يكون متعيّنا (١) حتّى يجري على منواله ، ولم يتعيّن هنا إلاّ النبوّة في الجملة ، وهي كلّي من حيث إنّها قابلة لأن تكون نبوّة (٢) إلى آخر الأبد بأن يقول الله : أنت نبيّ وصاحب دين إلى يوم القيامة ، أو إلى زمان (٣) محمّد صلىاللهعليهوآله ، بأن يقول : أنت نبيّ ودينك باق إلى زمان (٤) محمّد صلىاللهعليهوآله ، ولأن يقول : أنت نبيّ بدون أحد القيدين ، فعلى الخصم أن يثبت إمّا التصريح بالامتداد إلى آخر الأبد وأنّى له بإثباته ، أو الإطلاق ، ولا سبيل إلى الأوّل مع أنّه خارج عن محلّ الفرض ، ولا إلى الثاني ؛ لأنّ الإطلاق في معنى القيد ، فلا بدّ من إثباته ، ومن الواضح أنّ مطلق النبوّة غير النبوّة المطلقة ، والذي يمكن استصحابه هو الثاني دون الأوّل ؛ إذ الكلّي لا يمكن استصحابه إلاّ بما يمكن من بقاء أقلّ أفراده (٥).
وأنت خبير بفساد المبنى والبناء كليهما. أمّا الأوّل فلما عرفت من أنّ عموم أخبار الباب دليل على الاستصحاب في الكلّي أيضا بعد إمكان البقاء واحتماله كما قرّرنا.
فإن قلت : لو كان الاستصحاب مبنيّا على الأخبار فالأمر (٦) كما ذكرت ، وأمّا لو كان مبنيّا على الظنّ فهو كما ذكره المحقّق ؛ ضرورة عدم حصول الظنّ من الاستصحاب إلاّ فيما كان مقدار استعداد البقاء معلوما ، وحيث إنّ مقدار الاستعداد في الأحكام الشرعية لا يصير معلوما إلاّ بعد المراجعة إلى الدليل الدالّ عليه ، فلهذا أحال إلى ملاحظة الدليل الدالّ على النبوّة وقال بالتفصيل المذكور ، ومن المعلوم أنّ التمسّك بالاستصحاب في قبال المسلمين في إثبات الدين ليس مبنيّا على الأخبار وإنّما هو من حيث إفادته الظنّ.
قلت : لا يتفاوت الحال فيما ذكرناه بين أن يكون الاستصحاب من باب الظنّ ، أو
__________________
(١) في المصدر : معيّنا.
(٢) في المصدر : هو كلّي قابل للنبوّة.
(٣) « ج ، ز » : زمن.
(٤) « ز ، ك » : زمن.
(٥) القوانين ٢ : ٦٩ ـ ٧٠ ، مع تصرّف وتلخيص.
(٦) « م » : فأمره.