كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

(الثالثة) لو ادعى زوجية امرأة فادعت أختها زوجيته فالحكم لبينة الرجل (لبينته خ) إلا أن يكون مع المرأة ترجيح من دخول أو تقدم تاريخ ، ولو عقد على امرأة فادعى آخر زوجيتها لم يلتفت إلى دعواه إلا مع البينة.

______________________________________________________

(لا يقال) : إنه مخصوص بالثيب (لأنا نقول) كل من قال : بعدم اشتراطه في الثيب ، قال : بعدم اشتراطه في البكر.

نزلنا عن هذا ، فنقول : يحتمل أن يكون المراد نفي الفضل والكمال لا نفي الصحة كما في قوله عليه‌السلام : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (١) ولا صدقة وذو رحم محتاج (٢).

(لا يقال) : الإضمار منفي والأصل عدمه (لأنه) يلزم على القولين ، من قولهم يلزم نفي الصحة ، ومن قولنا نفي الفضل والكمال ، وليس تقدير الصحة أولى من تقدير الفضل والكمال.

وأما أدلة الأصحاب ، فالمرتضى والشيخ استدلا بالإجماع ، وبعمومات القرآن ، والأحاديث (وبالأحاديث خ) المروية عن الأئمة الطاهرة (الطاهرين خ) عليهم‌السلام.

(منها) ما رواه حنان بن سدير ، عن مسلم (محمد خ) بن بشر (بشير خ) عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل تزوج امرأة ، ولم يشهد؟ قال : أما فيما بينه وبين الله ، فليس عليه شئ ، ولكن إن أخذه السلطان الجائر (سلطان جائر ئل) عاقبه (٣).

وبه روايات أخر ، لا يحتاج إلى ذكرها.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب أحكام المساجد.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من أبواب الصدقات من كتاب الزكاة.

(٣) الوسائل باب ٤٣ حديث ٧ من أبواب مقدمات النكاح ، ولاحظ سائر أحاديث هذا الباب.

١٠١

(الرابعة) لو كان لرجل عدة بنات فزوج واحدة ولم يسمها ثم اختلفا في المعقود عليها فالقول قول الأب ، وعليه أن يسلم إليه التي قصدها في العقد إن كان الزوج رآهن ، وإن لم يكن رآهن فالعقد باطل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو كان لرجل عدة بنات ، إلى آخره.

أقول : مستند هذه المسألة ، ما رواه الكليني (في كتابه) عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن رجل كانت كانت له ثلاث بنات أبكار ، فزوج واحدة منهن (إحداهن خ) رجلا ولم يسم التي زوج للزوج ولا للشهود ، وقدكان الزوج فرض لها صداقا (صداقها كا) فلما بلغ إدخالها على الزوج بلغ الزوج (الرجل كا) أنها الكبرى من الثلاثة ، فقال الزوج لأبيها : إنما تزوجت منك الصغيرة (الصغرى خ) من بناتك؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : إن كان الزوج رآهن كلهن ، ولم يسم له واحدة منهن ، فالقول في ذلك قول الأب ، وعلى الأب فيما بينه وبين الله أن يدفع إلى الزوج الجارية التي كان نوى أن يزوجها إياه عند عقدة النكاح ، وإن كان الزوج لم يرهن كلهن ، ولم يسم له واحدة منهن عند عقدة النكاح ، فالنكاح باطل (١).

وذكرها الشيخ أيضا في التهذيب ، وأفتى عليها في النهاية.

وأقدم المتأخر على دفعها ، (فتارة) يتمسك بأن المعقود عليها مجهولة الاسم والصفة ، فلا يصح العقد (وتارة) يلجأ إلى الاحتياط ، بأن الصحة ثابتة مع التمييز بالاتفاق ، وليس كذلك مع عدمه ، لعدم الدليل عليه ، أو لوجود الخلاف فيه ، وحكي أن الشيخ رجع عن مقالته في النهاية والمبسوط.

والذي أحققه أن الشيخ ما ذكر هذه المسألة بعينها في المبسوط ، بل قال فيه في فصل ما ينعقد به النكاح : إن النكاح لا يصح إلا أن تكون المنكوحة متميزة

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب عقد النكاح.

١٠٢

وأما الآداب : فقسمان :

(الأول) آداب العقد ، ويستحب له أن يتخير من النساء البكر العفيفة كريمة الأصل ، وأن يقصد السنة لا الجمال والمال فربما حرمهما ، ويصلي ركعتين ، ويسأل الله تعالى أن يرزقه من النساء أعفهن وأحفظهن فرجا وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة.

ويستحب الإعلان والإشهاد والخطبة أمام العقد ، وإيقاعه ليلا.

ويكره والقمر في العقرب ، وأن يتزوج العقيم.

(القسم الثاني) آداب الخلوة :

______________________________________________________

بالإشارة ، أو التسمية ، أو الصفة.

وقد فسر هو (١) كلامه هذا في المبسوط ، فقال ، لو كانت له بنتان ، وقال : زوجتك بنتي ونوي (فنوى خ ل) الكبيرة ، وقبل الزوج ونواها ، فالنكاح صحيح.

ففي مسألتنا الأب قد بين (ميز خ ل) المنكوحة بصفة البنتية ، وأشار إليها بالنية ، والزوج قبل ذلك ورضي به حالة العقد.

نزلنا عن هذا فإن (فلأن) الأصل (٢) الذي ذكره المتأخر ليس بحيث لا يجوز تخصيصه بالرواية الصحيحة.

(فإن قال) : هي من الآحاد (قلنا) : سلمنا ذلك ، ولكن أنت مع دعواك ترك العمل بأخبار الآحاد كتابك مملو منها ، ولننظر (ولينظر خ ل) في كتاب الصلاة ، وكتاب الحج ، وكتاب الحدود والديات ، هل وردت بجميع ذلك أخبار متواترة ، أو انعقد عليه إجماع الطائفة ، فانظر أرشدك الله بعين التوفيق (التحقيق خ ل) وجانب التقليد وسوء التوفيق.

__________________

(١) أي الشيخ بنفسه بين مراده من التميز ، في ضمن مسألة أخرى.

(٢) الظاهر أن المراد من الأصل ، أصالة الاحتياط.

١٠٣

ويستحب صلاة ركعتين إذا أراد الدخول والدعاء ، وأن يأمرها بمثل ذلك عند الانتقال ، وأن يجعل يده على ناصيتها ويكونا على طهر ، ويقول : اللهم على كتابك تزوجتها إلى آخر الدعاء ، وأن يكون الدخول ليلا ، ويسمي عند الجماع ، ويسأل الله تعالى أن يرزقه ولدا ذكرا.

ويكره الجماع ليلة الخسوف ، ويوم الكسوف ، وعند الزوال ، وعند الغروب حتى يذهب الشفق ، وفي المحاق ، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس ، وفي أول ليلة من كل شهر إلا في شهر رمضان ، وفي ليلة النصف ، وفي السفر إذا لم يكن معه ماء للغسل ، وعند الزلزلة ، والريح السوداء ، والصفراء ، ومستقبل القبلة ، ومستدبرها ، وفي السفينة ، وعاريا ، وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء ، والجماع وعنده من ينظر إليه ، والنظر إلى فرج المرأة ، والكلام عند الجماع بغير ذكر الله تعالى.

مسائل

(الأولى) يجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وكفيها ، وفي رواية إلى شعرها ومحاسنها.

وكذا إلى أمة يريد شراءها ، وإلى أهل الذمة لأنهن بمنزلة الإماء ما لم يكن لتلذذ ، وينظر إلى جسد زوجته باطنا وظاهرا ، وإلى محارمه ما خلا العورة.

(الثانية) الوطء في الدبر ، فيه روايتان ، أشهرهما الجواز على الكراهية (كراهية خ).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الوطء في الدبر ، فيه روايتان ، أشهر هما الجواز على كراهية.

أقول : اختلف الأصحاب في جواز ذلك ، ومذهب أكثر الجمهور ، التحريم ، فمن

١٠٤

______________________________________________________

أصحابنا ، ذهب الشيخ وعلم الهدى المتأخر إلى إباحة ذلك ، وعليه أتباعهم والحلبيون كلهم يفتون بذلك.

فأما القدماء القميين ، والشيخ السعيد جمال الدين أبو الفتوح (١) ، وصاحب الواسطة (٢) يذهبون إلى تحريم ذلك ، وكان فاضل منا شريف ، يذهب إليه ، ويدعي أنه سمع ذلك مشافهة عمن قوله حجة (٣).

فأقول : لا ريب أن مقتضى الأصل هو الحل ، وإنما الخلاف نشأ من النظر إلى الروايات (فيه خ).

فأذكر (أذكر خ) (فسأذكر خ) طرفا منها ، ذكر الشيخ في الكتابين ، بسند صحيح (٤) ، مرفوعا إلى عبد الله بن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟ قال : لا بأس إن (إذا خ) رضيت ، قلت : فأين قول الله عزوجل : فأتوهن من حيث أمركم الله؟ فقال : هذا في طلب الولد ، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله تعالى ، إن الله عزوجل يقول : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم (٥).

وروى الحسين بن علي بن يقطين ، عن موسى بن عبد الملك ، عن رجل ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام ، عن إتيان الرجل المرأة من خلفها (في دبرها خ ل)؟ فقال : أحلتها آية من كتاب الله قول لوط : هؤلاء بناتي هن أطهر بكم ، وقد علم أنهم لا يريدون الفرج. (٦)

__________________

(١) يعني الشيخ أبو الفتح الكراجكي ، صاحب كنز الفوائد.

(٢) يعني علي بن حمزة الطوسي ، صاحب الوسيلة وغيرها.

(٣) لعله كناية عن التشرف بحضور الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

(٤) ليس المراد الرفع المصطلح كما نبهنا عليه مرارا.

(٥) الوسائل باب ٧٣ حديث ٢ من أبواب مقدمات النكاح ، والآيتان في البقرة ٢٢٢ و ٢٢٣.

(٦) الوسائل باب ٧٣ حديث ٣ من أبواب مقدمات النكاح.

١٠٥

______________________________________________________

وهي وإن كانت مقطوعة السند ، لكن الآية تدل على محل النزاع.

وعن علي بن الحكم ، قال : سمعت صفوان يقول : قلت للرضا عليه‌السلام : إن رجلا من مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة ، فهابك واستحيى منك أن يسألك عنها ، قال (فقال خ) : ما هي؟ قال : قلت : الرجل (للرجل خ) أن يأتي المرأة (امرأته خ) في دبرها؟ قال : نعم ، له ذلك ، قال : فقلت : وأنت تفعل ذلك؟ قال : لا ، إنا لا نفعل ذلك (١).

وعن صفوان بن يحيى ، عن عبد الملك بن عمر ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن رجل (الرجل خ) يجامع المرأة في دبرها ، فقال : لا بأس هي لعبة الرجل ، يلعب بها كيف شاء (١).

(ومن) الروايات الواردة بالتحريم ، ما روي عن سدير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : محاش (٢) النساء على أمتي حرام (٣).

وطريق هذه الرواية مخبط (٤).

وعن ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال هاشم : لا تقرب (لا يفرى خ) (لا تعرى خ) (لا تفرش خ) (لا تغرث خ) وابن بكير قال : لا تعرى ، أي لا يأتي من

__________________

(١) الوسائل باب ٧٣ حديث ١ من أبواب مقدمات النكاح.

(٢) المحاش جمع محشه ، وهي الدبر ، وكنى بها عن الأدبار ، كما يكنى بالحشيش عن مواضع الغائط ، والمحشة في الأصل ، الأسفل.

(٣) الوسائل باب ٧٢ حديث ٢ و ٥ من أبواب مقدمات النكاح.

(٤) أي مختلط ومشتبه ، فإن سنده هكذا : محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن موسى ، عن يونس أو غيره ، عن هاشم بن المثنى ، عن سدير ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام ... الخ وفي التهذيب (الميثمي) بدل المثنى.

١٠٦

(الثالثة) العزل عن الحرة بغير إذنها ، قيل : ، يحرم وتجب به دية النطفة عشرة دنانير ، وقيل : مكروه وهو أشبه ، ورخص في الإماء.

______________________________________________________

غير هذا الموضع (١).

فالشيخ حمل هاتين الروايتين على الكراهية ، توفيقا بين الروايات ، قال : ويدل على الكراهية ، ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، يرفعه إلى (عن خ) ابن أبي يعفور ، قال : سألته عن إتيان النساء في أعجازهن؟ فقال : ليس به بأس وما أحب أن تفعل (تفعله خ ل) (٢).

والخبر الذي قدمناه من قول الرضا عليه‌السلام ، إنا لا نفعل ذلك (٣) أيضا يدل على الكراهية.

ويحتمل أن يكون الخبران وردا للتقية.

« قال دام ظله » : العزل عن الحرة بغير إذنها قيل : يحرم وتجب به دية النطفة ، عشرة دنانير ، وقيل : مكروه (يكره خ).

القول الأول للمفيد ، والشيخ ذهب إلى كراهية العزل في كتاب النكاح واختاره سلار ، وإلى إيجاب الدية في كتاب الديات محيلا على الروايات ، وهو اختيار أبي الصلاح ، وذهب المتأخر إلى كراهية العزل وسقوط الدية ، متمسكا بالأصل.

وهو حسن ، لأن الأصل حفظ المال على المسلم ، فلا يتهجم عليه (إليه خ) في موضع الخلاف.

ويؤيد ذلك ما رواه ابن بابويه ، عن محمد بن مسلم ، أنه سأل أبا جعفر عليه السلام ، عن العزل؟ فقال : الماء للرجل يصرفه حيث يشاء (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٧٢ حديث ٣ من أبواب مقدمات النكاح.

(٢) الوسائل باب ٧٣ حديث ٦ من أبواب مقدمات النكاح.

(٣) الوسائل باب ٧٣ حديث ١ من أبواب مقدمات النكاح.

(٤) الوسائل باب ٧٥ حديث ١ من أبواب مقدمات النكاح ، وعن الكافي : ذلك إلى الرجل.

١٠٧

(الرابعة) لا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين ، ولو دخل قبل ذلك لم تحرم على الأصح.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين ، ولو دخل قبل ذلك ، لم تحرم على الأصح.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية ـ في الباب الأول من كتاب النكاح ـ إلى أنه متى وطأ الرجل المرأة (امرأته خ) قبل تسع سنين فرق بينهما ، ولم تحل له أبدا.

وفي موضع آخر منه ، لو وطأها قبل تسع سنين ، فعابت ، كان ضامنا لعيبها ، ويفرق بينهما ، ولم تحل له أبدا ، فشرط هنا العيب ، وهو الإفضاء.

وقد صرح بذلك باقي الأصحاب ، والشيخ في الاستبصار.

أما مستند التفرقة والتحريم ، فما رواه محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين ، فرق بينهما ، ولم تحل له أبدا (١).

وأما مستند الضمان في الدية ، فهو ما رواه الحسن بن محبوب عن الحارث بن محمد بن النعمان صاحب الطاق ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، في رجل افتض (اقتض خ) جارية يعني امرأته فأفضاها ، قال عليه السلام : عليه الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين ، قال : فإن أمسكها ، ولم يطلقها فلا شئ عليه ، وإن دخل بها ولها تسع سنين ، فلا شئ عليه ، إن شاء أمسك وإن شاء طلق (٢).

والشيخ جمع بين هذين الخبرين ، فحمل خبر بريد على أن المرأة إذا اختارت

__________________

(١) الوسائل باب ٣٤ حديث ٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٢) الوسائل باب ٣٤ حديث ٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٠٨

(الخامسة) لا يجوز للرجل ترك وطء المرأة أكثر من أربعة أشهر.

(السادسة) يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا.

(السابعة) إذا دخل بصبية (بالصبية خ) لم تبلغ تسعا فأفضاها. حرم عليه وطؤها ولم تخرج من حبالته. ولو لم يفضها لم تحرم على الأصح.

الفصل الثاني في أولياء العقد :

لا ولاية في النكاح لغير الأب والجد للأب وإن علا ، والوصي ، والمولى ، والحاكم.

وولاية الأب والجد ثابتة على الصغيرة وإن ذهبت بكارتها بزنا أو غيره.

______________________________________________________

المقام ، معه ، واختار هوأيضاذلك ورضيت بذلك عن الدية ، فلا يجوزله وطؤها على كل حال ، كما تضمنه خبر يعقوب بن يزيد ، عن بعض أصحابنا ، حتى (١) يعمل بالأخبار كلها ، هذا كلامه في الاستبصار.

والوجه أن رواية يعقوب بن يزيد ضعيفة السند ، لأن سهل بن زياد مطعون فيه ، وهي مرسلة ، فلا يصح التمسك بها وليعمل بخبر بريد العجلي.

فنقول : التحريم لا يكون إلا مع الإفضاء ، وكذلك الدية ، كما يتضمنه الخبر.

ويدل عليه أيضا ما رواه ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حمران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سئل عن رجل تزوج جارية لم تدرك ، فأفضاها؟ قال : إن دخل بها ولها تسع سنين ، فلا شئ عليه ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك ، فافتضها ، فإنه قد أفسدها وعطلها عن (على خ) الأزواج ، فعلى الإمام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها

__________________

(١) يعني هذا الجمع لأجل أن يعمل بالأخبار ولا يطرح بعضها.

١٠٩

ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الأب ، وقيل : يشترط ، وفي المستند ضعف.

______________________________________________________

ولم يطلقها حتى يموت فلا شئ عليه (١).

ومعنى قول فقهائنا (فرق بينهما) أي في الوطء ولا يعنون به الفسخ ، فإنها لا تبين إلا بالطلاق.

الفصل الثاني : في أولياء العقد

« قال دام ظله » : ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الأب ، وقيل : يشترط ، وفي المستند ضعف.

القول الأول للمفيد وسلار وعلم الهدى والشيخ في كتبه ، سوي كتاب النهاية ، فإنه يشترط فيها.

والقول الثاني للشيخ في النهاية وأبو الصلاح وصاحب الرائع (٢) وصاحب الواسطة (٣) تبعا للكلام الشيخ.

ويظهر من كلام ابن أبي عقيل في المتمسك ، انفراد الأب بالولاية ، وهو متروك.

والأول أشبه ، وعليه شيخنا والمتأخر (لنا) أن ولاية الجد ثابتة شرعا ، فالتخصيص بموضع لا يجوز إلا بمخصص ، وما تمسكوا به في تخصيصها ضعيف ، فسنذكرها (وسنذكره خ).

__________________

(١) الوسائل باب ٣٤ حديث ١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، وفيه بعد قوله : (لم تدرك) ، فلما دخل بها افتضها فأفضاها ... الخ وفيه أيضا بعد قوله : (من ذلك) بقليل حين افتضها.

(٢) وهو القطب الرواندي قده كما مر مرارا.

(٣) هو علي بن حمزة الطوسي أحد تلامذة الشيخ الطوسي على المشهور صاحب الوسيلة أيضا كما تقدم مرارا.

١١٠

ولا خيار للصبية مع البلوغ ، وفي الصبي قولان ، أظهر هما : أنه كذلك.

______________________________________________________

وأيضا لا خلاف في أن مع بقاء الأب فالجد أولى من الأب في الولاية وأقوى ، فلو سقط بموت الأب لانقلب الفاضل مفضولا ومستند التخصيص (المخصص خ) ما رواه جعفر بن سماعة ، عن أبان ، عن الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن الجد إذا زوج ابنة ابنه ، وكان أبوها حيا ، وكان الجد مرضيا جاز ، قلنا : فإن هوى أبو الجارية هوى وهوى الجد هوى ، وهما سواء في العدل والرضا؟ قال : أحب إلي أن ترضى بقول الجد (١).

ووجه ضعفها أن في طريق الرواية ، الحسن بن محمد بن سماعة ، وجعفر بن سماعة ، وهما واقفيان.

وأيضا هي غير دالة على سقوط ولاية الجد بموت الأب ، إلا بدليل الخطاب.

« قال دام ظله » : ولا خيار للصبية مع البلوغ ، وفي الصبي قولان ، أظهرهما أنه كذلك.

القولان للشيخ ، ذهب في النهاية إلى أن له الخيار ، إذا بلغ ، ومستنده ما رواه يزيد (بريد خ) الكناسي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أن الغلام إذا زوجه أبوه ولم يدرك كان بالخيار إذا أدرك وبلغ خمسة عشر سنة (الحديث) (٢).

وما رواه الحسن بن محبوب ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام ، عن الصبي يزوج الصبية؟ قال : إن كان أبواهما اللذان زوجاهما ، فنعم جائز ولكن لهما الخيار إذا أدركا (الحديث) (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من أبواب عقد النكاح.

(٢) الوسائل باب ٦ قطعة من حديث ٩ من أبواب عقد النكاح.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٨ من أبواب عقد النكاح.

١١١

ولو زوجاها فالعقد للسابق ، فإن اقترنا ثبت عقد الجد.

ويثبت ولا يتهما على البالغ مع فساد عقله ذكرا كان أو أنثى ، ولا خيار له لو أفاق ، والثيب تزوج نفسها ، ولا ولاية عليها لأب ولا غيره.

ولو زوجها من غير إذنها وقف على إجازتها.

أما البكر البالغة الرشيدة فأمرها بيدها ، ولو كان أبوها حيا قيل : لها الانفراد بالعقد ، دائما كان أو منقطعا.

______________________________________________________

وعليه اتباع الشيخ والمتأخر.

فأما للشيخ قول آخر في التهذيب والاستبصار بسقوط خيار الصبي ، وهو أشبه ، لأن ولايته مشروعة ، فيكون العقد شرعيا صحيحا ، فلا يتطرق إليه الخيار ولأنها (ولأنه خ) مأذون فيها ، ومطلق الإذن يقتضي الثبوت والاستمرار ، ولنا في المسألة تردد ، منشأه النظر إلى قول النهاية ، والرواية الواردة به.

« قال دام ظله » : أما البكرالبالغة الرشيدة ، فأمرها بيدها ، ولو كان أبوها حيا ، قيل : لها الانفراد بالعقد ، دائما كأن أو منقطعا (وقيل) : العقد مشترك بينهما وبين الأب ، فلا ينفرد أحدهما به (وقيل) : أمرها إلى الأب ، وليس لها معه أمر ، ومن الأصحاب من أذن لها في المتعة دون الدائم ، ومنهم من عكس ، والأول أولى.

القول الأول للمرتضى والمفيد في أحكام النساء ، وهو اختيار الشيخ في التبيان وصاحب الواسطة والمتأخر وسلار وشيخنا ، ونصوا جميعا أن المستحب أن لا تعقد إلا بإذن الأب.

والقول الثاني اختيار المفيد في المقنعة وأبي الصلاح في الكافي.

والقول الثالث للشيخ في النهاية والخلاف ، وفي المبسوط اختاره أيضا على تردد ، وابن أبي عقيل في المتمسك ، والشيخ أجاز لها في المتعة ، أن تعقد على نفسها.

وقوله : (ومنهم من عكس) ، يعني إذن في الدائم دون المتعة ، وما وقفت على

١١٢

وقيل : العقد مشترك بينها وبين الأب فلا ينفرد أحدهما به.

وقيل : أمرها إلى الأب وليس لها معه أمر.

ومن الأصحاب من أذن لها في المتعة دون الدائم. ومنهم من عكس ، والأول أولى.

ولو عضلها الولي سقط اعتبار رضاه إجماعا.

ولو زوج الصغيرة غير الأب والجد وقف على رضاها عند البلوغ (إجماعا خ) ، وكذا الصغير.

وللمولى أن يزوج المملوكة ، صغيرة أو كبيرة بكرا أو ثيبا ، عاقلة أو مجنونة ، ولا خيرة لها ، وكذا العبد.

ولا يزوج الوصي إلا من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة ، وكذا الحاكم.

______________________________________________________

قائل به إلى الآن ، واستعلمت المصنف عنه ، فما كان ذاكرا.

والمختار عندي القول الأول ، لوجوه أذكرها ، ثم أذكر بعدها مستند كل واحد من هؤلاء الفضلاء المذكورين والجواب عنه.

فأقول : (لنا) في المسألة ، النظر ، والنص ، والأثر.

أما النظر فمن وجوه :

(الأول) التمسك بالأصل ، فإنه يقتضي سقوط الولاية عنها.

(الثاني) كونها بالغة رشيدة موجب لجواز تصرفها ، ونفاذ أمرها في سائر العقود والأحكام ، ولا دليل على التخصيص ، فيجب العمل بالمقتضي السالم عن الصادم.

(إن قيل) : لم قلتم لا دليل على التخصيص؟ (قلنا) : لضعف (ضعف خ) ما تمسك به الخصم ، وسنبين ذلك فندعي أنه (كونه خ) غير صالح للتخصيص.

(الثالث) القول : بصحة تصرفها ـ في سائر العقود من بيع وهبة وإجارة ووكالة

١١٣

______________________________________________________

وتوكيل في الخلع والمباراة وغير ذلك ـ مع القول ببطلان عقد نكاحها ، لو عقدت بنفسها ، مما لا يجتمعان ، والثابت صحة تصرفها في سائر العقود فلا يبطل عقد نكاحها.

أما أنهما لا يجتمعان ، فلأنا نقول : كونها بالغة رشيدة يقتضي جواز تصرفها في العقود ، فإن كان (١) لزم ، في الموضعين ، وإن لم يكن ، سقط في الموضعين ، فيثبت أنهما لا يجتمعان.

وأما أن الثابت صحة تصرفها فهو إجماعي ، فليس للخصم فيه تنازع (نزاع خ) حتى يستدل عليه.

وأما النص فعموم آيات (منها) قوله تعالى : (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (٢).

وقوله تعالى : (فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا) (٣).

ووجه التمسك أن وقوع الطلقتين يصح في البكر والثيب ، فلا تخصيص (فلا مخصص خ) فيجب الحكم بالعموم عملا بالنص.

وقوله تعالى : (فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف) (٤) ، والنكاح من المعروف.

وأما الأثر فروايات دالة عليه بالعموم والخصوص (فمنها) ما رواه سعد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير (بغير خ) إذن أبيها (٥).

__________________

(١) يعني فإن كان يقتضي جواز التصرف لزم في عقد النكاح وفي غير عقد النكاح من سائر العقود والايقاعات ، وإن كان لا يقتضي فاللازم عدم الاقتضاء في الموضعين.

(٢) البقرة ـ ٢٣٠ و ٢٣٠ و ٢٣٤.

(٣) البقرة ـ ٢٣٠ و ٢٣٠ و ٢٣٤.

(٤) البقرة ـ ٢٣٠ و ٢٣٠ و ٢٣٤.

(٥) الوسائل باب ٩ حديث ٤ من أبواب عقد النكاح

١١٤

______________________________________________________

(ومنها) ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الثيب يعرب عنها لسانها (تعرب عن نفسها خ ل) والبكر إذنها صماتها (١).

(ومنها) ما رواه عمر بن أذينة ، عن الفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة بن أعين ، وبريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة ، ولا المولى عليها ، تزويجها بغير ولي جائز (٢).

(ومنها) ما رواه عمر بن أبان الكلبي ، عن ميسرة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد ، فأقول لها : ألك زوج؟ فتقول : لا ، فأتزوجها؟ قال : نعم هي المصدقة على نفسها (٣).

(ومنها) ما رواه موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إذا كانت المرأة مالكة أمرها ، تبيع وتشتري ، وتعتق ، وتشهد ، وتعطي من مالها ما شاءت ، فإن أمرها جائز تزوج إن شاءت بغير إذن وليها ، وإن لم تكن كذلك ، فلا يجوز تزويجها ، إلا بإذن (بأمر خ) وليها (٤).

فهذه الروايات تدل على محل النزاع بالعموم ، والشيخ حمل أكثرها على الثيب ، وهو تحكم.

ولنرجع إلى بيان مستندهم ، والجواب عنه ، فالمرتضى استدل بالإجماع ، وبرواية (بروايات خ) عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا تنكح اليتيمة (الثيب خ) إلا بإذنها ، فإن سكتت فهو إذنها (٥).

__________________

(١) كنز العمال ج ١٦ ص ٣١٢ وفيه : الثيب تعرب عن نفسها والبكر رضاؤها صمتها. وسنن أبي داود ج ٢ ص ٢٣٢ باب في الثيب حديث ١ من كتاب النكاح ، وفيه : الأيم أحق بنفسها من وليها.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١ و ٥ من أبواب عقد النكاح.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ١ و ٥ من أبواب عقد النكاح.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ٦ من أبواب عقد النكاح.

(٥) سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٣١ باب في الاستئمار حديث ١ و ٢ من كتاب النكاح.

١١٥

______________________________________________________

والجواب ، أما الإجماع فلا يتحقق مع الخلاف ، ورواية أبي هريرة ، يمكن أن يستدل بها على مخالفي المذهب.

والمفيد استند إلى ما رواه صفوان ، قال : استشار عبد الرحمن ، موسى بن جعفر عليهما‌السلام في تزويج ابنته لابن أخيه ، فقال : أفعل ، ويكون ذلك برضاها ، فإن لها في نفسها نصيبا ، قال : واستشار خالد بن داود ، موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، في تزويج ابنته ، علي بن جعفر ، فقال : أفعل ، ويكون ذلك برضاها فإن لها في نفسها حظا (١).

وما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، تستأمر البكر وغيرها ، ولا تنكح إلا بأمرها (بإذنها خ) (٢).

والجواب عن الرواية الأولى ، روى صفوان ، عن ابن فضال (٣) وهو مقدوح فيه.

على أنه ليس فيها أن للأب معها اشتراكا في العقد ، بل ظاهرها ينهض بأن ليس للأب أن يعقد عليها إلا بإذنها ، وهو الذي اخترناه ، وكذلك الرواية الثانية.

والشيخ استدل بروايات كثيرة (منها) ما رواه (هو خ) مرفوعا (٤) إلى ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا تنكح ذوات (لا تتزوج ذات خ) الآباء من الأبكار ، إلا بإذن آبائهن (٥).

وروي أيضا في سند صحيح عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : لا تستأمر الجارية ، إذا كانت بين أبويها ، ليس لها مع الأب أمر (٦).

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٢ و ١ من أبواب عقد النكاح.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٢ و ١ من أبواب عقد النكاح.

(٣) هكذا في النسخ كلها ، والصواب : روى ابن فضال ، عن صفوان ، والأمر سهل.

(٤) يعني متصلا إليه لا الرفع المصطلح ، في علم الدراية.

(٥) الوسائل باب ٦ حديث ٥ من أبواب عقد النكاح ،

(٦) الوسائل باب ٤ حديث ٣ من أبواب عقد النكاح ، وتمام الحديث : وقال : يستأمرها كل أحد ما عدا الأب.

١١٦

ويلحق بهذا الباب مسائل

(الأولى) الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه ، ولو أذنت في ذلك فالأشبه الجواز. وقيل : لا ، وهي رواية عمار (١).

______________________________________________________

وروي عبد الله ابن الصلت ، قال : سألت أبا الحسن (الرضا خ) عليه‌السلام ، عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها ، ألها أمر إذا بلغت؟ قال : لا ، (ليس لها مع أبيها أمر كا) قال : وسألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر؟ فقال : ليس لها مع أبيها أمر ، ما لم تثيب (لم تكبر خ) (٢) وبه عدة روايات أخر.

والجواب عنها أنها أخبار آحاد ، وأكثرها ضعيفة السند ، ومع صحة سندها فلا تخصص عمومات القرآن.

على أنها يحتمل أن يراد بها الاستحباب والفضل ، لئلا تتنافى الروايات ، فعلى هذا لا يلزم تخصيص عام ، ولا اطراح رواية ، وهو وجه في الجمع بين الروايات.

وأما تمسك من أذن لها في المتعة دون الدائم (الدوام خ) فهو جمع بين رواية سعدان بن مسلم (٣) والروايات الواردة بخلاف ذلك.

وهو تحكم ، إذ رواية سعدان مطلقة ، وليس حملها على المتعة ، بأولى من حمل سائر الروايات على الاستحباب (٤).

« قال دام ظله » : الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه ، ولو أذنت في ذلك فالأشبه الجواز ، وقيل : لا ، وهي رواية عمار.

هذه رواها أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب عقد النكاح ج ١٤ ص ٢١٧.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من أبواب عقد النكاح ، وفيه : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٤ من أبواب عقد النكاح.

(٤) واعلم أن الشارح قده لم يتعرض لذكر وجه القول بالعكس لما نبه عليه من عدم وجدان قائله ولعل من جوابه قده عن الثالث يعلم وجه الرابع فتفطن.

١١٧

(الثانية) النكاح يقف على الإجازة في الحر والعبد ، ويكفي في الإجازة سكوت البكر ، ويعتبر في الثيب النطق.

(الثالثة) لا تنكح الأمة إلا بإذن المولى ، رجلا كان المولى أو امرأة.

وفي رواية سيف : يجوز نكاح أمة المرأة من غير إذنها متعة (١) ، وهي منافية للأصل.

______________________________________________________

عمار الساباطي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن المرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهل بيتها أيحل لها أن توكل رجلا يريد أن يتزوجها ، فتقول (تقول خ) له : قد وكلتك فاشهد على تزويجي؟ قال : لا ، قلت : له جعلت فداك ، وإن كانت أيما؟ قال : وإن كانت أيما ، قلت : فإن وكلت غيره بتزويجها منه (أيزوجها منه؟ خ) قال : نعم (٢).

واختار الشيخ في المبسوط الجواز ، وهو الأشبه ، لأنه لا مانع منه ، ولأنه يصح أن يكون موجبا قابلا كما في الولي لو زوج ابنة ابنه بابن ابنه (٣) أو يشتري ما هو ملك المولى عليه لنفسه.

والجواب عن الرواية أنها ضعيفة السند وهي قليلة الورود.

« قال دام ظله » : وفي رواية سيف ، يجوز نكاح أمة المرأة من غير إذنهامتعة ، وهي منافية للأصل.

هذه رواها سيف بن عميرة ، عن علي بن المغيرة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن الرجل يتمتع بأمة المرأة (امرأة خ) بغير إذنها؟ فقال : لا بأس به (٤).

والرواية ضعيفة السند ، فإن سيف (سيفا خ) مطعون فيه ملعون ، لكن أفتى

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب المتعة ج ١٤ ص ٤٦٣.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب عقد النكاح.

(٣) (ابن بنته بنت ابنه خ).

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب المتعة.

١١٨

(الرابعة) إذا زوج الأبوان الصغيرين صح وتوارثا ، ولا خيار لأحدهما عند البلوغ.

ولو زوجهما غير الأبوين وقف على إجازتهما.

فلو ماتا أو (مات خ) أحدهما بطل العقد وسقط المهر والإرث.

ولو بلغ أحدهما فأجاز ثم مات عزل من تركته نصيب الباقي ، فإذا بلغ أحلف أنه لم يجز للرغبة وأعطى نصيبه.

(الخامسة) إذا زوجها الأخوان برجلين ، فإن تبرعا اختارت أيهما شاءت ، وإن كانا وكيلين وسبق أحدهما فالعقد له ، ولو دخلت بالآخر لحق به الولد وأعيدت إلى الأول بعد انقضاء العدة ، ولها المهر للشبهة.

وإن اتفقا بطلا ، وقيل : العقد عقد الأكبر.

______________________________________________________

عليها الشيخ في النهاية والتهذيب واستضعفها في الاستبصار ، فقال : إن سيف (سيفا خ) (تارة) يرويها عن علي بن المغيرة (وتارة) عن داود بن فرقد (وتارة) عن أبي عبد الله عليه‌السلام بلا واسطة (١) ومع ذلك هي غير مطابقة لكتاب الله.

فأقول : الوجه اطراح الرواية ، والعمل بما يقتضيه الأصل ، وهو تحريم التصرف في أمة الغير إلا بإذنه وبقوله (ولقوله خ) (فانكحوهن بإذن أهلهن) (٢).

وهو اختيار المفيد في كتاب مختصر له ، وقال : يستحق فاعله الإثم ، ويجب عليه الحد ، وكذلك الشيخ في الحائريات ، وعليه المتأخر ، وهو المعول عليه.

قال « دام ظله » وإن اتفقا بطلا ، وقيل : العقد ، عقد الأكبر.

أقول : وجه البطلان حصول العقدين معا على امرأة واحدة ، وهو منهي عنه ولا ترجيح لأحدهما فيحكم له ، هذا مقتضى النظر.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٤ من أبواب المتعة ، تجد ما ذكره الشيخ.

(٢) النساء ـ ٢٥.

١١٩

(السادسة) لا ولاية للأم ، فلو زوجت الولد فأجاز صح ، ولو أنكر بطل ، وقيل : يلزمها المهر ، ويمكن حمله على دعوى الوكالة عنه.

______________________________________________________

وأما أن العقد عقد الأكبر فهو اختيار الشيخ في النهاية والتهذيب وما أعرف به حديثا مرويا ، بل إن الشيخ ذكر في التهذيب ما رواه صفوان ، عن ابن مسكان ، عن وليد بياع الأسفاط (١) ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده ، عن جارية كان لها أخوان زوجها الأكبر بالكوفة ، وزوجها الأصغر بأرض أخرى ، قال : الأول بها أولى ، إلا أن يكون الآخر (الأخير خ) قد دخل بها (فإن دخل بها يب) فهي امرأته ونكاحه جائز (٢).

فقال الشيخ مؤولا لهده الرواية : والوجه في هذا الخبر أنه إذا جعلت الجارية أمرها إلى أخويها معا فيكون حينئذ الأكبر أولى بالعقد فإن اتفق العقدان في حالة واحدة ، كان عقد الأكبر أولى ، ما لم يدخل الذي عقد عليه الأخ الصغير.

وفي حمل الأول على الأكبر بعد ، فإنه بالحمل على العاقد الأول أقرب ، ويؤيده النظر أيضا.

ولو سلمنا أن المراد بالأول هو الأكبر تسليم بحث ، فمن أين أنه إذا اتفقا كان العقد عقد الأكبر ، فإنه لا تدل عليه الرواية ، لا بالمطابقة ولا بالفحوى.

« قال دام ظله » : لاولاية للأم ، فلو زوجت الولد ، فأجاز صح ، ولو أنكر بطل ، وقيل : يلزمها المهر ، ويمكن حمله على دعوى الوكالة عنه.

أقول : قد تقرر عندنا أن الأم لا ولاية لها على الولد الصغير ، فمتى زوجت الولد ، فأنكر ، فالعقد باطل بلا خلاف ، وهل يلزم الأم المهر؟ قال الشيخ : نعم ، وقال المتأخر : لا يلزمها.

__________________

(١) السفط محركة واحد الأسفاط التي يعبى فيه الطيب ، ويستعار للتابوت الصغير ، ومنه فاخرج في سفط (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٤ من أبواب عقد النكاح.

١٢٠