مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وأيضا هو في طريق رواية الكناني.

وأنت تعلم أن محمّد بن الفصيل الذي هو راوي الرضا عليه السلام ضعيف ، ذكره في الخلاصة في باب الضعفاء ، وقال : يرمى بالغلوّ.

وليس بمعلوم كونه في طريق الكناني ، لاحتمال كونه راوي الكاظم عليه السلام وهو ضعيف ، وراوي الصادق عليه السلام وهو ثقة.

وقد حمل الشيخ في الاستبصار على التقية ، أو عدم حصول شرائط القبول في الشهود صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إذا شهد ثلاثة رجال وامرأتان لم تجز في الرجم ، ولا تجوز شهادة النساء في القتل (١).

مع أن الظاهر أن هذه أصحّ سندا ، لوجود محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن (٢) في الاولى ، وإبراهيم بن هاشم في الثانية (٣).

فلعلّه رجّح الأوّل للكثرة والشهرة وعدم ظهور القائل بمضمون الثانية ، وعموم أدلّة قبول الشهادة مثل «وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ» (٤).

وأما ثبوت الزنا والجلد ، برجلين وأربع نساء فلم يظهر له دليل بخصوصه ، والمسألة خلافيّة.

وسند المجيز ـ مثل المصنف هنا ـ ما يدلّ على ثبوت الجلد (الحدّ ـ خ) بشهادتهنّ والرجال ، مثل رواية عبد الرحمن ، عن الصادق عليه السلام ، قال : تجوز

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢٨ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٤.

(٢) فان سندها كما في الكافي هكذا : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان. الوسائل باب ٢٤ حديث ١٠ من كتاب الشهادات. ومراده من الاولى والثانية اولى الروايات التي أوردها لأصل المسألة.

(٣) سندها كما في الكافي هكذا : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي. الوسائل باب ٢٤ حديث ٣ من كتاب الشهادات.

(٤) صدرها (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا). الآية ، الطلاق : ٢.

٤٢١

ولا تقبل أيضا في الطلاق ، والخلع ، والوكالة ، والوصيّة إليه والنسب ، والأهلّة.

______________________________________________________

شهادة النساء في الحدود مع الرجال (١).

ولمّا انتفى بأقلّ منهما ومنهنّ بالإجماع ثبت ما ذكرناه.

ويؤيّده نفي الرجم بهما دون الزنا في الأخبار السابقة ، فلو كان المنفيّ ، الزنا لكان نفيه أولى ، لئلّا يلزم اللغو ، بل يوهم خلاف المراد.

وذهب بعضهم إلى نفيه ، للأصل وعدم الدليل وضعف ما تقدّم.

ونقل عن المصنف في المختلف ذلك محتجا بأنه لو ثبت الزنا بشهادتهما ليثبت الرجم ، والتالي باطل للأخبار الكثيرة الدالة على عدم سماع رجلين وأربع نسوة في الرجم ، فالمقدّم مثله.

وبيان الملازمة أن دلالة الإجماع على وجوب الرجم على المحصنين الزانيين ، فإن ثبت الوصف ثبت الحكم ، وهو الرجم وإلّا فلا.

وهذا متّجه وإن كان فيه منع بعيد ، فتأمّل.

قوله : «ولا تقبل أيضا في الطلاق إلخ». دليل عدم قبول شهادة النساء في الطلاق ، الروايات ، مثل ما في حسنة الحلبي : وكان علي عليه السلام يقول : لا أجيزها في الطلاق ، قلت : تجوز شهادة النساء مع الرجال في الدين؟ قال : نعم (٢) وما في رواية أبي بصير : ولا تجوز في الطلاق ولا في الدم (٣).

ومثله ما في رواية محمّد بن الفضيل وإبراهيم (٤).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، قال : قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ، ولا

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ قطعة من حديث ٢١ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٢.

(٢) الوسائل باب ٢٤ قطعة من حديث ٢ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٥٨.

(٣) راجع الوسائل باب ٢٤ حديث ٤ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٥٨.

(٤) راجع الوسائل باب ٢٤ حديث ٥ و ٧ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٥٨.

٤٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

في الطلاق ، وقال : سألته عن النساء ، تجوز شهادتهن؟ قال (فقال ـ خ) : نعم في العذرة والنفاس (١).

وهذه دلّت على عدمها في الهلال أيضا ، وقد دلّت عليه أخبار أخر ، مثل صحيحة عبد الله بن سنان المتقدّمة (٢) ، وقد مرّ في رؤية الهلال وبحث الطلاق أيضا ما يدلّ عليه فتذكّر (٣).

ويدلّ عليه أيضا القاعدة المقرّرة خصوصا الهلال.

ولعلّ الخلع أيضا طلاق أو مثله ، فدليله دليله فتأمّل ، وكأنه الإجماع المركب (٤).

وقيل : إن كان تدّعيه المرأة لا يثبت بالرجل والمرأتين ، لأن الدعوى حينئذ المال وقد تقرّر عندهم أن كلّ دعوى تكون مالا أو يكون المقصود منه المال ، يثبت بالرجل والمرأتين ، وإلّا فلا يثبت إلّا بالرجال ، إلّا أن يكون ممّا لا يمكن الاطّلاع عليه عادة للرجال ـ كالعذرة والرضاع ـ فيثبت بالنساء.

ومع ذلك المشهور فيه عدم الثبوت إلّا بالرجلين ، فالطلاق إن لم يكن بعوض فليس بمال ولا المقصود منه المال وإن كان في ضمنه إسقاط مال وهو النفقة ، وإن كان بعوض فهو مثل الخلع.

قلت : فإن كانت هذه القاعدة منصوصة أو مجمعا عليها يجب العمل بها وإلّا فلا ، ولا أعرف شيئا منهما.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٨ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٠.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ١٠ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٠.

(٣) راجع هذا الكتاب ج ٥ ص ٢٨٩ من قول المصنف (الرابع شهادة العدلين).

(٤) يعني كلّ من قال بثبوت الطلاق بالرجل والمرأتين قال به في الخلع أيضا ، وكلّ من لم يقل بثبوته بهما في الطلاق لم يقل به في الخلع فالتفصيل بثبوته في الطلاق دون الخلع خرق للإجماع.

٤٢٣

والأقرب قبول شاهد وامرأتين في النكاح ، والعتق ، والقصاص.

______________________________________________________

وعلى تقدير وجوب العمل فلا يبعد هذا القول ، إذا الغالب على الزوج المدّعي الخلع ، أن مقصوده المال ، ويمكن التفصيل والاستفسار ثم الحكم بمقتضى التفصيل ، وأما الطلاق ، فالظاهر أنه لا يثبت مطلقا إلّا بالرجلين لما تقدّم من الأخبار فتأمّل.

وينبغي العمل بهذه القاعدة على تقدير ثبوتها فيما إذا لم يكن هناك نصّ بخصوصه على حكم خاصّ في تلك الواقعة فيتّبع ، وتخصّص (تخصيص ـ خ) القاعدة ، لثبوت تخصيص العامّ بالخاصّ ، فتأمّل.

والمبارأة مثل الخلع ، ويمكن إدخالها في الخلع.

وأما الثلاثة الأخر ـ الوكالة ، والوصيّة ، والنسب ـ فما رأيت دليلا على عدم قبول النساء فيها.

ولعلّ دليله مطلقا هو الإجماع أو القاعدة ، ويؤيّده عدم ذكر الخلاف والتردّد فيها وفي الهلال أيضا ، بخلاف غيرها ، ولكن ما نعرفها ، على أنها قد يكون المقصود منها المال خصوصا الوكالة ، ويؤيّده دليل عموم الشهادة.

والمراد بالوصية إليه هي الوصاية والولاية ، أي كون الشخص وصيا لميّت.

قوله : «والأقرب قبول شاهد إلخ». وجه الخلاف في النكاح ، اختلاف الروايات ، فإن في رواية أبي بصير ، ومحمّد بن الفضيل ، وزرارة ، وإبراهيم الخارقي (الحارثي ـ خ ل) : ويجوز شهادتهنّ في النكاح (١).

ويدلّ على المنع رواية سعدان بن إسماعيل ، عن أبيه إسماعيل بن عيسى ـ المجهول ـ قال : سألت الرضا عليه السلام : هل تجوز شهادة النساء في التزويج من

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤ و ٥ و ٧ و ١١ من كتاب الشهادات.

٤٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

غير أن يكون معهنّ رجل؟ قال : لا ، هذا لا يستقيم (١).

ورواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم السلام أنه كان يقول : شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا في نكاح ولا في حدود ، إلّا الدين (في الديون ـ ئل) وما لا يستطيع الرجال النظر إليه (٢).

وليس في الباب حديث صحيح ، وحمل الأخيرين في الاستبصار والتهذيب على التقية ، وأيّده برواية داود بن الحصين (٣) الدالّة على ذمّ المخالفين باشتراط الشهود في النكاح مع عدم فرضه ، وعدمه في القرآن ، بل إنما سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله لئلّا ينكر الولد والميراث ، وعدمه في الطلاق مع فرضه ووجوده في القرآن ، وليس بمؤيّد.

أو على الكراهة ، وأيّده بقوله (٤) : (لا يستقيم) حيث لم يقل : (ولا تجوز) فتأمّل

ويمكن حملها على عدم القبول وحدهنّ كما يشعر به قوله : (من غير أن يكون معهنّ رجل) وما في رواية الجواز (٥) مثل رواية محمّد بن الفضيل : (يجوز شهادتهنّ في النكاح إذا كان معهنّ رجل).

ورواية الجواز أكثر وأوضح مع تأييده بعموم أدلّة قبول الشهود بأن الشريعة سهلة سمحة. وإذا كان المدّعي هو الزوجة يكون الدعوى مالا ، مثل النفقة والمهر.

وقد جمع ع ـ ل وزي (ف ـ خ) (ز ـ خ) (٦) بين الأخبار أيضا بالحمل

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٣٩ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٦.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤٢ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٧.

(٣) راجع الوسائل باب ٢٤ حديث ٣٥ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٥.

(٤) في رواية إسماعيل المذكورة آنفا.

(٥) يعني يشعر به ما في رواية الجواز إلخ.

(٦) المراد من ع ـ ل هو المحقق الثاني ، ومن (زي) الظاهر كونه زين الدين الشهيد الثاني وكذا (ز). وأما (ف) فلم نعرف المراد منه وعليك بالتأمل.

٤٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

على كونه زوجة وزوجا ، فإنه على الأول ، الدعوى مال فيقبل بخلاف الثاني.

ولا يخفى بعده وعدم إشعار فيها بذلك ، بل المتبادر أنه الزوج.

وأيضا قد لا يكون المقصود مالا ، فلا يتم على تلك القاعدة ، على أنها غير معلومة كما مرّ فتأمّل.

واما القصاص فقد دلّت الأخبار المتقدمة على عدم شهادتهنّ في الدم والطلاق.

وأيضا قد مرّت صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إذا شهد ثلاثة رجال وامرأتان لم يجز في الرجم ، ولا تجوز شهادة النساء في القتل (١).

وحملها الشيخ على التقيّة باعتبار دلالتها على عدم قبول ثلاثة رجال وامرأتين في الرجم ، لوجود خلافه في اخبار كثيرة أو على عدم استكمال الشهود المذكورة شرائط الرجم ، ولا يحتاج إلى الحمل باعتبار : (ولا تجوز شهادة النساء في القتل).

وأيضا رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر (بن محمّد ـ ئل) ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم السلام ، قال : لا تجوز شهادة النساء في الحدود ، ولا في القود (٢).

وكذا رواية محمّد بن الأشعث الكندي بإسناده (٣) قال : كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول : لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القود (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢٨ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٤.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢٩ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٤.

(٣) وهو : عن موسى بن إسماعيل بن جعفر عن أبيه ، عن آبائه. عن علي عليهم السلام قال : لا تجوز إلخ.

(٤) الوسائل باب ٢٤ حديث ٣٠ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٤.

٤٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وحملها الشيخ بغير حدّ الزنا والرجم ، واستدلّ بالأخبار المتقدّمة.

وتدلّ على جواز شهادتهنّ في القتل والقصاص صحيحة جميل بن درّاج ومحمّد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام ، قالا : قلنا : أتجوز شهادة النساء في الحدود؟ قال : في القتل وحده ، إن عليّا عليه السلام كان يقول : لا يبطل دم رجل (امرئ ـ ئل) مسلم (١).

وحملها على ثبوت القتل للدية ، لا للقصاص ، وحمل ما تقدّم في الأخبار ـ من عدم جواز شهادتهنّ في الدم والقتل ـ على عدم جوازها في القصاص ، أو على قبول شهادتهنّ في القتل والدم مع الرجال ، لا وحدهنّ.

وأيده بما في مضمرة زيد الشحّام قال. قلت : أيجوز شهادة النساء مع الرجال في الدم؟ قال : نعم (٢).

أو (٣) يحمل على سماع شهادتهنّ بحسابها ، كرواية الكناني ، عنه عليه السلام ، قال : تجوز شهادة النساء في الدم (مع الرجال ـ ئل) (٤).

وأيّده برواية محمّد بن قيس ـ كأنها صحيحة ـ عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في غلام شهدت عليه امرأة أنه دفع غلاما في بئر فقتله ، فأجاز شهادة المرأة بحساب شهادة المرأة (٥).

وبرواية عبد الله بن الحكم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة شهدت على رجل أنه دفع صبيّا في بئر فمات ، قال : على الرجل ربع دية الصبيّ

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٥٨.

(٢) الوسائل باب ٢٤ ذيل حديث ٣٢ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٤.

(٣) عطف على قوله قدّس سرّه : على عدم جوازه.

(٤) الوسائل باب ٢٤ ذيل حديث ٢٥ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٣.

(٥) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢٦ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٣.

٤٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بشهادة المرأة (١).

ويؤيّده ما ورد في الاستهلال والوصيّة ، وقد تقدّم.

ويؤيّد الجمع في الجملة عموم أدلّة قبول الشهادة ، مع الاحتياط في الدم ، وعدم إبطال دم امرئ مسلم ، فتأمّل.

وأيضا يؤيّده ثبوت المال بشهادتهنّ في الجملة.

وهذا ـ فيما إذا كان القتل موجبا للدية ـ لا إشكال فيه ، ولهذا يعدّ فيما يثبت بشهادة الرجل والمرأتين ، الجناية الموجبة للدية.

وقال في الشرح : المراد الجناية الموجبة للدية ، قتلا كان أو جرحا.

فمنشأ الخلاف اختلاف الروايات.

ثم قيل : إنه على القول به يثبت المال والدية لا القصاص.

وفيه حينئذ يجي‌ء الإشكال مثل الإشكال الذي في عدم ثبوت الرجم بشهادة رجل وأربع نسوة مع ثبوت الزنا ، فإنه بعد ثبوت الزنا ينظر ، إن وجد الإحصان رجم وإلّا فلا يقال ، ومثله يقال هنا.

ويمكن أن يقال : لمّا ثبت القتل ولا يمكن القصاص لعدم ثبوته بشهادة النساء ، ولا معنى لإبطال دم امرئ مسلم ، فتثبت الدية ، ومثله يمكن في الإحصان ، وقد يفرّق ، فتأمّل.

وأما العتق فما رأيت فيه بخصوصه رواية في الإثبات ولا في النفي.

ولعلّ منشأ الخلاف ، الشكّ في دخوله تحت المال ، فمن حيث أن العتق مستلزم لتلف مال من المدّعى عليه فكان الدعوى هو المال ، ومن حيث أنه فكّ وحقّ لله تعالى فليس بمال فلا يثبت بهنّ.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٣٣ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٥.

٤٢٨

وأما الديون والأموال ـ كالقرض ، والقراض ، والغصب ، وعقود المعاوضات ، والوصيّة له ، والجناية الموجبة للدية ، والوقف على إشكال ـ فتثبت بشاهد وامرأتين ، وبشاهد ويمين.

______________________________________________________

ويؤيّد الأول عموم أدلّة قبول الشهادة مع عدم المنع وثبوت الماليّة فيه لا محالة وتغلب العتق في الأحكام ، وهو أمر مقرّر عندهم.

واعلم أن الظاهر أن التردّد (١) في ثبوت هذه الأمور برجل وامرأتين ، وعلى التقديرين ، هل يثبت بشاهد واحد أو بامرأتين ويمين أيضا ، أم لا يثبت إلّا بشاهدين عدلين أو بواحد وامرأتين ـ فلا يثبت بأحدهما ـ ويمين ، فتأمّل. وإن كان المفهوم من بعض تأويلات الشيخ قبولهنّ منفردات أيضا فتأمّل.

قوله : «وأما الديون والأموال إلخ». إشارة إلى بيان ضابط ما يثبت بشاهدين ، وبالشاهد واليمين ، وبالشاهد والمرأتين.

وهو في بعض العبارات ما يكون مالا ، وبعضها ما يكون دينا ، وفي الأكثر ما يكون مالا أو المقصود منه مالا ، كالأعيان المغصوبة ، والوديعة ، والديون الثابتة في الذمم ، قرضا أو غيره ، والعقود الماليّة ، مثل البيع ، والإقالة ، والرد بالعيب ، والرهن ، والحوالة ، والضمان ، والصلح ، والقراض ، والشفعة ، والإجارة ، والمزارعة ، والمساقاة ، والسبق ، والرماية ، والهبة ، والإبراء ، والوصيّة بالمال ، والإقرار به ، والمهر في النكاح ، والوطء بالشبهة ، والزنا ، وإتلاف الأموال ، والجنايات الموجبة للمال كقتل الخطأ ، وجنايات الصبيان ، والمجانين ، وقتل الحرّ العبد ، والمسلم الذمّي ، والوالد الولد ، والسرقة لأخذ المال خاصة دون القطع.

وكذلك الأمور المتعلّقة بالعقود والأموال كالخيار ، والشرائط المتعلّقة بها مثل الأجل ، والحلول ونحو ذلك ، ونجوم مال الكتابة إلّا النجم الأخير.

__________________

(١) يعني تردّد المصنف المستفاد من قوله رحمه الله : (والأقرب قبول إلخ).

٤٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فإن فيه قولين ، من حيث أنه يترتّب عليه العتق ، فكأنه العتق ، فيجي‌ء فيه إشكال العتق.

والظاهر أنه ليس كذلك ، بل هو مثل سائر النجوم ، والعتق يترتّب عليه بأداء المال ، ومثل طاعة المرأة وتمكينها ، للنفقة وغير ذلك.

وبالجملة فالمقصود منه المال أو يؤول إليه بالأخرة بوجه ، فتأمّل في الأمثلة وضبطها.

لعلّ دليله هو الإجماع وعموم أدلة قبول الشهادة بعد خروج ما خرج مع عدم المانع ، وقوله تعالى : «أو رَجلاً وَامرأتين» (١) فيشعر أن المراد هو الماليّة فتأمّل.

ولعدم القائل بالفرق بين الدين وغيره من الأموال.

والأخبار الكثيرة الدالّة على صورة الحكم بالشاهد واليمين.

وتدلّ على قبول شهادتهنّ في الدين الأخبار أيضا ، مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن رسول الله صلّى الله عليه وآله أجاز شهادة النساء في الدين وليس معهنّ رجل (٢).

فإن وجد القائل به لا يبعد القول به ، فتأمّل.

ويمكن أن يقال : الصدوق قائل به ، لوجوده في الفقيه في صحيحة زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام : في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا فقالت : أنا بكر ، فنظر إليها النساء فوجدنها بكرا؟ قال : تقبل شهادة النساء (٣).

وقضى عليّ عليه السلام في غلام شهدت عليه امرأة أنه دفع غلاما في بئر فقتله ، فأجاز شهادة المرأة (٤). ومثلها رواية عبد الله بن الحكم (٥) وقد مرّت.

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ). البقرة : ٢٨٢.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢٠ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٢.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤٤ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٢.

(٤) و (٥) الوسائل باب ٢٤ ، مثل حديث ٢٦ بالسند الثاني وحديث ٣٣ من كتاب الشهادات.

٤٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي رواية محمّد بن خالد الصيرفي ، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال : كتبت إليه في رجل مات وله أمّ ولد وقد جعل لها سيّدها شيئا في حياته ثمّ مات ، قال : فكتب عليه السلام : لها ما أثابها به سيّدها في حياته معروف ذلك لها ، تقبل على ذلك شهادة الرجل والمرأة والخدم غير المتّهمين (١).

وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن شهادة النساء في النكاح. قال : تجوز إذا كان معهنّ رجل وكان عليّ عليه السلام يقول : لا أجيزها في الطلاق ، قلت : تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين؟ قال : نعم (٢).

وعدّ المصنف هنا وجماعة الوقف منها على إشكال ، فقيل : إنه مبنيّ على الإشكال في الوقف هل هو ينتقل إلى ملك الموقوف عليه إذا كان خاصا ، أم يبقى على ملك الواقف ، أو ينتقل إلى الله والنفع له؟

والظاهر الأول لوجود آثار الملك فيه ، وعلى القولين الأخيرين أيضا يمكن عدّه منها فيثبت بالشاهد واليمين ، والرجل والمرأة ، لأن المقصود منه المقصود من المال (٣) ، بل هو عين المال ، فإن إثبات الوقفيّة الخاصّة لانتفاعه به كانتفاع الملاك.

والظاهر من الضابط أن ذلك كاف ، لا أنه لا بد من إثبات الملكية للمدّعي ويؤيده عموم أدلّة الشهادة من غير ثبوت المنع مثل «أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ» (٤) وغيرها من الآيات والأخبار الكثيرة في ذلك جدّا ، ولعلّ مختاره الثبوت.

ولكن فيه إشكال ما ، ولهذا قال : (الوقف على إشكال) ثم عقب بقوله : (فيثبت بشاهد وامرأتين ، وبشاهد ويمين) ، فافهم.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤٧ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٨. وفيه : (يحيى بن خالد الصيرفي).

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٥٨. وللحديث ذيل فلاحظ.

(٣) في النسخ كلّها هكذا : (لأن المقصود منه ما المقصود من المال).

(٤) صدرها (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ» ، الآية الطلاق : ٢.

٤٣١

وأما الولادة ، والاستهلال ، وعيوب النساء الباطنة ، والرضاع على إشكال ، فتقبل فيه شهادتهنّ وإن انفردن (منفردات ـ خ).

______________________________________________________

قوله : «وأما الولادة والاستهلال إلخ». إشارة إلى بيان ما يثبت بشهادة النساء منفردات ومنضمّات ، وهو ما يعسر الاطّلاع لغيرهنّ عليه.

ويدلّ عليه الاعتبار والأخبار الكثيرة ، مثل ما في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة ، وقال : تجوز شهادة النساء وحدهنّ بلا رجال في كلّ ما لا يجوز النظر للرجال إليه ، وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس (١).

وما في مضمرة أبي بصير ، قال : سألته عن شهادة النساء؟ قال : تجوز شهادة النساء وحدهنّ على ما لا يستطيع الرجال ينظرون إليه (النظر إليه ـ خ ل ئل) (٢).

ومثله موجود في رواية إبراهيم الخارقي (الحارثي ـ خ ل) (٣).

ولا شكّ أن الولادة واستهلال الولد حين ولادته ، من هذا القبيل ، ويدلّ عليه الخبر بخصوصه كما سيجي‌ء.

وكذا عيوب النساء الباطنة ، وإنما قيّد ب (الباطنة) لأنّ الظاهرة لا يعسر عليه اطّلاع الرجال وليس بمحرّم مثل الفرج ومنها الثيوبة والرتق ونحو ذلك.

واستشكل في الرضاع ، لاحتمال الاطّلاع ، وللأصل.

وأنت تعلم أنه يشمله عموم أدلّة قبول الشهادة من الأخبار المتظافرة فيما لا يجوز النظر للرجال إليه كعيوبها الباطنة ، وهو ظاهر.

وتدلّ عليه أيضا رواية ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن الصادق عليه السلام في امرأة أرضعت غلاما وجارية ، قال : يعلم ذلك غيرها؟ قلت : لا ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ قطعة من حديث ١٠ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٦٠.

(٢) الوسائل باب ٢٤ صدر حديث ٤ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٥٨.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٥ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٥٩.

٤٣٢

وتقبل في الديون والأموال شهادة امرأتين ويمين.

______________________________________________________

قال : فقال : لا تصدّق إن لم يكن غيرها (١).

حيث تدلّ على التصديق مع وجود الغير أعمّ من الرجل والمرأة.

ورواية عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كنّ مستورات (٢).

قال في الشرح : القائلون بقبول شهادة النساء في الرضاع اختلفوا في العدد ، فقال المفيد : تقبل فيه شهادة امرأتين ، وكذا في عيوب النساء والاستهلال ، فإن تعذّر امرأتان فواحدة ، لصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام أنه سأله عن شهادة القابلة في الولادة فقال : تجوز شهادة الواحدة (٣).

وأنت تعلم أن لا دلالة فيها على الرضاع ، ولا على التفصيل الذي ذكره ، ولا على قبول الواحدة في جميع المدّعى والإرث ، فإنها تدل على جواز شهادة الواحدة في الجملة فيمكن حملها على ربع الميراث كما صرّح به في غيرها.

ثم قال : المشهور أنه لا بد من الأربع ، وانه لا توزيع إلّا في الاستهلال والوصيّة.

وكأنه المصنف أشار إلى اعتبار العدد في الرضاع بقوله : فتقبل فيه شهادتهنّ وان انفردن.

قوله : «وتقبل في الديون والأموال إلخ». لما تقرّر من ثبوت المال ومنه الديون بشاهد ويمين عندهم ، كأنه إجماعيّ.

وتدلّ عليه الأخبار الكثيرة جدّا ، مثل حسنة حمّاد بن عيسى ـ هي

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٣ من أبواب ما يحرّم بالرضاع ، ج ١٤ ص ٣٠٥.

(٢) الوسائل باب ٤١ قطعة من حديث ٢٠ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٩٤ وفيه عبد الله بن أبي يعفور ، عن أخيه عبد الكريم بن أبي يعفور ، عن أبي جعفر عليه السلام. ولاحظ تمام الحديث.

(٣) الوسائل باب ٢٤ قطعة من حديث ٢ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٥٨.

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

صحيحة في التهذيب ـ قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : حدثني أبي عليه السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قضى بشاهد ويمين (١).

وصحيحة منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يقضي بشاهد واحد مع يمين صاحب الحقّ (٢).

ومثلها حسنة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام (٣) وصحيحة أبي مريم (٤).

وحسنة عبد الرحمن بن الحجاج ـ وهي صحيحة في التهذيب والاستبصار ـ قال : دخل حكم بن عتيبة ، وسلمة بن كهيل على أبي جعفر عليه السلام فسألاه عن شاهد ويمين فقال : قضى به رسول الله صلّى الله عليه وآله وقضى به عليّ عليه السلام عندكم بالكوفة ، فقالا : هذا خلاف القرآن ، فقال : وأين وجدتموه خلاف القرآن؟ قال : ان الله تبارك وتعالى يقول (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) فقال : قول الله (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) هو لا تقبلوا شهادة واحد ويمينا؟ إلخ (٥).

قوله : (واشهدوا) هو عين (لا تقبلوا إلخ) أو لازمه؟ بل ليس كذلك ، فهو استفهام إنكار ، لظهوره وغاية بعده فإن الإرشاد والبيان في حكم ، لإشهاد عدلين كيف يكون عين المنع عن شاهد ويمين مطلقا؟ فإنه لا يستلزم ذلك أصلا ولا يدل بوجه من الدلالة فضلا عن العينيّة.

وعلى تقدير التسليم ، يخصّص بغير صورة يجوز فيها الشاهد واليمين أو يقال :

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٤ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٩٣.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٩٣.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٨ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٩٤.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ٨ و ٩ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٩٤.

(٥) الوسائل باب ١٤ صدر حديث ٦ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٩٤.

٤٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

المراد على سبيل الأولى أو التخيير لفعله وقوله صلّى الله عليه وآله ، فإن التصرّف في القرآن بفعله وقوله غير عزيز ، فإن القرآن يبيّن (يتبيّن ـ خ ل) به ، وإنما يفهم منه صلوات الله عليه.

ثم ذكر في هذا الحديث حكاية دعوى أمير المؤمنين عليه السلام درع طلحة وغلط شريح ثلاث مرّات في تلك الواقعة ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : قد قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله بشهادة واحد ويمين (١).

وصحيحة منصور والحلبي في قبول شهادة امرأتين مع اليمين (٢).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يجيز في الدين شهادة رجل واحد ويمين صاحب الدين ولم يكن يجيز في الهلال إلّا شاهدي عدل (٣).

وهذه دلّت على اشتراط العدلين في الهلال.

وصحيحة محمّد بن مسلم ـ في الفقيه ـ عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لو كان الأمر إلينا لأجزنا شهادة الرجل إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس ، فأما ما كان من حقوق الله تعالى ورؤية الهلال فلا (٤).

وروايات أخر موجودة ومقيّدة بالدين ، لعلّ المراد المال مطلقا كما أشعرت به رواية محمّد بن مسلم الصحيحة (٥). ويفهم من التهذيب انها مخصوصة بالدين فتأمّل.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ٦ من أبواب كيفية الحكم ج ١٨ ص ١٩٤.

(٢) تقدّم آنفا.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب كيفيّة الحكم ، ج ١٨ ص ١٩٢.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ١٢ من أبواب كيفيّة الحكم ، ج ١٨ ص ١٩٥ بالسند الثاني.

(٥) الوسائل : باب ١٤ مثل حديث ١٢ من أبواب كيفيّة الحكم ، ج ١٨ ص ١٩٥.

٤٣٥

ولا تقبل شهادتهنّ منفردات وإن كثرن.

(١) وتقبل شهادة الواحدة في ربع ميراث المستهلّ وربع الوصيّة من غير يمين وشهادة امرأتين في النصف وهكذا.

______________________________________________________

وأيضا ثبتت برجل وامرأتين فصارت الامرأتان بمنزلة رجل واحد فيثبت المال والدين بهما ويمين المدّعي.

وتدلّ عليه أيضا بخصوصه صحيحة منصور بن حازم أن أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : إذا شهد لطالب (لصاحب ـ ئل) الحقّ امرأتان ويمينه فهو جائز (١) أي ماضية ومقبولة.

وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام إن رسول الله صلّى الله عليه وآله أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين يحلف بالله أن حقّه لحقّ (٢).

قوله : «ولا تقبل شهادتهنّ منفردات وإن كثرن». أي لا تقبل شهادتهن منفردات في الديون والأموال غير ما تقدّم ممّا يحرم على الرجل النظر إليه مثل عيوبهنّ الباطنة والعذرة ونحوهما.

ولعلّ الدليل ، الأصل وعدم وجود دليل على ذلك بخصوصها ، والضابطة ، والإجماع ، وإلّا فعموم أدلّة قبول الشهادة دليل ، فتأمّل.

قوله : «وتقبل شهادة الواحدة إلخ». دليل قبول شهادة الواحدة بغير يمين في ربع ميراث المستهلّ ـ أي تشهد بأنه ولد حيّا وصاح ونحو ذلك ـ وربع الوصيّة بالمال من غير يمين هو الروايات الصحيحة ، مثل صحيحة ربعي ، عن أبي عبد الله عليه السلام في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ، فقال : يجوز في ربع ما أوصى

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٣١ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٤.

(٢) الوسائل باب ٢٤ ذيل حديث ٢ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٥٨.

٤٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بحساب شهادتها (١).

وسأل الحلبي في الصحيح أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة القابلة في الولادة ، قال : تجوز شهادة الواحدة وقال تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة (٢).

وهذه تدلّ على قبول شهادة النساء فيما يستر على الرجال.

وصحيحة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّة لم يشهدها الّا امرأة فقضى أن تجاز شهادة المرأة في ربع الوصيّة (٣).

ومثلها صحيحة عمر بن يزيد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض فشهدت المرأة التي قبلتها أنه استهلّ وصاح حين وقع إلى الأرض ثم مات ، فقال : على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام (٤).

والظاهر أنه لا يختصّ بالإمام.

ويدلّ عليه عموم غيرها من الروايات الدالّة على قبول شهادة المرأة في النفوس ، مثل رواية عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلّا امرأة أتجوز شهادتها (أم لا تجوز ـ خ)؟ قال : تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١٦ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦١.

(٢) الوسائل باب ٢٤ قطعة من حديث ٢ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٥٨.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ١٥ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦١.

(٤) الوسائل باب ٢٤ حديث ٦ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٥٩.

(٥) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢١ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٢.

٤٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألته تجوز شهادة النساء وحدهنّ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء (١).

ومثلها موجودة في رواية عبد الرحمن عنه عليه السلام (٢).

وفي رواية سماعة ، قال : قال : القابلة تجوز شهادتها في الولد على قدر شهادة امرأة واحدة (٣).

وحمل على الربع ، صحيحة عبد الله بن سنان ، قال : سألته عن امرأة حضرها الموت وليس عندها إلّا امرأة أتجوز شهادتها؟ فقال : لا تجوز شهادتها إلّا في المنفوس والعذرة (٤).

لغيرها (٥) ، خصوصا صحيحة محمّد بن قيس ، وصحيحة الحلبي : وسألته ـ أي أبا عبد الله عليه السلام حيث تقدم في صدر الخبر ـ عن شهادة القابلة في الولادة ، قال : تجوز شهادة الواحدة في المنفوس والعذرة (٦).

والظاهر أنه يحصل بالمرأتين النصف ، وبالثلاثة ثلاثة الأرباع ، وبأربع الكلّ للاعتبار وثبوت قبول المرأة في الربع فينبغي أن يؤخذ في كلّ واحدة.

وقال في الفقيه ـ بعد صحيحة عمر بن يزيد (٧) ـ : وفي رواية اخرى : إن كانت امرأتين تجوز شهادتهما في نصف الميراث ، وإن كنّ ثلاث نسوة جازت

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١٩ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٢.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢٠ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٣.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢٤ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٣.

(٤) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢٤ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٣.

(٥) تعليل لقوله قدّس سرّه وحمل على الربع صحيحة إلخ. يعني هذه الصحيحة محمولة على الربع لأجل غيرها.

(٦) الوسائل باب ٢٤ قطعة من حديث ٢ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٥٨.

(٧) تقدمت آنفا.

٤٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

شهادتهنّ في ثلاثة أرباع الميراث وإن كن أربعا جازت شهادتهنّ في الميراث كلّه (١).

وتدلّ عليه صحيحة ابن سنان ـ وهو عبد الله ـ ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : تجوز شهادة القابلة في المولود إذا استهلّ وصاح في الميراث ، ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة ، قلت : فإن كانتا (كانت ـ ئل) امرأتين قال : تجوز شهادتهما في النصف من الميراث (٢).

اعلم أنه ذكر في التهذيب حديثا ـ كأنه صحيح ـ يدلّ على عدم قبول النساء في الوصيّة ـ وهو صحيح ـ عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : سألت الرضا عليه السلام عن امرأة ادّعى بعض أهلها أنها أوصت عند موتها من ثلثها يعتق (بعتق ـ ئل) رقبة (رقيق ـ ئل) لها أيعتق ذلك وليس على ذلك شاهد إلّا النساء؟ قال : لا تجوز شهادة النساء في هذا (٣).

لعلّها تحمل على التقيّة أو عدم شروط قبول الشهادة أو عدم عتق الكلّ بشهادة بعض النساء ، فتأمّل.

ثم اعلم أن في بعض هذه الروايات دلالة على اشتراط العدالة حيث قيّدت بها ، فتأمّل.

«فرع»

الظاهر أنّ الرجل الواحد يقوم مقام المرأة الواحدة في مسألتي الوصيّة والولادة بالطريق الأولى ، ويحتمل مقام امرأتين ، بعيدا.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤٦ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٨.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤٥ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٧.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤٠ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٦.

٤٣٩

ولا تقبل شهادة ما دون الأربع فيما تقبل فيه شهادتهنّ منفردات.

الثالث : العدد.

ولا تقبل شهادة الواحد إلّا في هلال رمضان ، على رأي.

______________________________________________________

فتأمّل لعدم إثبات شي‌ء به أصلا إلّا مع اليمين كما في غيرهما ولا يمين مع المرأة الواحدة أصلا.

قوله : «ولا تقبل شهادة إلخ». لعلّ دليله الإجماع ، والاعتبار من كون المرأتين برجل واحد وقد ثبت اعتبار الرجلين فلا بدّ في ذلك من اعتبار المرأتين ، فتأمّل.

قوله : «ولا تقبل شهادة الواحد إلخ». أي لا تقبل شهادة الواحد ، ويحتمل الواحدة أيضا غير ما تقدّم ، إجماعا إلّا شهادة الواحد في ثبوت هلال شهر رمضان ، فإنه ورد به الرواية وقال به بعض.

ولكنه ضعيف لضعف الرواية ، وقد مرّ البحث في ذلك في بحث الصوم (١) وقد مرّ قبيل هذا أيضا في صحيحة محمّد بن مسلم : أو رؤية الهلال فلا (٢).

وفي صحيحة الأخرى : ولم يجز في الهلال إلّا شاهدي عدل (٣).

وفي صحيحة حمّاد بن عثمان : ولا يقبل في الهلال إلّا رجلان عدلان (٤).

والّتي (٥) دلّت على سماع الواحدة هي رواية داود بن الحصين ، عن أبي

__________________

(١) راجع ج ٥ من هذا الكتاب ص ٢٨٩.

(٢) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٩٥.

(٣) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٩٣.

(٤) الوسائل باب ٢٤ حديث ١٧ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٦٢.

(٥) مبتدأ خبره قوله : (حملت إلخ).

٤٤٠