زعمت فلا حاجة (١) إلى إحراز الموضوع في الاستصحاب في كلّ مورد ؛ إذ المراد بقولهم : لا بدّ من بقاء الموضوع في الاستصحاب ، هو بقاؤه في الاستصحاب الذي له موضوع ، وأمّا فيما ليس له موضوع فانتفاء الشرط بانتفاء الموضوع ، كما في قولنا : يجب ستر العورة في الصلاة ، فإنّ المقصود منه وجوب الستر على تقدير وجود الساتر ، وذلك ظاهر لمن له أدنى ممارسة في استنباط المطالب من العبائر واستخراج المقاصد من الدفاتر.
ثمّ إنّ الدليل على هذه (٢) الدعوى بعد إطباق العقلاء : هو أنّ الحكم إن أريد إثباته في موضوع كان ثابتا له في حال العلم بالحكم فهو المطلوب ، وإن أريد إثباته في موضوع غيره فذلك لا يسمّى استصحابا كما أنّ الحكم بعدم ثبوته له ليس نقضا لليقين بالشكّ على ما هو المنهيّ عنه في أخبار الباب ، وبوجه آخر أنّ المستصحب لا أقلّ من أن يكون عرضا من الأعراض فإن أريد إثباته لا في موضوع فيلزم تقوّم العرض بلا جوهر ومن غير أن يكون حالاّ في منعوت ، وفساد اللازم كالملازمة ظاهر ، وإن أريد إثباته في موضوع فأمّا في موضوعه ابتداء فلا كلام على ما هو المطلوب ، وأمّا في غيره فإن أريد إثبات الحكم الأوّل بحسب شخصه فيلزم انتقال العرض من موضوعه مع أنّ وجوده بتشخّصه وهو بموضوعه ؛ لأنّه من مشخّصاته ، وإن أريد إثبات حكم آخر ولو باختلافهما (٣) نوعا فليس من الاستصحاب في شيء لا لغة ولا اصطلاحا ، كما أنّ نفيه عنه ليس نقضا لليقين بالشكّ.
لا يقال : ذلك مسلّم عند العلم بانتفاء الموضوع ، وأمّا عند الشكّ فلا يجري فيه البرهان ؛ للقول ببقاء العرض في الموضوع المحتمل.
لأنّا نقول : ذلك واه جدّا فإنّه إن أريد أنّ العرض على تقدير وجود موضوعه
__________________
(١) « ج » : لا حاجة.
(٢) « م » : هذا.
(٣) « ك » : اختلافها.