فظهر بطلان دعواه بعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرّد دعواه ، وظهر جواز الاستدلال بالإجماع لإثبات عصمة كلّ واحد من الأئمة الأطهار ، لأنه ليس من قبيل إثبات عصمة ذاك الامام بقول نفسه ليلزم الدور ، وأمّا عصمة كلّهم فقد ثبتت بالأدلة القطعيّة الأخرى غير الإجماع ، كما ثبت عصمة كلّ واحد واحد منهم بها كما أشرنا ، وظهر أيضا بطلان قوله بعد ذلك :
« فعلم أنّ عصمته لو كانت حقّا ، لا بدّ أن تعلم بطريق آخر غير خبره ».
لما عرفت من إمكان ثبوت عصمته بخبره ، لاقترانه بما يوجب العلم واليقين ، فضلا عن ثبوتها بالأدلّة والطرق الأخرى.
وإذ ظهر بطلان كلماته ، فقد ظهر بطلان ما قاله كنتيجة لتلك الكلمات ، وهو قوله :
« فلو لم يكن لمدينة العلم باب إلاّ هو ، لم يثبت لا عصمته ولا غير ذلك من أمور الدّين ».
وتحصّل : أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام هو الباب لمدينة العلم ، وهو المبلّغ الوحيد عن النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم. وإذا ثبت ذلك ثبتت عصمته وغير ذلك من امور الدين ، والحمد لله رب العالمين.
وأمّا ما تفوّه به ابن تيميّة لشدة عناده وحقده : « فعلم أنّ هذا الحديث إنما افتراه زنديق جاهل ، ظنّه مدحا وهو يطرق الزنادقة إلى القدح في دين الإسلام ، إذ لم يبلّغه إلاّ واحد » فمن الكفريّات الشنيعة ، والله سبحانه وتعالى حسيبه والمنتقم منه يوم القيامة.
لقد علمت أنّ حديث مدينة العلم حديث رواه أكابر العلماء الثقات من أهل السّنة ، طبقة بعد طبقة ، وجيلا بعد جيل ، وفيهم من حكم بصحّته ، وجعله جماعة من أجلى فضائل ومناقب النبي والوصي عليهما وآلهما الصلاة والسّلام ...