كذلك بحيث نعلم بعدم إرادة الحكم في الزمان الثاني من اللفظ ، ففي هذين القسمين لو أريد إثبات الحكم في الزمان الثاني يحتاج إلى الاستصحاب.
فمحلّ الاستصحاب فيما لو كان الدليل لفظيا في مقامين : أحدهما : ما كان الدليل مجملا كالقسم الثاني ، وثانيهما : ما كان الدليل ساكتا عن حال زمان الشكّ.
وعلى الثاني : فإمّا أن يكون الدليل هو العقل ، وإمّا أن يكون هو الإجماع ، لا كلام في المقام على الأوّل ؛ لما سبق تحقيق الكلام فيه فيما تقدّم ، وأمّا على الثاني فالإجماع على طريقة العامّة لو تحقّق في مورد فحكمه حكم اللفظ فيما لو كان ساكتا إذا لم يكن حال الشكّ أيضا إجماعيا ، إذ هو حينئذ دليل بنفسه فإمّا أن يكون موجودا في الحالين ، أو مختصّ بالزمان الأوّل ، فعلى الأوّل لا وجه للاستصحاب ، وعلى الثاني فهو محلّ الاستصحاب أيضا ؛ لسكوت الإجماع عن الحالة الثانية. وأمّا على طريقة المتقدّمين من أصحابنا فحكمه حكم اللفظ بعينه ، لأنّ المفروض كشفه عن قول المعصوم ولفظه ، وهو مختلف. وأمّا على طريقة الحدس فهو أيضا على قسمين : فتارة : على نحو العموم بمعنى حصول القطع برضاء المعصوم في الحكم الفلاني في الحالتين ، وأخرى : على نحو السكوت ، فعلى الأوّل لا استصحاب ، وعلى الثاني فهو محلّ الاستصحاب.
وقد يكون الدليل على وجه يعلم منه نفي الحكم في الزمان الثاني ، وهذا كما يتصوّر في الأدلّة اللفظية كذلك يتصوّر في الإجماع أيضا على الوجوه المختلفة من الطرق كما هو ظاهر.
وقد يكون الدليل اللفظي مردّدا بين الأقسام المذكورة فحكمه حكم الساكت.
فإذا أقسام اللفظ خمسة فإنّه : إمّا دالّ على الحكم في الزمان الثاني ، أو ناف له ، أو مجمل ، أو ساكت ، أو مردّد ، لا استصحاب (١) على الأوّلين ، ومحلّه على الأواخر. وأقسام
__________________
(١) « ك » : ولا استصحاب.