الاستصحابي ولو لم نقل بمطلق المظنّة ، والمقصود من الثاني اندراجه في دليل الانسداد على ما حرّرنا كلاّ من الوجهين بما لا مزيد عليه.
ومع ذلك فوجوه النظر ممّا لا يكاد يخفى على أحد :
أمّا أوّلا : فبمنع الصغرى ، فإنّه إن أريد أنّ الاستصحاب مفيد للظنّ في جميع موارده ، فيكذّبه (١) الوجدان ، فإنّ من المشاهد بالعيان عدم إفادته الظنّ في جملة منها ، بل ولم نر من ادّعى ذلك أيضا وإن حكم بعضهم بدوران اعتباره مدار الظنّ ، ومع ذلك فقد رموه بالمخالفة كلّ المخالفة.
وإن أريد أنّه لو خلّي وطبعه ومن حيث ملاحظته في نفسه مع قطع النظر عمّا يوهن ذلك من القضايا الخارجية والأمور المكتنفة بالواقعة الاستصحابية ، مفيد للظنّ وإن لم يفده في بعض الأحيان لبعض الموانع ، فلك أن تقول : إنّه في نفسه لا يفيد الظنّ وان كان قد يفيده باعتبار أمر خارج كالغلبة ، بل ولعلّه كذلك أيضا ، فإنّ التدبّر في موارده يقتضى بأنّ منشأ الظنّ في محلّ حصوله إنّما هو الغلبة في منشأ الشكّ وسبب الاشتباه ويدور الظنّ مدار وجود الغلبة ، والذي يرشدك إلى ما ذكر ـ من أنّ مجرّد الحالة السابقة ليس سببا لحصول الظنّ بعد امتناع الظنّ بالمعلول مع الشكّ في العلّة كما يساعد عليه الاعتبار الصحيح ـ أنّ ذلك يستلزم أن يكون حصول الظنّ من الأفعال الاختيارية التي لا واقع لها إلاّ بعد الاختيار مع أنّ الضرورة قضت بكونه كالعلم من الأمور الواقعية التي لها أسباب واقعية ، غاية ما في الباب أنّ المكلّف لو حاول تحصيل واحد منهما من ملاحظة أسبابهما الواقعية يمكن له ذلك. وأمّا اللزوم المذكور فيظهر بملاحظة ما لو (٢) علم بالاشتغال بالصلاة مع جهل القبلة وانحصارها في جهتين ـ مثلا ـ عند المكلّف ، فإن أراد أن يظنّ (٣) بالاستصحاب أنّ القبلة في طرف ، يصلّي أوّلا في غير
__________________
(١) « ج » : فتكذّبه.
(٢) « م » : ـ لو.
(٣) « ز ، ك » : أنّ الظنّ.