الفردوس : أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعليّ بابها. وشذّ بعضهم فأجاب : إن معنى وعليّ بابها إنه فعيل من العلوّ على حد قراءة صراط عليّ مستقيم برفع علي وتنوينه كما قرأ به يعقوب » (١).
أقول : وفي هذا الكلام خلط بين الغث والسّمين ، ونحن نشير إلى ما فيه بالإجمال :
أمّا أن يكون المعنى : « علي باب من أبوابها » فأوّل من قاله هو العاصمي ، وقد بيّنا بطلانه بالتفصيل ، وهنا نقول باختصار : إنّ لفظ الحديث يدلّ على انحصار البابيّة في الامام عليهالسلام ، وغيره لا يليق لأن يكون بابا لدار الحكمة ومدينة العلم ، فلا يجوز دعوى ذلك لأحد إلاّ بنص من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. على أنّ لهؤلاء الثلاثة قبائح ومطاعن تمنعهم من أن يكونوا أبوابا لمدينة العلم ، بل تمنعهم عن أن يكون لهم أقل اتّصال به ، وقد تكفّل كتاب ( تشييد المطاعن ) بذكر بعضها فراجعه إن شئت.
ثم إنّ كون الشخص بابا لمدينة العلم والحكمة يستلزم العصمة له ، وأن يكون محيطا لما في المدينة من حكمة وعلم ... وقد كان أمير المؤمنين عليهالسلام ولم يكن غيره كذلك ، ويشهد بذلك استغناؤه عن الكلّ واحتياج الكلّ إليه كما هو معروف عند الكلّ.
على أنّه جاء في بعض ألفاظ الحديث الأمر بإتيان علي عليهالسلام ، ففي لفظ : « أنا دار الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب ، وفي آخر : « أنا دار الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب » ، والناس بين مطيع وعاص ، فمن أتاه عليهالسلام وأخذ الحكمة منه فهو محتاج إليه ولا يكون بابا لها
__________________
(١) المرقاة ـ شرح المشكاة ٥ / ٥٧١.