اصول الدين وفروعه. وقيل : المراد من الآية أعني قوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) منع الشاهد من جزم الشهادة إلاّ بما يتحقق. على أنّا ما اتّبعنا الظن فيه وإنما اتّبعنا الدليل القاطع الذي يوجب العمل بخبر الواحد من السنّة المتواترة والإجماع » (١).
وقال الفخر الرازي ما نصه : « المسلك الرابع : الإجماع. العمل بالخبر الذي لا يقطع مجمع عليه بين الصحابة ، فيكون العمل به حقّا. إنما قلنا : إنه مجمع عليه بين الصحابة ، لأن بعض الصحابة عمل بالخبر الذي لا يقطع على صحته ، ولم يبد من أحدهم إنكار على فاعله ، وذلك يقتضي حصول الإجماع. وإنما قلنا إن بعض الصحابة عمل به لوجهين :
الأول : وهو أنه روي بالتواتر أن يوم السقيفة لّما احتج أبو بكر رضياللهعنه على الأنصار بقوله عليهالسلام : الأئمة من قريش ، مع كونه مخصصا لعموم قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قبلوه ولم ينكر عليه أحد ، ولم يقل أحد : كيف تحتجّ علينا بخبر لا نقطع بصحته ، فلمّا لم يقل أحد منهم ذلك علمنا أن ذلك كالأصل المقرّر عندهم.
الثاني : الاستدلال بأمور لا ندّعي التواتر في كلّ واحد منها بل في مجموعها ، وتقريره : إن الصحابة عملوا على وفق خبر الواحد ، ثم نبيّن أنهم عملوا به لا بغيره. وأما المقام الأول فبيانه بصور :
( أ ) رجوع الصحابة إلى خبر الصديق رضي الله عنهم في قوله عليهالسلام : الأنبياء يدفنون حيث يموتون. وفي قوله : الأئمة من قريش. وفي قوله عليهالسلام : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث.
( ب ) روي أن أبا بكر رضياللهعنه رجع في توريث الجدّة إلى خبر المغيرة ابن شعبة ومحمد بن مسلمة ، ونقل عنه أيضا أنه قضى بقضيّة بين اثنين فأخبره
__________________
(١) كشف الأسرار ٢ / ٦٧٨ ـ ٦٩٤.