وأيضا : لو صحّ هذا الحديث لما ظهرت عورة جهل عمر ، لأنّهم قالوا في شرحه بأنّ الدين يستر عورة الجهل ... قال ابن حجر في كتاب التعبير : « وقال ابن العربي : إنما أوّله النبي صلّى الله عليه وسلّم بالدّين ، لأنّ الدين يستر عورة الجهل كما يستر الثوب عورة البدن » ... والحال أنّ عورة جهل عمر بادية لكلّ ناظر في أحواله وسيره ، كما هو مفصّل في كتب أصحابنا الأعلام ، لا سيّما ( تشييد المطاعن ) ... ولعلّ واضع الحديث لم يقف على حقيقة حال الخليفة وإلاّ لم يضعه ، وهكذا يفتضح الخرّاصون بما يعملون ، والله خبير بما يفتعلون ويفعلون.
إنّ احتجاج وليّ الله الدهلوي بخبر رؤيا اللبن وحديث رؤيا القميص على علم عمر بن الخطاب ، يدل بوضوح على شدّة فقره وخلوّ يده من حديث لائق بالاحتجاج في هذا الباب ، وإلاّ لم يتمسّك بمنامين مصنوعين ، في مقابلة حديث مدينة العلم المتفق عليه بين الفريقين ، لكنّ الإمامية يتمسّكون بحديث المدينة ونظائره من الأحاديث المعتبرة ـ مضافا إلى الآيات القرآنية ـ لإثبات أعلميّة سيدنا أمير المؤمنين من جميع الخلائق بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... لكنّ أعلميته ثابتة عن طريق المنامات أيضا ، فقد ثبت في علم تعبير الرؤيا أن من رأى الامام عليهالسلام في المنام رزقه الله العلم ، وليس هذا إلاّ لكونه أعلم الأمة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه لم ينل هذه المرتبة أحد من أصحابه ... وإليك كلمات بعض علماء السنّة الصريحة فيما ذكرنا :
قال أبو سعد الخركوشي : « وإن رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه حيّا أكرم بالعلم ورزق الشجاعة والزهد » (١).
وقال خليل بن شاهين الظاهري : « ومن رأى علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه فإنه يكون عالي المحلّ ورفيع المكان وطلق اللسان وشجاعا وقوي القلب
__________________
(١) كتاب التعبير. الباب الرابع.