كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ويستحب للمرأة أن تستأذن أباها بكرا أو ثيبا ، وأن توكل أخاها إذا لم يكن لها أب ولا جد ، وأن تعول على الأكبر وأن تختار خيرته من الأزواج.

الفصل الثالث في أسباب التحريم ، وهي ستة :

(الأول) النسب : ويحرم به سبع : الأم وإن علت ، والبنت وإن سفلت ، والأخت ، وبناتها وإن نزلن ، والعمة وإن ارتفعت ، وكذا الخالة ، وبنات الأخ وإن هبطن.

(الثاني) الرضاع : ويحرم منه ما يحرم من النسب. وشروطه أربعة :

الأول : أن يكون اللبن عن نكاح.

فلو در أو كان عن زنا لم ينشر.

الثاني : الكمية : وهي ما أنبت اللحم وشد العظم ، أو رضاع يوم وليلة.

______________________________________________________

واستدل الشيخ بما روي عن الكاهلي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه سأله عن رجل زوجته أمه ، وهو غائب؟ قال : النكاح جائز ، إن شاء المتزوج قبل ، وإن شاء ترك ، فإن ترك المتزوج تزويجه ، فالمهر لازم لأمه (١).

والجواب عنه ، هذه رواية شاذة ، وفي طريقها من (٢) هو مجهول الحال.

وقال شيخنا : يمكن حمل الرواية علي أن الأم ادعت الوكالة عن الولد ، فيلزمها المهر ، لأنها غار (غارة خ) وتدعي الصحة ، ولا بينة لها على الوكالة.

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب عقد النكاح.

(٢) وهو ـ على ما في تنقيح المقال ج ٢ ص ١٣٤ نقلا من النجاشي ـ إسماعيل بن سهل الدهقان ، وفيه إسماعيل سهل الدهقان ضعفه أصحابنا (انتهى).

١٢١

ولا حكم لما دون العشر.

وفي العشر روايتان ، أشهرهما : أنه لا ينشر.

ولو رضع خمس عشرة رضعة نشر.

ويعتبر في الرضعات قيود ثلاثة : كمال الرضعة ، وامتصاصها من الثدي ، وأن لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة.

______________________________________________________

في الرضاع

« قال دام ظله » : وفي العشر روايتان ، أشهرهما أنه (أنها خ) لا ينشر.

أقول : بحسب الروايتين قولان ، فذهب الشيخ إلى أنه لا يحرم أقل من خمس عشرة رضعة متواليات وعليه أتباعه ، روى ذلك هشام بن سالم ، عن عمار بن موسى الساباطي ، عن جميل بن صالح ، عن زياد بن سوقة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : هل للرضاع حد يؤخذ به؟ قال : لا يحرم الرضاع أقل من يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متواليات ، من امرأة واحدة ، من لبن فحل واحد ، لم يفصل بينهما (بينها خ) رضعة امرأة غيرها ، فلو أن امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد ، وأرضعتها (أرضعتهما خ) امرأة أخرى ، من فحل آخر عشر رضعات ، لم يحرم نكاحها (نكاحهما خ) (١).

وقال المفيد : يحرم عشر رضعات متواليات ، واختاره سلار وأبو الصلاح ، وابن أبي عقيل.

وما وردت به رواية دالة عليه صريحا ، بل يدل عليه فحوى روايتين (إحداهما) ما رواه هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا يحرم من الرضاع إلا ما شد العظم ، وأنبت اللحم ، فأما الرضعة والرضعتان

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

١٢٢

______________________________________________________

والثلاث ، حتى بلغ عشرا ، إذا كن متفرقات فلا بأس (١).

والأخرى رواها معاوية بن وهب ، عن عبيد بن زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام (إلى أن قال) : فما الذي يحرم من الرضاع؟ فقال : ما انبت اللحم والدم ، فقلت : وما الذي ينبت اللحم والدم؟ فقال : كأن يقال : عشر رضعات ، قلت : فهل يحرم عشر رضعات ، فقال : دع هذا (ذائل) ، وقال : ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع (٢).

فإن الرواية الأولى لا تدل على محل النزاع ، إلا بدليل الخطاب ، وهو ضعيف ، والثانية لا يقول عليه‌السلام هو نفسه (٣) وقوله عليه‌السلام : (دع ذا) أيضا يدل على أنه عليه‌السلام غير قائل به.

على أنهما معارضتان بما ذكرنا ، وبما رواه الشيخ في سند صحيح ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت : ما يحرم من الرضاع؟ قال : ما انبت اللحم وشد العظم ، قلت : فيحرم عشر رضعات؟ قال : لا لأنها (لأنه خ ئل) لا تنبت اللحم ولا تشد العظم عشر رضعات (٤).

وروي أيضا مرفوعا (٥) إلى عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، يقول : عشر رضعات لا يحرمن شيئا (٦).

وإذا تقرر هذا فمذهب الشيخ أبي جعفر أشبه ، وهو المختار.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١٩ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١٨ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(٣) يعني أن الإمام عليه‌السلام لم يحكم بعشر رضعات بل نسبه إلى القول ، بقوله عليه‌السلام : كأن يقال.

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(٥) ليس المراد الرفع المصطلح كما قدمناه غير مرة.

(٦) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

١٢٣

الثالث : أن يكون في الحولين ، وهو يراعى في المرتضع دون ولد المرضعة على الأصح.

______________________________________________________

أما (أولا) فلأن الروايات به أكثر وأصح.

وأما (ثانيا) فلأن الأصل عدم التحريم ، ترك العمل به في خمس عشرة رضعة للإجماع ، فالباقي على أصله ، وإنما قلنا : الإجماع حاصل على خمس عشرة رضعة ، لأن كل من يقول : بتحريم عشرة فهو قائل بتحريم خمس عشرة ، ولا ينعكس.

ورأيت المتأخر مترددا في هذا المسألة ، اختار في الباب الأول من كتاب النكاح تحريم العشرة ، مستدلا بما لا طائل له ، فلا ينبغي أن يذكر ، واختار في باب الرضاع تحريم (١) خمس عشرة متمسكا بالإجماع.

« قال دام ظله » : الثالث أن يكون في الحولين ، وهو يراعى في المرتضع ، دون ولد المرضعة ، على الأصح.

أقول : مراعاته في المرتضع مجمع عليها ، وفتوى الأصحاب على أنه لا يعتبر في ولد المرضعة ، إلا أبا الصلاح ، فإنه قال : شرط تحريم الرضاع أن يكون الراضع والمرتضع من أبيه ينقص سنهما عن الحولين.

وكان شيخنا يحكي ذلك في الدرس ، عن ابن بابويه ، وما وقفت عليه ، نعم ذكر في من لا يحضره الفقيه ، ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا رضاع بعد فطام (٢). وفسره ، فقال : معناه إذا ارتضع الصبي حولين ثم شرب بعد ذلك من أخرى ، لم يحرم ذلك الرضاع ، لأنه بعد فطام.

فكأن شيخنا يشير إلى هذا ، وهو كما ترى ، والأشبه ما قدمناه.

__________________

(١) (القول بتحريم خ).

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ١ و ٩ و ١١ و ١٢ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

١٢٤

الرابع : أن يكون اللبن لفحل واحد ، فيحرم الصبيان يرتضعان بلبن واحد ولو اختلفت المرضعتان ، ولا يحرم لو رضع كل واحد من لبن فحل آخر وإن اتحدت المرضعة.

ويستحب أن يتخير للرضاع المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة ، ولو اضطر إلى الكافرة استرضع الذمية ، ويمنعها من شرب الخمر ولحم الخنزير.

ويكره تمكينها من حمل الولد إلى منزلها.

ويكره استرضاع المجوسية ، ومن لبنها عن زنا ، وفي رواية : إذا أحلها مولاها طاب لبنها (١).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويكره استرضاع المجوسية ومن لبنها من زنا ، وفي رواية : إذا أحلها مولاها طاب لبنها.

هذه رواها محمد بن يعقوب الكليني ـ في كتابه ، عن ثقات عن محمد بن مسلم (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في المرأة يكون لها الخادم قد فجرت ، فيحتاج إلى لبنها ، قال : مرها فتحللها يطيب (فيطيب خ) اللبن (٣).

ومثلها رواها البزنطي في كتابه الجامع ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن غلام لي وثب على جارية لي فأحبلها ، فولدت ، واحتجنا إلى لبنها ، فإن أحللت لهما ما صنعا أيطيب لبنها؟ قال : نعم. (٤)

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٣٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء ج ١٤ ص ٥٤٢.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، ولكن سند الحديث كما في الكافي والتهذيب والوسائل هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وجميل بن دراج وسعد بن أبي خلف ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فلاحظ).

(٣) الوسائل باب ٧٥ حديث ٣ و ٥ من أبواب أحكام الأولاد.

(٤) الوسائل باب ٧٥ حديث ٣ و ٥ من أبواب أحكام الأولاد.

١٢٥

وهنا مسائل

(الأولى) إذا كملت الشرائط صارت المرضعة أما ، وصاحب اللبن أبا ، وأختها خالة وبنتها أختا ، ويحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا على المرتضع وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.

(الثانية) لا ينكح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا لأنهم في حكم ولده.

وهل ينكح أولاده الذين لم يرتضعوا في أولاد هذا الفحل؟ قال في الخلاف : لا ، والوجه الجواز :

______________________________________________________

وفي النهاية ، لو كانت له أمة قد ولدت أو كانت ولدت من الزنا (واحتاج إلى لبنها يه) ، فيجعلها في حل من فعلها ، ليطيب (بذلك يه) لبنها.

فيسأل هنا إذا كانت ولدت من الزنا فتكون أمها زانية ، فلا تأثير لحل الأمة.

والجواب أن في بعض نسخ النهاية (وكانت ولدت من الزنا) بغير ألف (١) وعلى هذا لا إشكال.

وبتقدير ثبوت الألف ، يفرض إذا كانت الأمة وأمها مملوكتين له ، فيجعل المالك ، الزانية في حل ، أمة كانت أو أمها ، والضمير راجع إلى الزانية ، لدلالة الكلام عليها.

« قال دام ظله » : وهل تنكح أولاده الذين لم يرتضعوا في أولاد هذا الفحل (٢)؟ قال : في الخلاف : لا ، والوجه الجواز.

أقول : الضمير في قوله : (أولاده) راجع إلى أب المرتضع ، الذي في المتن

__________________

(١) يعني أن بعض نسخ النهاية (وكانت) بدل (أو كانت).

(٢) (وفي أولاد هذه المرضعة وأولاد فحلها) كذا في النسخة المطبوعة.

١٢٦

______________________________________________________

الذي ذكره في مسألة قبل هذه.

والأشبه فيها ، أن أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا لا يحرمون على أب المرتضع لقولهم عليهم السلام. يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. (١)

وهنا لا يحرم من النسب ، فلا يحرم من الرضاع.

لكن ذهب الشيخ في النهاية والخلاف وأتباعه إلى تحريم ذلك ، تمسكا بما رواه علي بن مهزيار ، قال : سأل عيسى بن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني عليه السلام ، عن امرأة أرضعت لي صبيا ، فهل يحل لي أن أتزوج بنت (ابنة خ) زوجها؟ فقال : ما أجود ما سألت؟ من ههنا يؤتى أن يقول الناس حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل ، هذا هو لبن الفحل لا غيره ، فقلت له : إن الجارية ليست بنت (ابنة خ) المرأة التي أرضعت لي ، هي ابنة (بنت خ) غيرها ، فقال : لو كن عشرا متفرقات ما حل لك شئ منهن ، وكن في موضع بناتك (٢).

وبما ذكره الشيخ في التهذيب ، عن أيوب بن نوح ، قال : كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السلام ، امرأة أرضعت بعض ولدي ، هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها؟ فكتب عليه السلام : لا يجوز ذلك لأن ولدها صاروا (صارت ئل) بمنزلة ولدك (٣).

وما أعرف في هذه المسألة مخالفا ، فهي مشهورة بين الأصحاب ، وعليها العمل.

فأما أولاد أب المرتضع الذين هم إخوة المرتضع ، فلا أرى وجها في منع نكاحهم في أولاد صاحب اللبن ، لأنه لا يحرم من النسب.

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ١ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١٠ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

١٢٧

(الثالثة) لو تزوج رضيعة فأرضعتها امرأته حرمتا إن كان دخل بالمرضعة وإلا حرمت المرضعة حسب.

ولو كان له زوجتان فأرضعتها واحدة حرمتا عليه مع الدخول ، ولو أرضعتها لأخرى فقولان ، أشبههما : أنها تحرم أيضا.

______________________________________________________

ومثاله في النسب ، زيد له ابن ، وزينب لها بنت (ابنة خ) ، فتزوج زيد بزينب ، وأولد منها (أولدها خ) ولد ، ثم مات زيد أو طلقها ، وتزوجت زينب برجل آخر ، وأتى لها منه ولد ، فهذا الولد يجوز أن ينكح في ابن زيد الذي ولد (ولده خ) من غير زينب.

وإذا لم يحرم من النسب ، فلا يحرم من الرضاع ضرورة.

وصرح الشيخ في النهاية بالتحريم ، وكذلك يظهر التحريم من فحوى كلامه في الخلاف ، لا من ظاهره ، وحكايته إذا حصل الرضاع المحرم لم يحل للفحل نكاح أخت هذا المولود المرتضع بلبنه ، ولا لأحد من أولاده من غير المرضعة ومنها لأن إخوته وأخواته صاروا بمنزلة أولاده.

ونحن نطالب الشيخ بوجه التحريم ، والأصل يقتضي الحل ، وعليه فتوى شيخنا والمتأخر.

« قال دام ظله » : ولو كان له زوجتان فأرضعتها واحدة ، حرمتا عليه مع الدخول ، ولو أرضعتها الأخرى ، فقولان ، أشبههما أنها تحرم أيضا.

أقول : الضمير في قوله : (فأرضعتها) راجع إلى الرضيعة ، لأن تقدير الكلام ، له زوجتان إحداهما رضيعة ، وحذف لأن ما قبل الكلام يدل عليه.

وفي قوله : (حرمتا) الضمير فيه راجع إليهما ، وقوله : (ولو أرضعتها الأخرى) تقديره ، زوجة أخرى غير الزوجتين ، الرضيعة والمرضعة.

والقولان للشيخ في المبسوط : بتحريم المرضعة الثانية ، واختاره شيخنا والمتأخر.

١٢٨

ولو تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأته حرمن كلهن إن كان دخل بالمرضعة ، وإلا حرمت المرضعة.

(السبب الثالث) في المصاهرة : والنظر في الوطء والنظر ، واللمس.

أما الأول : فمن وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أم الموطوءة وإن علت وبناتها وإن سفلن ، سواء كن قبل الوطء أو بعده ، وحرمت الموطوءة على أب الواطئ وإن علا وأولاده وإن نزلوا.

ولو تجرد العقد عن الوطء حرمت أمها على الواطئ عينا على الأصح.

______________________________________________________

وهو أشبه ، لأنها إذا أرضعتها فقد صارت أم من كانت زوجته ، فتدخل تحت عموم قوله تعالى : (وأمهات نسائكم) (١).

وقال في النهاية : لا تحرم المرضعة الثانية.

ووجهه أنها أرضعتها بعد انفساخ العقد ، بإرضاع الأولى.

وكذا الحكم ، لو أرضعت زوجة له زوجتين رضيعتين ، فتحرم الكبيرة والرضيعتان مع الدخول.

السبب الثالث : المصاهرة

« قال دام ظله » : ولو تجرد العقد عن الوطء ، حرمت أمها على الواطئ عينا ، على الأصح.

قوله : (على الأصح) احتراز عما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، وحماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الأم والبنت سواء ، إذا لم يدخل بها ، يعني إذا تزوج المرأة ثم طلقها ، قبل أن يدخل بها ، فإنه إن

__________________

(١) النساء ـ ٢٢.

١٢٩

وبنتها جمعا لا عينا ، فلو فارق الأم حلت البنت.

ولا تحرم مملوكة الابن على الأب بالملك ، وتحرم بالوطء.

وكذا مملوكة الأب.

ولا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الآخر ما لم يكن عقد أو تحليل ، نعم ويجوز أن يقوم الأب مملوكة ابنه الصغير على نفسه ثم يطأها.

ومن توابع هذا الفصل تحريم أخت الزوجة جمعا لا عينا.

وكذا بنت أخت الزوجة وبنت أخيها ، فإن أذنت إحداهما صح.

ولا كذا لو أدخل العمة أو الخالة على بنت الأخ أو الأخت.

______________________________________________________

شاء تزوج أمها ، وإن شاء بنتها (١).

ومما رواه محمد بن يعقوب ، في سند صحيح مرفوعا (٢) إلى منصور بن حازم ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة ، فماتت قبل أن يدخل بها ، أيتزوج بأمها؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام ، قد فعله رجل منا ، فلم يربه بأسا ، الحديث (٣).

فقال الشيخ : هذان الخبران وردا شاذين ، مخالفين لكتاب الله ، وهو قوله : (وأمهات نسائكم) ، الآية (٤) ، فلا يعمل بهما ، لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وآله ، وعن الأئمة عليهم‌السلام ، إذا جاءكم عنا حديث فاعرضوه على كتاب الله فإن (فما خ) وافق (وافقه خ) فأخذوه (فخذوه خ) وما خالف (خالفه خ) فاطرحوه ، أو ردوه علينا (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٢) يعني متصلا سنده إلى منصور ، لا الرفع المصطلح في الدراية.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٤) النساء ـ ٢٣.

(٥) راجع الوسائل كتاب القضاء باب ٩ و ١٣ و ١٥ و ١٦ وغيرها من أبواب آداب القاضي ، مما

١٣٠

ولو كان عنده العمة أو الخالة فبادر بالعقد على بنت الأخ أو الأخت كان العقد باطلا.

______________________________________________________

ثم في سند الحديث الأول اضطراب ، فإن جميلا وحمادا (تارة) يرويانه (يرويان خ ل) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، بلا واسطة (وتارة) بواسطة الحلبي (١).

وقيل (٢) : إن الخبرين وردا للتقية فإنه عمل (به خ) بعض الجمهور.

والضابط أنهما متروكان ، والعمل على أن بمجرد العقد على البنت تحرم الأم لقوله تعالى : (وأمهات نسائكم) (٣) والروايات الصحيحة الواردة (٤) بالتحريم فمن شاء فليطلبها في التهذيب والاستبصار ، فإنا في هذا الموضع مستغنون عن ذكرها.

« قال دام ظله » : ولو كان عنده العمة أو الخالة ، فبادر بالعقد على بنت الأخ أو الأخت ، كان العقد باطلا ، وقيل : تتخير العمة أو الخالة بين الفسخ والامضاء ، أو فسخ عقدها.

__________________

ورد في هذا المعنى ـ ج ١٨ من الطبع الحديث).

(١) من قول الشارح قده : هذان الخبران إلى هنا مضمون كلام الشيخ في التهذيب لا عين عباراته راجع التهذيب باب ما أحل الله النكاح.

وأما قوله قده : (وتارة بواسطة الحلبي) إنأريدأن خصوص هذا الخبر قدنقله حمادوجميل مرتين (تارة) عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وأخرى) عن الحلبي كما يشهد له قوله قده : (يرويانه) على ما في أكثر النسخ بالضمير العائد إليه ، فلم نعثر عليه بعد التتبع.

وإن أريد أن جميلا وحمادا يرويان الحديث مطلقا ، ولو في غير هذا المقام عن الحلبي ، كما يشهد له كون العبارة (يرويان) بلا ضمير على ما في بعض النسخ ، فنقول : إن حمادا وإن كان يروي عن الحلبي لكن لم نعثر على رواية جميل عنه سواء كان المراد جميل بن دراج أو جميل بن صالح والله العالم.

(٢) هذا القول احتمله الشيخ أيضا في الاستبصار ، بقوله ره : ويمكن أن يكون الخبران وردا على ضرب من التقية (انتهى).

(٣) النساء ٢٣.

(٤) لاحظ الوسائل باب ٢٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٣١

______________________________________________________

أقول : اختلفت عبارات الأصحاب في هذه المسألة ، فذهب الشيخان وسلار إلى أنه لا يجوز تزويج المرأة على عمتها وخالتها إلا بإذنهما ، فإن بادر بغير الإذن فلهما التخيير بين ثلاثة أشياء : إما فسخ عقد المرأة ، أو فسخ عقد نفسها والاعتزال بغير طلاق ، أو إمضاء عقد المرأة.

وقال علم الهدى في الانتصار : لا يجوز العقد على بنت الأخ أو الأخت إلا مع إذنهما (إذنها خ) واقتصر على هذا.

وقال أبو الصلاح : يتوقف العقد على إذنهما ، وهو قريب من مقالة المرتضى.

فأقول : المتفق عليه أن العقد بغير إذن (الإذن خ) منهي عنه.

ومستنده روايات (فمنها) ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : لا تتزوج ابنة الأخت على خالتها إلا بإذنها ، وتزوج الخالة على ابنة (بنت خ) الأخت بغير إذنها. (١)

(ومنها) ما رواه الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها ، ولا على أختها من الرضاعة (٢).

(ومنها) ما رواه السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام ، إن عليا أتي برجل تزوج امرأة (بامرأة خ) على خالتها فجلده ، وفرق بينهما. (٣)

فأما التخيير بين الفسخ والامضاء ، فما أعرف مستنده.

والأشبه القول ببطلان العقد ، عملا بالروايات ، والتوقف في تسلطهما على الفسخ والامضاء طلبا للدليل ، وهو اختيار شيخنا وصاحب البشرى (٤) معترفين بعدم الاطلاع على ما يوجب التخيير المذكور.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٠ حديث ٦ و ٨ و ٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٢) الوسائل باب ٣٠ حديث ٦ و ٨ و ٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٣) الوسائل باب ٣٠ حديث ٦ و ٨ و ٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٤) هو أخو السيد ابن طاووس المعروف قدس‌سرهما.

١٣٢

وقيل : تتخير العمة أو الخالة بين الفسخ والامضاء أو فسخ عقدها.

وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردد ، أشبهه أنه لا يحر م.

وأما الزنا فلا تحرم الزانية ولا الزوجة وإن أصرت على الأشهر.

______________________________________________________

وقال المتأخر : العمة أو الخالة مخيرة بين الفسخ والامضاء والاعتزال ، فإن أمضت كان ماضيا.

ومقتضى مذهبنا أنه يحتاج إلى استئناف عقد جديد ، لأن العقد الأول منهي عنه ، وشيخنا متردد في استئناف العقد ، والأحوط الاستئناف.

« قال دام ظله » : وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردد ، أشبهه أنه لا يحرم.

أقول : منشأ التردد من النظر إلى أن الوطء الصحيح ينشر تحريم المصاهرة ، فكذا ما هو في حكمه ، وهو الذي اختاره الشيخ في المبسوط.

والأشبه إن حمله على النكاح الصحيح والزنا قياس ، والأصل عدم التحريم ، فلا يذهب إليه ، وهو الذي اختاره شيخنا والمتأخر (١).

« قال دام ظله » : وأما الزنا فلا تحرم الزانية ، ولا الزوجة ، وإن أصرت على الأشهر.

أقول : لا خلاف أن مع عدم الإصرار لا تحرم على الزوج ، وأما مع الإصرار ، اختلفت الأقوال ، قال سلار : متى أصرت تحرم.

ولعله استند إلى ما رواه عثمان بن عيسى ، عن أبي المعزا ، عن الحلبي ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ، ولا يتزوج الرجل المعلن بالزنا ، إلا بعد أن تعرف منهما التوبة (٢).

وهي بعيدة عن محل النزاع.

__________________

(١) (المتأخر وشيخنا رحمه‌الله خ).

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، وفيه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي المعزا ... الخ.

١٣٣

وهل ينشر حرمة المصاهرة؟ قيل : نعم إن كان سابقا ، ولا ينشر إن كان لاحقا ، والوجه : أنه لا ينشر.

______________________________________________________

وقال المفيد : لا يجوز إمساكها مع الإصرار ، إلا أن تظهر التوبة.

والأشبه أنها لا تحرم ، لكن (إلا أنه خ) يستحب للرجل طلاقها.

ويدل على عدم التحريم الأصل ، وما رواه عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد صلوات الله عليهما ، قال : لا بأس أن يمسك الرجل امرأته ، إن رآها تزني ، إذا كانت تزني ، وإن لم يقم عليها الحد ، فليس عليه من إثمها شئ (١).

وهو اختيار الشيخ وأتباعه والمتأخر.

« قال دام ظله » : وهل ينشر حرمة المصاهرة؟ قيل : نعم ، إن كان سابقا ، ولا ينشر إن كان لاحقا ، والوجه أنه لا ينشر.

أقول : ذهب الشيخ رحمه‌الله إلى أنه متى فجر بامرأة حرمت (حرم خ) عليه أمها وبنتها.

ومستنده ما ذكره في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام أنه سئل عن رجل يفجر بالمرأة ، أيتزوج ابنتها؟ قال : لا ، ولكن إن كانت عنده امرأة ، ثم فجر بأمها أو أختها لم تحرم عليه التي عنده (٢).

وما رواه الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل باشر امرأة وقبل ، غير أنه لم يفض إليها ، ثم يتزوج ابنتها؟ قال : إذا (إن خ) لم يكن أفضى إلى الأم فلا بأس ، وإن كان أفضى إليها فلا يتزوج بابنتها. (٣)

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٣٤

ولو زنى بالعمة أو الخالة حرمت عليه بناتهما.

______________________________________________________

وذهب المفيد وسلار إلى أنه لا يحرم ، واختاره الشيخ في التبيان ، والمتأخر ، وحكي ذلك عن المرتضى ، وهو مقتضى الأصل ، وبه عدة روايات ، ولنذكر بعضها (بعضا منها خ).

(فمنها) ما رواه ابن أبي عمير ، عن هشام بن المثنى ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال له رجل : رجل فجر بامرأة أتحل له ابنتها؟ قال : نعم ، إن الحرام لا يفسد الحلال (١).

وما رواه صفوان ، عن حنان بن سدير ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ، إذ سأله سعيد ، عن رجل تزوج امرأة سفاحا هل تحل له ابنتها؟ قال : نعم ، إن الحرام لا يحرم الحلال (٢).

وحمل الشيخ هذه الروايات على كون عقد البنت سابقا على الزنا.

والذي أتحققه أن مع تعارض الروايات ، الرجوع إلى الأصل ، وعمومات القرآن أولى ، كقوله تعالى : (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) (٣) ، وغير ذلك من الآيات.

ويحرم بالمصاهرة أربعة ، الأم والبنت على الزوج ومنكوحة الأب على الابن ومنكوحة الابن على الأب فهذا معنى قولهم : تحرم المصاهرة.

« قال دام ظله » : ولو زنى بالعمة أو الخالة حرمت عليه بناتهما.

أقول : الاعتماد في ذلك على عمل الأصحاب من الثلاثة ، (٤) وسلار وأتباعهم.

ويدل على ذلك ما رواه علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن أبي حمزة ومحمد

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٣) النساء ـ ٣.

(٤) وهم المفيد والشيخ الطوسي والسيد المرتضى قدس الله أسرارهم ، كما صرح به في ديباجة الكتاب.

١٣٥

وأما اللمس والنظر بما لا يجوز لغير المالك (فمنهم) من نشر به الحرمة على أب اللامس والناظر وولده.

(ومنهم) من خص التحريم بمنظورة الأب ، والوجه الكراهية في ذلك كله.

______________________________________________________

بن زياد ، عن أبي أيوب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سأله محمد بن مسلم ، وأنا جالس ، عن رجل نال من خالته وهو شاب ، ثم ارتدع ، أيتزوج بنتها؟ قال : لا ، قال : إنه لم يكن أفضى إليها ، إنما كان شئ دون ذلك ، قال : كذب (١).

وقال المتأخر : إن حصل في ذلك إجماع ، فهو مسلم ، وإلا فعمل المذكورين ليس حجة.

قلت : هذا مما اشتهر بين الأصحاب ، ولا مخالف له فيجب العمل به.

« قال دام ظله » : ومنهم من خص التحريم بمنظورة الأب ، والوجه الكراهية في ذلك كله.

هذا المشار إليه هو المفيد في المقنعة ، وأبو الصلاح ، وهو في رواية الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا جرد الرجل الجارية ، ووضع يده عليها ، فلا تحل لابنه (٢).

وفي رواية جميل بن دراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل ينظر إلى الجارية ، يريد شراءها ، أتحل لابنه؟ فقال : نعم ، إلا أن يكون نظر إلى عورتها (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٣٦

______________________________________________________

وقال الشيخ في النهاية : إذا وطأ الابن أو الأب (والأب خ) جارية كل واحد منهما ، أو نظر إلى ما يحرم على غير مالكها ، أو قبلا بشهوة حرم (يحرم خ) عقد الآخر عليها.

وقال في المبسوط : النظر إلى الفرج ينشر تحريم المصاهرة.

وقال المتأخر : يحرم بالجماع ، لا بالنظر واللمس في الأب والابن ، وحكي ذلك عن المفيد وسلار.

وأما المفيد فقد ذكرنا كلامه ، وأما سلار ، فإنه قال : وروي تحريم منظورة الأب على الابن ، إذا كان النظر يحرم على غير المالك وبما قاله الشيخ ، يشهد ما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام ، عن الرجل تكون له الجارية ، فيقبلها ، هل تحل لولده؟ فقال : بشهوة؟ قلت : نعم ، قال : ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوة ، ثم قال : ابتداء منه إن جردها فنظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه (١).

وروى ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه في هذه المعنى ، في سند صحيح ، يرفعه إلى عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل تكون عنده الجارية يجردها ، وينظر إلى جسدها (جسمها خ) نظر شهوة ، هل تحل لأبيه؟ وإن فعل أبوه هل تحل لابنه؟ قال : إذا نظر إليها نظر شهوة ، ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحل لابنه ، فإن فعل ذلك ، الابن ، لم تحل لأبيه (للأب خ). (٢)

وأما استناد المتأخر إلى قوله : فانكحوا ما طاب لكم من النساء (٣) وقوله : أو ما ملكت أيمانكم (٤) فالجواب أن تخصيص العموم جائز ، بالأحاديث الصحيحة

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، وتمامه : قلت : إذا نظر إلى جسدها؟ فقال : إذا نظر إلى فرجها وجسدها بشهوة حرمت عليه.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة (٣) و (٤) النساء ـ ٣.

١٣٧

ولا يتعدى التحريم إلى أم الملموسة والمنظورة ولابنتهما.

ويلحق بهذا الباب مسائل

(الأولى) لو ملك أختين فوطأ واحدة حرمت الأخرى.

______________________________________________________

المشهورة بين الأصحاب.

« قال دام ظله » : لو ملك أختين ، فوطأ واحدة ، حرمت الأخرى.

هذا لا خلاف فيه ، لقوله تعالى : (وإن تجمعوا بين الأختين) (١) فأما لو وطأ الثانية هل تحرم الأولى؟ فيه روايات وأقوال.

قال الشيخ : متى وطأ الثانية عالما بالتحريم ، حرمت الأولى إلى (إلا خ) إن تموت الثانية أو يخرجها (أخرجها خ) عن ملكه لا بنية الرجوع إلى الأولى ، ولو كان جاهلا بالتحريم ، تحل الأولى بإخراج الثانية وهو مجموع روايتين ، إحداهما عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : الرجل يشتري الأختين ، فيطأ إحداهما ، ثم يطأ الأخرى بجهالة ، قال : إذا وطأ الأخيرة بجهالة لم تحرم عليه الأولى ، وإن وطأ الأخيرة ، وهو يعلم أنها عليه حرام حرمتا (٢).

قال الشيخ : معناه حرمتا ما دامتا في ملكه ، فإذا زال الملك حلت الأخرى.

والثانية من الرواية ما رواه أبو الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل عنده أختان مملوكتان ، فوطأ إحداهما ، ثم ، وطأ الأخرى؟ فقال : حرمت عليه الأولى حتى تموت الأخرى ، قلت : أرأيت إن باعها؟ فقال : إنما باعها لحاجته ولا يخطر على باله من الأخرى شئ ، فلا أرى بذلك بأسا ، وإن كان إنما يبيع (باع خ) ليرجع إلى الأولى فلا (٣).

__________________

(١) النساء ـ ٣.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٥ و ٩ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ٥ و ٩ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٣٨

ولو وطأ الثانية أثم ولم تحرم عليه الأولى ، واضطربت الروايات ، ففي بعضها : تحرم الأولى حتى تخرج الثانية عن ملكه لا للعود.

وفي الأخرى : إن كان جاهلا لم تحرم ، وإن كان عالما حرمتا عليه.

(الثانية) يكره أن يعقد الحر على الأمة ، وقيل : يحرم إلا أن يعدم الطول ويخشى العنت.

______________________________________________________

وفي معناها رواية ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام (١).

ولست أرى بين الروايتين تنافيا ، فإنه تصدق (إحداهما) مع صدق (الأخرى) (٢).

وفي هذا الباب روايات مضطربة ذكرها الشيخ في الاستبصار ، فمن أرادها ، فليطلبها ثمة (٣).

وقال المتأخر : ومتى أخرج (خرج خ) إحداهما عن ملكه على أي حال كان ، فقد حلت له الأخرى.

وقال شيخنا في الشرائع : تحرم الثانية لا الأولى ، على التقديرين ، يعني العلم والجهل.

وهو قريب ، وما ذكره المتأخر أشبه بمقتضى النظر ، لكن تعارضه الروايات ، فالأحوط مراعاتها.

« قال دام ظله » : يكره أن يعقد الحر على الأمة ، وقيل : يحرم ، إلا أن يعدم الطول ، ويخشى العنت.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ نحو حديث ٩ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٢) حاصله إن لفظة (إحداهما) ولفظة (الأخرى) الواردتين في رواية أبي الصباح والحلبي تصدقان مع كل واحدة من الأولى والأخيرة فلا تنافي بينهما.

(٣) راجع الوسائل باب ٢٩ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٣٩

(الثالثة) لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين ، أو حرة وأمتين ، أو أربع إماء.

(الرابعة) لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها ، ولو بادر كان العقد باطلا.

______________________________________________________

القول بالكراهية للشيخ في النهاية والتهذيب والتبيان ، وبالتحريم للشيخ في المبسوط والخلاف ، والمفيد في المقنعة ، وصاحب الرائع ، وصاحب الواسطة ، وابن أبي عقيل في المتمسك ، وهو أشبه (الأشبه خ).

يدل على ذلك قوله تعالى : (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم) ، الآية (١) جعل عدم الاستطاعة ـ وهو المهر والنفقة وخوف العنت ، وهو المشقة من الترك (مشقة الترك خ) ـ شرطا في جواز نكاحهن.

ويؤيد ذلك ما رواه أبو بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في الحر يتزوج الأمة؟ قال : لا بأس إذا اضطر إليها (٢).

وما رواه محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن الرجل يتزوج

المملوكة؟ قال : إذا اضطر إليها فلا بأس (٣).

واختار المتأخر الجواز على كراهية وحكى ذلك عن المفيد ، في مقنعه ، ولعله سهو

للقلم ، أو للحاسة فإنها قد تغلط.

« قال دام ظله » : لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها ، ولو بادر كان العقد باطلا ، إلى آخره.

أقول : الصحيح إن عقد الأمة على الحرة لا يجوز ، إلا بالشرطين المذكورين في نكاح الأمة ، وهنا ثالث بغير خلاف ، وهو إذن الحرة.

__________________

(١) النساء ـ ٢٩.

(٢) الوسائل باب ٤٥ حديث ٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٣) الوسائل باب ٤٥ حديث ٦ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٤٠