كما اعترف به عمر بن الخطاب نفسه ، ونعوذ بالله من أن ننسب إلى الامام عليهالسلام القول بتفضيل من يراه كاذبا آثما غادرا خائنا ...
أمّا أنّه كان يرى أبا بكر وعمر كذلك فذاك أمر لا يخفى على أدنى المتتبّعين والمسلّمين بالأخبار والأحاديث ، إلاّ أنّا نذكر هنا طرفا من الشواهد على ذلك ، فقد أخرج مسلم في ( الصحيح ) في كتاب الجهاد عن مالك بن أوس في حديث طويل أنّه قال عمر بن الخطاب لعلي والعباس ما هذا نصه :
« فلّما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال أبو بكر : أنا ولّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال ابو بكر : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا نوّرث ما تركنا صدقة. فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا ، والله يعلم إنه لصادق بارّ راشد تابع للحق. ثم توفي أبو بكر فكنت أنا ولي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووليّ أبي بكر ، فرأيتماني كاذبا غادرا خائنا ، والله يعلم أني لصادق بار راشد تابع للحق » (١).
والجدير بالذكر هنا أنّ البخاري قد أخرج هذا الحديث في مواضع من كتابه ، مع التصرّف في متنه بأشكال مختلفة من التصرّف ، كالتحريف والإسقاط والتقطيع ، كما هي عادته بالنسبة إلى أحاديث كثيرة ، فأخرجه في باب فرض الخمس باللفظ التالي : « قال عمر : ثم توفى الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم ، فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، والله يعلم أنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفى الله أبا بكر فكنت أنا ولي أبي بكر فقبضتها سنتين من أمارتي ، أعمل فيها بما عمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وبما عمل فيها
__________________
(١) صحيح مسلم ـ كتاب الجهاد ٥ / ١٥٢.