كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

كتاب العتق

٢٨١

كتاب العتق

والنظر في : الرق وأسباب الإزالة.

أما الرق :

فيختص بأهل الحرب دون أهل الذمة ، ولو أخلوا بشرائطها جاز تملكهم.

ومن أقر على نفسه بالرقية مختارا في صحة من رأيه ، حكم برقيته.

وإذا بيع في الأسواق ثم ادعى الحرية لم يقبل منه إلا ببينة.

ولا يملك الرجل ولا المرأة أحد الأبوين وإن علوا ، ولا الأولاد وإن سفلوا.

وكذا لا يملك الرجل خاصة ذوات الرحم من النساء المحرمات كالخالة والعمة والأخت وبنتها وبنت الأخ ، وينعتق هؤلاء بالملك ، ويملك غيرهم من الرجال والنساء على كراهية ، وتتأكد الكراهية فيمن يرثه.

وهل ينعتق عليه بالرضاع من ينعتق عليه بالنسب؟ فيه روايتان ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل ينعتق عليه بالرضاع من ينعتق عليه بالنسب؟ فيه روايتان ، أشهرهما أنه ينعتق.

٢٨٢

أشهرهما : أنه ينعتق. ولا ينعتق على المرأة سوى العمودين.

وإذا ملك أحد الزوجين صاحبه بطل العقد بينهما ويثبت الملك.

______________________________________________________

روى محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير وأبي العباس وعبيد كلهم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا ملك الرجل والديه ، أو أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخيه (أخته خ) وذكر أهل هذه الآية من النساء ، عتقوا جميعا ، ويملك عمه وابن أخيه والخال ، ولا يملك أمه من الرضاعة ، ولا أخته ولا عمته ولا خالته (فإنهن يب) إذا ملكن عتقن ، وقال : ما يحرم من النسب ما يحرم من الرضاعة ، وقال : يملك الذكور ما خلا والدا وولدا ، ولا يملك من النساء ذات رحم محرم ، قلت : يجري في الرضاع مثل ذلك؟ قال : نعم يجري في الرضاع مثل ذلك (١).

وفي مثل ذلك رواية وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام (٢).

وفي رواية الحلبي وابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في امرأة أرضعت ابن جاريتها ، قال : تعتقه. (٣).

وغيرها من الروايات ، وعليها فتوى الشيخ وابن بابويه في المقنع.

وذهب المفيد إلى أنه لا بأس أن يملك الإنسان أمه من الرضاع وأخته منه وابنته وخالته وعمته منه ، لكن يحرم وطيهن كالنسب ، وهو اختيار أبي الصلاح والمتأخر ، تمسكا بأن الأصل بقاء الملكية ، ولا دليل على العتق.

وهو ضعيف ، مع ورود ما ذكرنا من الروايات.

نعم وردت رواية ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال :

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب بيع الحيوان وفيه ما يحرم من النسب فإنه يحرم ... إلخ.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب بيع الحيوان ،

(٣) الوسائل باب ٤ حديث ٣ من أبواب بيع الحيوان ، وباب ٨ حديث ١ من كتاب العتق.

٢٨٣

وأما إزالة الرق.

فأسبابها أربعة : الملك والمباشرة والسراية والعوارض. وقد سلف الملك.

أما المباشرة : فالعتق والكتابة والتدبير والاستيلاد.

وأما العتق : فعبارته الصريحة التحرير.

______________________________________________________

إذا اشترى الرجل أباه أو أخاه فملكه فهو حر ، إلا ما كان من قبل الرضاع (١).

وأخرى ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في بيع الأم من الرضاع (الرضاعة خ) قال : لا بأس بذلك إذا احتاج (٢).

وفي ثالثة ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام (في حديث) قال : يملك الرجل أخاه وغيره من ذوي قرابته من الرضاعة (٣).

لكن في طريق الأولى سماعة ، ومحمد بن زياد ، وفي طريق الثانية ابن فضال ، وفي الثالثة أيضا أنها مشتملة على تمليك الرجال من الأقرباء وهم لا يملكون بالنسب.

نزلنا عن هذه ، فالروايات الأول أكثر ، فلها الترجيح.

« قال دام ظله » : وأما إزالة الرق فأسبابها أربعة ... إلى آخره.

وذكر دام ظله الاستيلاد في أسباب إزالة الرق (وفيه نظر) منشأه أن نفس الاستيلاد ، ليس سببا للعتق عنده.

ويمكن أن يقال : لما كان للاستيلاد ، تأثير في العتق ، بحيث لو انضم موت المولى حصل العتق حسن ذكره في أسبابه.

__________________

(١) و (٢) نقل هذين الخبرين في تعليقه الوسائل (المطبوعة بالطبع الجديد ج ١٦ ص ١٢) من التهذيب والاستبصار فلاحظ التهذيب كتاب العتق حديث ١١٦ و ١١٧ والاستبصار ج ٤ ص ١٩ حديث ٩ و ١٠ من باب ١٠ من كتاب العتق.

(٣) الوسائل باب ٧ ذيل حديث ٢ من كتاب العتق وباب ١٣ حديث ٣ منه.

٢٨٤

وفي لفظ العتق تردد ، ولا اعتبار بغير ذلك من الكنايات وإن قصد بها العتق ، ولا تكفي الإشارة ولا الكتابة مع القدرة على النطق.

ولا يصح جعله يمينا ، ولا بد من تجريده عن شرط متوقع أو صفه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي لفظ العتق تردد.

منشأ التردد ، النظر إلى لفظ العتق ، هل هو مرادف للتحرير ، أو كناية عنه؟ فمن قال بالثاني لا يجوز ، لأن الكنايات لا تأثير لها عندنا في العقود ، ومن قال بالأول  ـ وهو الأظهر ـ يذهب إلى الجواز ، ويقويه استعمالهم العتق في التحرير ويدل على ذلك ما رواه زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أعتق مسلما ، أعتق الله العزيز الجبار بكل عضو منه ، عضوا من النار (١).

(ومنها) ما ذكره إبراهيم بن أبي البلاد ، قال : قرأت عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، فإذا هو : هذا ما أعتق جعفر بن محمد ، أعتق فلانا غلامه لوجه الله (٢).

ويؤيده اتفاق فقهائنا على حصول العتق ، بقول القائل : أعتقتك وجعلت مهرك عتقك.

ويظهر من كلام الأصحاب أن اللفظ الذي يحصل به العتق ، قوله : (أنت حر) إلا ابن أبي عقيل ، فإنه صرح في المتمسك بأعتقتك.

« قال دام ظله » : ولا يصح جعله يمينا ، ولا بد من تجريده عن شرط متوقع أو صفة.

قلت : تعليق الحكم على شئ إن كان لزجر النفس يسمى يمينا ، فكأنه يحلف (على خ) أن لا يفعل ، وإن لم يكن زجرا ، إما أن يعلق على ما هو لازم ، فيسمى صفة ، أو على جائز ، فيسمى شرطا.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٣ من كتاب العتق.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١ من كتاب العتق ، وتمامه : لا يريد به جزاء ولا شكورا على أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويحج البيت ويصوم شهر رمضان ويوالي أولياء الله ويتبرأ من أعداء الله شهد فلان وفلان وفلان ثلاثة.

٢٨٥

ويجوز أن يشترط مع العتق شئ.

ولو شرط إعادته في الرق إن خالف فقولان ، المروي : اللزوم.

ويشترط في المعتق : جواز التصرف ، والاختيار ، والقصد ، والقربة.

وفي العتق الصبي إذا بلغ عشرا رواية بالجواز حسنة ، ولا يصح عتق السكران

______________________________________________________

(فمثال الأول) أنت حر إن شربت الخمر (ومثال الثاني) عبدي حران زالت الشمس (ومثال الثالث) عبدي حران قدم فلان من سفره.

« قال دام ظله » : ويجوز أن يشترط مع العتق شئ ، ولو شرط إعادته في الرق ، إن خالف ، فقولان ، المروي اللزوم.

هذه رواها الكليني في الكافي والشيخ في التهذيب ، مرفوعا (١) إلى إسحاق بن عمار وغيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يعتق مملوكه ، ويزوجه ابنته ، ويشترط (ويشرط خ) عليه إن هو أغارها أن يرده في الرق ، قال : له شرطه (٢).

وعليها فتوى الشيخ ، وهو مذهب ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه.

وقال المتأخر : بالعتق صار حرا ، والحر لا يعود رقا ، والشرط مخالف للكتاب والسنة فلا تأثير له وهو قريب ، وفي الرواية ضعف.

وقال شيخنا في الشرائع : وقيل يبطل العتق ، لاشتراط الاسترقاق.

وهو ضعيف ، لأن الشرط هنا واقع (وقع خ) بعد العتق ، وما وقفت على القائل به ، وأشار دام ظله في الدرس إلى المتأخر ، والله أعلم.

« قال دام ظله » : وفي عتق الصبي إذا بلغ عشرا رواية بالجواز حسنة.

__________________

(١) يعني متصلا سنده إلى إسحاق ، وليس المراد الرفع المصطلح.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من كتاب العتق.

٢٨٦

وفي وقوعه من الكافر تردد ، ويعتبر في المعتق أن يكون مملوكا حال العتق مسلما.

______________________________________________________

هذه رواية رواها في التهذيب ، عن موسى بن بكير (بكر خ) عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا أتى على الغلام عشر سنين ، فإنه يجوز له من ماله ما أعتق وتصدق ، على وجه المعروف فهو جائز (١).

وعليها فتواه وفتوى أتباعه.

وأقدم المتأخر على المنع ، ذاهبا إلى أنه لا دليل على العمل بها ، لكونها مخالفة للكتاب والسنة.

قلت : عدم الوجدان لا يدل على عدم الدليل ، والوجه المصير إلى الرواية ، إذ الرواية صحيحة ، لكن بتقدير أن يكون الصبي مميزا.

وذكر شيخنا في كتاب نكت النهاية : أن هذه الرواية موقوفة على زرارة ، غير مستندة إلى الإمام عليه السلام ، فلا عمل عليها.

وكأنه سهو النظر ، أو كان وقف على أخرى ، فاقتصر ، وقد صرح بالإسناد في  كتاب الشرائع ، والشيخ في كتب الأخبار.

« قال دام ظله » : وفي وقوعه من الكافر ، تردد.

منشأ التردد ، إن العتق هل يشترط فيه التقرب إلى الله وطلب وجهه أم لا؟ فمن قال بالثاني ، فقد يصح العتق من الكافر ، ومن قال بالأول ، وهو الأكثر ، فلا يصح ، لأن القربة متعذرة في طرفه ، لعدم معرفته بالله تعالى ، وهو مذهب المتأخر ، وحكي ذلك عن بعض الأصحاب.

وقال الشيخ في الخلاف : يصح منه ، ولو أعتق مسلما يكون الولاء له ، لكن لا يرث إلا بإزالة الكفر.

ويمكن أن يقال : لا نسلم أن الكافر على الإطلاق ، لا يعرف الله تعالى ، وذلك

__________________

(١) الوسائل باب ٥٦ حديث ١ من كتاب العتق.

٢٨٧

ولا يصح لو كان كافرا ، ويكره لو كان مخالفا. ولو نذر عتق أحدهما لزم.

ولو شرط المولى على المعتق الخدمة زمانا معينا صح.

______________________________________________________

أن موجبات الكفر مختلفة (فقد) تكون إنكار مؤثر مختار أو وحدانيته وما في معناه (وقد) تكون إنكار نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (وقد) (١) تكون إنكار إمامة من يقوم مقامه.

سلمنا الجهالة بالله (به خ) تعالى في الأول ، ويمنع في الثاني والثالث وغيرهما.

« قال دام ظله » : ولا يصح ، لو كان كافرا.

ذهب الشيخ في الخلاف في باب الظهار إلى أن غير المؤمن يجزي في كفارة ظهار أو يمين أو كان نذر عتق رقبة مطلقا ، وغير ذلك ، وتكره في الكافر ، إلا في القتل خاصة ، فإنه لا يجزي غير المؤمن ، اقتصارا على النص.

وقال في النهاية ـ في باب النذر ـ : لا يجوز عتق الكافر إلا في النذر ، ويكره المخالف.

وأطلق المفيد والمرتضى وسلار المنع تمسكا بأنه تسليط على مكاره أهل الإسلام ، وأذيتهم ، وهو غير جائز ، وإليه ذهب المتأخر ، مستدلا بقوله تعالى : (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) (٢).

ووجه الاستدلال أن الانفاق يقع على كل ما يخرج به لوجه الله ، وإليه يميل الشيخ في التبيان ، وهو حسن.

« قال دام ظله » : ولو شرط المولى على المعتق الخدمة ، زمانا معينا ، صح ، إلى آخره.

قلت : شرط الخدمة على المعتق جائز ، وهل إذا أخل بالخدمة آبقا ، تبقى في ذمته أم لا؟ قال في النهاية : ليس للورثة عليه سبيل ، اعتمادا على ما رواه الحسين بن

__________________

(١) يستفاد منه أن إنكار الإمامة الخاصة موجب للكفر فتأمل.

(٢) البقرة ـ ٢٦٧ ـ

٢٨٨

ولو أبق ومات المولى فوجد بعد المدة فهل للورثة استخدامه؟ المروي (١) لا.

وإذا طلب المملوك البيع لم يجب إجابته.

ويكره التفريق بين الولد وأمه. وقيل : يحرم.

وإذا أتى على المملوك المؤمن سبع سنين يستحب عتقه ، وكذا لو ضرب مملوكه ما هو حد.

مسائل سبع

(الأولى) : لو نذر تحرير أول مملوك يملكه فملك جماعة تخير في

______________________________________________________

سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن رجل أعتق جاريته ، وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين ، فأبقت ، ثم مات الرجل ، فوجدها ورثته ، ألهم أن يستخدموها؟ قال : لا (٢).

وروى هذه الكليني ، وأبو جعفر بن بابويه.

وقال المتأخر : يكون لهم أجرة الخدمة ، وهو حسن ، ولكن حمل قول الشيخ على أن الضمير في قوله (٣) عليه راجع إلى الخدمة وفيه نظر ، وعلى هذا لا تنافي بين قوله والرواية.

« قال دام ظله » : ويكره التفريق بين الولد وأمه ، إلى آخره.

قد ذكرنا هذا البحث في بيع الحيوان.

« قال دام ظله » : لو نذر تحرير أول مملوك يملكه ، فملك جماعة ، إلى آخره.

في المسألة أقوال : قال الشيخ : يقرع بينهم ، وفي رواية ، يختار أحدهم.

ومستند القرعة ما رواه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه ، عن أبيه ، في سند

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١١ من كتاب العتق ج ١٦ ص ١٤.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب العتق ، بطريق الشيخ.

(٣) يعني الشيخ في النهاية.

٢٨٩

أحدهم ، وقيل : يقرع بينهم ، وقال ثالث : لا يلزمه عتق.

(الثانية) : لو نذر عتق أول ما تلده أمه فولدت توأمين عتقا.

(الثالثة) : لو أعتق بعض مماليكه فقيل له : هل أعتقت مماليكك؟ فقال نعم. لم ينعتق إلا من سبق عتقه.

(الرابعة) : لو نذر عتق أمته إن وطأها فخرجت عن ملكه انحلت اليمين وإن عادت بملك مستأنف.

______________________________________________________

صحيح ، مرفوعا (١) إلى عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل قال : أول مملوك أملكه فهو حر ، فورث تسعة (سبعة خ) جميعا؟ قال : يقرع بينهم ويعتق الذي قرع (٢).

وروى الشيخ هذه في سند صحيح ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

وما رواه فضالة ، عن أبان ، عن عبد الله بن سليمان ، قال : سألته عن رجل ، قال : أول مملوك أملكه فهو حر ، فلم يلبث أن ملكه ستة أيهم يعتق؟ قال : يقرع بينهم ، ثم يعتق واحدا (الحديث) (٣).

ومستند التخيير ما رواه الشيخ عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن إسماعيل بن يسار (بشار خ) الهاشمي ، عن عبد الله بن غالب القيسي ، عن الحسن الصيقل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل قال : أول مملوك أملكه ، فهو حر فأصاب ستة؟ قال : إنما كانت نيته على واحد ، فليتخير (فليختر خ) أيهما شاء ، فليعتقه (٤).

وقال المتأخر : يسقط النذر بسقوط شرطه ، وهو الأولية.

__________________

(١) يعني متصلا سنده إلى عبيد الله.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ١ من كتاب العتق.

(٣) الوسائل باب ٥٧ حديث ٢ و ٣ من كتاب العتق.

(٤) الوسائل باب ٥٧ حديث ٢ و ٣ من كتاب العتق.

٢٩٠

(الخامسة) : لو نذر عتق كل عبد قديم في ملكه أعتق من كان في ملكه ستة أشهر فصاعدا.

______________________________________________________

وجمع شارح النهاية بين الروايتين بأن العبيد لو ملكوا من جهة الإرث ، أخرج (يخرج خ) الواحد بالقرعة ، وإن ملكوا بالبيع ، فالتخيير.

ومنشأ التفصيل (التخصيص خ) مجهول ، وقول المتأخر قريب ، لو فسر الأول بأنه هو السابق ، ولا كذا : لو قيل : هو الذي لم يسبق.

والأولى الرجوع إلى الرواية الأولى ، لصحتها ، اقتداء بالشيخ.

(فإن قيل) : هذا عتق ما لا يملك ، وهو عندكم غير صحيح (قلنا) : مسلم ، ولكن البحث هنا في النذر ، وهو واقع يجب الوفاء به ، والممنوع مجرد العتق.

« قال دام ظله » : لو نذر عتق كل عبد قديم في ملكه ، أعتق من كان في ملكه ستة أشهر.

هذه المسألة مشهورة بين الأصحاب ، ومستندها رواية ، رواها علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن داود النهدي ، عن بعض أصحابنا ، قال : دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (إلى أن قال) : فقال له : أسألك عن مسألة ، فقال له : لا أخا لك تقبل مني ، ولست من غنمي ، ولكن هلمها ، فقال له رجل قال عند موته : كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله تعالى؟ قال : نعم ، إن الله عزوجل يقول (قال خ) في كتابه : حتى عاد كالعرجون القديم ، فما كان من مماليكه ، أتى له (عليه كا) ستة أشهر ، فهو قديم (وهو كا) حر (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من كتاب العتق. والرواية على ما نقلها في الكافي هكذا : علي. عن أبيه. عن داود الهندي. عن بعض أصحابنا. قال : دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام. فقال له : أبلغ الله من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك. فقال له : مالك. أطفأ الله نورك . وادخل الفقر بيتك. أما علمت أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى عمران إني واهب لك ذكرا فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى عليه‌السلام ، فعيسى من مريم ومريم من عيسى ، ومريم وعيسى شئ واحد وأنا

٢٩١

(السادسة) : مال المعتق لمولاه وإن لم يشترطه. وقيل : إن لم يعلم به فهو له ، وإن علم ولم يستثنه فهو للعبد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : مال المعتق لمولاه ، وإن لم يشترطه ، وقيل : إن لم يعلم به ، فهو له ، وإن علم ولم يستثنه فهو للعبد.

قلت : مضى البحث في أن العبد لا يملك شيئا إلا فاضل الضريبة وأرش الجناية (أروش الجنايات خ) على قول الأكثرين ، فإذا أعتق ، فالأصل أن ماله لمولاه بناء على ذلك.

لكن عارضت هذا الأصل رواية محمد بن حمران ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل أعتق عبدا له ، وللعبد مال ، لمن المال؟ فقال : إن كان يعلم أن له مالا تبعه ماله ، وإلا فهو له (١).

ومثلها روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إذا كاتب الرجل مملوكه أو أعتقه ، وهو يعلم أن له مالا ، ولم يكن استثنى السيد المال حين أعتقه ، فهو للعبد (٣).

وعليها فتوى الشيخ.

ويؤيدها رواية أبي جرير ، عن أبي الحسن عليه‌السلام عن رجل قال لمملوكه :

__________________

من أبي وأبي مني وأنا وأبي شئ واحد. فقال له ابن أبي سعيد : وأسألك عن مسألة. فقال : لا أخا لك تقبل مني (إلى قوله « ع ») : وهو حر. ثم قال (يعني الراوي) : فخرج من عنده وافتقر حتى مات. ولم يكن عنده مبيت ليله ـ لعنه الله (الكافي كتاب العتق ـ باب النوادر ـ الرواية ٦).

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤ من كتاب العتق. إلا أن فيه : سألت أبا جعفر عليه‌السلام. كما في الكافي والتهذيب.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٦ من كتاب العتق. مع اختلاف في ألفاظه فراجع.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من كتاب العتق ، وفيه : زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ولكن في الكافي والتهذيب كما في النسخ التي كانت عندنا.

٢٩٢

(السابعة) : إذا أعتق ثلث عبيده استخرج الثلث بالقرعة.

وأما السراية : فمن أعتق شقصا من عبده عتق كله ، ولو كان له شريك قوم عليه نصيبه إن كان مؤسرا ، وسعى العبد في فك باقيه إن كان المعتق معسرا.

وقيل : إن قصد الإضرار فكه إن كان مؤسرا ، وبطل العتق إن كان معسرا.

______________________________________________________

أنت حر ولي مالك ، قال : لا يبدأ بالحرية قبل العتق (المال خ) يقول : لي مالك وأنت حر ، برضا المملوك ، فإن ذلك أحب إلي (١).

وهو اختياره أيضا في النهاية.

وذكر شيخنا دام ظله في نكت النهاية ، أنه لا تنافي بين قوله : (إن المملوك لا يملك) وبين مضمون هذه الروايات ، لأن المنع من الملك مع بقاء الرقية ، لا يستلزم المنع في حال الحرية.

وفيه نظر ، منشأه أن البحث ليس في تجدد الملك ، والعتق غير مؤثر في تحصيل الملكية السالفة (السابقة خ).

فأما المتأخر فأقدم على منع الروايات ، وبني على أن العبد لا يملك.

وفي المسألة تردد ، موجبه الالتفات إلى الروايات.

« قال دام ظله » : وقيل : إن قصد الإضرار فكه ، إن كان موسرا ، وبطل العتق ، إن كان معسرا.

قلت : إذا أعتق العبد المشترك (إما) أن يكون المعتق موسرا أو معسرا ، فإن كان الأول (إما) إن قصد الإضرار أو لا.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٥ من كتاب العتق.

٢٩٣

            ___________________________________________________

فإن قصده ، قال في النهاية والخلاف : عليه أن يفك نصيب الآخر ، وبه تشهد رواية الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه سئل عن رجلين كان بينهما عبد ، فأعتق أحدهما نصيبه؟ فقال : إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله ، وإلا استسعى العبد في النصف الآخر (١).

ورواية ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن ذلك فساد على أصحابه ، فلا تستطيعون بيعه ، ولا مؤاجرته ، قال : يقوم قيمة ، فيجعل على الذي أعتقه عقوبة وإنما جعل ذلك بما أفسده (٢).

ومثله في رواية ابن مسكان ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ورث غلاما وله فيه شركاء ، فأعتق لوجه الله نصيبه ، فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة ، وهو موسر ، ضمن للورثة ، وإذا أعتق (نصيبه قيه) لوجه الله ، كان الغلام قد أعتق من حصة من أعتق ، ويستعملونه على قدر ما أعتق منه له ، ولهم ، فإن كان نصفه عمل لهم يوما وله يوما ، وإن أعتق الشريك مضارا ، وهو معسر ، فلا عتق له ، لأنه أراد أن يفسد على القوم ، ويرجع القوم على حصصهم (٣).

وقال المتأخر : العتق باطل ، لأنه ما قصد به وجه الله ، وهو شرط في صحة العتق ، سواء كان موسرا أو معسرا.

وإن لم يقصد الإضرار ـ وهو القسم الثاني ـ فالعتق صحيح ، وهل يلزم بشراء

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ٢ من كتاب العتق.

(٢) الوسائل باب ١٨ حديث ٩ من كتاب العتق ، ولكن السند هكذا : هشام بن سالم ، وعلي بن النعمان ، عن ابن مسكان جميعا ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه؟ قال : إن ذلك ... إلخ

(٣) الوسائل باب ١٨ حديث ١٢ من كتاب العتق.

٢٩٤

وإن قصد القربة لم يلزمه فكه ، وسعى العبد في حصة الشريك فإن امتنع العبد استقر ملك الشريك على حصته.

______________________________________________________

الباقي؟ قال في النهاية : يستحب له ذلك ، وألا يستسعى العبد ، ولم يكن لشريكه استخدامه.

وقال في المبسوط : يلزمه (يلزم خ) شراء الباقي ، وعليه المتأخر ، وهو حسن ، تمسكا بظاهر الرواية ، عن سليمان بن خالد (١).

وبما رواه عاصم ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : من كان شريكا في عبد أو أمة ، قليل أو كثير ، فأعتق حصته ولم يبعه ، فليشتره من صاحبه ، فيعتقه كذلك ، وإن لم يكن له سعة من المال (مال ئل) نظر قيمته يوم أعتق ، ثم يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق (٢).

وإن كان معسرا ـ وهو القسم الثاني من التقسيم الأول ـ قال في النهاية والخلاف : كان العتق باطلا ، إن قصد الإضرار ، وإلا يمضي في نصيبه.

ويدل على ذلك ما ذكرناه من رواية ابن مسكان ، عن حريز (٣).

وبه أخرى ، عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤) وهي مرسلة.

وقال المرتضى في الانتصار : يقوم على الموسر ، ويستسعى العبد مع إعساره ، وما تعرض للأضرار وعدمه.

فمحصول هذه الجملة ، إن مع اليسر وعدم الإضرار ، يقوم على المعتق ، ومع العسر يستسعى العبد ، ويبطل العتق مع الإضرار على كل حال.

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ٩ من كتاب العتق.

(٢) الوسائل باب ١٨ حديث ٣ من كتاب العتق.

(٣) الوسائل باب ١٨ حديث ١٢ من كتاب العتق

(٤) الوسائل باب ١٨ حديث ١١ من كتاب العتق.

٢٩٥

وإذا أعتق الحامل تحرر الحمل ولو استثنى رقه لرواية السكوني (١). وفيه مع ضعف السند إشكال منشأه عدم القصد إلى عتقه.

وأما العوارض : فالعمى ، والجذام ، وتنكيل المولى بعبده.

وألحق الأصحاب الإقعاد ، فمتى حصل أحد هذه الأسباب فيه انعتق.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وإذا أعتق الحامل ، تحرر الحمل ، ولو استثنى رقه ، لرواية السكوني ، إلى آخره.

هذه رواها النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام ، في رجل أعتق أمته ، وهي حبلى ، فاستثنى ما في بطنها ، قال الأمة حرة ، وما في بطنها حر ، لأن ما في بطنها منها (٢).

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وأقدم المتأخر على منعها ، وذهب إلى صحة الاستثناء ، وهو قريب من المذهب ، وحمل الرواية على التقية ، لأنها موافقة لمذهب الشافعي ، إشارة إلى أن عند الشافعي ، الحمل بمنزلة عضو من الأعضاء.

« قال دام ظله » : والحق الأصحاب ، الإقعاد ... إلخ.

قلت : نسب الإلحاق إليهم ، لأن الروايات خالية عنه ، ففي رواية ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال : إذا عمى المملوك عتق (٣).

ومثله روى إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (٤).

وفي رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام إذا عمى أو

__________________

(١) الوسائل باب ٦٩ حديث ١ من. كتاب العتق ج ١٦ ، ص ١٧.

(٢) الوسائل باب ٦٩ حديث ١ من. كتاب العتق ج ١٦ ، ص ١٧.

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ١ من كتاب العتق.

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ٦ من كتاب العتق ، ولفظه هكذا : إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إذا عمى المملوك أعتقه صاحبه ولم يكن له أن يمسكه.

٢٩٦

وكذا لو أسلم العبد في دار الحرب سابقا على مولاه.

وكذا لو كان وارثا ولا وارث له غيره دفعت قيمته إلى مولاه.

______________________________________________________

جذم ، فلا رق عليه. (١)

وفي رواية ابن محبوب ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كل عبد يمثل (مثل خ ئل) به ، فهو حر (٢).

وفي رواية هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، في من نكل بمملوكه أنه حر ، لا سبيل له عليه سائبة يذهب يتوالى (فيتولى إلى خ) من أحب ، فإذا ضمن حدثه فهو يرثه (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٢ من كتاب العتق ، نقل بالمعنى ، فلاحظ.

(٢) الوسائل باب ٢٢ حديث ١ من كتاب العتق.

(٣) الوسائل باب ٢٢ حديث ٢ من كتاب العتق

٢٩٧

٢٩٨

كتاب

التدبير والمكاتبة والاستيلاد

٢٩٩

كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد

أما التدبير

فلفظة الصريح : أنت حر بعد وفاتي. ولا بد فيه من النية ولا حكم لعبارة الصبي ولا المجنون ولا السكران ولا المحرج (١) الذي لا قصد له.

وفي اشتراط القربة تردد.

ولو حملت المدبرة من مولاها لم يبطل تدبيرها ، وتعتق بوفاته من الثلث.

ولو حملت من غيره بعد التدبير فالولد مدبر كهيئتها ، ولو رجع المولى

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي اشتراط القربة تردد.

منشأ التردد أن التدبير نوع من العتق ، فيشترط فيه القربة كالعتق.

ويمكن أن يقال : هو بمنزلة الوصية ، فلا قربة ، والأول اختيار المتأخر ، والثاني أشبه ، ويدل عليه إطلاق الروايات بالتدبير (٢).

« قال دام ظله » : ولو حملت المدبرة من غيره بعد التدبير ، فالولد مدبر كهيئتها ، إلى آخره.

__________________

(١) بالحاء المهملة وهو الملجأ إلى التدبير (الرياض).

(٢) لاحظ الوسائل باب ١١ من أبواب التدبير.

٣٠٠