كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

______________________________________________________

تدبير الحامل لا خلاف في جوازه (الجواز خ) وهل يكون ولدها مدبرا؟ نعم ، لو علم المولى بحملها ، عملا بما رواه الشيخ في التهذيب ، وأبو جعفر بن بابويه ، مرفوعا (١) إلى الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، في رجل دبر جارية ، وهي حبلى؟ فقال : إن كان يعلم (علم خ) بحمل (بحبل خ) الجارية ، فما في بطنها بمنزلتها ، وإن كان لا يعلم (لم يعلم خ فما في بطنها رق (٢).

وعليها فتوى الشيخ وابن بابويه في المقنع.

وروى الشيخ في هذا المعنى أخرى ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (٣) ، بسند ـ في طريقه محمد بن علي ، وهو ضعيف ـ لكنها مؤيدة برواية الوشاء.

وقال المتأخر : لا يكون الولد مدبرا ، لأنه غير مقصود ، وهو اختيار شيخنا دام ظله ، أما لو حملت بعد التدبير ، فالولد مدبر بغير خلاف أعرفه ، وادعى الشيخ عليه الإجماع ، وبه روايات منها رواية (ما رواه خ) أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه السلام (٤).

وهل ينتقض تدبير الأولاد ، لو نقض تدبير الأم؟ قال الشيخ : لا ، واستدل بالإجماع.

وهو في رواية أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في حديث) قال : إنما كان له أن يرجع في تدبير أمهم إذا احتاج ، ورضيت هي بذلك (٥).

__________________

(١) يعني متصلا سنده إلى الوشا ، لا الرفع المصطلح عند أهل الحديث.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٣ من أبواب التدبير ، وفيه : عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل ... الخ

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٣ بالسند الرابع ، لكن فيه (محمد بن عيسى) لا (محمد بن علي).

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب التدبير.

(٥) الوسائل باب ٧ ذيل حديث ١ من أبواب التدبير ، ولاحظ صدره أيضا.

٣٠١

في تدبيرها لم يصح رجوعه في تدبير الأولاد ، وفيه قول آخر ضعيف.

ولو أولد المدبر من مملوكة كان أولاده مدبرين.

ولو مات الأب قبل المولى لم يبطل تدبير الأولاد وعتقوا بعد موت المولى من ثلثه ، ولو قصر سعوا فيما بقي منهم. ولو دبر الحلبي لم يسر إلى ولدها ، وفي رواية (١) إن علم بحبلها فما في بطنها بمنزلتها.

ويعتبر في المدبر جواز التصرف والاختيار والقصد.

وفي صحته من الكافر تردد ، أشبهه : الجواز

والتدبير وصية يرجع فيه المولى متى شاء ، فلو رجع قولا صح قطعا.

أما لو باعه أو وهبه فقولان ، أحدهما : يبطل به التدبير ، وهو الأشبه ،

______________________________________________________

وقال المتأخر : له أن يرجع في (عن خ) تدبير الأولاد ، لأن التدبير بمنزلة الوصية بغير نزاع.

والجواب إنه فرق بين التدبير الاختياري والتدبير الذي بحكم الشارع ، مع عدم الاختيار ، الأول مسلم أنه بمنزلة الوصية ، والثاني ممنوع ، لعدم الجامع ، سلمنا أنه بمنزلة الوصية ، لكن نمنع تساوي الأحكام ، فيحتاج مثبته إلى دليل.

« قال دام ظله » : وفي صحته من الكافر تردد ، أشبهه الجواز.

منشأ التردد ، أنه هل يشترط القربة في التدبير ، أم لا؟ الأظهر لا ، وبتقدير الاشتراط ، البحث فيه كالبحث في العتق ، وقد مضى ، وقد صرح المرتضى والمتأخر بالمنع.

« قال دام ظله » : أما لو باعه أو وهبه ، فقولان ، إلى آخره.

ذهب الشيخ في النهاية إلى أن بيع المدبر وهبته لا يجوز إلا بعد نقض التدبير ، وهو

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٣ من أبواب التدبير ج ١٦ ص ٧٦.

٣٠٢

والآخر : لا يبطل ويمضي البيع في خدمته ، وكذا الهبة.

والمدبر رق ، ويتحرر بموت المولى من ثلثه.

والدين مقدم على التدبير سواء كان سابقا على التدبير أو متأخرا. وفيه رواية (١) بالتفصيل متروكة.

ويبطل التدبير بإباق المدبر. ولو ولد له في حال إباقه كان أولاده رقا.

______________________________________________________

جمع بين الروايات الواردة بمنع بيع المدبر ، والروايات الواردة بأنه بمنزلة الوصية (٢).

والوجه أن مع تعارض الروايات واختلاف الأقوال ، المصير إلى الأصل ، وهو أن التدبير بمنزلة الوصية ، فالتصرف فيه يكون رجوعا عنه ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف واختاره المتأخر ، وحكي ذلك عن المرتضى ، وهو أشبه.

« قال دام ظله » : والدين مقدم على التدبير ، سواء كان سابقا على التدبير أو متأخرا ، وفيه رواية بالتفصيل متروكة.

روى هذه الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام ، عن بيع المدبر؟ قال : إذا أذن في ذلك ، فلا بأس به ، وإن كان على مولى العبد دين ، فدبره فرارا من الدين ، فلا تدبير له ، وإن كان دبره في صحة وسلامة ، فلا سبيل للديان عليه ، ويمضي تدبيره (٣).

ومثله رواية (روى خ) ابن بابويه والشيخ عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤).

وعليها فتوى النهاية ، والوجه أن التدبير لا يثبت إلا بعد قضاء الديون على كل حال ، بناء على أن التدبير بمنزلة الوصية ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر.

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب التدبير.

(٢) راجع الوسائل باب ١ وباب ١٣ من أبواب التدبير.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ١ و ٢ من أبواب التدبير.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ١ و ٢ من أبواب التدبير.

٣٠٣

ولو جعل خدمة عبده لغيره ثم قال : هو حر بعد وفاة المخدوم صح على الرواية (١) ، ولو أبق لم يبطل تدبيره وصار حرا بالوفاة ولا سبيل عليه.

وأما المكاتبة

فتستدعي بيان أركانها وأحكامها.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو جعل خدمة عبده لغيره ، ثم قال : هو حر بعد وفاة المخدوم ، صح على الرواية.

روى الشيخ في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، مرفوعا (٢) إلى يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الرجل يكون له الخادم ، فقال (فيقول خ) : هي لفلان تخدمه ما عاش ، فإذا مات فهي حرة ، فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين ، أو ست سنين ، ثم يجدها ورثته ، ألهم أن يستخدموها إذا أبقت؟ فقال : إذا (لما خ) مات الرجل ، فقد عتقت (٣).

وأفتى عليها في النهاية.

والمتأخر مقدم على منعها ، تمسكا بأن معنى التدبير عتق العبد بعد موت مولاه خاصة ، وبأن التدبير يبطل بالإباق ، والرواية تتضمن الصحة ، ومشتملة على منع الورثة من الرجوع ، وهو خلاف مقتضى التدبير. والكل ضعيف ، (أما الأول) فلعدم دليل التخصيص (والثاني) أنه ليس على ذلك إجماع ، أو تواتر أخبار ، بل يثبت (ثبت خ) بخبر مثل خبرنا هنا ، ولا تنافي بين العمل بهما ، تنزيلا لهما على محل الورود.

(والثالث) إنا نمنع أن المنع من الرجوع ، خلاف مقتضى التدبير.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب التدبير.

(٢) يعني متصلا سنده إلى يعقوب.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب التدبير.

٣٠٤

والأركان أربعة : العقد والملك والمكاتب والعوض.

والكتابة مستحبة مع الديانة وإمكان الاكتساب ، وتتأكد بسؤال المملوك ، وتستحب مع التماسه ولو كان عاجزا.

وهي قسمان : فإن اقتصر على العقد فهي مطلقة ، وإن اشترط عوده رقا مع العجز فهي مشروطة.

وفي الإطلاق يتحرر منه بقدر ما أدى. وفي المشروطة يرد رقا مع العجز.

وحده أن يؤخر النجم من محله. وفي رواية (١) أن يؤخر نجما إلى نجم ، وكذا لو علم منه العجز.

ويستحب للمولى الصبر لو عجز ، وكل ما يشترطه المولى على المكاتب لازم ما لم يخالف المشروع.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وحده أن يؤخر النجم عن محله.

قلت : هذا الحد أشبه ، التزاما للشرط ، وعملا برواية أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، (في حديث) قال : إن عجز من نجومه فهو رد في الرق (٢).

وبما رواه معاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له (في كلام) ما (فما خ) حد العجز؟ قال : إن قضاتنا يقولون : إن عجز المكاتب أن يؤخر النجم إلى النجم الآخر ، حتى يحول عليه الحول ، قلت : فما تقول أنت؟ قال : لا ولا كرامة ، وليس له أن يؤخر نجما عن أجله ، إذا كان ذلك في شرطه (٣).

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب المكاتبة ج ١٦ ص ٨٨ ، ولكن في دلالته تأمل فتدبر فيها.

(٢) الوسائل باب ٦ ذيل حديث ٢ من أبواب المكاتبة.

(٣) الوسائل باب ٥ ذيل حديث ١ من أبواب المكاتبة.

٣٠٥

ويعتبر في المالك جواز التصرف والاختيار والقصد.

وفي اعتبار الإسلام تردد ، أشبهه : أنه لا يعتبر. ويعتبر في المملوك التكليف.

وفي كتابة (المملوك خ) الكافر تردد ، أظهره : المنع.

______________________________________________________

وهو اختيار الشيخ في التهذيب ، والمفيد والمتأخر.

فأما) ما رواه إسحاق بن عمار ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، أن عليا عليهم السلام ، كان يقول : إذا عجز المكاتب لم ترد مكاتبته في الرق ، ولكن ينتظر عاما أو عامين ، فإن قام بمكاتبته وإلا رد مملوكا (١).

وما رواه جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ينظر بالمكاتب ثلاثة أنجم (٢) فمحمول (محمول خ) على الاستحباب ، وإن ذهب إليه الشيخ في النهاية.

وفي طريق الأخيرة سيف ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، وسيف مطعون ، وعمرو كذاب ملعون ، على ما قالوه ، والله أعلم.

« قال دام ظله » : وفي اعتبار الإسلام تردد ، أشبهه أنه لا يعتبر.

وقد مضى مثل هذا البحث في العتق والتدبير.

« قال دام ظله » : وفي كتابة الكافر تردد ، أظهره المنع.

منشأ التردد اختلاف التفسير في قوله تعالى : (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) (٣).

قال الشيخ في المبسوط والخلاف : المراد بالخير الأمانة والكسب وعن ابن عباس (رضي‌الله‌عنهما خ) أنه الثقة والأمانة ، وقيل : هو الدين والإيمان ، واختاره الراوندي والمتأخر

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١٣ من أبواب المكاتبة.

(٢) راجع الوسائل باب ٤ حديث ١٤ من أبواب المكاتبة ، منقول بالمعنى.

(٣) النور ـ ٣٣.

٣٠٦

ويعتبر في العوض كونه دينا مؤجلا معلوم القدر والوصف مما يصح تملكه للمولى ، ولا حد لأكثره لكن يكره أن يتجاوز قيمته.

ولو دفع ما عليه قبل الأجل فالمولى في قبضه بالخيار. ولو عجز المطلق عن الأداء فكه الإمام عليه‌السلام من سهم الرقاب وجوبا.

وأما الأحكام فمسائل :

(الأولى) إذا مات المشروط بطلت الكتابة وكان ماله وأولاده لمولاه.

وإن مات المطلق وقد أدى شيئا تحرر منه بقدره وكان للمولى من تركته بنسبة ما بقي من رقيته ولو رثته بنسبة الحرية إن كانوا أحرارا في الأصل ، وإلا تحرر منهم بقدر ما تحرر منه والزموا بما بقي من مال الكتابة ، وإذا أدوه تحرروا.

______________________________________________________

فعلى هذا التفسير ، لا يجوز كتابة الكافر ، ويجوز على ما تقدم ، إلا أن يقال : إن الكافر ليس محلا للأمانة ، واختيار الراوندي أقرب ، لأن لفظة الخير في الأشخاص عرفا ، لا تستعمل إلا في من له دين.

« قال دام ظله » : وإن مات المطلق ، وقد أدى شيئا ، تحرر منه بقدره ، إلى آخره.

قلت : تبطل الكتابة بالموت ، لكن إن كان مشروطا ، فوارثه مولاه وأولاده عبيد له ، إن ولدوا في حال الكتابة من غير الحرة.

وإن كان مطلقا ، ففيه قولان ، قال في النهاية : للمولى بقدر ما بقي من العبودية ، والباقي للوارث ، وبه روايات.

منها ما رواه الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في حديث) أنه قال : يؤدي بعض مكاتبته ، ثم يموت ويترك ابنا ، ويترك مالا أكثر مما عليه من مكاتبته؟ قال : يوفى مواليه ما بقي من مكاتبته ،

٣٠٧

______________________________________________________

وما بقي فلولده (١).

ومثله ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام (٢).

(فإن قيل) : لفظ النهاية مطلق ، وكذا الرواية ، فمن أين حملتم على المكاتب المطلق؟

(قلت) : يعرف من الشرع ضرورة أن المراد بهذا المكاتب هو المطلق ، إذ المشروط يرثه مولاه ، وأولاده عبيد له قولا واحدا.

والمراد من لفظ النهاية هو المطلق ، من حيث ذكر حكم المشروط قبله ، وكذا من الخبر من حيث (إنه ظ) بين إجماله ، ما رواه ابن أبي عمير أيضا ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في مكاتب يموت ، وقد أدى بعض مكاتبته ، وله ابن من جاريته ، قال : إن اشترط عليه إن عجز فهو مملوك ، رجع ابنه مملوكا والجارية ، وإن لم يكن اشترط عليه أدى ابنه ما بقي من مكاتبته ، وورث ما بقي (٣).

ومثله في التفصيل (بالتفصيل خ) عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه السلام (٤).

واختار في الاستبصار أداء تمام مال الكتابة من نصيب الولد وأخذ الحصة بقدر العبودية ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا دام ظله ، وهو مقتضى النظر.

وإذا ثبت هذا ، فهل الكتابة عقد جائز أم لازم؟ فيه أقوال ، والذي اختاره الشيخ في المبسوط ، أن المطلقة لازمة من الطرفين ، والمقيدة ـ أي المشروطة ـ من طرف السيد لا العبد.

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب المكاتبة.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب المكاتبة ، بالسند الثاني.

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب المكاتبة.

(٤) الوسائل باب ١٩ نحو حديث ٣ من أبواب المكاتبة.

٣٠٨

ولو لم يكن لهم مال سعوا فيما بقي منهم ، وفي رواية (١) يؤدون ما بقي من مال الكتابة وما فضل لهم.

والمطلق إذا أوصى أو أوصي له صح في نصيب الحرية وبطل في الزائد. وكذا لو وجب عليه حد أقيم عليه من حد الأحرار بنسبة ما فيه من حريته (الحرية خ) ومن حد العبيد بنسبة ما فيه من الرقية.

ولو زنى المولى بمكاتبته المطلقة سقط عنه من الحد بقدر نصيبه منها وحد بما تحرر.

(الثانية) ليس للمكاتب التصرف في ماله بهبة ولا عتق ولا إقراض إلا بإذن المولى ، وليس للورثة التصرف في ماله بغير الاستيفاء ، ولا يحل له وطء المكاتبة بالملك ولا بالعقد.

ولو وطأها مكرها لزمه مهرها ، ولا تتزوج إلا بإذنه.

ولو حملت بعد الكتابة كان حكم ولدها حكمها إذا لم يكونوا أحرارا.

(الثالثة) يجب على المولى إعانته من الزكاة ، ولو لم تكن استحب تبرعا.

وأما الاستيلاد

فهو يتحقق بعلوق أمته منه في ملكه وهي مملوكة ، لكن لا يجوز بيعها

            ___________________________________________________

في الاستيلاد

« قال دام ظله » : وأما الاستيلاد ، فهو يتحقق بعلوق أمته منه في ملكه ، وهي مملوكة ، إلى آخره.

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٧ من أبواب المكاتبة.

٣٠٩

ما دام ولدها حيا إلا في ثمن رقبتها إذا كان دينا على مولاها ولا جهة لقضائه غيرها.

ولو مات الولد (ولدها خ) جاز بيعها ، وتتحرر بموت المولى من نصيب ولدها.

ولو لم يخلف الميت سواها عتق منها نصيب ولدها وسعت فيما بقي.

            __________________________________________________

قوله : (في ملكه) احتراز مما ذكره الشيخ في الخلاف في المسألة الأخيرة من الجزء الثالث ، إذا أولد من أمة غيرة ، وشرط رقية الولد ، ثم ملكها وملك الولد عتق الولد ، وهي تكون أم ولد.

واستدل على الثاني بالاشتقاق ، وهو ضعيف لعدم الدليل.

والأظهر عندنا أنه لا يجوز بيعها مع حياة الولد ، إلا في ثمن رقبتها دينا ، ولا شئ غيرها ، لرواية حماد بن عثمان ، عن عمرو بن يزيد ، عن أبي الحسن (أبي إبراهيم خ) عليه السلام ، (في حديث) قال : قلت له : أسألك؟ قال : سل ، قلت ، لم باع أمير المؤمنين عليه السلام أمهات الأولاد؟ فقال : في فكاك رقابهن ، قلت : وكيف ذلك؟ قال : أيما رجل اشترى جارية فأولدها ، ثم لم يؤد ثمنها ، ولم يدع من المال ما يؤدي عنه ، أخذ من ولدها ثمنها منها وبيعت وادي ثمنها ، قلت : فتباع فيما سوى ذلك من الدين؟ قال : لا (١).

وفي معنا وفي معناها رواية ابن أبي البلاد ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي إبراهيم عليه السلام (٢).

وما أعرف به خلافا ، إلا من علم الهدى ، ذهب في الانتصار إلى المنع من بيعهن مع حياة الولد على كل حال.

« قال دام ظله » : ولو لم يخلف الميت سواها ، عتق منها نصيب ولدها ، وسعت فيما بقي.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ ونحوه من أبواب الاستيلاد.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ ونحوه من أبواب الاستيلاد.

٣١٠

وفي رواية (١) تقوم على ولدها إن كان موسرا ، وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قضى علي عليه‌السلام في وليدة كانت نصرانية أسلمت وولدت من مولاها غلاما ومات المولى فأعتقت وتزوجت نصرانيا وتنصرت فقال عليه‌السلام : ولدها لابنها من سيدها وتحبس حتى تضع وتقتل (٢).

______________________________________________________

تقديره ، سعت للورثة غير ولدها ، وعلى هذا انعقد العمل ، وبه عدة روايات.

(منها) ما رواه أبو بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل اشترى جارية يطأها ، فولدت له ، فمات ولدها ، فقال : إن شاؤوا باعوها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها ، وإن كان لها ولد قومت على ولدها من نصيبه (٣).

وفي رواية يونس (في حديث) تستسعى في بقية ثمنها (٤).

فأما ما رواه محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قضى علي عليه السلام في رجل توفي وله سرية لم يعتقها؟ قال : سبق كتاب الله ، فإن ترك سيدها مالا ، تجعل في نصيب ولدها ، ويمسكها أولياء ولدها حتى يكبر ولدها ، فيكون المولود هو الذي يعتقها ، ويكون الأولياء هم الذين يرثون ولدها ، ما دامت أمة ، فإن أعتقها ولدها ، فقد عتقت ، وإن مات (٥) ولدها قبل أن يعتقها فهي أمة إن شاؤوا (٦) أعتقوا وإن شاؤوا استرقوا (٧).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٦ من أبواب التدبير ج ١٦ ص ١٠٧.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب التدبير.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب الاستيلاد.

(٤) الوسائل باب ٥ ذيل حديث ٣ من أبواب الاستيلاد.

(٥) وإن توفي عنها ولدها (فقيه).

(٦) فإن شاؤوا أرقوا وإن شاؤوا أعتقوا (فقيه).

(٧) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب الاستيلاد ، نقلنا الحديث من التهذيب ، ولفقه في الوسائل في مقام النقل من الكافي والفقيه والتهذيب فلاحظ.

٣١١

وفي النهاية : يفعل بها ما يفعل بالمرتدة ، والرواية شاذة.

______________________________________________________

فحملها الشيخ على أنه إذا كان ثمنها دينا على مولاها ، فيوقف على (إلى خ) بلوغ الولد فإن أعتقها بأداء الدين عن أبيه تنعتق ، وإن مات قبل البلوغ ، بيعت في ثمنها ، وأدى منه الدين.

ثم قال رحمه‌الله : ولو لم يحمل على هذا لكانت تنعتق حين حصلت في نصيب الولد أو ما (بما خ) يصيبه (و خ) إن قصر الميراث ، وتستسعى في الباقي.

وبه تشهد رواية وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن رجل اشترى جارية ، فولدت منه ولدا ، فمات؟ قال : إن شاء أن يبيعها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها ، باعها ، وإن كان لها ولد ، قومت على ابنها من نصيبه ، وإن كان ابنها صغيرا انتظر به حتى يكبر ، ثم يجبر على قيمتها (ثمنها خ) فإن مات ابنها قبل أمه بيعت في ميراثه إن شاء الورثة (١).

وعلى هذا فتوى الشيخ في النهاية.

والوجه أن تباع في ثمنها بموت الولد ، ولا ينتظر البلوغ مع الحياة ، ولا يجبر ، فإن في الرواية ضعفا ، وهي مخالفة للأصل ، كذا اختاره المتأخر ، وحكي أن الشيخ رجع عن مقالته في عدة مواضع ، والله أعلم بالصواب.

« قال دام ظله » : وفي النهاية يفعل بها ، ما يفعل بالمرتدة.

قلت : أشار الشيخ إلى أنها لا تقبل ، لأن المرتدة عندنا لا تقتل ، بل يضيق عليها في المأكول والملبوس محبوسة ، وكأن عدوله إلى هذه العبارة كراهية الإقدام على منع الرواية بذلك بالتصريح.

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٤ بالسند الثاني من أبواب الاستيلاد ، والتهذيب أواخر باب السراري وملك الأيمان.

٣١٢

كتاب الإقرار

٣١٣

كتاب الإقرار

والنظر في : الأركان واللواحق.

والأركان أربعة :

(الأول) الإقرار : وهو إخبار الإنسان بحق لازم له ، ولا يختص لفظا ، ويقوم مقامه الإشارة.

ولو قال : لي عليك كذا ، فقال : نعم أو أجل فهو إقرار. وكذا لو قال : أليس لي عليك كذا؟ فقال : بلى.

ولو قال : نعم ، قال الشيخ : لا يكون إقرارا. وفيه تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو قال نعم ، قال الشيخ : لا يكون إقرارا ، وفيه تردد.

معناه ، ولو قال نعم ، في جواب أليس عليك كذا؟

ومنشأ التردد وضع أهل اللغة (نعم) محققة للكلام السابق نفيا أو إثباتا ، واستعمال أهل العرف للإيجاب في الحالين فكأن الشيخ نظر إلى الحقيقة اللغوية ، فحكم بأنها بعد النفي لا تفيد الإقرار ، بل تحقيق النفي ، وشيخنا إلى أن اللفظ ، إذا دار بين الحقيقة اللغوية والعرفية يرجح العرف ، وتردد لفتوى الشيخ.

ويمكن أن يقال : إن مع القرينة الحالية أو المقالية ، ينزل على مقتضاها ، ومع

٣١٤

ولو قال : أنا مقر لم يلزمه إلا أن يقول به. ولو قال : بعنيه أو هبنيه فهو إقرار.

ولو قال : لي عليك كذا ، فقال : اتزن أو انتقد لم يكن شيئا.

وكذا لو قال : أتزنها أو انتقدها

أما لو قال : أجلتني بها أو قضيتكها فقد أقر وانقلب المقر مدعيا.

(الثاني) المقر : ولا بد من كونه مكلفا حرا مختارا جائز التصرف ، فلا يقبل إقرار الصغير ولا المجنون ولا العبد بماله. ولا حد ولا جناية ولو أوجبت قصاصا.

(الثالث) في المقر له. ويشترط فيه أهلية التملك ، ويقبل لو أقر. للحمل تنزيلا على الاحتمال وإن بعد ، وكذا لو أقر لعبد ويكون للمولى.

(الرابع) في المقر به : فلو قال : له علي مال قبل تفسيره بما يملك وإن قل.

ولو قال : شئ فلا بد من تفسيره بما يثبت في الذمة.

ولو قال : ألف ودرهم رجع في تفسير الألف إليه.

______________________________________________________

عدمها ، يرجع إلى العرف (١) كما ثبت في أصول الفقه.

« قال دام ظله » : ولو قال : ألف ودرهم ، رجع في تفسير ألف إليه.

قلت : لما كان الواو تقتضي (٢) المغايرة ، بقيت (بقي خ) الألف مجهولة ، محتاجة (مجهولا ، محتاجا خ) إلى التفسير ، لعدم الدليل على المراد منه ، وكذا إلى العشرة ، وكذا مع المائة.

__________________

(١) يرجح العرف خ.

(٢) كانت الواو تقتضي خ.

٣١٥

ولو قال : مائة وعشرون درهما فالكل دراهم.

وكذا كناية عن الشئ ، فلو قال كذا درهم فالاقرار بدرهم.

وقال الشيخ : لو قال : كذا كذا درهما لم يقبل تفسيره بأقل من أحد عشر.

ولو قال : كذا وكذا لم يقبل أقل من أحد وعشرين.

______________________________________________________

ولا كذا لو قال : ألف وعشرون ، ومائة وعشرون ، وغير ذلك.

وإن عرف من استعمال العرف أن المراد واحد ، كان تميزها شئ واحد.

« قال دام ظله » : و (كذا) كناية عن الشئ ، فلو قال : كذا درهم ، فالاقرار بدرهم ، وقال الشيخ : لو قال : كذا كذا درهما ، لم يقبل تفسيره بأقل من أحد عشر ، إلى آخره.

خالف شيخنا دام ظله الشيخ في تفسير ما بعد (كذا وكذا درهما) قال الشيخ : لأنها أقل عدد ينصب ما بعده ، وبالرفع يقبل بدرهم ، وبالخفض بمائة درهم ، لا أقل منها ، لما قلنا.

ولو قال : كذا كذا درهما بالنصب ، لا يقبل بأقل من أحد عشر ، وعلى هذا فقس.

فأما شيخنا دام ظله نزله (نزل كذا خ) منزلة شئ ، ففي الكل عنده يقبل التفسير بدرهم لا أقل ، إلا في قوله : كذا درهم بالخفض ، فإنه يحتمل بعض الدراهم (الدرهم خ) يعني على تقدير شئ هو بعض درهم ، اللهم إلا أن يعرف من قصد المتكلم ما ذكره الشيخ.

قلت : وينبغي أن يبني البحث على أن (كذا) هل هو كناية عن الشئ ، أو عن العدد ، فإن ثبت الثاني ، فالقول ما قاله الشيخ ، وإن ثبت الأول وهو أظهر في اللغة (لغة خ) فمذهب شيخنا دام ظله.

٣١٦

والأقرب الرجوع في تفسيره إلى المقر ولا يقبل أقل من درهم. ولو أقر بشئ مؤجلا فأنكر الغريم الأجل لزمه حالا ، وعلى الغريم اليمين.

و (أما خ) اللواحق ثلاثة :

(الأول) في الاستثناء ، ومن شروطه (شرطه خ) الاتصال العادي ، ولا يشترط (الاتحاد خ) في الجنسي ولا نقصان المستثنى عن المستثنى منه.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : الأول في الاستثناء ، ومن شرطه الاتصال العادي.

معناه يتصل الاستثناء بالمستثنى منه من غير فاصلة ، إلا بما (لا خ) يعتبر به عادة مثل التنفس وجواب السلام وغيره ، وإلا لم يكن استثناء زيادة.

قلت : ومن المهم في الاستثناء معرفة كون الاستثناء من النفي إثباتا ، ومن الإثبات نفيا ، وأن الاستثناء من الجنس جائز ، وكذا من غيره ، وأن الاستثناء لا يستغرق المستثنى منه ، ولا يزيد عليه.

فمثال الأول ، له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة ، فهو إقرار بثمانية ، وذلك لأن قوله علي عشرة إثبات ، فنفى بقوله إلا خمسة ، خمسة ، ثم أثبت ثلاثة ، لأنها بعد النفي ، أضيفت إلى الخمسة الباقية ، تكون ثمانية.

ويرجع ـ إذا كانت في الكلام استثناءات كل واحد إلى ما يليه ، ما لم يستغرقه أو يزيد عليه (مثاله) له علي عشرة إلا سبعة إلا ثلاثة ، فالثلاثة مستثنى من السبعة ، ولو قال : عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة يسقطان من العشرة ، ضرورة حفظ الكلام من اللغو.

ومثال الثاني ، له علي ألف درهم إلا ثوبا ، يكلف تقويم (بتقويم خ) الثوب ، ويسقط من الألف.

ولو قيل : إن الاستثناء من غير الجنس ، لا يصح ، بطل الاستثناء هنا ، فلو قال : علي ألف إلا درهما ، يكون إقرارا بتسعمائة وتسع وتسعين ـ (و خ) لو منع الاستثناء

٣١٧

فلو قال : له علي عشرة إلا ستة لزمه أربعة

ولو قال : بنقص (ينقص خ) ستة لم يقبل منه.

ولو قال : له عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة لزمه ثمانية

ولو قال : له عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة كان إقرارا بأربعة

ولو قال : درهم ودرهم إلا درهما لزمه درهمان.

ولو قال : عشرة إلا ثوبا سقط من العشرة قيمة الثوب ويرجع إليه في تفسير القيمة ما لم يستغرق العشرة.

(الثاني) في في تعقيب الإقرار بما ينافيه.

لو قال : هذا لفلان بل لفلان فهو للأول ويغرم القيمة للثاني

ولو قال : له علي مال من ثمن خمر لزمه المال.

ولو قال : ابتعت بخيار. فأنكر (وأنكر خ) البائع الخيار قبل إقراره في البيع دون الخيار

وكذا لو قال : من ثمن مبيع لم أقبضه.

______________________________________________________

من غير الجنس ـ تنزيلا لكلام العاقل على الصحيح ، ويرجع في تفسير الألف إليه لو قلنا بجوازه.

ومثال الثالث ، له علي عشرة إلا عشرة ، فلا يقبل الاستثناء ، لأنه استغرق المستثنى منه ، وكذا لو قال : علي خمسة وخمسة إلا خمسة إلا عند من يقول : الاستثناء عقيب الجمل ، يرجع إليها جميعا.

« قال دام ظله » : لو قال : من ثمن مبيع ، لم اقبضه.

معناه يقبل إقراره (بثمن المبيع) ولا يقبل قوله : (لم اقبضه) لعدم البينة.

وفصل الشيخ بين أن يقول : (علي ألف) وقطع ، ثم يقول : (من ثمن مبيع لم

٣١٨

(الثالث) الإقرار بالنسب ، يشترط في الإقرار بالولد الصغير إمكان البنوة وجهالة نسب الصغير وعدم المنازع.

ولا يشترط التصديق لعدم الأهلية.

ولو بلغ فأنكر لم يقبل.

ولا بد في الكبير من التصديق.

وكذا في غيره من الأنساب ، وإذا تصادقا توارثا بينهما ، ولا يتعدى المتصادقين

ولو كان للمقر ورثة مشهورون لم يقبل (إقراره خ) في النسب ولو تصادقا.

وإذا أقر الوارث بآخر وكان أولى منه دفع إليه ما في يده ، وإن كان مشاركا دفع إليه بنسبة نصيبه من الأصل.

ولو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما.

ولو أقر بأولى منه ثم بمن هو أولى من المقر له فإن صدقه الأول دفع إلى الثاني ، وإن كذبه ضمن المقر ما كان نصيبه.

ولو أقر بمساو له فشاركه ثم أقر بمن هو أولى منهما فإن صدقه المساوي دفعا إليه ما معهما ، وإن أنكر غرم للثاني ما كان في يده.

ولو أقر للميتة بزوج دفع إليه مما في يده بنسبة نصيبه. ولو أقر بآخر

______________________________________________________

اقبضه) وبين أن يقول : (ألف من ثمن مبيع) وقطع ، ثم يقول : (لم اقبضه) بأن في الصورة الأولى ، لا يقبل النفي ، ويقبل في الثانية.

وشيخنا اطرد المنع فيهما ، وهو قوي ، وفي الفرق نظر.

٣١٩

لم يقبل إلا أن يكذب نفسه فيغرم له إن أنكر الأول.

وكذا الحكم في الزوجات إذا أقر بخامسة.

ولو أقر اثنان (عادلان خ) من الورثة صح النسب وقاسم الوراث.

ولو لم يكونا مرضيين لم يثبت النسب ودفعا إليه مما في أيديهما بنسبة نصيبه من التركة.

٣٢٠