وأمّا دعواه مقارنة ما ورد في فضل عائشة لحديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » فأضعف من سابقتها ، إذ لم يثبت في فضل عائشة حديث واحد من طرق أهل السنّة ، ومن ادّعى فعليه البيان وعلينا دمغ رأسه بأبين الدّليل والبرهان ... ومع التسليم فهو ممّا تفرّد به أهل السنّة ، وهو لا يقارن ما اتفق عليه الطرفان.
ثمّ إنّ عائشة تعترف بأعلميّة الامام عليهالسلام ـ كما سيأتي ـ فكيف يدّعى معارضة ما وضع في شأنها مع حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها؟!
وأيضا ، جهلها بأقوال النبي وحالاته ، واستدراكاتها الباطلة على أصحابه ... من القضايا المشهورة ، وقد ألّفت في ذلك الكتب الخاصة مثل ( الاصابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ، للزّركشي ) و ( عين الإصابة في استدراك عائشة على الصّحابة ، للسّيوطي ) ...
وكذا الكلام في دعواه معارضة ما ورد في فضل معاذ بن جبل وأبيّ بن كعب لحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فلو ورد في حقّهما شيء في هذا الباب ، وثبت سندا ، فإنه حديث تفرّد به أهل السنة ، وهو من أخبار الآحاد قطعا ، وما كان من هذا القبيل لا يقاوم حديث مدينة العلم المتواتر المتّفق عليه بين الجميع ، والدال على العصمة والأعلمية المطلقة بالأدلة والوجوه الكثيرة المتقنة.
وبما ذكرنا ظهر سقوط كلامه الأخير من أن هؤلاء الصحابة الذين ذكرهم هم المبشّرون للعلم ، والذين ورد الأمر بأخذ العلوم عنهم ، إذ لم يثبت كونهم مبشّرين للعلم ، فضلا عن الأمر بأخذ العلوم عنهم ، ومن ادّعى فعليه الإثبات. ولو سلّم كون ابن مسعود وأبيّ مبشرين له فأين الأمر بالأخذ عنهما؟ ولو سلّم فهو بفضل تتلمذهما على الامام عليهالسلام ، فلا ينافي ما نحن بصدده من إثبات