الوجه في ذلك أنّ بعد فرض وجود المقتضي يشكّ في أنّ علّة عدم المعلول موجودة فيمتنع (١) المعلول بواسطة ذلك ، فالشكّ إنّما هو في امتناع المعلول من حيث وجود معارض علّة وجوده (٢) ؛ إذ عدم المانع لكونه أمرا عدميا لا يعقل تأثيره في وجود المعلول إلاّ من حيث ارتفاع وجود علّة النقيض ، فبذلك يصير المحلّ قابلا ، فيظهر أثر المقتضي ، ولا مدخلية لعدم المانع في اقتضاء المقتضي ، ولهذا ترى المقتضي باقيا على صفة الاقتضاء فعلا مع العلم بوجود المانع ، وكلّما كان الشكّ في إمكان شيء وامتناعه فتراهم يعاملون معه معاملة الإمكان ظاهرا (٣) كما مرّ (٤) الإشارة إليه في العبارة المنقولة عن الشيخ الرئيس ، وبعد تقدير إمكانه فيؤثّر فيه المقتضي ؛ إذ المفروض أنّه تامّ الاقتضاء ، فيقال بوجود المعلول ويترتّب عليه آثاره.
وإذ قد تقرّر هذا (٥) فنقول : إنّ الأصول العدمية بأسرها ، والاستصحاب الوجودي فيما إذا كان الشكّ في الرافع ، من هذا القبيل.
أمّا الأوّل : فلأنّ الأحكام العدمية تارة يطلب منها ترتيب حكم عدمي ، وأخرى ترتيب حكم وجودي ، لا كلام على الأوّل ؛ إذ تلك الآثار العدمية التي تلحق الأحكام العدمية إنّما هي في عرضها وإن كانت مترتّبة عليها في الاعتبار ، فهي أيضا محالّ للاستصحاب كنفس (٦) تلك الأحكام. وأمّا الثاني : فكلّ ما نتعقّله (٧) من الأمثلة في العدميات كأصالة عدم النقل والقرينة والحذف والنسيان والسهو من الأصول المعمولة في مواردها ممّا يراد منها ثبوت حكم أو ظهور دلالة ونحوها من الأحكام الوجودية التي تترتّب (٨) على تلك الأمور العدمية ، من هذا القبيل ، فإنّ حدوث النقل مانع (٩) عن (١٠)
__________________
(١) « ز ، م » : فيمنع.
(٢) « ك » : وجود.
(٣) « ز » : ظاهر.
(٤) مرّ في ج ٣ ، ص ٦٢.
(٥) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : هذه.
(٦) « ج ، م » : لنفس.
(٧) « م » : نتعلّقه.
(٨) « ج ، م » : يترتّب.
(٩) « م » : مانعة.
(١٠) « ز ، ك » : من.