أبي ذر رضياللهعنه قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به. وفي الترمذي عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب » (١).
فأيّ إنصاف هذا؟! يجعل حديث الترمذي حجة على الشيعة ، ومستندا في إثبات فضيلة لعمر بن الخطاب يدعي أنها لم تكن لغيره ، ويسقط عن الإعتبار والاعتماد في باب فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ، وحديث مدينة العلم الصحيح الثابت؟!
ومن رواة حديث مدينة العلم ومصحّحيه هو : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، إذ أخرج هذا الحديث في كتابه ( تهذيب الآثار ) وأثبته وحكم بصحته ، كما عرفت سابقا من عبارة ( جمع الجوامع ) لجلال الدين السّيوطي.
وقد ذكر ابن تيميّة ابن جرير الطبري بما لا يجوز لنا الإذعان به ، بل لا يجوز نقله والتفوّه به ، ولكنّ ضرورة البحث تلجأ إلى إيراد نصّ عبارته هنا ، حتى يتّضح مدى فظاعة ردّه للحديث الذي رواه الطبري ... لقد قال ابن تيميّة ما نصّه :
« وأمّا قوله : ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد ، وحرّموا الأخذ بالقياس والاستحسان ، فالكلام على هذا من وجوه :
أحدها : إن الشيعة في هذا مثل غيرهم ، ففي أهل السنة النزاع في الرأي والاجتهاد والقياس والاستحسان ، كما في الشيعة النزاع في ذلك ، فالزيديّة تقول بذلك وتروي فيه الروايات عن الأئمة.
الثاني : إن كثيرا من أهل السنة العامة والخاصة لا تقول بالقياس ، فليس كلّ من قال بإمامة الخلفاء الثلاثة قال بالقياس ، بل المعتزلة البغداديون لا يقولون
__________________
(١) منهاج السنة ٤ / ١٦١.