وأنّ كلّ حديث مخرج فيه مقبول ومعتبر بلا نظر وتردّد فيه ، بل فيه تصريح بأنّ ما كان خارجا عنه وعن غيره من دواوين الإسلام ، وكان له نظير في الصحاح والحسان المخرجة في هذه الدواوين يرتّب أمره بلا ارتياب ... وهذا مقام جليل ، وشأن عظيم لكتاب الترمذي وأمثاله ... وإذا كان كذلك فلما ذا يرمي ابن الجوزي حديث مدينة العلم المخرج في صحيح الترمذي مع الحكم بالحسن ـ كما مضى بيانه ـ بالوضع؟ هذا من موارد تسرّع ابن الجوزي ، ومن مصاديق التهوّر كما وصفه بذلك كبار المحقّقين المتأخرين عنه.
فاللاّزم من كلام ابن الجوزي نفسه أن يتوب عمّا قال في حديث مدينة العلم ، وبذلك يزيد سقوط تمسّك ابن تيميّة بكلامه وضوحا وظهورا ، ولله الحمد على ما أبان دحوض حجة هذا الناصب العنيد.
ثمّ إنّ قوله : « وذكره ابن الجوزي وبيّن أنّ سائر طرقه موضوعة » كذب آخر ، فإنّ ابن الجوزي لم يذكر جميع طرق حديث مدينة العلم ، وإنما ذكر بعض طرقه التي كان يمكنه الخدشة في أسانيدها بزعمه ، مع أنّ ما قاله بالنسبة إلى تلك الطرق غير مقبول لدى المحققين ، ومن هنا تعقّبوا كلماته فيها. وأمّا سائر طرقه الصحيحة المخرجة في كتب علماء الحديث المعتمدة فلم يذكرها ابن الجوزي أصلا ، فقول ابن تيميّة أنه « بيّن أنّ سائر طرقه موضوعة » إفك صريح ، وكذب فضيح.
فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا كان مدينة العلم ، ولم يكن لها إلاّ باب واحد ، ولم يبلّغ عنه العلم إلاّ واحد ، فسد أمر الإسلام » من الخرافات الواضحة البطلان.
ومن يلاحظ ردود ابن تيميّة على الإمامية ، يرى أنّ كلماته في الغالب تنتهي إلى هدم مباني دين الإسلام ، وتشييد أفكار المنكرين لنبوة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلاّ أنّه لفرط نفاقه وشدة شقاقه يسعى في سبيل الردّ على