ترك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكنّ أبا بكر منعها وسدّ جميع السبل المؤدية إلىٰ استحقاقها ، حتىٰ ولو كان إحساناً وتكرماً ، فلماذا إذن اتخذ هذا الموقف من بضعة المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟
هذا السؤال الذي توقّف ابن أبي الحديد عن الإجابة عليه آنفاً ، يحمل أكثر من إجابة تتضح في بيان أهداف السلطة من الاستيلاء علىٰ الإرث النبوي.
أقدمت السلطة علىٰ إلغاء امتياز البيت الهاشمي بالموروث النبوي ، وذلك لتقوية مركزها السياسي ، والاستعانة به في دعم الكيان السياسي للسلطة ، ولذا قال عمر لأبي بكر لمّا كتب بفدك لفاطمة عليهاالسلام : ممّاذا تنفق علىٰ المسلمين وقد حاربتك العرب (١) ؟ ولسلب القدرة الاقتصادية من أهل البيت عليهمالسلام التي قد تمكّنهم من استعادة سلطانهم المسلوب ، وذلك بقطع الشريان الاقتصادي الذي يغذّي الخلافة الشرعية للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمعارضة المتوقعة من بيت الزهراء عليهاالسلام ، والاطمئنان من أي حركة تستهدف الحكم.
ولو أغضينا عن تركة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في خيبر وبني النضير والمدينة وسهم ذي القربىٰ ، فإنّ فدك وحدها كان دخلها أربعة وعشرين ألف دينار في كلِّ سنة ، في رواية الشيخ عبدالله بن حماد الأنصاري ، وفي رواية غيره : سبعين ألف دينار (٢) ، وإنّها كانت تغلّ في أيام عمر بن عبدالعزيز عشرة آلاف
_______________________
١) السيرة الحلبية ٣ : ٣٦٢.
٢) كشف المحجة / ابن طاووس : ١٨٢.