الخاصّ.
فكيف (١) كان ، ففي غير أمثال هذه الموارد لا إشكال في وجوب الجمع بين الدليلين بحمل العامّ الدالّ على وجوب إكرام العلماء ـ مثلا ـ على الخاصّ الحاكم بعدم وجوب إكرام زيد العالم ، ولعلّ السرّ في ذلك هو دوران الأمر بين الأخذ بأصالة الحقيقة التي هي من الأصول المعمولة في العامّ وبين طرح دليل اجتهادي دلّ على لزوم الأخذ بسند الخاصّ ؛ إذ المفروض أنّه لا كلام في كون الخاصّ أيضا حجّة شرعية يجب الأخذ به بإجماع (٢) ونحوه ، ولا ريب أنّ الأخذ بالدليل الاجتهادي لازم عند دوران الأمر بينه وبين الأصل ؛ لأنّ الشكّ المأخوذ في موضوع (٣) الأصل يرتفع بعد وجود الدليل الاجتهادي ، فإنّ الشكّ في شمول العامّ للخاصّ يرتفع بعد العلم بلزوم العمل بالخاصّ بواسطة الدليل ، لكن هذا إذا فرض دلالة الدليل على الخاصّ على وجه لا حاجة إلى إعمال أصالة الحقيقة في ذلك الدليل كأن يكون إجماعا أو نحو ذلك ، وأمّا إذا احتاج إلى إعمال أصالة الحقيقة في دليل الخاصّ على وجه لا يعلم بدخوله تحت العامّ الدالّ على الحجّية ، فالظاهر تعارض الأصلين في دليل الخاصّ وفي نفس العامّ إلاّ أنّ الأصل المعمول في دليل الخاصّ وحجّيته (٤) مزيل لغيره.
وأمّا في المطلق والمقيّد فالأمر أظهر ؛ لأنّ دلالة العامّ على الأفراد ربّما يعدّ أظهر من دلالة المطلق (٥) عليها ، لأنّها وضعية في العامّ على بعض الوجوه وعقلية في المطلق نظرا إلى أنّ إثبات الحكم للماهيّة التي هي مذكورة في مقام البيان يوجب حصول الامتثال بأيّ فرد منها ، فشمول المطلق للأفراد على وجه يكفي في الامتثال به بأيّ فرد كان إنّما هو بواسطة عدم البيان ، والمقيّد هو البيان بعد وروده ، فالمطلق كأنّه برزخ بين الأدلّة
__________________
(١) « ج » : وكيف.
(٢) « م » : بالإجماع.
(٣) « ج » : موضع.
(٤) « س ، د » : الحجّية.
(٥) « د » : المطلقة.