واضحة إذا كان الشكّ من جهة المقتضي فلا دلالة للأخبار على اعتبار الاستصحاب ، وإذا كان الشكّ من جهة الرافع فينهض الأخبار بإثبات الاستصحاب فيه ، وزعم أنّه مطابق لما نقلناه من (١) المحقّق الخوانساري إلاّ أنّه قد يكون أعمّ موردا ممّا ذهب إليه حيث أفاد ، ولقد أجاد المحقّق الخوانساري في فهم الرواية حيث قال : المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ هو عدم النقض عند التعارض (٢) ، ولكنّه ما أجاد في تخصيصها بالأحكام التي ثبت استمرارها إلى غاية معيّنة وشكّ في حصولها ، بل يجري في كلّ ما ثبت بقاؤه ما لم يمنع منه مانع (٣) ، انتهى.
والتحقيق : أنّ القولين مختلفان مفهوما وموردا ، فلا وجه لحسبان انطباق أحدهما على الآخر على الوجه المذكور ؛ لاختلاف مناطهما وتغاير ما هو الملاك فيهما ، فإنّ قول المحقّق يناط على ثبوت الخطاب الموجب لليقين في مورد الشكّ لو لاه من دون ملاحظة استعداد المستصحب للبقاء في زمن الشكّ لو لا المانع ، ومدار قول الزاعم إنّما هو ملاحظة حال المستصحب واستعداده من دون نظر إلى ثبوت الخطاب الموجب لليقين لو لا الشكّ ، فملاك الأوّل على ملاحظة حال الدليل ، وملاك الثاني على ملاحظة حال المستصحب.
نعم ، قد يكون المستصحب في مورد الخطاب الموجب لليقين ممّا قضيّته الثبوت عند الشكّ لو لا عروض المانع أو منع العارض كما في استصحاب بقاء الوضوء عند الشكّ في عروض البول.
وقد يكون المستصحب مقتضيا للبقاء مع انتفاء الخطاب الموجب لليقين كما في استصحاب بقاء النجاسة فيما إذا شكّ في مانعية التمسيح بحجر ذي ثلاث شعب ، وكما في استصحاب الطهارة عند عروض المذي ؛ إذ قد عرفت صراحة من المحقّق المذكور عدم
__________________
(١) « ز ، ك » : عن.
(٢) المشارق : ٧٦ ، سطر ١٨.
(٣) الفصول : ٣٦٧ و ٣٧١.