تكرم الأصوليين » و « لا يجب عليك إكرام العلماء » فإنّه لا إشكال في كونهما نصّين بالنسبة إلى قوله : « أكرم العلماء » أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني فلأنّ دلالة « لا يجب » على عدم الوجوب أظهر من دلالة الأمر على الوجوب ، ولا خفاء أيضا في تفاوت الحال فيما لو فرض الترتيب في المعالجة فإنّه على تقدير عدم ملاحظة الترتيب يلزم ارتكاب تخصيص ومجاز ، أمّا الأوّل فلقوله : « لا تكرم الأصوليين » وأمّا الثاني فلقوله « لا يجب » فلا بدّ من حمل الأمر على الاستحباب مع تخصيص العلماء (١) بغير الأصوليين ، بخلاف ما إذا فرض التخصيص أوّلا فإنّ بعد ذلك يصير العامّ الأوّل أخصّ مطلقا من العامّ الظاهر في عدم وجوب الإكرام ، فيخصّص به ؛ لدوران الأمر بين التخصيص في قوله : « لا يجب » والمجاز في قوله : « أكرم » وقد عرفت أنّ التخصيص أولى من ارتكاب سائر أنواع المجاز.
وكيف كان ، فحيث إنّ المقام ممّا يتفاوت فيه الحال (٢) مع وجود المرجّح لأحد التصرّفين فلا بدّ من الأخذ وهو العلم بالتخصيص بالنسبة إلى الخاصّ قطعا ، سواء حمل الأمر فيه على الاستحباب أو لا ، فإنّ الخاصّ قرينة صارفة للعامّ قطعية من غير توقّف (٣) على أمر غير حاصل ، فيدور الأمر بين ارتكاب المجاز في العامّ الأوّل أو تخصيص العامّ الثاني بحمله على الأصوليين في المثال المذكور وقد عرفت الأولوية فيما سبق آنفا.
فمحصّل الكلام في الصورة الأولى أنّ بعض الموارد ممّا لا فائدة في ملاحظة الترتيب كما إذا كانا متباينين ، وبعض ممّا يتفاوت فيه الحال لانقلاب النسبة إلاّ أنّه بواسطة عدم
__________________
(١) « د » : العامّ.
(٢) من هنا إلى قوله : « وإن كان الظاهران متباينين » قدر ثلاث صفحات تقريبا لم ترد في نسخة « ج » ولعلّ نسخة الأصل لها سقطت منها ورقة.
(٣) « د ، م » : توقّفها.