مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المطلب الخامس : في شرائط القصاص

وهي خمسة :

الأوّل : كون القتيل محقون الدم

فلا يقتل المسلم بالمرتدّ والحربي والزاني المحصن واللائط.

______________________________________________________

قوله : «الأوّل كون القتيل إلخ». (الأوّل) من شرائط القصاص الخمسة كون المقتول الموجب قتله للقصاص به محقون الدم أي معصوم الدّم بالنسبة إلى قاتله بمعنى أن لا يجوز له قتله ويكون لدمه حرمة وعوّض عليه مثل (دم ـ خ) المسلم الغير الزاني المحصن والغير اللائط ، فإذا قتله مسلم يجوز قتله به.

٣

والهالك بسراية القصاص أو الحدّ (ولا دية ـ خ) وهؤلاء معصومون بالنسبة إلى الكافر.

ومن عليه القصاص معصوم في حق غير المستحق فيقتصّ منه لو قتله.

______________________________________________________

ولا يجوز قتله بالمرتدّ لارتداده ، ولكن بإذن الامام.

ولا بالحربي وان لم يجز له قتله ، إذ لا حرمة ولا عوض لدمه على المسلم شرعا.

ولا بالزاني المحصن الذي وجب قتله رجما للحدّ.

ولا باللائط الذي وجب قتله أيضا حدّا ، فإنّهم ليسوا بمعصومي الدم ولو كانوا بالنسبة إلى المسلم الغير المأذون فلا يقتل بهم.

وكذا لا يقتل من اقتصّ شخصا في الأطراف والجروح من غير ان يتعدى فسرى ذلك وقتل فإنّ دمه هدر غير معصوم بالنسبة إليه.

وكذا لو ضرب حدّا أو قطع أطرافه في الحدّ فسرى ومات ، لا يقتصّ له من الحادّ ، فإنّه غير معصوم الدم بالنسبة إليه.

وهو المراد بقوله : «والهالك بسراية القصاص أو الحدّ» وان كان التقييد بالمسلم بالنسبة إليه لغوا ، وعدّه في المحقونات المذكورة غير جيّد فافهم.

وكذا من كان عليه قصاص لشخص غير معصوم بالنسبة إليه ولكنه معصوم بالنسبة إلى غيره ، فإذا قتله غيره يقتصّ منه ، ويعطى للاوّل الدية.

وجه الاشتراط ظاهر.

٤

الثاني : كون القاتل مكلّفا.

فلا قصاص على المجنون والصبي وإن كان مميّزا بل تؤخذ الدية من عاقلتهما.

______________________________________________________

قوله : «الثاني كون القاتل إلخ» ثاني شرائط القصاص الخمسة كون القاتل مكلّفا ، فلا قصاص على المجنون الذي قتل شخصا حال جنونه ، سواء كان مطبقا أم لا والقاتل حال إفاقته وان كان مجنونا في وقت آخر ، حكمه حكم العاقل المطلق.

وكذا الصبي وان كان مميّزا لو قتل شخصا مطلقا ، صبيّا كان أو غيره بحيث لو لم يكن صبيّا لاقتصّ له منه ، لا قصاص عليه.

لعلّ الدليل رفع القلم عنهما الثابت بالنصّ (١) والإجماع الشامل لرفع القصاص ، ولعدم المؤاخذة عليهما في التكاليف.

وكذا في القصاص وعدم القصاص في النائم يؤيّده.

وبهذا الدليل خصّص عموم الآيات مثل «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» (٢) «و (الْحُرُّ بِالْحُرِّ)» (٣) «وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ» (٤).

وكذا الأخبار ، فإنّ تخصيص القرآن والاخبار المتواترة بالخبر الواحد والإجماع جائز كما تقرر في الأصول.

وفيه تأمّل ، فإنّه على تقدير تسليم جوازه إنّما يجوز إذا كان الخبر خاصّا ونصّا ، وكذا الإجماع ، وفيما نحن فيه ليس كذلك ، فإن الثابت بهما رفع القلم عامّا ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب مقدمة العبادات الرواية ١٠ ج ١ ص ٣٢.

(٢) المائدة : ٤٩.

(٣) البقرة : ١٧٨.

(٤) البقرة : ١٧٩.

٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو قابل للتخصيص بغير القصاص كالآيات والاخبار بغير الصبي والمجنون.

على أنّه قد يقال : ليس القصاص من باب القلم ، فإنّ المتبادر منه التكليف ، فيحتمل ان يكون فعلهما موجبا للقصاص مع رفع القلم عنهما ، كما يثبت به ضمان المتلفات والدية فما يوجب الدية ، يمكن ان يوجب القصاص ان كان عمدا.

نعم لو كانا بحيث سلب عنهما القصد مطلقا ولا يمكنهما (يمكن ـ خ) ذلك ، بل يترتّب على فعلهما القتل مثل فعل النائم والبهائم ، يمكن ان يقال بعدم القصاص ، لعدم تحقق العمد الذي هو الموجب للقصاص بالنصّ والإجماع ، كما مرّ.

ولكن يجب الدية حذرا من لزوم هدم دم امرئ مسلم الذي ثبت بالنصّ (١) والإجماع.

ورواية إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السّلام ، إنّ عليّا عليه السّلام كان يقول : عمد الصبيان خطأ تحمله العاقلة (يحمل على العاقلة ـ ئل) (٢) وهذه أصرح من الآتية فإنّها يحتمل ان يكون خطأه عمدا.

وقد صرّح ذلك في صحيحة أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : سئل عن غلام وامرأة قتلا رجلا خطأ؟ فقال : ان خطأ المرأة والغلام عمد فإن أحبّ أولياء المقتول ان يقتلوهما فلهم (قتلوهما ـ ئل) ويردّوا على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم ، الخبر (٣).

حملهما (حملها ـ خ) في التهذيب على مذهب بعض العامّة على أنّه عمل ببعضها أو عدم الإدراك التامّ ، قال : المراد غلام لم يدرك بعد الكمال ، لأنّا قد بيّنا

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب العاقلة الرواية ١ قطعة منها ج ١٩ ص ٣٠٣.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب العاقلة الرواية ٣ ج ١٩ ص ٣٠٧.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٦٤.

٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أنّه إذا بلغ خمسة أشبار اقتصّ منه ، فتأمّل.

وروى السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل وغلام اشتركا في قتل رجل ، وقتلاه (فقتلاه ـ ئل) ، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتصّ منه ، وإذا لم يكن بلغ خمسة أشبار قضى بالدية (١).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : عمد الصبيّ وخطأه واحد (٢).

فهو يدلّ على لزوم الدية على العاقلة.

فيمكن جعله دليلا على عدم القصاص ، حيث دلّ على أنّ للصبي عمدا وأنّه مثل الخطأ ، ولا شك في أنّه في الخطأ الدية على العاقلة ، فيكون في العمد كذلك ، فلا يكون قصاص في قتله.

ويؤيّده قول الأصحاب بعدم القصاص على الصبي ، والمجنون كذلك ، لعدم القائل بالواسطة ، أو لعدم تحقق القصد.

ولصحيحة أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام ، عن رجل قتل رجلا مجنونا؟ فقال : ان كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فقتله فلا شي‌ء عليه من قود ولا دية ، ويعطى ورثته الدية من بيت المال ، قال : وان كان قتله من غير ان يكون المجنون أراده ، فلا قود لمن لا يقاد منه وارى أنّ على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ، ويستغفر الله ويتوب إليه (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٦ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ص ٦٦ وباب ١١ حديث ٤ من أبواب العاقلة ص ٣٠٧.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب العاقلة الرواية ٢ ج ١٩ ص ٣٠٧.

(٣) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٥١.

٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه تدلّ على وجوب التوبة والاستغفار.

وأيضا تدلّ على عدم القتل بالمجنون.

ويدلّ عليه أيضا ما في الصحيح ، عن أبي الورد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام أو لأبي (أبي ـ خ) جعفر عليه السّلام : أصلحك الله ، رجل حمل عليه رجل مجنون بالسيف فضربه المجنون ضربة فيتناول الرّجل السيف من المجنون فضربه فقتله ، فقال : أرى (ان ـ ئل) لا يقتل به ولا يغرم ديته ، ويكون ديته على الامام ولا يطل (ولا يبطل ـ ئل) دمه (١).

وهذه تدلّ على عدم القتل بالمجنون ، فتدلّ على عدم القود عليه بانضمام الأولى ، فتأمّل.

ورواية بريد بن معاوية العجلي ، قال : سئل أبو جعفر عليه السّلام ، عن رجل قتل رجلا عمدا ، فلم يقم عليه الحد ، ولم تصح الشهادة عليه حتّى خولط وذهب عقله ، ثمّ إنّ قوما آخرين شهدوا عليه بعد ما خولط أنّه قتله؟ فقال : إن شهدوا عليه بأنّه (أنه ـ خ) قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علّة من فساد عقل ، قتل به وان لم يشهدوا عليه بذلك ، وكان له مال يعرف ، دفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل ، وإن لم يترك مالا (وان لم يكن له مال ـ ئل) أعطي الدية من بيت المال ، ولا يطل (ولا يبطل ـ ئل) دم امرئ مسلم (٢).

وهذه تدلّ على اشتراط العقل (القتل ـ خ) في القود ، وعلى القود وقت الجنون ان كان الموجب حين الإقامة.

ورواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، إنّ محمّد بن أبي بكر كتب

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢ ج ١٩ ص ٥٢.

(٢) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٥٢.

٨

ولو قتل ثم جنّ قتل ويصدّقان لو ادّعيا القتل حال الجنون أو الصبوة.

______________________________________________________

إلى أمير المؤمنين عليه السّلام (ان ـ ئل) يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا ، فجعل الدية على قومه ، وجعل عمده وخطأه سواء (١).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمدا (٢).

ولكن بقي أنّه قد مرّ في بعض الاخبار ، أنّه إذا بلغ الصبيّ خمسة أشبار اقتص منه (٣).

وقيل : قد ورد في بعض الروايات أنّه اقتصّ بعشر سنين (٤).

وكأنّه ذهب إليه في التهذيب ، كما يظهر من التأويل المتقدم.

فيمكن أن يحمل على من وجد القصد منه ، فيكون القصاص عليه للآيات والاخبار (٥) وعدم صحة ما يدلّ على تخصيصها.

ويمكن حمل ما ورد في عدم القصاص على عدم القاصد كالمجنون والنائم جمعا بين الأدلة.

قوله : «ولو قتل ثمّ جن إلخ». قد مرّ دليل من قتل شخصا وكان موجبا للقصاص ، ثمّ جنّ ، قتل به قصاصا ، من النقل ، والعقل يساعده.

قوله : «ويصدّقان إلخ». أي لو ثبت على الذي كان مجنونا ، وعلى الذي

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢ ص ٥٣ والباب ١١ من أبواب العاقلة الرواية ٥ ج ١٩ ص ٣٠٧.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب العاقلة الرواية ١ ج ١٩ ص ٣٠٧.

(٣) الوسائل الباب ١١ من أبواب العاقلة الرواية ٤ ج ١٩ ص ٣٠٧.

(٤) ولعلّه استفاد ممّا ورد في نفوذ وصيته إذا بلغ عشر سنين راجع باب ٤٤ من كتاب الوصايا ج ١٣ ص ٤٢٨.

(٥) راجع الوسائل باب ١١ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٢٣.

٩

ويقتل البالغ بالصبي لا المجنون بل الدية الّا ان يقصد الدفع فلا دية أيضا.

______________________________________________________

كان صبيّا القتل العمد العدوان الموجب للقصاص ، فادّعى كلّ واحد انّ القتل كان وقت الجنون والصبوة ، كان القول قولهما مع يمينهما على ذلك لأنّهما قد كانا ، والأصل عدم زوالهما حين القتل.

ولأنّ الموجب للقصاص إنّما هو حال الإفاقة والبلوغ ، والأصل عدمهما حتّى يثبت ذلك إمّا بالبيّنة أو الإقرار ، ولم يثبت ، وهما منكران ، فالقول قولهما.

ولانّ مدعي القتل هو المدعي شرعا وهما منكران.

ولأنّه شبهة مسقطة ، فتأمّل.

فإنّه قد يتوهم أنّ الأصل عدم تقدم القتل ، وأنّه قد ثبت الموجب وهو القتل العمد العدوان ، فكونه مسقطا يحتاج إلى الدليل.

قوله : «ويقتل البالغ إلخ». دليل قتل البالغ بغير البالغ عموم الكتاب في السنّة والإجماع الدالّ على وجوب قصاص النفس بالنفس ، من غير مخصص صريح في إخراج قتل البالغ الصبي ، من العقل والنقل ، وليس عدم تكليفه مانعا ، وهو ظاهر.

وما في صحيحة أبي بصير المتقدمة ـ فلا قود لمن لا يقاد منه (١) ـ عام لم يصلح مخصصا ، لعموم ذلك كلّه ، لما تقدم ، من انّ الخبر الواحد الصحيح ان سلم التخصيص به إنّما يخصص إذا كان خاصّا صريحا دلالته يقينيّا لا ظنيّا ، وظاهر أنّه ليس هنا كذلك ، فإنّه يحتمل ان يكون مخصوصا بالمجنون.

ويؤيّده أنّ البحث في المجنون في لزوم الدية في ماله ، وهو قوله عليه السّلام : وأرى أنّ على عاقلته الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٥١ قطعة منها.

(٢) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٥١ قطعة منها.

١٠

وفي السكران اشكال أقربه سقوط القود بل الدية عليه وكذا المبنّج نفسه وشارب المرقد.

______________________________________________________

على أنّ أبا بصير مشترك ، فتأمّل.

وأمّا دليل عدم قتل العاقل بالمجنون فكأنّه النقص في المقتول حيث كان مجنونا ، فلعله صار غير كفو ، بل بمنزلة الحيوان فما اشتملته الأدلّة المتقدمة ، مثل «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» (١) وتصريح صحيحة أبي بصير المتقدمة فيه (٢).

والظاهر توثيقه لعدم توقفهم في صحة مثل ذلك ، فتأمّل.

وأمّا لزوم دفع الدية فلعدم بطلان دم امرئ مسلم ، ولهذه الرواية (٣).

والمراد بدفعها إلى ورثة المجنون كونها من متروكات المجنون يخرج منها الدّيون والوصايا إن كان ، ثم القسمة بين من يرث الدية ، إلّا ان يكون قصد قاتل المجنون دفعه عن نفسه ، لا قتله ، حيث أراده المجنون ، فقتل بالدفع حينئذ ، فلا دية أيضا ، لما ثبت أن لا شي‌ء على الدافع ، ولخصوص رواية أبي بصير المتقدمة (٤).

وما في رواية أبي الورد : «لا يقتل به ولا يغرم ديته» (٥) فمحمول على إرادة المجنون إيّاه ، كما هو ظاهر من الرواية.

ولكن يشكل حينئذ لزوم الدية على الإمام ، فإنّه إذا قتل دفعا فيكون دمه هدرا لا عوض له ، وهو ظاهر ، إلّا أنّها ليست بصريحة ولا صحيحة بل ضعيفة بأبي الورد.

قوله : «وفي السكران إشكال إلخ». أي إذا قتل السكران شخصا عمدا

__________________

(١) المائدة : ٤٩.

(٢) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٥١.

(٣) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢.

١١

.................................................................................................

______________________________________________________

عدوانا بحيث لو لم يكن سكرانا لقتل به ، ففي لزوم القصاص عليه اشكال أقربه عند المصنف عدم القصاص وسقوطه ذاهبا إلى لزوم الدية عليه.

كأن المراد في ماله لا العاقلة ، لعدم كونه خطأ ، ولعدم الدليل ، مع أنّ لزوم الدية على العاقلة مخالف للعقل والنقل ، فلا يصار إليه إلّا بنصّ صحيح صريح ، فيقتصر على محلّه.

وجه الاشكال أنّ الشارع لم يعذر السكران بل نزّله منزلة الصّاحي (الصياحي ـ خ) ، ولهذا حكم بلزوم طلاق زوجته لو طلق.

وأنّه إنّما فعل ذلك عمدا اختيارا مع كونه ممنوعا منه أشدّ المنع بالكتاب والسنة والإجماع بل بالعقل أيضا فيستحق ان يؤاخذ بما يترتب عليه.

وهذا يدلّ على أنّه لو كان السكر بغير اختياره وعلمه لم يكن كذلك ، ولا يبعد التزامه.

وعموم الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع ، مثل «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» (١) ودفع الفساد ، إذ لو علم عدمه فيمكن ان يفعل ، فتأمّل.

وأنّ القصد والعمد معتبران في القصاص وليسا هنا.

وهذا يدلّ على أن لا اشكال فيمن سلب عنه القصد ، وصار بحيث لا شعور له أصلا ، مثل البهائم والنائم والمجنون والطفل الغير المميّز.

وأمّا بدونه فلا إشكال في لزوم القصاص فإذا لم يمكن القصاص ، فلا بدّ من الدية لعدم ابطال دم امرئ مسلم ويكون في ماله لما مرّ ، فتأمل وكذا الاشكال.

والأقرب عند المصنف فيمن بنج حتّى أسكر نفسه بالبنج.

وكذا فيمن شرب مرقدا فقتلا قتلا موجبا للقصاص لو لا البنج والرقود

__________________

(١) المائدة : ٤٩.

١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فتأمّل.

يفهم من الشرح أنّ الاشكال فيهما إنّما يكون على القول بلزوم القصاص في السكران فيقتصر في إلحاقهما به وأمّا على تقدير العدم فلا إشكال في عدم القصاص منهما (فيهما ـ خ) ، فتأمّل.

ويؤيّده صحيحة محمّد بن قيس ـ كأنّه الثقة ـ عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في أربعة شربوا (مسكّرا ـ ئل) ، فسكروا فأخذ بعضهم على بعض السلاح ، فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان ، فأمر بالمجروحين (المجروحين ـ خ) ، فضرب كلّ واحد منهما ثمانين جلدة ، وقضى دية (بدية ـ ئل) المقتولين على المجروحين ، وأمر أن يقاس جراحة المجروحين فترفع من الدية ، وإن (فان ـ ئل) مات (أحد المجروحين) (المجروحان ـ ئل) فليس على أحد من أولياء المقتولين شي‌ء (١).

وإن كان فيها شي‌ء ، إلّا أن تحمل على علمه عليه السّلام بأنّهما قتلا المقتولين بعد ان جرحاهما.

ويؤيّد القود أيضا ما يفهم من رواية السكوني (عن أبي عبد الله عليه السّلام ـ ئل) في قوم شربوا فسكروا فتباعجوا (٢) بسكاكين لهم (كانت معهم ـ ئل ـ يب ـ قيه) فسجنهم أمير المؤمنين عليه السّلام حتّى مات منهم اثنان وبقي اثنان وأراد أولياؤهما القود ، قال عليه السّلام : لعلّ كلّ احد المقتولين قتل صاحبه (٣).

فمفهوم هذا الكلام أنّه لو علم أنّ الأحياء قتلوهما يقتلون بهما ، مع أنّهم كانوا سكارى.

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب موجبات الضمان الرواية ١ ج ١٩ ص ١٧٢.

(٢) هكذا في الفقيه أيضا وفي التهذيب فيتباعجون.

(٣) الوسائل الباب ١ من أبواب موجبات الضمان الرواية ٢ ج ١٩ ص ١٧٣ نقله ملخصا وبالمعنى.

١٣

ولا قود على النائم بل الدية على خاصته.

والأعمى كالمبصر (كالبصير ـ خ ل) على رأي.

______________________________________________________

قوله : «ولا قود على النائم إلخ». دليل عدم القود على النائم إذا قتل شخصا ، هو عدم القصد الذي هو شرط القصاص ، فيلزم الدية.

ولكن عند المصنف في مال القاتل خاصّة ، وعند بعض الأصحاب على عاقلته.

وما أشرنا إليه من أنّ كونه على العاقلة خلاف القواعد فيقتصر على موضع النصّ والإجماع ، والظاهر عدمهما هنا يقتضي مذهب المصنف.

قوله : «والأعمى كالمبصر إلخ». دليل كون الاعمى كالمبصر ـ فعمدة موجب للقصاص كالمبصر لا الدية كما هو رأي المصنف ـ (هو ـ خ) عموم الأدلة كتابا وسنّة وإجماعا ، وأنّه عمد عدوان فرضا ، وهو موجب للقصاص.

ودليل أنّه ليس كذلك بل عمده خطأ هو رواية محمّد الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خدّيه فوثب المضروب على ضاربه فقتله؟ فقال أبو عبد الله عليه السّلام : هذان متعدّيان جميعا فلا أرى على الّذي قتل الرّجل قودا لأنّه قتله حين قتله وهو أعمى والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها ثلاث سنين في كلّ سنة نجما ، فإن لم يكن له (للأعمى ـ ئل) عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين ويرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه (١).

ورواية أبي عبيدة قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أعمى فقأ عين (رجل ـ خ) صحيح متعمّدا؟ قال : فقال : يا أبا عبيدة إنّ عمد الأعمى مثل الخطأ ، هذا فيه الدية من ماله ، فإن لم يكن له مال فإنّ دية ذلك على الامام ، ولا يبطل

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب العاقلة الرواية ١ ج ١٩ ص ٣٠٦.

١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

حق امرئ مسلم (١).

قال في الشرح : وأجاب المصنف عن الاولى بالمنع من صحتها ، وبحملها على ما إذا قصد الدفع لا القتل.

قلت : في هذا الحمل نظر ، فان قصد الدفع ليس فيه دية على العاقلة ولا غيرها ، وقد حكم في الرواية أنّ الدية على العاقلة.

وبالجملة هذا القول مشهور بين الأصحاب وبه هذا الأثر ، وجاز مخالفة الأصل عند قيام مقتض للمخالفة.

ولأنّ مطلق القصد إلى القتل غير كاف في توجّه القصاص إلّا مع عدم المانع كالصبيّ والمجنون ولم لا يكون العمى هنا مانعا؟

ولا يخفى انّ الاولى ضعيفة بعمار الساباطي (٢) ، فإنّهم قالوا : انّه فطحي ، فتأمّل ، والثانية باشتراك محمّد بن عبد الله (٣).

وأنّ ظاهر الكتاب والسنّة المتواترة والإجماع عامّ وتخصيصها بالخبر انّما يجوز ـ على القول بالجواز ـ إذا كان الخبر صحيحا وصريحا.

على أنّ الاولى تدلّ على كون الدية على العاقلة ، والثانية كونها في ماله.

وأنّ العمد موجب للقصاص إلّا إذا ثبت المانع والأصل عدمه ، وما ذكر لم يصلح للمانعية لعدم الصحة ، والشهرة ليست بحجة ، مع أنّها غير ظاهرة ، ولهذا ذهب المصنف هنا إلى الأوّل ، فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٦٥.

(٢) سندها كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن احمد بن محمّد ، وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي عبيدة.

(٣) وسندها كما في التهذيب هكذا : محمّد بن احمد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عبد الله عن العلاء عن محمّد الحلبي وقوله رحمه الله ان الاولى يعني إلا في عبارة الشارح لا هنا فلا تغفل.

١٥

الثالث : انتفاء أبوّة القاتل

فعلى الأب في قتل ولده الدية وان تعمّد وكذا الجدّ وان علا.

ويقتل الابن بأبيه والام بولدها والجدّات وان كن للأب به والأجداد للأمّ وان كانوا ذكورا وجميع الأقارب.

______________________________________________________

قوله : «الثالث انتفاء أبوّة القاتل إلخ». هذا هو الشرط الثالث ، كأنّ دليله الإجماع والاخبار.

مثل حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن الرجل يقتل ابنه أيقتل به؟ قال : لا (١).

وحسنة حمران ـ له ـ عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : لا يقاد والد بولده ، ويقتل الولد بوالده إذا قتل والده متعمدا (عمدا ـ خ) (٢).

وصحيحة الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرّجل يقتل ابنه أيقتل به؟ قال : لا ، ولا يرث أحدهما الآخر إذا قتله (٣) وغيرها.

ولعلّ الجدّ وان علا أب فيشمله دليله ، فتأمّل.

فإنّ المصنف والأكثر لا يقولون لشمول الأب له حقيقة ، فتأمّل.

فدليله أمّا إجماع أو قياس واعتبار ، فإنّه إذا لم يقتل الأب فأب الأب كذلك ، لأنّه سبب لوجود سببه ، فتأمّل.

وأمّا دليل قتل الابن بالأب ، فهو العمومات والخصوص من غير معارض صريح.

وكذا قتل الام بولدها والعكس.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢ ج ١٩ ص ٥٦.

(٢) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ص ٥٦.

(٣) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٧ ص ٥٨.

١٦

ولو قتل المجهول احد المتداعيين (المتداعين ـ خ ل) قبل القرعة فلا قود ، وكذا لو قتلاه ، أما لو رجع أحدهما فإنّه يقتل بعد دفع (ردّ ـ خ ل) نصف الدّية وعلى الأب نصف الدّية.

______________________________________________________

ومثل صحيحة أبي عبيدة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام ، عن رجل قتل امّه؟ قال : يقتل بها صاغرا ، ولا أظنّ قتله بها كفارة له ولا يورثها (يرثها ـ ئل) (١).

هذه تدلّ على أن القصاص كفارة في غير قاتل الام.

ويدلّ على جواز قصاص سائر الأقارب وان كانوا جدّات للأب أو جدّات بن الام ذكورا كانوا أو إناثا ، العموم من الكتاب والسنة والإجماع من غير ما يصلح مخصصا له ، والقياس على الأب والجدّ له وان علا ، غير مسموع ، فتأمّل.

قوله : «ولو قتل المجهول إلخ». إذا ادّعى شخص ولدية مجهول النسب مثل اللقيط ، ويمكن ان يكون والدا له يلحق به ، فلو قتله يقتل به ، ولو قتله الأب لم يقتل به.

وإذا ادّعى (ادعاه ـ خ) اثنان ذلك يلحق بمن يخرجه القرعة ، فإذا قتله صاحب القرعة لا يقتل وإذا قتله الآخر يقتل به ، وإذا قتله أحدهما قبل القرعة لا قصاص على أحدهما ، لاحتمال كلّ واحد منهما الأبوة المانعة منه ، ففيها شبهة دارئة للحدّ.

وكذا لا يقتصّ له لو قتلاه (معا ـ خ) لذلك.

هذا إذا لم يرجع أحدهما عن الإقرار بأبوته ، أمّا لو رجع أحدهما فإن كان هو القاتل يقتصّ منه.

وكذا لو كان شريكا فيه ، ولكن يدفع إليه نصف ديته ، وعلى الآخر الذي حكم بأنّه أب بإقراره ، نصف الدية ومنه علم حكم رجوعهما.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٥ ص ٥٧.

١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أنّه حين الاشتراك لو كان له وارث يرث الدم غير الأب ، هو يباشر القصاص ودفع النصف ، وإلّا الامام (١) ، ومع الغيبة يمكن ان يسقط ، أو يبطل ، أو يفعله الحاكم ، الله يعلم.

ولا يخفى أنّ في الصورة التي يحكم فيها بالقرعة لتعيين الأبوّة ينبغي أن لا يحكم بعدم القتل ، بل يوقف (توقف ـ خ) على القرعة ، فإذا حكم بالقرعة بالأبوّة تبعه الحكم بالقصاص وعدمه.

ومجرّد الاحتمال والشبهة بالفعل مع حكم الشارع برفعه لا يحسن إبطال الحكم الشرعي عملا بأدلة القصاص.

ولأنّ الذي ثبت عدم القصاص ، الأب الذي يحكم الشرع بأنّه أب لا المحتمل خصوصا مع حكم الشارع برفعه وتعيين المقصود.

فإن لم يكن هذه الصورة مجمعا عليها لأمكن القول بقصاص من حكم بأنّه ليس بأب بعد القرعة ، بل قبل القرعة أيضا ، فكيف إيقاف الحكم والحكم بالقرعة ، فتأمّل.

هذا إذا لم يكن الولد حاصلا في الفراش أي لا يحكم بأنّه ولد إلّا بالإقرار ، ولا يكون هناك فراش.

وأمّا إذا ولد في فراش المدعيين ، كما إذا كان من أمة موطوءة لهما في طهر واحد أو حرّة موطوءة بالشبهة كذلك ، وادّعى كلّ واحد أنّه له فالحكم أيضا للقرعة ، فلو قتله أحدهما أو هما بعد القرعة فصاحب القرعة أب ، والآخر أجنبي فحكمه ظاهر كما في سائر الآباء والأجانب.

وامّا قبل القرعة فالحكم مثل ما سبق في المجهول إذا لم يرجع أحدهما ، وإذا

__________________

(١) في بعض النسخ المخطوطة ودفع النصف الى الامام ومع الغيبة إلخ.

١٨

ولو ولد على فراش المدعيين كالأمة أو الموطوءة بالشبهة فلا قود عليهما وان رجع أحدهما بخلاف الأوّل لثبوت البنوّة بالفراش لا الدعوى ، وفيه نظر.

______________________________________________________

رجع أحدهما فالحكم بخلاف ذلك ، فإنّ الرّجوع هنا غير مسموع فحكمه حكم عدم الرّجوع ، لأنّ الأبوّة هنا ثابتة بالفراش لا بالإقرار والدعوى ، فلا أثر للرّجوع ، فإن مثل هذا الولد لا ينفي عن صاحب الفراش ، فبين المسألتين فرق.

ثم قال المصنف : (وفي الفرق نظر مما مرّ) ، ومن أنّ الرجوع يحتمل أن يكون نافيا للنسب في الأمة والشبهة من غير لعان ، ولا يثبت بمجرد الفراش ، بل يكون موقوفا على عدم النفي ، فينتفي الأبوّة المانعة للقصاص بالرجوع ، فيثبت القصاص ، عملا بالأدلة ، لعدم المانع ، فلا فرق.

نعم الفرق واضح لو قيل هنا أيضا بثبوت الولد بالفراش كما في الزوجة ، وإن احتمل كون ولده للزّوج الأوّل مثل المطلقة التي تلد بعد مضي أقلّ الحمل من الزّوج الثاني وقبل مضيّ مدة الحمل أنّه من الأوّل فإنّه يحتمل لهما.

ولكن يحكم المصنف والمحقق بأنّه للثاني ، فإنّه الفراش.

نعم يرد الاشكال هنا أيضا على قول (ظاهر ـ خ) حيث قال هنا أيضا بالقرعة ، ولم يحكم بالفراش (للفراش ـ خ).

وبالجملة ان قيل : أنّ الولد في هذه الصورة لا يثبت بمجرّد الفراش لعدم اختصاصه بأحد مثل الموطوءة شبهة ، فلا فرق ، ويقتل الراجع.

ويؤيّده أنّه بإقراره يجب قتله ، وبأنّ أدلة القصاص تقتضيه ولم يخرج إلّا المحقق أبوّته ومانعيّته ، وهذا ليس منه ، وهو ظاهر ، وإن ثبت به مثل الزوجية التي ذكرناها عندهما الفرق واضح.

وأمّا الأمة الموطوءة فإن لم تكن هي فراشا بحسب الظاهر لأحدهما ، بأن

١٩

ولا يرث الولد القصاص ولا الحدّ ، بل له الدّية عن مورّثه وللآخر القصاص والحد كملا.

______________________________________________________

تكون امة الغير وطأها الاجنبيّان شبهة أو كان أحدهما مالكا ولم نقل أنّها فراش بل لا بد لولدها الإقرار أو عدم النفي ، وإنّ الرجوع عن الإقرار مثل النفي أو لا.

فلا فرق أيضا ، وإلّا فالفرق هنا أيضا واضح.

والظاهر عدمه لأدلة القصاص مع عدم ثبوت الأبوة المانعة شرعا ، وإنّما المانع هو ثبوتها شرعا ، وهو ظاهر ويفهم من الشرح أنّ المصنف والمحقق القائلين بالتردّد والنظر قائلان بأنّ الرجوع هنا صحيح ، حيث قال : وجه النظر ظاهر مما ذكره المصنف والمحقق رحمهما الله ، ومن أنّ الرّجوع هنا صحيح قطعا وناف للنّسب من غير لعان ، فإن صحّ هذا فلا معنى للنظر واحتمال الفرق ، فكأنّ لهما ترددا ونظرا في أنّ الرجوع ناف أم لا؟ وأنّ للقرار والثبات على ذلك دخلا في الثبوت أم لا؟ ومعلوم أنّ مجرد الفراش ليس هنا بمثبت وكاف ، ولهذا يحتاج إلى القرعة إمّا لوجوده منهما أو لعدمه منهما ، فتأمّل.

فكأنّه لذلك تردّدا وتنظرا (ونظرا ـ خ) فوجه النظر احتمال كون الرجوع نافيا ، لا القطع بأنّه ناف.

ثم قال في الشرح : والعجب أنّ المصنف في التحرير صوّرها في وطئ الشبهة ، ثم علّل بأنّ النبوّة ثابتة بالفراش لا تنتفي إلّا باللعان مع وقوع الاتفاق على أنّه لا لعان في وطئ الشبهة ، وقد ذكر هو في باب اللعان من ذلك الكتاب وغيره (انتهى).

يحتمل أن يكون مراده لا ينتفي إلّا باللعان ولم يمكن هنا فلا ينتفي بالنفي ، وهذا المقدار كاف في هذا المقام ، فتأمّل.

قوله : «ولا يرث الولد إلخ». أي إذا قتل أبو ولد من يرثه مثل امّه أو أخته من امّه ولا أمّ له ، ويكون هو وارثه ، لا يرث القصاص من أبيه لمورثه ، بل له

٢٠