استعماله فيهما ، وشموله لأحدهما المعيّن ترجيح بلا مرجح ، ولأحدهما الغير المعيّن عندنا والمعيّن عند الله خلاف المفروض ؛ لأنّ المفروض تساويهما فيما دلّ الدليل عليه ، وأمّا مطابقة الواقع فخارجة (١) عن ملاك الدليلية (٢) ، على أنّ ذلك يوجب الطرح ؛ لدوران الأمر بين الحجّة واللاحجّة المحرّم الأخذ بها لدخولها فيما وراء العلم ، ولأحدهما الغير المعيّن مطلقا أيضا باطل ؛ لأنّه ليس من أفراد العامّ والمطلق فإنّه أمر انتزاعي صرف ليس مشمولا للدليل ، فلو فرض القول بالتخيير لا بدّ وأن يكون مستندا إلى أخبار التخيير الواردة في علاج المتعارضين. هذا غاية ما يمكن الاستدلال به للتساقط (٣).
ولكنّ الإنصاف أنّ الأصل هو الإعمال (٤) دون التساقط ؛ لعموم الأدلّة الدالّة على اعتبار هذه الأدلّة وإطلاقهما على وجه شامل للمتعارض (٥) ولغيره.
وأمّا ما عرفت من دليل المنع فواه جدّا ، أمّا أوّلا : فلأنّ مجرّد كون الدليل لبّيا لا يقضي بعدم شموله للمتعارض ؛ لاحتمال قيام الإجماع على وجه يشمل المتعارض (٦) أيضا كما يحتمل دلالة العقل على اعتبار الدليل حال التعارض أيضا وذلك كما في الأخبار ، فإنّ التحقيق (٧) أنّ الإجماع على حجّية الأخبار الموثوق بها منعقد حال التعارض ، كما استكشفنا ذلك في محلّه من الأمارات المذكورة هناك ، وكذا دليل الانسداد على تقدير تماميته قضيّته عامّة (٨) للمتعارض وغيره ، سيّما بناء على ما هو التحقيق فيه من الحكومة.
وبالجملة : فسخافة هذه المناقشة وأمثالها في أمثال المقام ظاهرة ؛ إذ ليس كلّ ما كان لبّيا غير معلوم التناول حتّى يؤخذ بالقدر المتيقّن والمعلوم.
__________________
(١) « م » : فخارج.
(٢) « د » : الأصلية.
(٣) « م » : للتصادق.
(٤) « د » : الإجمال.
(٥) « م ، س » : التعارض.
(٦) المثبت من « د » وفي سائر النسخ : التعارض.
(٧) « د » : المتحقّق.
(٨) « د » : عامّ.