والثالث : إنّه لا ريب في كون الأعلم هو الأحفظ للحوزة والأصلح للأمة ، ومن هنا يظهر بطلان دعوى كون أبي بكر الأحفظ للحوزة والأصلح للأمة ، مع الاعتراف بكونه غير أعلم ، متى كان أبو بكر أحفظ للحوزة؟ أفي ميادين القتال والجهاد مع الكفار؟ أو في حلّ المشكلات والمعضلات؟
والرّابع : إنّ الاستدلال باختيار الناس أبا بكر للخلافة واضح الفساد ، إذ لو سلّمنا وقوع الاختيار من الناس ، فإنّ الاشكال يرد أوّلا على الذين اختاروه ، ثم على الذين يستدلّون بهذا الاختيار على صحّة إمامة أبي بكر ...
ولابن روزبهان في باب حديث مدينة العلم وحديث أنا دار الحكمة ، كلام آخر هو أعجب وأغرب من كلامه الذي ذكرناه ، وبيان ذلك : أن العلاّمة الحلي رحمهالله يقول : « المطلب الثاني ـ العلم. والناس كلّهم بلا خلاف عيال علي عليهالسلام ، في المعارف الحقيقية والعلوم اليقينية والأحكام الشرعيّة والقضايا النقلية ، لأنه عليهالسلام كان في غاية الذكاء والحرص على التعلّم ، وملازمته لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو أشفق الناس عليه عظيمة جدا ، لا ينفك عنه ليلا ولا نهارا ، فيكون بالضرورة أعلم من غيره. وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّه : أقضاكم علي. والقضاء يستلزم العلم والدين. وروى الترمذي في صحيحه : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها. وروى البغوي في الصحاح : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أنا دار الحكمة وعلي بابها ».
فقال ابن روزبهان في جواب هذا الكلام : « ما ذكره المصنف من علم أمير المؤمنين فلا شك في أنه من علماء الأمة ، والناس محتاجون إليه فيه ، وكيف لا وهو وصي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في إبلاغ العلم وبدائع حقائق المعارف ، فلا نزاع فيه لأحد. وأما ما ذكره من صحيح الترمذي فصحيح. وما ذكره من صحاح