في الأغلب على وجه يكفي في نفي الغرر ، مع أنّ ثبوت ذلك في الشريعة التي كان عليها غير ثابت ؛ إذ النقل في القرآن من حيث حكاية قول (١) المؤذّن لا يوجب صحّة المنقول بعد عدم ثبوت عصمة (٢) المؤذّن وإذن يوسف له فيه ، والحمل على الصحّة لا يقتضي (٣) إلاّ تصحيح نفس الفعل الشخصي لا تشريع الحكم في شريعتنا ، وعلى الثاني أنّه ليس المعنيّ بقوله : ( وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) أن قال (٤) : الجعالة التي هي ثابتة (٥) في ذمّة الملك على تقدير العمل أنا به زعيم فيما لو امتنع المضمون له ، بل معناه : أنّ عهدة المال عليّ وأنا به قائم ، ولا أقلّ من احتماله.
الثالثة : قوله تعالى في حكاية أيّوب عليهالسلام (٦) : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ )(٧) فإنّ الضغث هو الشماريخ القائمة على الساق الواحد ، فإنّه على القول بالاستصحاب يصحّ الوفاء بمثله فيما لو (٨) نذر مثله دون القول الآخر.
وفيه : أنّ من الواضح متابعة وقوع الحنث وعدمه لما هو المتعارف في استعمال آلات الضرب فيما لم يكن المقصود للحالف أو الناذر معهودا معلوما ، ولا يفرّق في ذلك شريعة من الشرائع ، وأمّا حكاية أيّوب عليهالسلام فلعلّه بواسطة أعمّية مقصوده للوجهين ـ الدفعي والتدريجي ـ أو أنّها قضيّة في واقعة وليست من الأحكام الثابتة التي كان عليها أيّوب ولهذا قد أوحي إليه (٩) علمها ، وإلاّ فكيف يعقل عدم علمه بأحكام شريعته التي كان عليها؟ فإنّه عليهالسلام لم يكن صاحب شريعة على حدّها. لا يقال : يحتمل أن يكون هذا بدلا عن المنذور ثابتا في شريعته تعبّدا فيصحّ استصحابه في شريعتنا
__________________
(١) « ج » : فعل.
(٢) « ز ، ك » : قصّة.
(٣) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : لا يقضي.
(٤) « ج » : مال.
(٥) « ج » : هو ثابت.
(٦) « ج ، م » : على نبيّنا وعليه ( الصلاة و « ج » ) السلام.
(٧) ص : ٤٤.
(٨) « ج ، ز » : ـ لو.
(٩) « ج ، م » : أوحى الله.