ليس منه ـ فهو باطل ؛ إذ الاستصحاب بعد لم يثبت اعتباره ، والعمل بأمارة حالها كذلك تشريع قطعا ؛ إذ الأخذ بالحالة السابقة ليس موافقا للاحتياط في جميع الموارد ، فلا ينفكّ عن التشريع البتّة.
وأمّا طرح الأصول القطعية من البراءة والاحتياط والتخيير ، فلزومه على تقدير الاستصحاب والأخذ به قطعي ، ولا ينافيه استقرار بناء العقلاء على العمل به بعد عدم دليل على اعتباره ، كما في غير الاستصحاب من الظنون المعمولة عند العقلاء الممنوع عنها شرعا كالظنّ الحاصل من قول البريد والمراسيل ، والقول باعتبار تلك الأصول عقلا لا ينافي ذلك ؛ إذ المفروض قطع العقل باعتبار البراءة عند الشكّ أو ما يرجع إليه من الظنون المشكوكة التي منها الاستصحاب ، وكذا الاحتياط ؛ إذ الحكم به في موارده قطعي على ما تقضي (١) به صراحة العقل ، فتلك الأدلّة الناهية تدلّ على أنّ الظنّ ليس مناطا للإطاعة والمخالفة ولا يكفي في تحصيل الثواب والمنفعة وفي دفع العقاب والمضرّة ، فكيف يمكن القول بعدم كفاية مثل هذه الأدلّة في الردع (٢)؟ فالظنّ (٣) الحاصل من الاستصحاب في نظر الشارع كعدمه كالظنّ الحاصل من القياس.
وأمّا ما رامه المستدلّ من إثبات حجّية الظنّ الاستصحابي بالخصوص ، فمناف لما قرّره من قوله : فكيف يسوغ للشارع النهي عن العمل به والأخذ بالموهوم؟ فإنّ ذلك على فرض صحّته (٤) لا يقضي بخصوص الاستصحاب ، بل مقتضاه اعتبار مطلق الظنّ كما هو ظاهر ، وأفسد من ذلك كلّه منعه عن استقرار بناء العقلاء على العمل بالقياس أو إناطة بعض الأمور المتعلّقة بهم (٥) ممّا لا يمكن إنكاره.
وأمّا ما أورده من الوجه الثاني في مقام إثبات الكبرى من اندارجه تحت مطلق
__________________
(١) « ك » : يقضي ، وفي « ج » : يقتضي.
(٢) « ز ، ك » : النزاع.
(٣) « ج » : والظنّ.
(٤) « ز ، ك » : حجّيته.
(٥) « ز ، ك » : به ، وكذا كتب فوقها في نسخة « م ».