(٩)
مع ابن روزبهان
في كلامه حول الحديث
وقال الفضل بن روزبهان الشيرازي ـ وهو من مشاهير المتكلّمين من أهل السنة ، والمتأخرون عنه عيال عليه ـ في جواب احتجاج العلاّمة الحلّي بقول الامام عليهالسلام « سلوني قبل أن تفقدوني » وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » قال ما نصه : « أقول : هذا يدل على وفور علمه واستحضاره أجوبة الوقائع واطّلاعه على أشتات العلوم والمعارف. وكلّ هذه الأمور مسلّمة ، ولا دليل على النص ، حيث أنّه لا يجب أن يكون الأعلم خليفة ، بل الأحفظ للحوزة والأصلح للأمة ، ولو لم يكن أبو بكر أصلح للإمامة لما اختاروه ».
أقول : لم يجد ابن روزبهان مناصا من الاعتراف بدلالة حديث أنا مدينة العلم على الأعلميّة المطلقة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، غير أنّه ينكر اشتراط الأعلميّة في الخليفة ، ومن هنا يقول بأنّ هذا الحديث لا يكون نصّا على خلافة الامام عليهالسلام ، ويستدل باختيار الأمة أبا بكر للإمامة مع كونه غير أعلم ، وما ذكره مردود من وجوه :
أحدها : إنّ حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » من الأدلة الواضحة على خلافة سيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد بيّنا ذلك بوجوه عديدة فيما سبق من الكتاب.
والثاني : لقد دلّ الكتاب والسنة المتأيدة بأقوال المفسرين من أهل السنّة ، على تعيّن الأعلم للإمامة والخلافة ، وقد تقدّم بيان ذلك بالدلائل الكثيرة المفيدة للقطع واليقين ، ولو لم يكن فيها سوى ما ذكره الله سبحانه في قصة آدم ، وقصة طالوت ، لكفى في ذلك دليلا وبرهانا.