وأمّا إذا كانت ناشئة من التعارض كما في أمثال المقام فيقيد التكليف بحسب الواقع بعدم اقترانه بالمانع. فهذا المانع بوجوده الواقعي متصف بالمانعية سواء علم به أم جهل كما هو ظاهر.
الجهة الخامسة : في تحقيق أنّ اعتبار عدم وقوع الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل هل هو على سبيل الشرطية ، أو أنّه بنحو المانعية. فإنّ العمدة من روايات الباب إنّما هي موثقة ابن بكير المتقدمة سابقاً (١) ، وهي بمقتضى صدرها ظاهرة في المانعية ، كما أنّها بمقتضى الذيل ظاهرة في الشرطية.
فهل يؤخذ بالظهور الأول ويتصرّف في الثاني ، فيحمل الاشتراط على التبعي وانّ وقوع الصلاة فيما أحلّه الله ليس لخصوصية فيه ، بل لأجل التخلّص عن المانع ، وهو الوقوع فيما لا يؤكل؟
أو يعكس فيتحفظ على الظهور الثاني ، ويحمل النهي والفساد في الصدر على العرضي ، فيكون المجعول الشرطية ، وأمّا المانعية المستفادة من الصدر فهي عرضية تبعيّة؟
وربما يحتمل في المقام احتمال ثالث ، وهو الجمع بين كلا الاعتبارين أعني الشرطية والمانعية فكما أنّ الوقوع في أجزاء ما لا يؤكل مانع كذلك يشترط في الصحة أن يكون اللباس متخذاً من النبات أو من حيوان محلّل الأكل.
لكن هذا الاحتمال ساقط جزماً ، بل هو مستحيل وإن أصرّ عليه بعض الأعاظم قدسسره لامتناع الجمع بين شرطية أحد الضدين ومانعية الضد الآخر ، من دون فرق في ذلك بين التكوينيات والتشريعيات.
أمّا في الأُمور التكوينية : فتوضيحه يتوقف على تحقيق معنى المانعية فيها وكيفية دخل أجزاء العلّة في وجود المعلول فنقول :
لا ريب أنّ العلّة تتألف من أُمور ثلاثة : المقتضي ، والشرط ، وعدم وجود المانع ، فهي بأجمعها دخيلة في وجود المعلول ، كما أنّ بانتفاء واحد منها ينتفي
__________________
(١) في ص ١٦٨.