كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

فلو غرق أب وابن ورث الأب أولا نصيبه منه ، ثم ورث الابن من أصل تركة أبيه لا مما ورث منه ، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

ولو كان لأحدهما وارث أعطي ما اجتمع لذي الوارث ، وما اجتمع

______________________________________________________

وهذا أيضا غير وارد عليه ، لأن فرض الشئ لا ينافي اللا إمكان (الإمكان خ) بالعادة.

نعم يرد عليه أن الإرث لا يكون إلا في تركة الميت ، وما ورثه غير ما خلفه ، فلا إرث فيه.

وإن القول بالتوريث مما ورث منه مستلزم لتخيير الحاكم على منع بعض الورثة ، وتخصيص الآخر بمال كثير ، بغير سبب شرعي في صورة أخوين متساويين الاستحقاق والنسب ، مختلفي الورثة ، وترك أحدهما ألف دينار ، والآخر دينارا واحدا ، والاتفاق هنا قائم على جواز التقديم ، فأيهما قدم ، يكون ورثة الآخر ممنوعين ، فهذا التخيير ممنوع ومعنا ، أن مستلزم الممنوع ممنوع ، قضية بديهية.

ويرد عليه أيضا أن ما رواه حمران بن أعين ، عمن ذكره ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، في قوم غرقوا جميعا أهل بيت (البيت ئل) ، قال : يورث هؤلاء من هؤلاء ، وهؤلاء من هؤلاء ، ولا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا ، ولا يورث هؤلاء مما ورثوا هؤلاء شيئا (١) ينافيه (٢).

(فإن قيل) : على الأول ، نحن نفرض أنه من تركة الميت ، وعلى الثاني أن كونه ممنوعا في صورة ، غير مستلزم لكل الصور ، وعلى الرواية أنها مرسلة لا يعمل بها (فأجيب) بأن فرض الشئ لا يفيد وقوعه في نفس الأمر (وعن الثاني) أنه لا قائل بالفصل (وعن الرواية) أنها منجبرة بعمل كثير من الأصحاب ، وبما قلناه.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.

(٢) قوله قده : (ينافيه) خبر لقوله : (ما رواه).

٤٨١

للآخر للإمام عليه‌السلام.

ولو لم يكن لهما وارث ، غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الإمام عليه‌السلام.

وإذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم كالأخوين ، فإن كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.

وإن كان لأحدهما مال صار ماله لأخيه ، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ، ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الإمام عليه‌السلام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا ، وكان ميراث كل منهما لورثته.

الرابع في ميراث المجوس :

وقد اختلف الأصحاب فيه

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو لم يكن لهما وارث غيرهما ، انتقل مال كل منهما إلى الآخر ، ثم منهما إلى الإمام عليه‌السلام.

يسأل هنا عن فائدة الانتقال ، إذ على التقديرين ، المال للإمام عليه‌السلام (والجواب) هو إمكان تعلق الحقوق الواجبة أصلا وفرعا (عرضا خ) (أو غيرهما خ) بذمتهما (بذمتهم خ) وذمة أحدهما (هم خ) فتنتقل ليتصرف (ليصرف خ) فيها أو ليتصرف (ليصرف خ) منها ، ثم ينتقل الباقي إلى الإمام عليه‌السلام.

في ميراث المجوس

« قال دام ظله » : الرابع ، في ميراث المجوس ، وقد اختلف الأصحاب فيه ، إلى آخره.

لما كان المجوس يبيحون العقد على المحرمات ، ظهر (فيهم خ) نسب صحيح

٤٨٢

______________________________________________________

وفاسد ، وكذلك السبب ، وبحسب ذلك اختلف الأصحاب على أقوال ثلاثة ، فذهب الفضل بن شاذان والمفيد إلى أنهم يورثون (يرثون خ) بالنسب الصحيح والفاسد ، والسبب الصحيح لا غير.

وذهب يونس بن عبد الرحمن إلى أنهم لا يورثون إلا بالنسب والسبب الصحيحين ، وهو مذهب المفيد في كتاب الأعلام ، وأبو الصلاح في الكافي ، واختيار المتأخر ، ويظهر ذلك من كلام ابن بابويه في المقنع.

وذهب الشيخ إلى أنهم يورثون بالنسب والسبب ، صحيحين كانا أو فاسدين ، واختاره سلار ، وعليه أتباع الشيخ.

والمختار هو الأول (لنا) أن النسب الفاسد منشأه عقد الشبهة بالنسبة إلينا ، وكل نسب منشأه عقد الشبهة يستحق به الإرث ، فالنسب الفاسد يستحق الإرث.

(أما الأول) فلاشتباهه عليهم بالحلال ، واعتقادهم حل الوطء (وأما الثاني) فاتفاقي.

فأما في السبب الفاسد ، فلا يصدق أن كل سبب منشأه عقد الشبهة ، فيستحق به الإرث.

(ولنا) أن جميع آيات الإرث ، تتناول النسب الفاسد ، لكونه ولد الحلال ، والتسمية باقية ، ولا تتناول السبب الفاسد ، لبطلان العقد ، والتسمية زائلة.

واستدلوا على الثاني ، أعني مذهب يونس ـ وهو عظيم القدر والمنزلة ، كان من مصنفي الصادق عليه‌السلام (١) وتصانيفه في مذهب الشيعة تكون قرب (قريب

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ ، ولكن الظاهر أن يونس هذا كان من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام ، نعم في رجال النجاشي ما هذا لفظه : يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين بن موسى مولى بني أسد أبو محمد كان وجها في أصحابنا متقدما عظيم المنزلة ولد في أيام هشام بن عبد الملك ورأي جعفر بن محمد عليهما‌السلام بين الصفا والمروة ، ولم يرو عنه ، وروى عن أبي الحسن موسى والرضا عليهما‌السلام ،

٤٨٣

______________________________________________________

من خ) أربعمائة ـ بقوله تعالى : (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله) (١) (فإن جاؤوك (فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) (٢) (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط) (٣) وبانعقاد الإجماع ، على أن الحكم بمذهب مخالفينا في الاعتقاد غير جائز.

(والجواب) عن الآية الأولى والثالثة ، لم قلتم أن الحكم بغير ما ذهبتم إليه حكم بغير ما أنزل الله وبغير القسط؟ ومن أين أن مذهبكم هو المتصف بتلك الصفة؟

(وعن الآية الثانية) أنه أمر بمطلق الحكم فلا يتناول محل النزاع.

(وعن الإجماع) أنكم أي شئ عنيتم بالحكم ، ما يخالف مذهبنا أو مطلق الحكم؟

الأول مسلم والثاني ممنوع ، لكن من أين أن الحكم بغير ما اخترتم حكم مخالف مذهبنا؟ فلا بد من دليل.

واستدل للشيخ على مذهبه ، بروايات (منها) صريحة ، وهي ما رواه ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي ، عليهما‌السلام ، أنه كان يورث المجوسي إذا تزوج بأمه وبابنته ، من وجهين ، من وجه أنها أمه ، ووجه أنها زوجته (٤).

(ومنها) مجملة دالة بالفحوى ، وهي ما روي أن رجلا سب مجوسيا بحضرة أبي عبد الله عليه‌السلام فزبره ونهاه عن ذلك ، فقال : إنه قد تزوج بأمه؟ فقال : أما علمت أن ذلك عندهم النكاح (٥).

__________________

(انتهى) رجال النجاشي ص ٣١١ طبع بمبئ ويمكن إرادة كونه جامعا لأحاديث أصحاب الصادق والله العالم.

(١) المائدة ـ ٤٩.

(٢) المائدة ـ ٤٣.

(٣) المائدة ـ ٤٣.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ميراث المجوس.

(٥) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب ميراث المجوس.

٤٨٤

فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب ، وعن الفضل بن شاذان : أنه يورثهم بالنسب ، صحيحه وفاسده ، والسبب الصحيح خاصة ، وتابعه المفيد رحمه‌الله.

وقال الشيخ : يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.

واختيار الفضل أشبه.

فلو خلف أما هي زوجة فلها نصيب الأم دون الزوجة.

ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

______________________________________________________

وما روي عنه عليه‌السلام ، أن كل قوم دانوا بشئ ، يلزمهم حكمه (١).

ولاختلاف دلالتي الروايتين ، قال في النهاية عند الاستدلال : وبه تشهد الروايات ، ثم قال عقيب ذلك بكلام (كلاما خ) مع أنه قد رويت (وردت خ) الرواية الصريحة بذلك ، إشارة إلى رواية السكوني (٢).

ودق عليه المتأخر مشنعا بأنه لم قال في الأول : (روايات) بالجمع ، وفي الأخير (رواية) بالتوحيد ، وهو تناقض.

قلت : أبصر ضعف نظر هذا المشنع ما تنبه (يتنبه خ) لمدلول الروايات ، على أن الشيخ قد نبه على ذلك ، بقوله : قد رويت الرواية الصريحة.

(والجواب) عن الرواية الأولى ، أن السكوني عامي ضعيف ، لا يعتمد على ما ينفرد به ، و (عن الثانية والثالثة) أنهما مرسلتان ، على أنهما غير دالتين على محل النزاع.

« قال دام ظله » : ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

صورة هذا : رجل تزوج بنت بنته فأولد منها ولدا ، فتوفي ، فتكون بنت الرجل.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٣ من أبواب ميراث المجوس.

(٢) المتقدمة قبيل ذلك.

٤٨٥

ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت ، لأنه لا ميراث للأخت مع البنت.

خاتمة في حساب الفرائض

مخارج الفروض ستة :

ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

______________________________________________________

للصلب جدة هذا الولد وأخته. (١)

« قال دام ظله » : خاتمة في حساب الفرائض ، إلى آخرها.

وليس فيها إشكال فأحكيه (فأحله خ) لكن أذكر زيادة على ما ذكره دام ظله تماس (لماس خ) الحاجة إليها.

فأقول : إذا كان في الفريضة نصفان ، فمخرجه من اثنين ، وكذا إذا كان نصف وما بقي.

وإن حصل فيهما ربع ونصف ، أو ربع وما بقي ، فمن أربعة ، والثمن وما بقي ، فمن ثمانية.

والثمن والثلث والسدس من أربعة وعشرين.

والربع مع السدس أو الثلث من اثني عشر.

ونعني بقولنا : وما بقي من سهم صاحب الفرض.

وهو يكون باجتماع صاحب الفرض وغيره ، فيأخذ صاحب الفرض المسمى له.

وما بقي إن انقسم على الورثة فلا بحث ، وإن انكسر نضرب سهام المنكسر عليهم ، في أصل الفريضة حتى يحصل المطلوب.

(قال خ) (٢) : وإذا اجتمع عددان ، فلا يخلو إما أن يكونا متساويين أو لا.

(فالأول) لا يحتاج إلى ضرب ، بل يحصل المطلوب منه.

__________________

(١) من قوله قده : قال دام ظله (إلى قوله) : وأخته ليس في بعض النسخ ، ولكنه موجود في عدة نسخ.

(٢) وفي بعض النسخ بعد قوله : (المطلوب) هكذا : زيادة أخرى وإذا اجتمع ... إلخ.

٤٨٦

فالنصف من اثنين.

والربع من أربعة.

والثمن من ثمانية.

والثلثان والثلث من ثلاثة.

والسدس من ستة.

والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر :

وما كان بقدرها ، فإن انقسم من غير كسر ، وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة.

مثل : أبوين وخمس بنات ، وتنكسر الأربعة على الخمسة ، فتضرب خمسة في أصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة ، لأنه الأوفق بين نصيبهن وعددهن.

______________________________________________________

(والثاني) وهو المختلفان إما أن يفني أقلهما الأكثر ، ويسمى المتداخلين ، ويحصل المطلوب من الأكثر.

وإما أن لا يفني ، ويسمى متوافقين ، وهو المصطلح عليه في هذا الكتاب ، أو مشتركين على اصطلاح بعض الفضلاء ، والباقي لو أفنى الآخر ، يكون بينهما اشتراك ، أو الوفق ، (فيفق خ) في مخرجه

وإن لم يفنه فيفنيه الباقي (١) وعلى هذا إلى أن يبقى واحد ، فيسمى متباينين ، فيحصل المطلوب بضرب أحد العددين في الآخر.

وفي المتوافقين يحصل بضرب محل الوفق أو مخرج الاشتراك على اختلاف العبارتين في العدد الآخر ، والمعتبر وفق العدد لا النصيب.

__________________

(١) في بعض النسخ : قالا : فالاشتراك أو الوفق في مخرج الباقي.

٤٨٧

ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في أصل الفريضة.

مثل : أبوين وست بنات ، للبنات أربعة ، وبين نصيبهن وهو أربعة ، وعددهن وهو ستة ، وفق ، وهو النصف ، فتضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة ، فما اجتمع صحت منه الفريضة.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ، ويدخل النقص على البنت أو البنات أو (على خ) من يتقرب بالأب والأم أو الأب.

مثل : أبوين وزوج وبنت ، فللأبوين السدسان ، وللزوج الربع ، والباقي للبنت.

وكذا أبوان أو أحدهما : وبنت أو بنتان وزوج ، النقص يدخل على البنت أو البنات.

واثنان من ولد الأم وأختان للأب والأم أو للأب مع الزوج أو الزوجة ، يدخل النقص على من يتقرب بالأب والأم أو الأب خاصة.

ثم إن انقسمت الفريضة على صحة ، وإلا ضربت سهام من انكسر عليه (عيلهم خ) في أصل الفريضة.

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب.

ولا يرد على الزوج والزوجة ، ولا على الأم مع وجود من يحجبها ، مثل : أبوين وبنت.

فإذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وإن كان حاجب فالرد أرباعا ، تضرب مخرج سهام الرد في أصل

٤٨٨

الفريضة ، فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في المناسخات

ونعني به أن يموت الإنسان فلا تقسم تركته ، ثم يموت أحد وراثه.

ويتعلق الفرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فإن اختلف الوارث الاستحقاق أو هما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه ، وإلا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة

______________________________________________________

« قال دام ظله » : تتمة في المناسخات ، إلى آخرها.

المناسخة أن يموت أحد الورثة (الوارث خ) قبل القسمة ، وله ورثة أخرى.

فإن كان نصيبه ينقسم عليهم ، فلا بحث ، ويتصور في مثل إخوة مع أخوات ، من جهة الأب.

وإن انكسر ، فإن كان بين نصيب الميت الثاني والفريضة الثانية وفق ، فاضرب وفق الفريضة ـ لا النصيب ـ في الفريضة الأولى ، فما بلغ فهو المطلوب.

ولنبين في مثال ، أخوان من أب ، وإخوان من أم وزوج ، ثم مات الزوج ، وخلف ابنا وبنتين ، فالفريضة الأولى إثنا عشر ، نصيب الزوج منها ستة ، تنكسر (فتنكسر خ) على سهام ورثته ، وهي أربع ، وبين نصيبه وسهامهم ـ وهي الفريضة الثانية ـ وفق بالنصف ، فتضرب وفق الفريضة في الفريضة الأولى فيحصل المطلوب.

وإن كان بينهما تباين ، فاضرب الفريضة (الثانية خ) في الفريضة الأولى ، وعلى هذا الحساب لو كثر الموتى تعمل في الثالثة مع الأولى والثانية ، مثل ما عملت في الثانية مع الأولى ، وكذا في الرابعة معها.

« وقوله دام ظله » : « فإن اختلف الوراث (الوارث خ) أو الاستحقاق أو هما » مثال الأول ، متوفى خلف أولادا ، ثم مات أحدهم ، وخلف أولادا أخر (والثاني)

٤٨٩

الأولى ، إن كان بين الفريضتين وفق.

وإن لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الأولى ، فما بلغ صحت منه الفريضتان.

______________________________________________________

خلف أولادا من الأب ، ثم مات أحدهم ، وخلف معهم إخوة لأم (والثالث) خلف بنتين (بنين خ) ثم مات إحداهما (أحدهم خ) وخلف ابنين (بنين خ) وبنات ، فورثة الثاني ، غير ورثة الأول ، واستحقاقهم مخالف لاستحقاقهم ، والله أعلم بالصواب.

٤٩٠

كتاب القضاء

٤٩١

كتاب القضاء

والنظر في : الصفات والآداب وكيفية الحكم وأحكام الدعوى.

والصفات ست : التكليف والإيمان والعدالة وطهارة المولد والعلم والذكورة.

ويدخل في العدالة اشتراط الأمانة والمحافظات على الواجبات.

ولا ينعقد إلا لمن له أهلية الفتوى ، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولا بد أن يكون ضابطا ، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

______________________________________________________

القضاء في الاصطلاح ، هو الحكم بين الناس على وجه شرعي ، لمن (ممن خ) له أهلية الحكم ، وهو في مرتبة عالية ودرجة سامية ، لكن التعرض لذلك خطر ، والتخلص فيه (منه خ) عسر ، قال عز من قائل : (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (١) (وفي موضع خ) (هم الظالمون) (٢) (وفي موضع خ) (هم الفاسقون) (٣) (آية تتلو آية خ) وقال : (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل). (٤)

وهو يستدعي حصول المعرفة التامة بالأصول والفروع ، ولا يعتمد على فتوى

__________________

(١) المائدة ـ ٤٤ ـ ٤٥ ـ ٤٧ على الترتيب.

(٢) المائدة ـ ٤٤ ـ ٤٥ ـ ٤٧ على الترتيب.

(٣) المائدة ـ ٤٤ ـ ٤٥ ـ ٤٧ على الترتيب.

(٤) النساء ـ ٥٨.

٤٩٢

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الأشبه : نعم ، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا بها.

______________________________________________________

الكتب والرجال.

ولهذا قال دام ظله : (ولا ينعقد إلا لمن له أهلية الفتوى) هو أن يكون عارفا بالكتاب ناسخه ومنسوخه عامه وخاصه ندبه وإيجابه ، عالما باللغة والإعراب ، لقول الصادق عليه‌السلام : ونحن قوم فصحاء ، فإذا رويتم عنا (حديثا خ) فأعربوه (ها خ) (١).

وقال : من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرضا (الرحمة خ) وملائكة العذاب. (٢)

وعنه عليه‌السلام من حكم درهمين بغير ما أنزل الله ، فهو كافر (٣).

« قال دام ظله » : وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الأشبه نعم ، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا بها.

اختلف في أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هل كان عالما بالكتابة بعد البعثة أم لا؟ المروي نعم ، لاحتياج الحكومة إليها ، وقيل : لا ، لقوله تعالى : (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) (٤).

فمن قال بالأول ، يشترط هنا الكتابة ، ومن قال بالثاني ، لا يشترط.

ويرد عليه أنه ربما كان في طرفه عليه‌السلام لحسن ضبطه وحفظه وأمنه من النسيان.

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢٥ من أبواب صفات القاضي ، ولفظه في الوسائل هكذا : أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب صفات القاضي ، وتمامه : ولحقه وزر من عمل بفتياه.

(٣) راجع الوسائل باب ٥ من أبواب صفات القاضي ، تجد هذا في غير واحد من أخبار الباب.

(٤) العنكبوت ـ ٤٨.

٤٩٣

ولا ينعقد للمرأة.

وفي انعقاده للأعمى تردد ، والأقرب : أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة.

وفي اشتراط الحرية تردد ، الأشبه : أنه لا يشترط.

ولا بد من إذن الإمام ، ولا ينعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.

ومع عدم الإمام عليه‌السلام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق من نفسه

______________________________________________________

والأول اختيار الشيخ في المبسوط وأتباعه والمتأخر ، وكذا اختار ألا يكون أعمى ، وهو أقرب احتياطا ، لوقوع الغلط والاشتباه.

« قال دام ظله » : وفي اشتراط الحرية تردد ، الأشبه أنه لا يشترط.

منشأ التردد النظر إلى فتوى الشيخ في المبسوط بالاشتراط ، وما نعرف المستند.

والوجه الانعقاد ، ولو كان عبدا ، عملا بالأصل ، ولقول الصادق عليه‌السلام : من روى أحاديثنا ، وعرف أحكامنا ، فاجعلوه قاضيا فإني جعلته قاضيا (١) ولفظ (من) يتناول الحر والعبد.

« قال دام ظله » : وقبول القضاء ، عن السلطان العادل مستحب ، لمن يثق بنفسه ،

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٦ من أبواب صفات القاضي ، ولفظه هكذا : عن أبي خديجة ، قال : بعثني أبو عبد الله عليه‌السلام إلى أصحابنا ، فقال : قل لهم : إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تدارى في شئ من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق ، اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضيا ، وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر ، وليلاحظ حديث ١ من هذا الباب أيضا وإن كان لفظه مختلفا.

٤٩٤

(بنفسه خ) ، وربما وجب.

النظر الثاني : في الآداب

وهي مستحبة ومكروهة :

فالمستحب : إشعار رعيته بوصوله إن لم يشتهر خبره.

والجلوس في قضائه مستدبر القبلة ، وأن يأخذ ما في يد المعزول من

______________________________________________________

وربما وجب.

أقول : استحباب القبول يكون في موضع يوجد مثله ، ولا يلزمه حاكم الأصل إلزاما بتة (البتة خ) ومع نقيض الشرطين وجب القبول ، ولهذا قال الشيخ في الخلاف : لو ألزمه الإمام عليه‌السلام ، لم يكن له الامتناع.

ورد عليه شيخنا دام ظله في الشرائع ، وقال : نحن نمنع الإلزام ، إذ الإمام عليه‌السلام ، لا يلزم بما ليس لازما.

والذي يظهر أن هذا غير وارد على كلام الشيخ ، لأنه قال في مقدم كلامه (الكلام خ) : متى عين الإمام عليه‌السلام واحدا مع وجود مثله لم يكن له الامتناع منه ، لأن المعصوم إذا أمر لا يجوز خلافه ، فمنع الامتناع ، لأنه مخالفة المعصوم ، لا لأنه لازم له ، والإمام لا بد له من تعيين واحد (أحد خ) فلو جوزنا الامتناع (من قبوله خ) لكان تجويزا لمخالفة الإمام عليه‌السلام ، وهو غير جائز. (١)

« قال دام ظله » : والجلوس في قضائه مستدبر القبلة.

هذا مذهب الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، ليكون وجه الخصوم إلى القبلة ، فيكون أردع ، وعليه المتأخر.

وقال في المبسوط : مستقبل القبلة ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : خير المجالس ما استقبل به القبلة (٢).

__________________

(١) في أكثر النسخ (غير لازم) بدل قوله (غير جائز) والصواب ما أثبتناه.

(٢) الوسائل باب ٧٦ حديث ٣ من أبواب العشرة من كتاب الحج ٨ ص ٤٧٥.

٤٩٥

حجج الناس وودائعهم ، والسؤال عن أهل السجون وإثبات أسمائهم والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب إطلاقه ، وتفريق الشهود عند الإقامة ، فإنه أوثق ، خصوصا في موضع الريبة ، عدا ذوي البصائر ، لما يتضمن من الغضاضة (١) ، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه (٢) في المسائل المشتبهة.

والمكروهات : الاحتجاب وقت القضاء ، وأن يقضي مع ما يشغل النفس ، كالغضب والجوع والعطش والغم والفرح والمرض وغلبة النعاس ، وأن يرتب قوما للشهادة ، وأن يشفع إلى الغريم في إسقاط الحق أو إبطاله.

مسائل خمس

(الأولى) للإمام عليه‌السلام أن يقضي بعلمه في الحقوق مطلقا ،

______________________________________________________

« قال دام ظله » : للإمام عليه‌السلام أن يقضي بعلمه في الحقوق مطلقا (ولغيره خ) في حقوق الناس ، وفي حقوق الله قولان.

القولان للشيخ قال في النهاية : للإمام عليه‌السلام أن يحكم بعلمه في حقوق الله (٣) وليس لغيره ذلك.

وقال في الخلاف : للحاكم أن يحكم بعلمه في الحقوق كلها ، وحكى ذلك عن المرتضى.

وقول النهاية أشبه ، لأن حدود الله مبنية على التخفيف.

__________________

(١) هي الحقارة.

(٢) أي : يعينه ، من الخوض في المطالب ، والمراد هنا الخوض في المطالب المتعلقة بالقضاء لئلا يقع. في الخطأ حينا.

(٣) راجع الوسائل باب ١٨ من أبواب كيفية الحكم فإنه ربما يستفاد منه ذلك.

٤٩٦

ولغيره عليه‌السلام في حقوق الناس ، وفي حقوق الله قولان.

(الثانية) إن عرف عدالة الشهود حكم ، وإن عرف فسقهما أطرح ، وإن جهل الأمرين فالأصح : التوقف حتى يبحث عنهما.

(الثالثة) تسمع شهادة التعديل مطلقة ، ولا تسمع شهادة الجرح إلا مفصلة.

(الرابعة) : إذا التمس الغريم إحضار غريمه (الغريم خ) وجب إجابته ولو كان امرأة إن كانت برزة.

ولو كان مريضا أو امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.

(الخامسة) الرشوة على الحاكم حرام ، وعلى المرتشي إعادتها.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : إن عرف عدالة الشهود ، حكم ، إلى آخره.

أقول : حال الشهود لا يخلو من ثلاثة (إما) معلوم العدالة ، وهو يقتضي قبول الشهادة (وإما) معلوم الفسق ، وهو يقتضي إطراحها (وإما) مجهول الحال ، وهنا قولان ، قال الشيخ : يقبل ، مستدلا بالإجماع ، وبأن الأصل في المسلم هو العدالة ، وبأنه لم ينقل عن الصحابة ، والتابعين البحث عن حال المسلم.

وقال المفيد وسلار : يتوقف حتى يستبين حالهم.

وهو الوجه ، واختاره المتأخر وشيخنا دام ظله.

(والجواب) عن الإجماع منعه (وعن الثاني) أن الإسلام لا يقتضي العدالة ، وقوله (فقولكم خ) (قولك خ) : الأب الأصل في المسلم هو العدالة بهذا المعنى مسلم ، وبمعنى آخر ممنوع ، وقد يجوز (جاز خ) (جوزنا خ) تأخر المقتضى عن المقتضي لمانع ، فلا تكون العدالة متحققة ، وشرط قبول الشهادة هو العلم بالعدالة ، لا التجويز.

(وعن الثالث) إن عدم النقل لا يدل على عدم الوقوع ، ولو ثبت لا يكون حجة ، لجواز عدم الحاجة إليه في أعصارهم.

٤٩٧

النظر الثالث : في كيفية الحكم

وفيه مقاصد :

الأول في وظائف الحاكم ، وهي أربع :

(الأولى) التسوية بين الخصوم في السلام والكلام والمكان والنظر ، والانصات والعدل في الحكم.

ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا.

(الثانية) لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهر به على خصمه.

(الثالثة) إذا سكتا استحب له أن يقول : تكلما ، أو إن كنتما حضرتما لشئ فاذكراه ، أو ما ناسبه.

(الرابعة) إذا بدر أحد الخصمين سمع منه ، ولو قطع عليه غريمه منعه حتى ينتهي دعواه وحكومته

ولو ابتدرا بالدعوى سمع من الذي عن يمين صاحبه.

وإن اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.

المقصد الثاني في جواب المدعى عليه :

وهو إما إقرار ، أو إنكار ، أو سكوت.

أما الإقرار فيلزم إذا كان جائز الأمر ، رجلا كان أو امرأة ، فإن التمس المدعي الحكم به حكم له.

ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه ، أو يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحيلة.

٤٩٨

ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة.

ولو التمس حبسه حبس ، ولو ادعى الإعسار كلف البينة ، ومع ثبوته ينظر.

وفي تسليمه إلى الغرماء رواية ، وأشهر منها : تخليته.

ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.

وأما الإنكار ، فعنده يقال للمدعي : ألك بينة؟ فإن قال : نعم ، أمر بإحضارها ، فإذا حضرت سمعها.

ولو قال : البينة غائبة ، أجل بمقدار إحضارها.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي تسليمه إلى الغرماء ، رواية ، وأشهر منها تخليته.

هذه رواها السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام ، إن عليا عليه‌السلام كان يحبس في الدين ، ثم ينظر ، فإن كان له مال أعطى الغرماء ، وإن لم يكن له مال ، دفعه إلى الغرماء ، فيقول لهم : اصنعوا به ما شئتم (الحديث) (١).

والسكوني عامي وأشهر منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : كان علي عليه‌السلام ، لا يحبس في السجن (٢) (إلا ثلاثة ، الغاصب ، ومن أكل مال اليتيم (يتيم خ) ظلما ، ومن اؤتمن على أمانة ، فذهب بها ، وإن وجد له شيئا باعه غائبا كان أو شاهدا (٣).

« قال دام ظله » : فإن قال : نعم ، أمر بإحضارها.

الأمر هنا بمعني القول ، تقديره يقول له : أحضرها ، وليس هذا القول لازما له ،

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من كتاب الحجر ، وتمامه : إن شئتم أجروه ، وإن شئتم استعملوه.

(٢) وفي الوسائل كما في التهذيب (في الدين) بدل (في السجن).

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب كيفية الحكم.

٤٩٩

وفي تكفيل المدعي عليه تردد.

ويخرج من الكفالة عند انقضاء الأجل ، وإن قال : لا بينة ، عرفه الحاكم أن له اليمين.

ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي. فإن تبرع أو أحلفه الحاكم لم يعتد بها ، وأعيدت مع التماس المدعي.

ثم المنكر : إما أن يحلف أو يرد ينكل.

فإن حلف سقطت الدعوى ، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجزله المقاصة ، ولو عاود الخصومة لم يسمع دعواه.

ولو أقام بينة لم تسمع.

وقيل : يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته ، فإن رد اليمين على

______________________________________________________

وتبع شيخنا كلام الشيخ في النهاية ، والأولى السكوت عند ذلك ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف ، وعليه المتأخر.

« قال دام ظله » : وفي تكفيل المدعى عليه هنا ، تردد.

منشأ التردد أن في التكفيل احتياطا في حفظ الأموال ، وهو مختار الشيخ في النهاية ، وإلا فمقتضى الأصل عدم التكفيل ، لأنه كالحبس بغير استحقاق ، اختاره في الخلاف ، وتبعه المتأخر ، وهو الذي اعتقده ، إلا في موضع الريبة.

« قال دام ظله » : ولو أقام بينة لم تسمع.

هذا اختيار الشيخ في كتبه ، وقال المفيد تسمع ما لم يشترط الحالف ، سقوط الحق ، وبالأول روايات (١) وهو أشبه ، حذرا من خلو اليمين عن فائدة.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٧ و ٨ من أبواب كيفية الحكم

٥٠٠