للفاضل السبزواري (١) من أنّ النسبة بين ما دلّ على ثبوت الضمان في الذهب والفضّة وبين المستثنى منه في الرواية التي استثني فيها الدراهم والدنانير عموم من وجه ؛ لتصادقهما في غير النقدين من الجنسين وافتراقهما في النقدين وفي غيرهما من غير الجنسين كالثوب مثلا ، ففي مورد التعارض يرجع إلى عموم ما دلّ على عدم الضمان.
وكيف كان ، فاختلاف المذاهب في هذه المسألة منشؤه اختلافها في المسألة التي نحن بصددها ، ولعلّ الأقوى هو الإلحاق بالمخصّصات المتّصلة كما عرفت ، كما أنّه لا يبعد دعوى أقوائية ما أوضحه صاحب الإيضاح ؛ لدوران الأمر بين رفع اليد عن (٢) الحصر المستفاد من المستثنى والمستثنى منه في رواية الدراهم والدنانير ، وبين إطلاق المطلق وهو الذهب والفضّة وإرادة المقيّد ، ولعلّ الثاني أولى ؛ لأنّ الرواية الأولى أظهر دلالة في الحصر من دلالة المطلق على الماهيّة (٣) المطلقة كما لا يخفى ، هذا إذا كان المتعارضان نصّين مع إمكان العمل بهما كما عرفت في الموارد المذكورة.
وأمّا إذا لم يمكن العمل بهما لتباينهما كما في قولك : « أكرم العلماء » وقولك : « لا تكرم العلماء العدول » وقولك : « لا تكرم الفسّاق من العلماء » حيث إنّ التخصيص بهما يوجب استغراق العامّ ، فلا بدّ من التخصيص بأحدهما دون الآخر ، فإن وجدنا مرجّحا لأحدهما دلالة فهو ، وإلاّ فالمرجع إلى المرجّحات الصدورية من غير إشكال.
الصورة الثانية : أن يكون المعارضان (٤) للثالث ظاهرين فلا يخلو إمّا أن يكون النسبة بينه وبينهما تباينا ، أو عموما وخصوصا من وجه بالنسبة إليهما جميعا ، أو بالنسبة إلى أحدهما ، فعلى الأوّل فلا إشكال في لزوم الأخذ بالمرجّحات الصدورية إن وجدت وإلاّ فالتخيير ، وعلى الثاني فالحكم في مورد التعارض هو الإجمال بناء على
__________________
(١) رياض المسائل ٩ : ١٧٩ ـ ١٨٠ ، وفي ط الحجري ١ : ٦٢٥ ؛ ذخيرة الأحكام : ١٣٥.
(٢) « د ، م » : من.
(٣) « د » : الماهية.
(٤) « س » : المتعارضان.