ولقد غاب بالنيل (نيل البصرة) وواسط والمدائن والأنبار والموصل ، وما دخل الكوفة قط (١).
ويظهر من الخبر أنّه وإن لم يهاجر مع معتزلة البصرة إليها ، إلّاأن ذلك كان بعدهم بقليل فمرّ بتلك المدن ثمّ عاد فاستقر بالبصرة ، بلا تعيين لتاريخه. واستخفى في دار أبي مروان مولى يزيد بن عمر بن هبيرة ، وإبراهيم بن درست الفقمي ومعاذ بن عون الله. ودعا الناس وهو في دار أبي فروة ، وأول من بايعه بها نُميلة بن مُرّة ، وعفو الله بن سفيان ، وعبد الواحد بن زياد ، وعبد الله بن يحيى الرقاشي وعمر بن سلمة الهجيمي ، ثمّ ندبوا الناس إليه ، فأجابهم فتيان العرب منهم المغيرة بن الفزع السعدي التميمي ، حتّى قيل أن ديوانه أحصى أربعة آلاف ، وشهر أمره فخرج من البصرة إلى واسط في دار أبي مروان مولى بني سليم. ثمّ عاد إلى البصرة.
وجاءه كتاب أخيه محمّد يخبره أنّه قد ظهر ، ويأمره بالخروج فاغتمّ لذلك ، فقال له عفو الله بن سفيان : قد اجتمع لك أمرك ومعك أنا وجماعة منهم الطهوي والمُضاء والمغيرة ، نخرج ليلاً فنقصد السجن فنفتحه فتصبح ومعك عالم من الناس! فطابت نفسه.
وأخذ المنصور أهل الكوفة بلبس السواد حتّى البقّالين! وولّى سلماً مولى حميد بن قحطبة أمر المتهمين منهم بالميل إلى إبراهيم وأمره بقتلهم. فكان ينصب سلماً على منازلهم ليلاً فيقتلهم ويأخذ خواتيمهم (٢).
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٢١١ ، وفيه ذكر بغداد ، هذا وهي بعد غير مسكونة! وكأنه يؤكد على عدم دخوله ولا مروره بالكوفة نفياً لقصة قصّها اليعقوبي ٢ : ٣٧٦ ـ ٣٧٧.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٢١٢ ـ ٢١٣.