المسلمين بأنّ لهم من يحيط بعلومنا وعنده ما ليس عندنا! فلا أقعد لكم سنة إن عشت ولا اكلّمكم من رأسي كلمة واحدة! ثمّ تفرقوا. وبقي أبي قاعداً مكانه وأنا معه ، حتّى تفرّق الناس ، فنهض أبي وأنا معه ، فانصرفنا إلى المنزل الذي كنّا فيه.
ورُفع خبر ذلك إلى هشام ، فوافانا رسول هشام بالجائزة ، ولكنّه أمرنا أن ننصرف إلى المدينة من ساعتنا. وذلك أنّ الناس خاضوا وماجوا فيما دار بين أبي وبين عالم النصارى. فركبنا دوابّنا منصرفين (١).
ولما توجّه تلقاء ماء مَدين (٢) :
في خبر الطبريّ الإمامي عن الصادق عليهالسلام قال : سبقنا بريد من عند هشام إلى عامل مَدين على طريقنا إلى المدينة : أنّ ابنَي أبي تراب الساحرَين!
__________________
(١) عن دلائل الإمامة في بحار الأنوار ٤٦ : ٣٠٩ ـ ٣١١ ، وجاء في آخر الخبر السابق عن اصول الكافي عن أبي بكر عبد الله بن محمّد الحضرمي الكوفي : فأمر به إلى الحبس ، فلمّا صار إليه تكلّم لمن فيه فلم يبقَ في الحبس رجل إلّاحنّ إليه. فرفع صاحب الحبس ذلك إلى هشام ، فأمر به فحُمل هو وأصحابه (كذا) على البريد ليُردّوا إلى المدينة. ونهى أن تخرج لهم الأسواق حتّى للطعام بل وحتّى للشراب (كذا) فساروا بلا طعام ولا شراب ثلاثة أيام حتّى انتهوا إلى مدين ...
هذا ، والخبر موقوف على الحضرمي الكوفي بلا إسناد إلى حاضر ناظر مباشر ، فلعلّه كان بوسائط وزيادات الرواة ، ولا يكفي في رجحانه كونه في اصول الكافي.
وفي الدر النظيم : ١٩٠ للشيخ يوسف العاملي تلميذ المحقق الحلّي ، روى خبر النصراني عن أبي بصير عن الباقر عليهالسلام وأنّ ذلك كان في بهو عظيم فيه خلق كثير.
(٢) بينها وبين تبوك ستّ مراحل ، مراصد الإطلاع ٣ : ١٢٤٦ ، وانظر أطلس تاريخ الإسلام للدكتور مونس.