في الزمان الأوّل على وجه كانت القضيّة المعلومة متّحدة مع القضيّة المشكوكة ، وعند الشكّ لا يعلم بالاتّحاد ؛ لعدم العلم بالموضوع في القضيّة الأولى التي هي معلومة ، إذ المفروض إمكان اختلاف موضوعه بطريان العوارض وعروض الحالات والحوادث الزمانية وغيرها من الأمور التي يصير منشأ لاختلاف الحسن والقبح اللذين (١) هما منشآن للأمر والنهي على ما قرّرنا ، ومع الشكّ في الاتّحاد والاختلاف لا مجرى للاستصحاب ؛ إذ ليس هو إثبات حكم فرد لفرد آخر.
فلو شكّ في وجوب شيء في زمان فعلى ما ذكرنا لا بدّ من أن يقال : إنّ الشكّ فيه في الزمان الثاني إمّا شكّ في الوجوب النفسي بمعنى إفادته البراءة (٢) على تقدير عدم كفاية دليل عنه يكفي في الحكم بعدم الوجوب.
وإمّا شكّ في الوجوب التخييري كما لو أمر بالصلاة وشكّ في أنّ وقتها إلى سقوط القرص أو زوال الحمرة المشرقية ، فإنّه يرجع الشكّ فما بين الزمانين إلى الشكّ في الوجوب التخييري ، والمرجع فيه إلى الاشتغال بمعنى الحكم بالضيق ؛ لأنّها به عدم المطلوبية (٣).
وإمّا شكّ في الوجوب الغيري ، فلا بدّ من ملاحظة القول بجريان البراءة وعدمه في الواجبات الغيرية ، وليس لك القول بالاستصحاب نظرا إلى أنّ الوجوب (٤) السابق هو بعينه مستصحب ، وليس الوجوب الثاني فردا آخر حتّى يدفع بأصالة البراءة ؛ إذ احتمال الاختلاف (٥) مع وجود ما يحتمل أن يكون هو الوجه في الاختلاف كاف في عدم جريان الاستصحاب ، وقد عرفت أنّ الفعل يمكن اختلاف وجوهه ومصالحه
__________________
(١) « ج ، ك » : الذين.
(٢) « ج » : في الوجوب اليقيني فأدلّة البراءة.
(٣) المثبت من « ز ، ك » وهامش « م » ، وفي « م » : لأنّها لعدم المطلوبية ، وفي « ج » : أصالة عدم المطلوبية.
(٤) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : الواجب.
(٥) « ك » : الخلاف.