« وقيل : خبر الواحد العدل يفيد العلم مطلقا ، محفوفا بالقرائن أو لا. فعن الامام أحمد : هذا الحكم مطرد ، فيكون كلّما أخبر العدل حصل العلم. وهذا بعيد عن مثله ، فإنه مكابرة ظاهرة ، قال الإمام فخر الإسلام : وأما دعوى علم اليقين فباطل بلا شبهة ، لأن العيان يردّه من قبل ، وإنّا قد بيّنا أن المشهور لا يوجب علم اليقين ، فهذا أولى ، وهذا لأن خبر الواحد محتمل لا محالة ، ولا يقين مع الاحتمال ، ومن أنكر هذا فقد أسفه نفسه ، وأضلّ عقله. وقيل : لا يطرد هذا الحاكم بل قد يفيد في بعض الصور ، كرامة من الله تعالى. وهو فاسد أيضا ، لأنه تحكّم صريح » (١).
بل قد علمت من عبارة شرح العضد على مختصر ابن الحاجب أنّ القول بإفادة خبر الواحد للعلم مطلقا هو قول جماعة.
ومن ناحية أخرى : قد عرفت من عبارة القاضي العضد والجلال المحلّي : أنّ القول بعدم إفادة خبر الواحد للعلم مطلقا هو مذهب أكثر الأصوليين من أهل السنة.
ثم إنّ الحق الحقيق بالقبول هو : أنّه لا بدّ للمنصوب من قبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأجل الإخبار والتبليغ عنه إلى الأمّة ، من حجة ـ من نص أو دليل ـ تثبت حقيّته ، كي تقبل منه الأمّة ما يبلّغه إليها ، ومع وجود النّص أو الدليل لا حاجة إلى احتفاف خبره بقرينة ، حتى يقال بأنها : « قد تكون منتفية أو خفية عن أكثر الناس ، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة » ، بل إنّ خبره يكون ـ بسبب النص عليه ـ مفيدا للعلم. وهذا المعنى ثابت فيما نحن فيه ، لإفادة حديث مدينة العلم نصب علي عليهالسلام لهذا المنصب ، فخبره عليه
__________________
(١) فواتح الرحموت ـ شرح مسلم الثبوت ٢ / ١٢١ هامش المستصفى.