أنّ الموضوع عندهم هو الأمر العرفي الباقي في التحويلات مع شدّتها لم يصحّ ذلك منهم في وجه ؛ لعدم الأولوية بعد اختلاف الموضوع ، ولكان التفصيل بين النجس والمتنجّس في محلّ من القبول كما صنعه الفاضل ، إلاّ أنّ عدم تفرقة الأصحاب بينهما يكفي في الردّ على الفاضل في التفصيل.
مضافا إلى استفادة عدم الفرق بينهما من بعض الأخبار ، ففي الخبر عن الجصّ : يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ويجصّص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب عليهالسلام بخطّه الشريف : « أنّ النار والماء قد طهّراه » (١) حيث إنّ الراوي لم يفصّل بين العذرة التي هي من النجاسات وعظام الموتى التي هي من المتنجّسات ، ولم يفصّل الإمام عليهالسلام بينهما أيضا فحكم بما حكم وإن كان نفس الحكم ممّا لم يعمل به الأصحاب ؛ إذ لا ضير في ذلك ، لجواز الاستناد إلى الرواية في الجهة التي لم يظهر منهم خلافها.
وبالجملة : فالصغرى ممّا لا كلام فيها ، وأمّا الكبرى فيدلّ عليها (٢) أمران :
الأوّل ـ وهو العمدة ـ : صدق اتّحاد القضيّة المتيقّنة والقضيّة المشكوكة في نظر العرف المأمورين بعدم نقض اليقين إلاّ باليقين المخاطبين بقوله : « لا تنقض اليقين بالشكّ أبدا » فإنّ صدق النقض المنهيّ عنه في تلك الأخبار على تقدير عدم العمل بالاستصحاب في الموارد التي تعدّ (٣) عندهم من بقاء الموضوع ظاهر (٤) ؛ ضرورة تنزيل الخطابات الشرعية على الأفهام العرفية لا على التدقيقات الفلسفية (٥) على ما هو ظاهر ، إذ لا شكّ في أنّ المخاطب بهذه الروايات أهل العرف من العوامّ وغيرهم ، فإذا لا يخلو إمّا أن يكون ما يفهمونه من صدق النقض في أمثال المقامات التي لا مسرح
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ : ٥٢٧ ، باب ٨١ من أبواب النجاسات ، ح ١ ، و ٥ : ٣٥٨ ، باب ١٠ من أبواب ما يسجد عليه ، ح ١ ؛ بحار الأنوار ٧٧ : ١٥٢.
(٢) « م » : عليه.
(٣) « ز ، ك » : يعدّ.
(٤) « ز ، ك » : ظاهر ، بل.
(٥) « ج » : الفلسفة.