وقال عبد الحق الدهلوي في ( اللّمعات ) : « قوله : أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. أي : كنّا هؤلاء الثلاثة بأنّ الله تعالى رضي عنهم. ويحتمل أن يكون [ رضي الله عنهم ] دعاء من الرواة ... ».
أقول : فانظر يرحمك الله وأنصف ... أفهل يجوز التمسّك لمسألة التفضيل البالغة الأهمية بمثل حديث هذا حاله عند اهل السّنة أنفسهم؟
والسادس : قول السخاوي « بل ثبت عن علي نفسه أنه قال : خير الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبو بكر ثم عمر ثم رجل آخر ، فقال له ابنه محمد بن الحنفيّة : ثم أنت يا أبت؟ فكان يقول : ما أبوك إلاّ رجل من المسلمين » فرية واضحة ، وكذبة لائحة ، فإنّ الحديث المذكور واحد من الأخبار المتعدّدة التي وضعها القوم واختلقوها في هذا الباب ، وهذا لفظه في البخاري : « حدثنا محمد بن كثير أنا سفيان ، ثنا جامع بن أبي راشد ، ثنا أبو يعلى عن محمد ابن الحنفية قال قلت لأبي : أيّ الناس خير بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ قال : أبو بكر. قال قلت : ثم من؟ قال : عمر. وخشيت أن يقول : عثمان قلت : ثم أنت؟ قال : ما أنا إلاّ رجل من المسلمين » (١).
إن هذا الحديث تكذبه الأدلّة القطعية من الكتاب والسنّة المتواترة والآثار الثابتة ، الدالّة على أفضلية الإمام أمير المؤمنين بعد النبي صلّى الله عليهما وآلهما وسلّم ، وهذه الأدلّة كثيرة لا تعدّ ولا تحصى. وأيضا تكذّبه المطاعن الثابتة بالأدلة القطعيّة للشيخين والثلاثة ، وهي أيضا تفوق حدّ الحصر والعد ...
ومن أبين الدلائل على بطلان هذا الحديث الموضوع هو : أنّه لا ريب في أنّ الامام عليهالسلام كان يقول ـ في مسألة منع أبي بكر الزهراء عليهاالسلام من الميراث ـ بكذب أبي بكر وعمر وظلمهما وخيانتهما ، وكان يظهر هذا الأمر للناس
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ / ٦٧.