمال (انتهى).

٣٩٦

ففيه تردد ، والسقوط أشبه.

ومن اللواحق مسألتان

(الأولى) قال الشيخ : الشفعة لا تورث.

وقال المفيد وعلم الهدى : تورث ، وهو أشبه. ولو عفا أحد الوراث (الورثة خ) من (عن خ) نصيبه أخذه الباقون ولم تسقط.

(الثانية) لو اختلف المشتري والشفيع في الثمن فالقول قول المشتري مع يميته لأنه ينتزع الشئ من يده.

______________________________________________________

البيع ، ففيه تردد ، والسقوط أشبه.

منشأ التردد ، النظر إلى أن الإشهاد والمباركة (١) لا يدلان على الإسقاط صريحا.

والوجه السقوط ، لأن الشفعة لدفع الضرر ، فالحضور مع السكوت يدل على الرضا بذلك ، فيكون مسقطا ، ولأن المباركة قلما تقع إلا عن (على خ) التراضي ، وهو اختيار الشيخين وابني بابويه وأتباعهم.

ولقائل أن يقول : لا نسلم أن الحضور الموصوف يدل على الرضا ، لجواز قيام المانع من النطق.

ومن اللواحق

« قال دام ظله » : قال الشيخ : الشفعة لا تورث ، وقال المفيد وعلم الهدى : تورث ، وهو الأشبه.

ذهب الشيخ في النهاية والخلاف في كتاب الشفعة إلى أنها لا تورث ، استنادا إلى رواية طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام ، قال : قال

__________________

(١) بأن يقول الشفيع للمشتري : بارك الله لك في هذا البيع.

٣٩٧

______________________________________________________

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الشفعة لا تورث (١).

ذكرها هو في التهذيب وابنا بابويه في من لا يحضره الفقيه والمقنع ، وقد قدمناها بتمامها.

وتمسكا بأنه لا دليل على ثبوتها ، فتمنع.

والجواب عن الرواية الطعن في سندها ، فإن طلحة بتري لا يوثق بما (على ماخ) ينفرد به.

وعن قوله : (لا دليل على ثبوتها) إن عموم آيات المواريث دالة عليها من قوله تعالى : (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) (٢) وقوله : (فلها نصف ما ترك) (٣) ، (فلهن ثلثا ما ترك) (٤) وغير ذلك.

وجه الاستدلال أن الشفعة حق للميت ، فتورث كسائر الحقوق ، لعدم المخصص.

(لا يقال) : الشفعة تبطل بالموت ، فلا يصدق عليها التركة (الترك) لأنا نقول هذه مصادرة.

فالوجه ما ذهب إليه المرتضى والمفيد ، لما ذكرنا ، وهو اختيار المتأخر ، وشيخنا دام وجوده ، وإليه ذهب الشيخ في كتاب البيوع من الخلاف ، قال : مسألة ، خيار الثلث موروث ، ولا ينقطع بالوفاة (٥).

وكذلك إذا مات الشفيع قبل الأخذ بالشفعة ، قام وارثه مقامه ، واستدل بأن الخيار حق للميت يورث كسائر الحقوق ، فمن أخرجه يحتاج إلى دليل.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ ذيل حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٢) النساء ـ ١١.

(٣) النساء ١٧٥.

(٤) النساء ـ ١٠.

(٥) قال في الخلاف ـ في كتاب البيوع ـ مسألة ٣٦ خيار الثلاث موروث سواء كان لهما أو لأحدهما ويقوم الوارث مقامه ، ولا ينقطع الخيار بوفاته (ج ٢ ص ١٢ من مطبعة الحكمة ـ قم).

٣٩٨

كتاب إحياء الموات

٣٩٩

كتاب إحياء الموات

والعامر ملك لأربابه لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنهم

وكذا ما به صلاح العامر كالطريق والشرب (والقناة خ) والمراح.

والموات ما لا ينتفع به لعطلته مما لم يجر عليه ملك أو ملك وباد أهله ، فهو للإمام عليه‌السلام لا يجوز إحياؤه إلا بإذنه ، ومع إذنه يملك بالإحياء.

ولو كان الإمام عليه‌السلام غائبا فمن سبق إلى إحيائه كان أحق به ، ومع وجوده له رفع يده.

ويشترط في التملك بالإحياء : أن لا يكون في يد مسلم ، ولا حريما لعامر ، ولا مشعرا للعبادة كعرفة ومنى ، ولا مقطعا ولا محجرا ، والتحجير يفيد أولوية لا ملكا مثل أن ينصب عليها ميرزا.

وأما الإحياء فلا تقدير للشرع فيه ويرجع في كيفيته إلى العادة.

ويلحق بهذا مسائل

(الأولى) الطريق المبتكر في المباح إذا تشاح أهله فحده خمسة أذرع ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الطريق المبتكر في المباح ، إذا تشاح أهله ، فحده خمس أذرع ،

٤٠٠