المطلوبة في تلك الاستصحابات موجودا ، والشكّ إنّما هو في وجود المانع لحدوثها أو لبقائها ، نعم لو فرض من الأصول العدمية ما لم يكن المقتضي للآثار المترتّبة عليها موجودا فأصالة عدم المانع لا يكفي في الحكم بترتّب (١) تلك الآثار وهو ظاهر إلاّ أنّ الأمثلة الموجودة ليس منها.
هذا تمام الكلام فيما كان المستصحب عدميا.
وأمّا الثاني : وهو ما كان المستصحب وجوديا فلا ينطبق على القاعدة المزبورة إلاّ فيما كان الشكّ في الرافع فقط ؛ إذ المانع من الحدوث لو كان مشكوكا فلا يعلم (٢) بوجود المعلول فلا يقين في السابق ، فلا يجري الاستصحاب الوجودي فيما إذا كان الشكّ في المانع ، وأمّا الشكّ من حيث المقتضي بعد العلم بتماميته في السابق وإن كان يعقل فيه الاستصحاب الوجودي إلاّ أنّه ليس داخلا فيما مهّدناه في المقدّمة.
وبالجملة : فنحن ندّعي استقرار بناء العقلاء على ذلك الحكم بوجود المعلول بعد إحراز المقتضي ولو كان المانع وجوده مشكوكا ، وهذه القاعدة وإن لم يكن (٣) من الاستصحاب في شيء إلاّ أنّه ينطبق (٤) على موارده المفروضة ، وإليه ينظر عبارة المحقّق كما مرّ نقله فيما سبق (٥) ، ولو لا أنّ من المعلوم خلافه في كلمات العلماء ـ كما عرفت حيث إنّ المستفاد من كلام جملة عدم الاعتداد بالاستصحاب مطلقا ـ لم يكن دعوى الإجماع عليه أيضا بعيدا ؛ حيث إنّ العمل عليه ، ولا ينافيه إنكارهم تفصيلا بعد الإذعان (٦) الإجمالي.
والأخبار الواردة في الباب بناء على التحقيق دلالة لها على غير ذلك ، فإنّ المنساق منها ـ سواء كان بلفظ النقض أو غير ذلك كما لو قال : « إذا شككت فابن على اليقين » ـ
__________________
(١) « م » : ترتّب.
(٢) « ك » : فلا نعلم.
(٣ و ٤). كذا.
(٥) انظر ص ٥٣ ـ ٥٤ و ٦٥ و ٦٨.
(٦) « م » : الإعادة.