وهذا الكلام كسابقه مرفوض ومردود من وجوه :
الأول : دعوى أنّ حديث أنا مدينة العلم مقرون بفضائل كثيرة للشيخين باطلة :
أمّا أوّلا : فلا أحاديث دالّة على فضل الشيخين مطلقا.
وأمّا ثانيا : فلا أحاديث دالّة على علم الشيخين ، وما رواه أهل السنة في حقّهما في هذا الباب غير ثابت.
وأمّا ثالثا : فلأنّ حديث أنا مدينة العلم متّفق عليه بين الفريقين ، وما زعم من فضائل للشيخين انفرد بروايته أهل السنّة ، فكيف يقارن المنفرد به المتّفق عليه؟
والثاني : إن حديث الاقتداء الذي ذكره الدهلوي هنا قرينا لحديث مدينة العلم ، حديث مقدوح سندا ودلالة عند أهل السنّة ، بل نصّ بعض المحققين منهم على كونه موضوعا ، وتفصيل البحث حوله في قسم حديث الطير من ( كتابنا ) ... ونكتفي في هذا المقام بكلام ابن حزم ... وهذا نصّه :
« وأيضا ، فإنّ الرواية قد صحّت بأنّ امرأة قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن رجعت ولم أجدك ـ كأنها تريد الموت ـ قال : فأتي أبا بكر. وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر.
وأيضا ، فإن الخبر قد جاء من الطرق الثابتة إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعائشة رضي الله عنها في مرضه الذي توفي فيه عليهالسلام : لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك ، فأكتب كتابا وأعهد عهدا لكيلا يقول قائل : أنا أحق. أو يتمنّى متمنّ ، ويأبى الله والمؤمنون إلاّ أبابكر. وروي أيضا : ويأبى الله والنبيّون إلاّ أبا بكر. فهذا نص جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده.