الوقائع كان بهذه الأخبار ، إذ لعلّه بغيرها ، ولا يلزم من موافقة العمل الخبر أن يكون به على أنه السبب للعمل. والجواب : إنه قد علم من سياقها أن العمل بها ، والعادة تحيل كون العمل بغيرها.
الثاني : قولهم : هذا معارض بأنه أنكر أبو بكر خبر المغيرة حتى رواه محمد ابن مسلمة ، وأنكر عمر خبر أبي موسى في الاستيذان حتى رواه أبو سعيد ، وأنكر خبر فاطمة بنت قيس وقال : كيف نترك كتاب الله بقول امرأة لا نعلم أصدقت أم كذبت ، وردّ علي خبر أبي سنان وكان يحلّف غير أبي بكر ، وأنكرت عائشة خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه. والجواب : إنهم إنما أنكروه مع الارتياب وقصروه في إفادة الظن ، وذلك مما لا نزاع فيه. وأيضا : فلا يخرج بانضمام ما ذكرتم من كونه خبر واحد وقد قبل مع ذلك فهو دليل عليكم لا لكم.
الثالث : إنهم انما قالوا لعلّها أخبار مخصوصة تلقّوها بالقبول ، فلا يلزم في كلّ خبر. الجواب : إنا نعلم أنهم عملوا بها لظهورها وإفادتها الظن لا بخصوصياتها كظواهر الكتاب المتواتر ، وهو اتفاق على وجوب العمل بما أفاد الظن.
ولنا أيضا : تواتر أنه كان صلّى الله عليه وسلّم ينفذ الآحاد إلى النواحي لتبليغ الأحكام ، مع العلم بأن المبعوث إليهم كانوا مكلّفين بالعمل بمقتضاه ».
وقال التفتازاني في شرح التوضيح : « واستدلّ على كون الخبر الواحد موجبا للعمل بالكتاب والسنّة. أمّا الكتاب : فقوله تعالى : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ ) الآية. وذلك أن لعلّ هنا للطلب أي الإيجاب لامتناع الترجي على الله تعالى ، والطائفة بعض من الفرقة واحد واثنان ، إذ الفرقة هي الثلاثة فصاعدا. وبالجملة لا يلزم أن يبلغ حد التواتر ، فدل على أن قول الآحاد يوجب الحذر. وقد يجاب : بأن المراد الفتوى في الفروع بقرينة التفقّه ، ويلزم تخصيص القوم بغير المجتهدين بقرينة أن المجتهد لا يلزمه وجوب الحذر بخبر الواحد ، لأنه ظنّي وللمجتهد فيه مساغ ومجال. على أن كون لعلّ للإيجاب والطلب محل نظر. ثم قوله تعالى : ( كُلِ )