كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

كتاب الصيد والذبائح

٣٤١

كتاب الصيد والذبائح

يؤكل من الصيد ما قتله السيف والرمح والسهم والمعراض إذا خرق.

ولو أصاب السهم معترضا حل إن كان فيه حديدة ، ولو خلا منها لم يؤكل إلا أن يكون حادا فخرق.

وكذا ما يقتله الكلب المعلم دون غيره من الجوارح.

ولا يؤكل ما قتله الفهد وغيره من جوارح البهائم.

ولا ما قتله العقاب وغيره من جوارح الطير إلا أن يذكى ، وإدراك ذكاته بأن يجده ورجله تركض أو عينه تطرف. وضابطه حركة الحيوان.

ويشترط في الكلب أن يكون معلما يسترسل إذا أغري وينزجر إذا زجر ، وأن لا يعتاد أكل صيده ، ولا عبرة بالندرة.

ويعتبر في المرسل أن يكون مسلما أو بحكمه قاصدا بإرساله الصيد مسميا عند الإرسال. فلو تركه (ترك خ) التسمية عمدا لم يؤكل صيده ، ويؤكل لو نسي إذا اعتقد الوجوب.

ولو أرسل وسمى غيره لم يؤكل صيده إلا أن يذكيه.

٣٤٢

ويعتبر أن لا يغيب عنه ، فلو غاب وحياته مستقرة ثم وجده مقتولا أو ميتا لم يؤكل.

وكذا السهم ، ما لم يعلم أنه القاتل.

ويجوز الاصطياد بالشرك والحبالة وغيرهما من الآلات وبالجوارح لكن لا يحل منه إلا ما ذكي.

والصيد ما كان ممتنعا ، فلو قتل بالسهم فرخا أو قتل الكلب طفلا غير ممتنع لم يحل ، ولو رمى طائرا فقتله وفرخا لم يطر حل الطائر دون فرخه.

مسائل من أحكام الصيد

(الأولى) إذا تقاطعته الكلاب قبل إدراكه حل.

(الثانية) لو رماه بسهم فتردى من جبل أو وقع في ماء فمات لم يحل ، وينبغي هنا اشتراط استقرار الحياة.

(الثالثة) لو قطعه السيف باثنين ولم يتحركا حلا ، ولو تحرك أحدهما فهو الحلال إن كانت حياته مستقرة لكن بعد التذكية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو رماه بسهم ، فتردى من جبل ، أو وقع في ماء فمات ، لم يحل.

هذا الإطلاق للشيخ في النهاية ، وشرط في المبسوط استقرار الحياة ، وإن مع عدمه لا يحل ، وهو مقتضى المذهب ، واختيار المتأخر وشيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : لو قطعه السيف باثنين (اثنتين خ) ولم يتحركا حلا ، إلى آخره.

قلت : إذا قطع الصيد أو غيره باثنتين ، فلا يخلو إما أن يتحركا أو لا يتحركا ، أو تحرك أحدهما دون الآخر.

(فالأول) يؤكل إن لم تكن الحياة مستقرة ، وألا يؤكل الذي فيه الرأس بعد

٣٤٣

ولو لم تكن مستقرة حلا. وفي رواية : يؤكل الأكبر دون الأصغر (١). وهي شاذة. ولو أخذت الحبالة منه قطعة فهي ميتة.

______________________________________________________

التذكية ، ويرمي بالباقي (بالثاني خ) لأنه بمنزلة قطعة أخذت من حي.

وقال في الخلاف (٢) ـ على الإطلاق ـ : أكل الذي مع الرأس ، إن كان أكثر دون الباقي ، والأول أشبه ، وعليه المتأخر.

(والثاني) يؤكلان معا ، وقيد في النهاية بخروج الدم ، وهو حسن ، وعليه أتباعه ، عملا بالغالب في العادة.

وبالإطلاق رواية ، عن النضر بن سويد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام رفعه (٣).

(وإن) تحرك أحدهما دون الآخر ـ وهو الثالث ـ قال في النهاية : يؤكل المتحرك دون الآخر.

ولعل المستند ما رواه النضر بن سويد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، ما لم يتحرك أحد النصفين حلا ، وإن تحرك أحدهما حل دون الآخر (٤).

وقال المتأخر : يؤكلان ، إذا سال منهما الدم ، والرواية مطلقة.

وفي رواية النوفلي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إذا قطعته

__________________

(١) هذه الجملة بعينها لم نجدها في الأخبار ، لكن يستفاد هذا المضمون مما رواه الوسائل باب ٢٥ حديث ١ و ٢ من أبواب الصيد ج ١٦ ص ٢٢٣.

(٢) عبارة الخلاف ـ في كتاب الصيد والذباحة ـ هكذا : مسألة ١٧ إذا قطع الصيد بنصفين حل أكل الكل بلا خلاف ، وإن كان الذي مع الرأس أكبر (أكثر خ) حل الذي مع الرأس دون الباقي ... الخ.

(٣) الوسائل باب ٣٥ حديث ٣ من أبواب الصيد : في الظبي وحمار الوحش يعترضان بالسيف فيقدان؟ قال : لا بأس بكليهما ، ما لم يتحرك أحد النصفين ، فإذا تحرك أحدهما لم يؤكل الآخر ، لأنه ميتة.

ولكن في الوسائل : عن النضر بن سويد ، عن بعض أصحابه رفعه : في الظبي.

(٤) قد ذكرناه في ذيل الحديث السابق ، ولا يخفى أن الشارح قده نقله بالمعنى.

٣٤٤

(الرابعة) إذا أدرك الصيد وفيه حياة مستقرة ولا آلة (له خ) فيذكيه لم يحل حتى يذكى. وفي رواية جميل : يدع الكلب حتى يقتله (١).

______________________________________________________

جزءين ، فارم بأصغرهما ، وكل الأكبر ، وإن اعتدلا فكلهما (٢).

وفي رواية إسحاق بن عمار : يؤكل ما يلي الرأس ، ويدع الذنب (٣).

وفي إسحاق كلام ، وفي الطريق يحيى بن المبارك مجهول الحال.

« قال دام ظله » : إذا أدرك الصيد ، وفيه حياة مستقرة ، ولا آلة فيذكيه (ليذكيه خ) لم يحل حتى يذكى ، وفي رواية جميل ، يدع الكلب حتى يقتله.

روى هذه ، محمد بن يعقوب صاحب الكافي ، بسند صحيح مرفوعا (٤) إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الرجل يرسل الكلب على الصيد ، فيأخذه ، ولا يكون معه سكين ، فيذكيه بها ، أفيدعه حتى يقتله ، ويأكل منه؟ قال : لا بأس ، قال الله عزوجل : فكلوا مما أمسكن عليكم (الحديث) (٥).

وروي في التهذيب هذه عن أبي مالك الحضرمي ، عن جميل بن دراج عنه عليه السلام (٦).

وعليها فتوى الشيخ أبي جعفر محمد بن بابويه ، وهو أشبه.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ٤ من أبواب الصيد ج ١٦ ص ٢٢٤.

(٢) الوسائل باب ٣٥ حديث ٤ من أبواب الصيد ، ولكن في التهذيب سند الحديث هكذا : محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام. قال : قلت له : ربما رميت بالمعراض فأقتل؟ فقال : إذا قطعته جدلين فارم ... الخ

(٣) الوسائل باب ٣٥ حديث ٢ من أبواب الصيد ، وصدره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل ضرب غزالا بسيفه حتى أبانه أيأكله؟ قال : نعم يؤكل مما يلي الرأس ويدع الذنب.

(٤) يعني متصلا سنده إلى أحمد بن محمد.

(٥) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب الصيد ، والآية في المائدة ـ ٤.

(٦) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب الصيد.

٣٤٥

______________________________________________________

وقال المتأخر : لا يحل أكله ، واختاره شيخنا.

(لنا) النص والأثر والاعتبار.

أما النص فقوله تعالى : (فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه) (١) وأما الأثر ، فقد قدمناه.

وأما الاعتبار ، فمن وجهين أما (أولا) فلأنه إذا حل بقتله قبل الإدراك حل (فقد يحل خ) بعد الإدراك.

(أما الأولى) فمسلمة ، و (أما) الملازمة ، فإن العلة القائمة ثم ، وهو كونه صيدا ، قائمة هنا ، فوجب الحكم ، وإلا لزم تخلف العلة عن المعلول.

(فإن قيل) : لا نسلم وجود العلة هنا (قلنا) : الدليل ، النقل والعرف.

أما النقل ، فلأن المعنى من الصيد ، هو المصيد ، فبعد الإدراك لا يخرج عن ذلك.

ويدل عليها أيضا قول الشاعر :

كلاب عوت لا قدس الله روحها

فجاءت بصيد لا يحل لآكل

وقول الآخر :

جاؤوا بصيد عجب من العجب

أزرق العينين طوال (طول خ) الذنب

وأما العرف فظاهر لا ينكر ، يقال : مع فلان صيد حي وقال الله تعالى : (لا تقتلوا الصيد) (٢).

والمراد به المصيد المدرك حياته ، لتعلق النهي به ، وإلا لكان عبثا.

وأما الوجه الثاني أنه إذا جاز الذبح بغير الحديد مع العجز ، فيجوز بالكلب لعدم (بعدم خ) المخصص.

__________________

(١) المائدة ـ ٤.

(٢) المائدة ـ ٩٥.

٣٤٦

(الخامسة) لو أرسل مسلم كلبه وأرسل كافر كلبه فقتلا صيدا ، أو مسلم لم يسم أو من لم يقصد لم يحل.

(السادسة) لو رمى صيدا فأصاب غيره حل. ولو رمى لا للصيد فقتل صيدا لم يحل.

(السابعة) إذا كان الطير مالكا جناحه فهو لصائده إلا أن يعرف مالكه فيرده إليه. ولو كان مقصوصا لم يؤخذ لأن له مالكا.

ويكره أن يرمي الصيد بما هو أكبر منه.

ولو اتفق قيل : يحرم ، والأشبه : الكراهية.

وكذا يكره أخذ الفراخ من أعشاشها ، والصيد بكلب علمه مجوسي ، وصيد السمك يوم الجمعة قبل الصلاة ، وصيد الوحش والطير بالليل.

والذبائح

تستدعي بيان فصول :

______________________________________________________

(فإن قيل) : المخصص هو الإجماع (قلنا) : لا نسلم ، فإن كابروا كابرنا بمثل تلك الدعوى ، فإن رجعوا إلى الروايات ، فكذا نحن.

واستدل المتأخر بأنه ليس بصيد ، لكونه غير ممتنع.

وقد مضى الجواب ، ومعنى قول الفقهاء : الصيد ما كان ممتنعا ، أي ما من شأنه الامتناع.

« قال دام ظله » : ويكره أن يرمي الصيد بما هو أكبر منه ، ولو اتفق قيل : يحرم ، والأشبه الكراهية.

ذهب في النهاية إلى أنه لا يجوز رمي الصيد بما هو أكبر منه ، ولو خالف لم يجز أكله ، وحمله شيخنا على الكراهية في الموضعين ، وهو حسن.

٣٤٧

(الأول الذابح :

ويشترط فيه الإسلام أو حكمه ولو كان أنثى.

وفي الكتابي روايتان ، أشهرهما : المنع (١). وفي رواية ثالثة (٢) : إذا سمعت تسميته فكل ، والأفضل أن يليه المؤمن ، نعم لا تحل ذباحة المعادي لأهل البيت عليهم‌السلام

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي الكتابي روايتان ، أشهرهما المنع.

روى أبو بصير : قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تأكل من ذبيحة المجوسي ، قال : وقال لا تأكل ذبيحة نصارى تغلب ، فإنهم مشركوا العرب (٣).

وعن إسماعيل بن جابر ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تأكل ذبائحهم ، ولا تأكل في آنيتهم ، يعني أهل الكتاب (٤).

وفي رواية حماد ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن ذبائح نصارى العرب ، هل تؤكل؟ فقال : كان علي عليه‌السلام ، ينهاهم عن أكل ذبائحهم وصيدهم ، وقال : لا يذبح لك يهودي ولا نصراني أضحيتك (٥).

وعن ابن مسكان ، عن قتيبة الأعشى (في رواية) لا تأكلها فإنما هو الاسم ، ولا يؤمن عليه إلا مسلم ، فقال له الرجل : قال الله تعالى : اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : كان أبي عليه‌السلام يقول : إنما هو الحبوب وأشباهها (٦).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٦ من أبواب الذبائح.

(٢) الوسائل باب ٢٧ حديث ١٧ و ١٨ من أبواب الذبائح ج ١٦ ص ٢٨٥.

(٣) الوسائل باب ٢٧ حديث ٢٢ من أبواب الذبائح.

(٤) الوسائل باب ٢٧ حديث ١٠ من أبواب الذبائح.

(٥) الوسائل باب ٢٧ حديث ١٩ من أبواب الذبائح.

(٦) الوسائل باب ٢٦ حديث ١ من أبواب الذبائح ، والآية في الأنعام : ٥.

٣٤٨

______________________________________________________

وفيه غير ذلك من الروايات (١).

وعليها عمل الأصحاب

وحكى شيخنا ، أن المفيد ، قال في رسالته الغرية بجواز ذلك ، وهو متروك.

ويؤيد ما ذكرناه قوله تعالى : (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) (٢) وهو نص في موضع الخلاف ، لأنهم لا يرون التسمية لا فرضا ولا ندبا.

فأما ما رواه زرارة ، عن حمران ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام ، يقول : في ذبيحة الناصب واليهودي ، والنصراني لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر الله ، قلت : (فقلت خ) والمجوسي؟ قال : نعم إذا سمعته يذكر اسم الله ، أما سمعت قول الله تعالى : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه (٣).

وما رواه جميل ومحمد بن حمران ، إنهما سألا أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن ذبائح اليهود والنصارى والمجوس؟ فقال : كل ، فقال بعضهم : إنهم لا يسمون ، فقال : فإن حضرتموهم فلم يسموا ، فلا تأكلوا ، وقال : إذا غاب فكل (٤).

وما في معناهما من الروايات محمولة (٥) على حالة الضرورة ، أو التقية.

وبالتقية يشهد ما رواه بشير بن أبي غيلان الشيباني ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن ذبائح اليهود والنصارى والنصاب ، فلوى شدقه ، وقال : كلها إلى يوم ما (٦).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٦ و ٢٧ و ٢٨ من أبواب الذبائح.

(٢) الأنعام ـ ١٢١.

(٣) الوسائل باب ٢٧ حديث ٣١ من أبواب الذبائح.

(٤) الوسائل باب ٢٧ حديث ٣٣ من أبواب الذبائح.

(٥) قوله : (محمولة) خبر لقوله (فأما ما رواه زرارة ... الخ).

(٦) الوسائل باب ٢٨ حديث ٦ من أبواب الذبائح ، والشدق ، هو بالفتح والكسر جانب الفم (مجمع البحرين).

٣٤٩

(الثاني) الآلة :

ولا تصح إلا بالحديد مع القدرة ويجوز بغيره مما يفري (يقطع خ) الأوداج عند الضرورة ، ولو بمروة أو ليطة أو زجاجة.

وفي الظفر والسن مع الضرورة تردد.

______________________________________________________

فأما في ذبيحة الناصب ، فالأشهر في الروايات المنع ، (فمنها) رواية زرعة ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : ذبيحة الناصب لا تحل (١).

وفي رواية يونس بن يعقوب ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري اللحم من السوق وعنده من يذبح ويبيع من إخوانه ، فيتعمد الشراء من النصاب؟ فقال : أي شئ تسألني أن أقول؟ قال : ما يأكل إلا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير (الحديث) (٢).

ولا يحرم شيخنا دام ظله إلا من الغلاة والخوارج والمجسمة على الأقوى ، واتبعهم المجبرة على تردد.

والاجتناب في البواقي على الاحتياط ، تمسكا بما رواه زكريا بن آدم ، قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك إلا في وقت الضرورة إليه (٣).

« قال دام ظله » : وفي الظفر والسن مع الضرورة تردد.

منشأ التردد ، النظر إلى فتوى الشيخ في الخلاف بالمنع ، متصلين أو منفصلين ، مستدلا بالإجماع.

وبما رواه رافع بن خديج أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ما انهر الدم ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من أبواب الذبائح.

(٢) الوسائل باب ٢٨ حديث ٤ من أبواب الذبائح ، وتمامه : قلت : سبحان الله مثل الدم والميتة ولحم الخنزير؟ فقال : نعم وأعظم عند الله من ذلك ، ثم قال : إن هذا في قلبه على المؤمنين مرض.

(٣) الوسائل باب ٢٨ حديث ٥ من أبواب الذبائح.

٣٥٠

(الثالث) الكيفية :

وهي قطع الأعضاء الأربعة : المرئ ، والودجان ، والحلقوم.

وفي الرواية : إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس (١).

ويكفي في النحر الطعن في الثغرة.

______________________________________________________

وذكر اسم الله عليه ، فكلوا ، إلا ما كان من سن أو ظفر ، وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم من الإنسان ، وأما الظفر فمدى الحبشة (٢).

وإلا فمقتضى المذهب جواز الذبح مع الضرورة بكل ما يفري الأوداج ، وبه روايات (٣) وهو اختيار المذهب المتأخر ، وهو قريب ، ويحمل قول الشيخ على حال الاختيار

« قال دام ظله » : وفي الرواية : إذا قطع الحلقوم وخرج الدم ، فلا بأس.

هذه رواها ابن محبوب ، عن زيد الشحام ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن رجل لم يكن بحضرته سكين أيذبح بقصبة؟ قال : أذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود ، إذا لم تصب الحديدة إذا قطع الحلقوم وخرج الدم ، فلا بأس (٤).

وفي معناه رواية عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام ، قال : إذا فرى الأوداج فلا بأس (٥).

وليس في الرواية وجوب قطع الأعضاء الأربعة ، بل ذكره الشيخ في المبسوط والخلاف وانعقد الإجماع ، وعليه العمل ، وهو حسن ، وما أعرف فيه مخالفا.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٢ حديث ٣ من أبواب الذبائح ج ١٦ ص ٢٦٤.

(٢) سنن أبي داود ج ٣ ص ٢٠٢ باب في الذبيحة بالمروة حديث ١ من كتاب الأضاحي والحديث هنا منقول بالمعنى فلاحظ.

(٣) راجع الوسائل باب ٢ من أبواب الذبائح.

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب الذبائح.

(٥) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب الذبائح.

٣٥١

ويشترط استقبال القبلة بالذبيحة مع الإمكان ، والتسمية ، فلو أخل بأحدهما عمدا لم يحل ، ولو كان ناسيا حل.

ويشترط نحر الإبل وذبح ما عداها ، فلو نحر المذبوح أو ذبح المنحور لم يحل.

ولا يحل حتى يتحرك بعد التذكية حركة الحي.

وأدناه أن يتحرك الذنب أو تطرف العين ويخرج الدم المعتدل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وأدناه أن يتحرك الذنب ، أو تطرف العين ، ويخرج الدم المعتدل ، قيل : تكفي الحركة ، وقيل : يكفي أحدهما ، وهو أشبه.

ذهب المفيد وسلار إلى اعتبار الحركة وخروج الدم ، وابن بابويه إلى اعتبار الحركة ، والشيخ إلى أيهما حصل من الحركة وخروج الدم.

فأما استناد ابن بابويه ، فإلى ما رواه عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الشاة تذبح فلا تحرك ويهراق منها دم كثير عبيط؟ فقال : لا تأكل ، إن عليا عليه‌السلام كان يقول : إذا ركضت الرجل ، أو طرفت العين ، فكل (١).

واستناد الشيخ إلى رواية الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الذبيحة؟ فقال : إذا تحرك الذنب أو الطرف أو الأذن ، فهو ذكي (٢).

وفي معناها عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، إذا طرفت العين ، أو ركضت الرجل ، أو تحرك ، فكل (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب الذبائح.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من أبواب الذبائح.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٦ من أبواب الذبائح ، ولفظه هكذا : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

قال : في كتاب علي عليه‌السلام ، إذا طرفت العين ، أو ركضت الرجل أو تحرك الذنب فكل منه فقد أدركت ذكاته.

٣٥٢

وقيل : تكفي الحركة.

وقيل : يكفي أحدهما ، وهو أشبه.

وفي إبانة الرأس بالذبح قولان ، المروي : أنها تحرم (١).

______________________________________________________

وإلى ما رواه الحسين بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، (في حديث) قال : فإن كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح ، خرج الدم معتدلا ، فكلوا وأطعموا ، وإن كان خرج خروجا متثاقلا ، فلا تقربوه (٢).

وما وقفت على حديث يتضمن اعتبارهما كما هو مذهب المفيد ، ولعله رحمه‌الله جمع بين الروايات.

والأقرب مذهب الشيخ ، لأنه عمل بروايات كثيرة ، ولا يسقط منه رواية ، إلا رواية عاصم ، وهي أيضا تحمل على الاستحباب ، ويقويه التمسك بالأصل.

« قال دام ظله » : وفي إبانة الرأس بالذبح قولان ، المروي أنها تحرم.

قال في النهاية ، وابن بابويه ، بالتحريم مع العمد ، ولعل مستندهما رواية حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في حديث) أنه سأله عن الرجل يذبح فينسى أن يسمي أتؤكل ذبيحته؟ فقال : نعم إذا كان لا يتهم وكان يحسن الذبح قبل ذلك ولا ينخع ، ولا يكسر الرقبة (رقبتها خ) حتى تبرد الذبيحة (٣).

ومثله في رواية ابن مسكان ، عن محمد الحلبي ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام ، ولا تنخع الذبيحة حتى تموت ، فإذا ماتت فانخعها (٤) وعليه صاحب الواسطة.

وقال الشيخ في الخلاف : تكره إبانة الرأس من الجسد ، وقطع النخاع ، ولا تحرم

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٦ من أبواب الذبائح ج ١٦ ص ٢٦٠.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب الذبائح ، ولاحظ صدره.

(٣) الوسائل باب ١٥ قطعة من ٣ أبواب الذبائح.

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب الذبائح.

٣٥٣

ولو سبقت السكين فأبانته لم تحرم الذبيحة.

ويستحب في الغنم ربط يدي المذبوح وإحدى رجليه ، وإمساك صوفه أو شعره حتى يبرد.

وفي البقر عقل يديه ورجليه ، وإطلاق ذنبه.

وفي الإبل ربط أخفافه إلى إبطيه.

في الطير إرساله.

وتكره الذباحة ليلا ، ونخع الذبيحة ، وقلب السكين في الذبح ، وأن

______________________________________________________

لو خالف ، مستدلا بأن الأصل الإباحة ، وبقوله : (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) (١) وهو اختيار المتأخر وصاحب الرائع (٢).

والوجه تحريم الفعل ، عملا بالروايات ، لا تحريم الأكل ، تمسكا بالأصل ، ولأنه لا دليل على تحريم الأكل.

ويدل على ذلك ما ذكر في كتاب حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت : الرجل يذبح فينخعها ، قال : أساء ، قلت : أتترك أو تؤكل؟ قال : بل تؤكل (٣).

وما رواه أبو جعفر بن بابويه في كتابه ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل ذبح طيرا ، فقطع رأسه ، أيؤكل منه؟ قال : نعم ، ولكن لا يتعمد قطع رأسه (٤).

« قال دام ظله » : وقلب السكين.

وهو أن يقطع من الحلق إلى فوق ، وهو في رواية حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله

__________________

(١) الأنعام ـ ١١٨.

(٢) هو القطب الراوندي قده.

(٣) لم نعثر إلى الآن على موضع الحديث في الكتب التي عندنا من الأحاديث ، ولعل كتاب حريز كان عند الشارح قده فنقله منه.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ٥ من أبواب الذبائح.

٣٥٤

يذبح حيوانا وآخر ينظر إليه ، وأن يذبح بيده ما رباه من النعم.

ويحرم سلخ الذبيحة قبل بردها.

وقيل : يكره ، وهو أشبه.

ويلحق به أحكام.

(الأول) ما يباع في أسواق المسلمين يجوز ابتياعه من غير تفحص.

(الثاني) ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان كالمستعصي والمتردي في بئر يجوز عقره بالسيف وغيره مما يجرح إذا خشي تلفه.

(الثالث) ذكاة السمك ، إخراجه من الماء حيا.

ولا يعتبر في المخرج الإسلام ولا التسمية.

______________________________________________________

عليه‌السلام ، قال : سألته عن الذبح قال : إذا ذبحت فأرسل ، ولا تكتف ولا تقلب السكين (الحديث) (١).

« قال دام ظله » : ويحرم سلخ الذبيحة قبل بردها ، وقيل : يكره ، وهو أشبه.

ذهب الشيخ في النهاية وأتباعه إلى تحريم السلخ وأكله.

والمستند ما رواه في التهذيب ، عن محمد بن يحيى رفعه ، قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : إذا ذبحت الشاة وسلخت ، أو سلخ شئ منها قبل أن تموت ، فليس يحل (لم يحل ئل) أكلها (٢) وروى هذه الكليني أيضا في كتابه.

وهي مجهولة الطريق ، وذهب المتأخر وشيخنا دام ظله إلى الكراهية ، وهو أشبه استنادا (للاستناد خ) إلى الأصل. (٣)

__________________

(١) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٢ من أبواب الذبائح.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب الذبائح.

(٣) وفي أكثر النسخ قدم شرح قوله : وقلب السكين على شرح قوله : ويحرم سلخ الذبيحة ... الخ والصواب ما أثبتناه.

٣٥٥

ولو وثب أو نضب عنه الماء فأخذ حيا حل. وقيل : يكفي إدراكه بأن (و خ) يضطرب.

ولو صيد فأعيد في الماء فمات لم يحل وإن كان في الآلة.

وكذا الجراد ذكاته أخذه حيا.

ولا يشترط إسلام الآخذ ، ولا التسمية ، ولا يحل ما يموت قبل أخذه.

وكذا لو أحرقه قبل أخذه. ولا يحل منه ما لم يستقل بالطيران.

(الرابع) ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تمت خلقته. وقيل : يشترط مع إشعاره أن لا تلجه الروح ، وفيه بعد. ولو خرج حيا لم يحل إلا بالتذكية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو وثب أو نضب عنه الماء ، فأخذ حيا حل ، وقيل : يكفي إدراكه بأن يضطرب (ويضطرب خ).

القائل بكفاية الاضطراب هو الشيخ في النهاية ، وهو في رواية سلمة بن أبي حفص ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أن عليا كان يقول في الصيد والسمك (١) : إذا أدركتها ، وهي تضطرب ، وتضرب بيديها (بيدها ئل) وتحرك ذنبها وتطرف بعينها ، فهي ذكاتها (٢).

قلت : أراد بالاضطراب أن يكون فيها حياة مستقرة ، فلا تنافي بين القولين ، والادراك هنا عبارة عن القدرة على الأخذ باليد.

« قال دام ظله » : ذكاة الجنين ذكاة أمه ، إذا تمت خلقته ، إلى آخره.

(ذكاه الجنين) مبتدأ ، على اصطلاح النحو ، و (ذكاة أمة) خبره ، وقياس النحو أن يكون كل من المبتدأ والخبر يقوم مقام الآخر ، لكن هنا القرينة الحالية تمنع ، وقدم (ذكاة الجنين) للأهمية ، لأن المقصود من البحث هو ، ومعناه ، إذا ذكيت الأم

__________________

(١) في صيد السمك ، كذا في الكافي في باب صيد السمك.

(٢) الوسائل باب ٣٤ حديث ٢ من أبواب الذبائح.

٣٥٦

______________________________________________________

فهو ذكاة الجنين ، بمعنى أنه لا يحتاج إلى ذكاته ثانيا.

وشرط الشيخ فيه أن يكون أشعر أو أوبر ، ولم يلجه الروح ، ويكون تام الخلقة ، وعليه أتباعه ، إلا شيخنا دام ظله وصاحب البشرى دامت سيادته (١).

أما اشتراط كونه تام الخلقة فمسلم للاتفاق عليه ، وبه رواية عن ابن مسكان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (٢).

وأخرى عن جراح المدائني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

وأخرى عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام وغير ذلك من الروايات ، ذكرها الشيخ وأصحاب الحديث.

وأما اشتراط عدم إيلاج الروح مع الأشعار أو الأيبار ، فممنوع ، أما (أولا) فلعدم الدليل ، وأما (ثانيا) فلكونه بعيدا عن العادة.

__________________

(١) هو أخو السيد الجليل ابن طاووس قدس‌سرهما.

(٢) أورده واللذين بعده في الوسائل باب ١٨ حديث ٦ و ٧ و ٩ من أبواب الذبائح ولاحظ غيرها من أخبار ذلك الباب.

٣٥٧

٣٥٨

كتاب الأطعمة والأشربة

٣٥٩

كتاب الأطعمة والأشربة

والنظر فيه يستدعي أقساما (مها خ) :

في حيوان البحر : ولا يؤكل منه إلا سمك له فلس ولو زال عنه كالكنعت (١). ويؤكل الربيثا (٢) والأربيان (٣) والطمر (٤) والطبراني (٥) والايلامي (٦).

ولا يؤكل السلحفاة (٧) ولا الضفادع (٨) ولا السرطان (٩).

وفي الجري (١٠) روايتان ، أشهرها : التحريم.

وفي الزمار والمارماهي والزهو روايتان (١١). والوجه : الكراهية.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي الجري روايتان.

روي في الاستبصار والتهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا تأكل الجري (الجريث خ)

__________________

(١) شير ما هي.

(٢) قسمي از ما هي است كه فلس لطيف دارد.

(٣) سفيد ما هي.

(٤) سياه ما هي.

(٥) آن هم سفيد ما هي است.

(٦) بكسر الهمزة وسكون الباء المنقطة من تحت بنقطة واحدة (الرياض).

(٧) سنك پشت ، لاك پشت.

(٨) وزغ.

(٩) خرچنگ.

(١٠) هو سمك طويل أملس

(١١) راجع الوسائل باب ٩ من أبواب الأطعمة المحرمة.

٣٦٠