وإن كان كذبا بجميع سياقاته ، ولكن السيّاق الذي أورده هاهنا أردى وأخبث وأظهر كذبا من الجميع ، وهو أيضا مخالف لسياق البخاري ، كما ستعرف أيضا ، وفيه زيادات باطلة لا يخفى بطلانها على متأمّل ، منها : وقال : ثم رجل آخر. فإنها زيادة أقحمت لإظهار فضل عثمان ، والمقصود منها أنّ يظن الناظر أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام ـ والعياذ بالله ـ بعد ما اعترف بفضل الشيخين أبان فضل عثمان أيضا بقوله : ثم رجل آخر.
ولعمري إن واضع هذه الزيادة أجرأ من واضع أصل الخبر ، لأن واضع أصل الخبر ـ كما ستعرف عن سياق البخاري ـ اقتصر على تفضيل الشيخين ، ولم يجترئ على عز وتفضيل عثمان إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، نعم وضع على محمد ابن الحنفية أنه بعد ما سمع من أبيه تفضيل الشيخين قال : وخشيت أن يقول عثمان ، فقلت : ثم أنت؟ وهذا المتجاسر الذي زاد هذه الزيادة قد نسب تفضيل عثمان أيضا إلى علي عليهالسلام ولو بالإبهام ، حتى يتم له تفضيل الثلاثة.
ثم لا أدري أيّ داع دعا هذا الواضع إلى اختلاق هذه الزيادة بهذا الإبهام؟ ولعلّه استحيا أن يعزو تفضيل عثمان إلى علي عليهالسلام صراحة ، فلهذا أتى بقوله : ثم رجل آخر.
وعلى الجملة : فسياق البخاري يشهد ببطلان هذه الزيادة.
وأمّا بطلان أصل الخبرين وما ذكره السخاوي في هذا الكلام فيظهر بالوجوه الآتية :
أحدها : إن دعوى اجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم على أنّ أفضل الصحابة أبو بكر ثم عمر ، كذب محض ، ولنا على بطلانها وجوه عديدة وبراهين سديدة ، ذكرناها في قسم ( حديث الطير ).