الأجناس والفصول ، لتعذّر الاطّلاع على كنه العلوم ابتداء ، إلاّ أنّه لا بدّ وأن يكون على وجه شامل لجميع المسائل المبحوث عنها في تلك العلوم ولو شمولا عرضيا بحيث لو اطّلع الطالب على مسألة منها عرف بكونها منها (١) ، فالحدّ هي الجهة الجامعة لمسائل العلم ، ومنه يستعلم حال الموارد المختلفة ؛ إذ لا أقلّ من كونه مانعا عن المسائل التي ليست من العلم ، وجامعا للتي هي منه ، وذلك ظاهر في الغاية ، إلاّ أنّه لا بدّ أن يعلم أنّه متى تعارض (٢) الموضوع والحدّ في تميّز مسألة على وجه يحكم الأوّل بدخوله في العلم ، والثاني بخروجه عنه (٣) ، فالموضوع هو المقدّم ؛ لكونه أصلا في التميّز ، ولهذا قيل : إنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات مع حصول التميّز بغيرها أيضا ، والوجه في ذلك انتزاع الحدّ واقعا من الأمور المختلفة والمحمولات المنتهية إلى جهة متّحدة وهو الموضوع ، فهو تابع للموضوع ، وأمّا المحمول فتميّزه بتميّز الموضوع ؛ لكونه من أحكامه من حيث هو محمول ، فهو الأصل في التميّز كما لا يخفى.
وثالثها ـ وهو أضعفها ـ : تدوين أهل العلم لها فيه ، أو تنصيص أهل الفنّ والخبرة بذلك ، هذا بالنسبة إلى مطلق العلوم المدوّنة ، وقد يوجد فى بعض منها ما يخصّ البعض كما في المسائل الفقهية والمسائل الأصولية ، فإنّ من خصائص الأولى أنّ بعد ما استفرغ المجتهد (٤) جهده في تحصيل الحكم الشرعي وبذل وسعه في استنباطه بدفع المعارضات للأدلّة وبتوضيح الدلالات فيها ، كان للمقلّد أن يعمل به بلا حالة منتظرة (٥) ، كوجوب الصلاة ، ولزوم البيع ، وثبوت الخيار عند ظهور العيب فى المبيع ، ونحوها ، ومن خصائص الثانية أنّه (٦) بعد التنقيح والتصحيح لم يكن من شأن المقلّد أن يعمل به ،
__________________
(١) « ز ، ك ، ل » : عرف أنّها منها.
(٢) « ز ، ك ، ل » : عارض.
(٣) « ز ، ك ، ل » : منه.
(٤) « ز ، ك » : ـ المجتهد.
(٥) « ز ، ك ، ل » : كان للمقلّد أن يقلّده فيه ويعمل به بلا حاجة إلى حصول حالة منتظرة إليها.
(٦) « ج ، م » : أنّ.