ثم إن ابن حجر عارض حديث : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » بحديث مختلق موضوع فقال : « على أن تلك الرواية معارضة بخبر الفردوس : أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها. فهذه صريحة في أن أبا بكر أعلمهم » لكنّها معارضة باطلة سندا ودلالة ، أما سندا فمن وجوه :
أحدها : إنّ هذا الحديث من وضع « إسماعيل الأسترآبادي » كما سبق بيانه في ردّ كلام الأعور بالتفصيل ، وقد كان الأحرى بابن حجر أن لا يفضح نفسه بالتفوّه بهذا الإفك المبين.
والثاني : لقد ضعّف الحافظ السخاوي هذا الحديث وأمثاله من الموضوعات المختلقة المختلفة في مدح الثلاثة أو الأربعة ، فقد قال : « وأورده صاحب الفردوس ، وتبعه ابنه المذكور بلا إسناد ، عن ابن مسعود رفعه : أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها. وعن أنس مرفوعا : أنا مدينة العلم ومعاوية حلقتها. وبالجملة فكلّها ضعيفة ، وألفاظ أكثرها ركيكة » (١).
ولا يخفى أنّ ذكر ابنه هذا الحديث بلا اسناد ـ مع أنّ موضوع كتابه ( مسند الفردوس ) ذكر أسانيد كتاب والده الفردوس ـ من أقوى الشواهد على كون الحديث موضوعا ، فلو وجد الابن سندا لهذا الحديث ولو ضعيفا لأورده مثل كثير من الأسانيد الضعيفة الواردة في مسند الفردوس ... وأنى للديلمي ذلك وأين!!
__________________
(١) المقاصد الحسنة : ٤٧.