الحديث ثم قال : لا تسألوا عن علي ولا تقيسوا أحدا عليه ، سدّ أبوابنا إلاّ بابه ».
ويؤيّد ما أخرجه النسائي ما رواه أبو الحسن ابن المغازلي بسنده عن نافع قال : « قلت لابن عمر : من خير الناس بعد رسول الله؟ قال : ما أنت وذاك لا أم لك. ثم قال : استغفر الله ، خيرهم بعده من كان يحلّ له ما كان يحلّ له ، ويحرم عليه ما كان يحرم عليه. قلت : من هو؟ قال : علي سدّ أبواب المسجد وترك باب علي وقال له : لك في هذا المسجد ما لي وعليك فيه ما عليّ ، وأنت وارثي ووصيّ ، تقضي ديني وتنجز عداتي وتقتل على سنّتي ، كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني » (١).
وهذه الأحاديث وغيرها ألجأت الملاّ علي القاري إلى أن يبذل بعض الإنصاف ، فيقول في شرح حديث ابن عمر الذي تمسّك به السخاوي : « ولعلّ هذا التفاضل بين الأصحاب ، وأمّا أهل البيت فهم أخص منهم ، وحكمهم يغايرهم ، فلا يرد عدم ذكر علي والحسنين والعمّين رضي الله عنهم أجمعين » (٢).
ثم إن حديث ابن عمر في المفاضلة ـ وإن ذكره بعض أسلاف أهل السنة في فضل المشايخ ـ غير واضح لدى المحققين المنقّدين منهم في الحديث ، فقد احتملوا فيه وجوها مختلفة ، ولم يتحقّقّ عندهم كونه واردا في مسألة التفضيل والتقديم فحسب. قال ابن عبد البر : « روى يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر وعبد العزيز ابن أبي سلمة عن نافع عن أبن عمر أنه قال : كنّا نقول على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت. فقيل : هذا في الفضل ، وقيل : في الخلافة » (٣).
وقال ابن الأثير : « قال : وحدّثنا محمد بن عيسى حدثنا أحمد بن إبراهيم
__________________
(١) المناقب لابن المغازلي ٢٦١.
(٢) المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٢٧.
(٣) الاستيعاب ٣ / ١٠٣٩.