بها أولياؤهم وأصادقهم وحزن لها مباينهم ومفارقهم » (١).
وقال العجيلي : « قال بعض أهل العلم : علوم أهل البيت لا تتوقف على التكرار والدرس ، ولا يزيد يومهم فيها على ما كان في الأمس ، لأنهم المخاطبون في أسرارهم المحدّثون في النفس ، فسماء معارفهم وعلومهم بعيدة عن الإدراك واللمس ، ومن أراد سترها كان كمن أراد ستر الشمس ، فهم يرون عالم الغيب في عالم الشهادة ويقعون على حقائق المعارف في خطوات العبادة ، ويناجيهم ثواقب أفكارهم في أوقات أذكارهم ، فهم كما في نفوس أوليائهم ومحبّيهم وزيادة ، فما تزيد معارفهم في زمان الشيخوخة على معارفهم في زمن الولادة ، وهذه أمور تثبت لهم بالقياس والنظر ، ومناقب واضحة الحجول والغرر ، ومزايا تشرق إشراق الشمس والقمر ، وسجايا تزيّن عيون التواريخ وعنوان الأثر ، فما سألهم مستفيد أو ممتحن فتوقفوا ، ولا أنكر منكر أمرا من الأمور إلاّ عرفوا وعلموا ، ولا جرى معهم غيرهم في مضمار شرف إلاّ سبقوا وقصر مجاريهم وتخلفوا ، سنّة جرى عليه الذين تقدّموا منهم وأحسن أتباعهم الذين خلفوا. وكم عانوا في الجدال والجلاد أمورا فبلغوا بالرأي الأصيل والصبر الجميل ، فما استكانوا ولا ضعفوا ، سجايا منحهم بها خالقهم ، وأخبر بها صادقهم ، فرح بها أولياؤهم وأوصياؤهم ، وحزن بها مباينهم ومفارقهم » (٢).
ثم إنّ العلم لم يرثه عن « المدينة » إلاّ الأئمة الأطهار من « أهل بيت المدينة » ، وقد دلّ على هذا المعنى حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » وغيره من الأدلّة ، وبه صرّح وعليه نصّ كبار الأعلام والعرفاء الكرام من أهل السنّة ، كالقاضي شهاب
__________________
(١) الفصول المهمة : ١٥٩.
(٢) ذخيرة المآل ـ مخطوط.