كشف الرّموز - ج ٢

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ويشترط أن يسمع نطقه شاهدا عدل.

وفي صحته مع الشرط روايتان ، أشهرهما. الصحة ، ولا يقع في يمين ولا إضرار ولا غضب ولا سكر.

______________________________________________________

كان (محمد سليمان بن الجهم) فهو ثقة وهو من أصحاب أبي محمد عليه‌السلام ، والأقرب أنه الديلمي.

فالأشبه الأظهر أن الظهار لا يقع إلا بقوله : (أنت علي كظهر أمي) اقتصارا على المتيقن ، وحفظا من التهجم على التفريق.

وهو اختيار علم الهدى في الانتصار ، وأبي الصلاح وابن أبي عقيل والمتأخر.

وأما لو شبهها بإحدى المحرمات غير الأم ، فالذي عليه فتوى الشيخين وسلار وابن أبي عقيل وأبي الصلاح ، أنها تحرم.

وبه عدة روايات (منها) رواية علي بن رئاب ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الظهار؟ قال (فقال خ) : هو من كل ذي محرم من أم أو أخت أو عمة أو خالة (الحديث) (١).

ورواية ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يقول لامرأته : أنت علي كظهر عمته أو خالته؟ قال : هو الظهار (الحديث) (٢).

ويظهر من كلام المتأخر المنع من ذلك ، تمسكا بظاهر الآية ، وحكى الشيخ في الخلاف أن للأصحاب فيه روايتين ، الأشهر الوقوع ثم قال : ودليل المنع قوله تعالى : (ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم) (٣).

« قال دام ظله » : وفي صحته مع الشرط روايتان ، أشهرهما الصحة.

ذهب الشيخ في النهاية والخلاف ، وابن بابويه إلى أن الظهار بالشرط واقع ،

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ و ٢ من كتاب الظهار.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ و ٢ من كتاب الظهار.

(٣) المجادلة ـ ٣.

٢٤١

______________________________________________________

تمسكا بالروايات.

(فمنها) ما رواه في التهذيب مرفوعا (١) إلى حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الظهار ظهاران ، أحدهما (فأحدهما خ) أن يقول : أنت علي كظهر أمي ، ثم يسكت ، فذلك يكفر (٢) قبل أن يواقع ، فإذا قال : أنت علي (كظهر أمي إن فعلت كذا ، أو (و خ) كذا ، ففعل (وحنث ئل يب) وجبت عليه (فعليه ئل يب ) الكفارة حين يحنث (٣).

(ومنها) ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال الظهار ضربان أحدهما الكفارة فيه قبل المواقعة والآخر بعده ، فالذي يكفر قبل المواقعة ، أن يقول : أنت علي كظهر أمي ، ولا يقول : إن فعلت بك كذا وكذا والذي يكفر بعد المواقعة الذي يقول : أنت علي كظهر أمي إن قربتك (٤).

ومن هذه حمل قول الشيخ في النهاية ، أعني قوله (والثاني ، لا يجب فيه الكفارة إلا بعد أن يفعل ما شرط أنه لا يفعله ، أو يواقعها فمتى واقعها ، كان عليه كفارة واحدة) علي أنه (٥) إذا كان الشرط مواقعته.

وقال المتأخر : لا يقع بالشرط ، وحكى ذلك عن المفيد وعلم الهدى وجله المشيخة. (٦)

__________________

(١) يعني متصلا سنده إلى حماد ، وليس المراد الرفع الاصطلاحي.

(٢) يكفره ـ يب صا.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ٧ من كتاب الظهار.

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من كتاب الظهار.

(٥) قوله. على أنه متعلق بقوله قده. حمل ... الخ.

(٦) والمناسب نقل عبارة السرائر بعينها ، قال في مقام الاستدلال على عدم صحة الظهار مع الشرط ما هذا لفظه. لأنه لا خلاف بينهم أن حكمه حكم الطلاق ، ولا خلاف بينهم أن الطلاق لا يقع إذا كان مشروطا ، وهو اختيار السيد المرتضى وشيخنا المفيد وجل المشيخة من أصحابنا ، والأصل براءة الذمة (انتهى).

٢٤٢

ويعتبر في المظاهر. البلوغ ، وكمال العقل ، والاختيار ، والقصد.

وفي المظاهرة طهر لم يجامعها فيه ، إذا كان زوجها حاضرا ومثلها تحيض.

وفي اشتراط الدخول تردد ، والمروي. الاشتراط.

______________________________________________________

أما المفيد وعلم الهدى ، فما وقفت منها (منهما خ؟ على قول بعد التفتيش ، ولو ذكراه هذا ، لا يكون حجة.

ثم استدل بأن الأصل براءة الذمة.

(قلنا) : مع وجود النص أو عدمه؟ والثاني مسلم ، والأول ممنوع.

وبأن (١) الطلاق لا يقع بالشرط ، فكذا الظهار (قلنا) ما الملازمة بينهما؟ واتفاق الأحكام في بعض الصور لا يستلزم العموم.

ثم أقول : وبما قاله رواية ، عن أبي سعيد الآدمي ، عن القاسم بن محمد بن الزيات ، قال : قلت : لأبي الحسن الرضا عليه السلام : إني ظاهرت من امرأتي فقال : كيف قلت؟ قال : قلت : أنت علي كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا ، فقال لي : لا شئ عليك ، ولا تعد (٢).

وفي أخرى عن ابن فضال ، عمن أخبره ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا يكون الظهار ، إلا على مثل موضع الطلاق (٣).

لكن لا يرضى المتأخر بهما استدلالا ، لأنهما مع الكون من أخبار الآحاد ، فيهما ضعف ، فإن أبا سعيد طعن فيه الشيخ وابن بابويه وغيرهما من نقاد الرواة (النقاد للرواة خ) ، وابن فضال فطحي ، وروايته مرسلة.

« قال دام ظله » : وفي اشتراط الدخول تردد ، المروي الاشتراط.

__________________

(١) عطف على قوله. بأن الأصل.

(٢) الوسائل باب ١٦ مثل حديث ٤ من كتاب الظهار.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من كتاب الظهار.

٢٤٣

وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ، أشبههما : الوقوع.

______________________________________________________

ذهب الشيخ إلى أن الظهار لا يقع بغير المدخول (الدخول خ) بها وكذا ابن بابويه ، وبه روايات مشهورة.

إحداهما ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر أو أبي عبد الله عليهما‌السلام ، قال في المرأة التي لم يدخل بها زوجها : لا يقع عليها إيلاء ولا ظهار (١).

وأخرى ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل مملك ، ظاهر من امرأته ، فقال لي : لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها (٢) وغير ذلك ، مما ذكره في التهذيب.

واستدل في الخلاف ـ بعد الإجماع ـ بأن الأصل جواز الوطء ، من غير شرط ، فلا يترك إلا بدليل.

فأما المرتضى والمفيد وسلار ذهبوا إلى وقوعه بالزوجة ، دخل بها أو لم يدخل ، فكأنه نظر إلى عموم الآية ، (٣) وهو اختيار المتأخر ، ويظهر ذلك من كلام ابن أبي عقيل.

« قال دام ظله » : وفي وقوعه بالمتمتع بها بها قولان ، أشبههما الوقوع.

قد ذكرنا هذا البحث في باب المتعة.

وقوله : (وكذا الموطوءة بالملك) تقديره ، وكذا فيها قولان ، ذهب الشيخ إلى وقوعه.

والمستند ما رواه صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن الرجل يظاهر من جاريته؟ فقال : الحرة والأمة في هذا (إذا خ) سواء (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢ و ١ من كتاب الظهار.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٢ و ١ من كتاب الظهار.

(٣) وهي قوله تعالى. والذين يظاهرون من نسائهم ، الآية (المجادلة ـ ٣).

(٤) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب الظهار.

٢٤٤

وكذا الموطوءة بالملك ، والمروي. أنها كالحرة.

وهنا مسائل

(الأولى) الكفارة تجب بالعود وهو إرادة الوطء والأقرب أنه

______________________________________________________

ومثله في أخرى ، عن فضالة ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه السلام (١).

وما رواه العلاء بن رزين (في سند صحيح) عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سئل عن الظهار عن الحرة والأمة؟ فقال : (قال ئل) نعم (٢) وعليها فتواه في النهاية والخلاف ، مستدلا بالإجماع ، وبقوله تعالى : (والذين يظاهرون من نسائهم) (٣) واختيار ابن أبي عقيل في المتمسك.

وذهب المفيد والمرتضى في بعض مسائله ، وسلار وأبو الصلاح والمتأخر إلى أنه لا يقع ، وبه رواية ، عن علي بن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران ، قال : قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل جعل جاريته عليه كظهر أمه؟ فقال : يأتيها ، وليس عليه شئ (٤).

والأول أرجح ، ورواياته أصح ، فإن ابن فضال فاسد العقيدة ، وكذا ابن بكير ، وحمزة بن حمران مجهول الحال.

(فإن قيل) : كذا عمار فطحي (قلنا) : قد وثقة الشيخ ، ويعمل بمفرداته (بمنفرداته خ) مع أنها مؤيدة بروايات أخر.

وقال المتأخر : الأمة ليست من النساء ، فلا تدخل تحت الآية ، وليس بشئ ، إذ هو مجرد الدعوى.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من كتاب الظهار ، ولفظها هكذا. قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ظاهر من جاريته؟ قال. هي مثل ظهار الحرة.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من كتاب الظهار.

(٣) المجادلة ـ ٣.

(٤) الوسائل باب ١١ حديث ٦ من كتاب الظهار.

٢٤٥

لا استقرار لوجوبها.

(الثانية) لو طلقها وراجع في العدة لم تحل حتى يكفر.

ولو خرجت فاستأنف النكاح ، فيه روايتان ، أشهرهما : أنه لا كفارة.

(الثالثة) لو ظاهر من أربع بلفظ واحد لزمه أربع كفارات ، وفي رواية كفارة واحدة.

______________________________________________________

هنا مسائل

« قال دام ظله » : لو ظاهر من أربع بلفظ واحد ، لزمه أربع كفارات ، وفي رواية كفارة واحدة.

هذه رواها غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام ، في رجل ظاهر من أربع نسوة؟ قال : عليه كفارة واحدة (١).

وفي غياث كلام ، والرواية متروكة.

فذهب الشيخان إلى أن عليه لكل واحدة (زوجة خ) كفارة ، عملا برواية ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما‌السلام ، في رجل كان له عشر جوار ، فظاهر منهن جميعا ، كلهن (جميعا خ) بكلام واحد؟ فقال : عليه عشر كفارات (٢).

ومثله في رواية صفوان ، قال : سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرضا عليه السلام (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٣ و ١ من كتاب الظهار.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٣ و ١ من كتاب الظهار.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من كتاب الظهار ، عن صفوان قال : سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرضا عليه‌السلام ، عن رجل ظاهر من أربع نسوة؟ قال : يكفر لكل واحدة كفارة ، وسأله عن رجل ظاهر من امرأته وجاريته ما عليه؟ قال : عليه لكل واحدة منهما كفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا.

٢٤٦

وكذا البحث لو كرر ظهار الواحدة.

(الرابعة) يحرم الوطء قبل التكفير.

فلو وطأ عامدا لزمه كفارتان. ولو كرر لزمه بكل وطء كفارة.

(الخامسة) إذا أطلق الظهار حرمت حتى يكفر ، ولو علقه بشرط لم تحرم حتى يحصل الشرط.

وقال بعض الأصحاب : أو يواقع وهو بعيد ، ويقرب ذلك إذا كان الوطء هو الشرط.

______________________________________________________

وكذا لو كرر من امرأته مرات ، فعليه لكل مرة كفارة.

يدل على ذلك ، ما رواه العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر؟ فقال : قال علي عليه السلام : مكان كل مرة كفارة (١).

ومثله ما رواه ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

(فأما) ما رواه محمد بن الحسين بن الخطاب ، عن أبي بصير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل ظاهر من امرأته أربع مرات ، في كل مجلس واحدة ، فقال : عليه كفارة واحدة (٣).

فضعيفة السند ، لا عمل عليها.

« قال دام ظله » : وقال بعض الأصحاب : أو يواقع ، وهو بعيد.

هو إشارة إلى قول الشيخ في النهاية ، وقد ذكرناه ، فلا إعادة.

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٤ من كتاب الظهار.

(٢) الوسائل باب ١٣ مثل حديث ٤.

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ٦ من كتاب الظهار ، وفيه كما في الاستبصار وبعض نسخ التهذيب ، ابن أبي نصر بدل أبي بصير ، ولعله الصحيح.

٢٤٧

(السادسة) إذا عجز عن الكفارة قيل : يحرم وطؤها حتى يكفر ، وقيل : يجزي بالاستغفار وهو أشبه.

(السابعة) مدة التربص ثلاثة أشهر من حين المرافعة ، وعند انقضائها يضيق عليه حتى يفئ أو يطلق.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : إذا عجز عن الكفارة ، قيل : يحرم عليه وطؤها حتى يكفر ، وقيل : يجتزي بالاستغفار ، وهو أشبه.

ذهب الشيخ في النهاية ، إلى أنه متى عجز عن الكفارة ، وما يقوم مقامها من الصوم لا يجوز له الوطء ، حتى يكفر.

ومستنده ما رواه في الاستبصار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه من صوم أو عتق أو صدقة ، في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك ، مما يجب على صاحبه فيه الكفارة ، فالاستغفار له كفارة ، ما خلا يمين الظهار ، فإنه إذا لم يجد ما يكفر به ، حرم (حرمت خ) عليه أن يجامعها ، وفرق بينهما ، إلا أن ترضى المرأة أن يكون معها ، ولا يجامعها (١).

وفي رواية صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة ، فليستغفر ربه وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع ثم ليواقع ، وقد أجزأ ذلك عنه من الكفارة ، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر يوما من الأيام ، فليكفر ، فإن (وإن خ) تصدق فأطعم (وأطعم خ) نفسه وعياله ، فإنه يجزيه إذا كان محتاجا ، وإلا يجد (وإذا لم يجد خ) استغفر الله (فليستغفر ئل) ربه وينوي أن لا يعود ، فحسبه ذلك والله كفارة (٢).

وجمع في الاستبصار بينهما ، بأن الاستغفار تجزي إذا عزم على الكفارة لو ظفر بها ،

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب الكفارات من كتاب الإيلاء.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٤ من أبواب الكفارات.

٢٤٨

______________________________________________________

وإلا فلا.

وقال المتأخر : الصحيح أن الاستغفار يجزي ، مع عدم القدرة (الفدية خ) وهو كفارة العازم (العادم خ).

وما استند (أسند خ) إلى دليل ، هو يرضى برواية إسحاق ، استدلالا ، وما جمعه الشيخ حسن ، والله أعلم.

٢٤٩

٢٥٠

كتاب الإيلاء

٢٥١

كتاب الإيلاء

ولا ينعقد إلا باسم الله سبحانه ، فلو حلف بالطلاق أو العتاق لم يصح ، ولا ينعقد إلا في الإضرار.

فلو حلف لصلاح لم ينعقد كما لو حلف لاستضرارها بالوطء أو لصلاح اللبن ، ولا يقع حتى يكون مطلقا أو أزيد من أربعة أشهر.

ويعتبر في المولي : البلوغ ، وكمال العقل ، والاختيار ، والقصد.

وفي المرأة : الزوجية ، والدخول.

وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ، المروي : أنه لا يقع.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ، المروي أنه لا يقع.

روى هذه ، العلاء بن رزين ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا إيلاء على الرجل من المرأة التي يتمتع بها (١).

وعليها فتوى الشيخ والمرتضى ، وابن أبي عقيل والمتأخر.

واستدل المرتضى بقوله تعالى : (فإن فاؤا فإن الله غفور رحيم ، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) (٢).

__________________

(١) لم نقف عليها في الوسائل ، ولكن نقلها الشيخ في التهذيب في باب حكم الإيلاء من كتاب الطلاق حديث ٣٣ فلاحظ وتتبع.

(٢) البقرة ـ ٢٢٦.

٢٥٢

وإذا رافعته أنظره الحاكم أربعة أشهر ، فإن أصر على الامتناع ثم رافعته بعد المدة خيره الحاكم بين الفئة والطلاق ، فإن امتنع حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يكفر ويفئ أو يطلق ، وإذا طلق وقع رجعيا ، وعليها العدة من يوم طلقها.

ولو ادعى الفئة فأنكرت فالقول قوله مع يمينه.

وهل يشترط في ضرب المدة المرافعة؟ قال الشيخ : نعم ، والرواية (والروايات خ) مطلقة.

______________________________________________________

وجه الاستدلال أن يقال : المراد من النساء في الآية ، الدائميات ، لتعقيبها الطلاق بمن لم يفئ ، والطلاق في المتمتع بها منفي ، فالايلاء منفي.

قلت : هذا من باب تخصيص العام ، باللفظ الخاص ، وقد بين ضعفه في أصول الفقه.

فالأولى التمسك بالرواية الصحيحة الصريحة ، وقال أبو الصلاح : يقع بها وقد حكي (يحكى خ) ذلك عن المفيد في بعض مسائله ، وعلى الأول العمل.

« قال دام ظله » : وهل يشترط في ضرب المدة ، المرافعة؟ قال الشيخ : نعم ، والروايات مطلقة.

والبحث هذا (هنا خ) مطالبة الشيخ بالتقييد ، وتبعه (تابعه خ) المتأخر ، فكأنه غفل عن الرجوع إلى الأصل ، والتمسك بالبراءة ، وباقي الأصحاب ، أطلقوا ، بحسب الروايات

٢٥٣

٢٥٤

ذكر الكفارات

٢٥٥

« ذكر الكفارات »

ولنتبع ذلك بذكر : الكفارات ، وفيه مقصدان :

الأول في حصرها :

وتنقسم إلى مرتبة ومخيرة ، وما يجتمع فيه الأمران ، وكفارة الجمع.

فالمرتبة : كفارة الظهار ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.

ومثلها كفارة قتل الخطأ.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ومثلها كفارة قتل الخطأ (١).

أي في الترتيب هو (و خ) الذي عليه العمل ، والقرآن ناطق به (٢) والروايات واردة (٣) والأصحاب مطبقون عليه ، ما خلا سلار ذهب إلى التخيير ، وما أعرف المستند ، إلا رواية مهجورة ضعيفة (٤) وهو المقصود من كلام المفيد في المقنعة ، في

__________________

(١) لا يخفى أن هذه العبارة في الشرح كانت متأخرة على قوله ره : وكفارة من أفطر ... الخ ونحن قدمناها طبقا للمتن.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى : (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة) ـ الآية ، النساء ـ ٩٢.

(٣) راجع الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب الكفارات.

(٤) راجع الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب القصاص في النفس (رواية أبي المعزا) حيث أتى

٢٥٦

وكفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال عامدا إطعام عشرة مساكين ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعات.

______________________________________________________

باب الكفارات ، وسنذكر الكلام فيه ، وقد صرح بالترتيب في باب القصاص.

« قال دام ظله » : وكفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان ، إلى آخره.

اختلفت الروايات في هذه الكفارة ، ففي رواية حريز ، عن زرارة ـ وفي الطريق ، علي بن الحسن بن فضال ـ أن عليه مثل كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان ، لأن ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان (١).

ذهب إليها ابن البراج ، للاحتياط ، واختاره (ها خ) ابن بابويه في المقنع.

وقال الشيخ : هذا الخبر شاذ نادر.

ويمكن حمله على من أفطر تهاونا واستخفافا.

وروى عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ وفي طريقها أيضا علي بن الحسن بن فضال : ليس عليه شئ (٢).

وحمله الشيخ على أنه لا شئ عليه من العقاب ، وهو تحكم.

وفي رواية الحرث (الحارث ئل) بن محمد ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : أنه يتصدق على عشرة مساكين (٣).

وفي أخرى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام : إن أفطر بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين ، فإن لم يمكنه

__________________

بالخصال بالواو الدالة على الجمع المحمول على التخيير ، للإجماع على عدم وجوب الجمع ، ولاحظ أيضا باب ٨ حديث ١ من أبواب بقية الصوم الواجب.

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ، منقول بالمعنى.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٤ من أبواب أحكام شهر رمضان ، وفيه : ليس عليه شئ إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه.

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٢٥٧

والمخيرة : كفارة شهر رمضان ، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا.

ومثله كفارة من أفطر يوما منذورا على التعيين.

وكفارة خلف العهد على التردد.

______________________________________________________

صام ثلاثة أيام ، كفارة لذلك (١).

وهو اختيار الثلاثة وأبي الصلاح ، وقوله عليه‌السلام : (بعد العصر) محمول على بعد الزوال ، لأن العرب تستعمل ذلك.

وقال سلار : عليه كفارة يمين ، وما نعرف المستند.

وتردد المتأخر ، فاختار في أول الباب مذهب الشيخ ، وفي آخره مذهب سلار. وليس بشئ ، إذ لا دليل عليه من حديث أو نظر ، وذهب إلى أن عليه ، صوم يومين. يوم قضاء رمضان ، ويوم قضاء اليوم الذي أفطر فيه قاضيا.

وما أعرف من أين قاله؟ ولا دليل على ذلك من كتاب أو سنة أو خبر.

« قال دام ظله » : وكفارة خلف العهد على التردد ، وأما كفارة خلف النذر ففيه قولان ، أشبههما أنها صغيرة.

قلت : ذهب الثلاثة وسلار إلى أن كفارة خلف النذر والعهد ، كفارة رمضان.

والمستند ما رواه بياع السابري ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : من جعل عليه عهد الله وميثاقه ، في أمر الله طاعة ، فحنث ، فعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان ، وفي التهذيب والاستبصار كما في الوسائل هكذا : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام. رجل وقع على أهله ، وهو يقضي شهر رمضان؟ فقال : إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر ، فلا شئ عليه ، يصوم يوما بدل يوم ، وإن فعل بعد العصر ... الخ ما في المتن.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب الكفارات.

٢٥٨

وأما كفارة خلف النذر ففيه قولان ، أشبههما : أنها صغيرة.

وما يجتمع فيه الأمران : كفارة اليمين ، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات.

وكفارة الجمع : لقتل (كقتل خ) المؤمن عمدا عدوانا ، وهي عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا.

______________________________________________________

ومثله عن جميل بن دراج ، عن عبد الملك بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام (١).

وفي رواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل عاهد الله في غير معصية ، ما عليه إن لم يف بعهده؟ قال : يعتق رقبة ، أو يتصدق (تصدق خ) بصدقة ، أو يصوم شهرين متتابعين (٢).

وقال ابن بابويه ، كفارة النذر كفارة اليمين ، وهو في رواية حفص بن غياث ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن كفارة النذر؟ فقال : كفارة النذر كفارة اليمين (الحديث). (٣)

وهي ضعيفة ، فإن حفص بن غياث بتري ، وفي طريقها سليمان بن داود المنقري ، وقد طعن فيه ابن الغضائري ، وقال أنه ضعيف جدا.

وفي رواية جميل بن صالح ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، أنه قال : كل من عجز عن نذر نذره فكفارته ، كفارة يمين (٤).

وقال المتأخر : إن كان النذر صوما معينا ، فكفارته ما قاله الشيخان ، وإن كان غير الصوم ، فكفارة خلافه ، كفارة اليمين.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٧ من أبواب الكفارات.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب الكفارات.

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب الكفارات.

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من أبواب الكفارات.

٢٥٩

مسائل ثلاث

(الأولى) قيل : من حلف بالبراءة لزمته كفارة ظهار.

______________________________________________________

ونحن نطالبه بتوزيع الحكم على التفصيل ، فإن الروايات على ما ذكرناه.

وإذا تقرر هذا ، فالذي ينبغي عليه العمل ، هو مذهب الشيخين ، لأن الروايات بذلك أصح ، وهو أظهر بين الطائفة ومنشأ التردد ، النظر إلى الخلاف ، وهو ضعيف.

وقوله : (أشبههما أنها صغيرة) التفات إلى رواية حفص بن غياث (١).

والأولى الإعراض عنها رأسا ، فإنها لا تصلح معارضة ، ولا إثبات حكم بها ، لضعفها.

« قال دام ظله » : قيل : من حلف بالبراءة ، لزمته كفارة ظهار.

القائل هو المفيد في المقنعة ، والشيخ في النهاية ، ويعني البراءة ، من الله ورسول الله والأئمة عليهم‌السلام

وفي النهاية : فإن لم يقدر على كفارة الظهار ، فعليه كفارة اليمين.

والمستند في الكل غير معلوم ، نعم روي في التهذيب ، عن الكليني ، عن محمد بن يحيى ، قال : كتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد عليه‌السلام : رجل حلف بالبراءة ، من الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (والأئمة عليهم‌السلام خ) فحنث ، ما توبته وكفارته؟ فوقع عليه‌السلام : يطعم عشرة مساكين ، لكل مسكين مد ، ويستغفر الله عزوجل (٢).

وهي مع كونها مشتملة على المكاتبة ، غير دالة على المدعي.

فالأولى التمسك بالأصل ، والقول بعدم الكفارة ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف والمبسوط ، مستدلا بالإجماع ، وعليه المتأخر ، ولا خلاف في الإثم.

__________________

(١) كما تقدمت آنفا ، حيث قال عليه‌السلام فيها : كفارة النذر كفارة اليمين.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب الكفارات.

٢٦٠